بالرغم من أن المذبحة النازية ثابتة تاريخيًّا، لكن ثمة جدل مثار يدور حول نقطتين رئيسيتين: أولهما عدد الضحايا أو أسطورة الملايين الستة كما يلقبها المؤرخ الفرنسي الشهير روجيهجارودي والذي يُشكِّك في هذا العدد الذى لم تُثبته وثائق رسمية، أما النقطة الثانية فهي أفران الغاز؛ حيث يدعيجارودي وغيره أنها غير ممكنة علميًّا ولايوجد دليل يقيني يثبتها وجميع الوثائق التي تتحدث عنها محل شك من حيث ثبوتها وتوقيت كتابتها.
هذا الجدل دفع البعض إلى “إنكار الهولوكوست”، والذي صار جريمة في بعض الدول، قد تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات، فعلى سبيل المثال قد تم محاكمة المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينغ حينما أعلن عن عدم تصديقه للروايات التاريخية القائلة بأن 6 ملايين يهودي قضوا في محرقة الزعيم النازي هتلر، والذي تراجع فيما بعد عن قوله، وأعلن أنه قد ارتكب “خطأ”.
أول من أثار هذه المسألة هو المحامي الأمريكي فرانسز باركر يوكي، في كتاب له بعنوان “الحكم المطلق”؛ حيث كان مكلفًا بمهمة إعادة النظر في محاكم نورمبرغ لمحاكمة جرائم حرب النازية، والتي وصفها بعدم النزاهة، فقد قيل إن أغلب الصور التي عُرضت في المحاكم وعلى العالم، هي صور مأخوذة من الأرشيف الألماني نفسه، إبان محاولة الألمان إظهار مدى سوء الوضع وانتشار المجاعات في ألمانيا في سنوات الحرب الأخيرة.
بعض المؤرخين يفضلون أن تكون تساؤلاتهم المشروعة ليست على سبيل نفي المحرقة، إنما “إعادة النظر فيها”، وتدور أغلب الحجج في إعادة النظر في المحرقة حول أمور أساسية؛ منها: أن رقم 6 ملايين هو رقم مبالغ فيه؛ حيث كان عدد اليهود في أوروبا هو 6 ملايين طبقًاللإحصاءات،فضلاً عن عدم وجود أي وثائق رسمية تذكر تفاصيل عملية الهولوكوست، كما أن معسكرات الاعتقال أو الموت شهدت تضخيمًا إعلاميًّا مبالغًا فيه، وبأنه لا يوجد ما يسمى بسمتودعات الغاز التي تم القضاء على اليهود من خلالها.
مبالغات:
على الصعيد الآخر، شهد الهولوكوست اهتمامًا عالميًّا لم تشهده حوادث إنسانية أخرى مشابهة له،ووُصِف بأنه حدث فريد لم يتكرر في تاريخ البشرية، راح ضحيته الكثيرون، لكن الواقع أن هناك العديد من الجرائم الإنسانية الأخرى التي ارتُكِبت ولا زالت تُرتكَب في حق الإنسانية وبأساليب قد تكون أبشع مما ارتكبه النازيون في حق اليهود، ولا تلقى اهتمامًا أو تنديدًا بها مثلما لاقى الهولوكوست، ولوحتى على المستوى الأخلاقي، بل إن بعض الأنظمة التي تبكي على المعاناة الإنسانية التي أحدثتها المحرقة، ساهمت في محارق في حق شعوب أخرى.
ذكرى الهولوكوست:
لم يتوقف الهولوكوست على كونه مجرّد حدث مأساوي فريد في التاريخ الحديث، بل لاقى اهتمامًا كبيرًا على مستوى الأنظمة، تجاوزت كونه حدث إلى ما هو أكبر من ذلك .
فعلى سبيل المثال يضم اتحاد منظمات الهولوكوست في الولايات المتحدة أكثر من مائة مؤسسة للهولوكوست.
وتضم الولايات المتحدة سبعة متاحف كبار للهولوكوست، ومركز عبادة – طقس – لهذه الذكرى هو متحف الهولوكوست في واشنطن،وتبلغ الميزانية السنوية لمتحف الهولوكوست في واشنطن والذي أنشئ بقرار فيدرالي خمسين مليون دولار، ثلاثون منها تأتي من الميزانية الفيدرالية الأمريكية. كما أن هناك سبع عشرة دولة تفرضُ وتشجع تدريس “الهولوكوست” في مدارسها، وكثير من المعاهد والجامعات قد أنشأوا مقاعد دراسية للهولوكوست.
إحياء ذكرى الهولوكوست يشمل جميع الولايات الأمريكية، ففي كل ولايةً أمريكية تُموَّلُ الحفلات التذكارية– غالبًا – من قبل البرلمانات المحلية، وفي فترة من الفترات كان إحياء ذكرى الهولوكوست هو البرنامج الوحيد عند بعض الجمعيات اليهودية في أمريكا،وحقق الهولوكوست إنجازًا نافع الاستمرار، وأصبح الهولوكوست رأسَ مالٍ، وأصبح رؤساء المنظمات اليهودية تجار الهولوكوست.