أعلن علماء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) يوم الاثنين 19 يونيو (حزيران)، اكتشاف 219 جسمًا جديدًا خارج نظامنا الشمسي يكادون يكونوا متأكدين من أنهم كواكب، ما هو أكثر من ذلك، هو أن عشرة من هذه الكواكب قد تكون صخرية، وحجمها مثل حجم الأرض، والأهم من ذلك أنها قابلة للسكن.
وجاءت هذه البيانات من تليسكوب الفضاء «كيبلر»، وهو عبارة عن مهمة لوكالة ناسا طويلة الأمد للبحث عن كواكب خارج المجموعة الشمسية، وفي الفترة من مارس (آذار) 2009 إلى مايو (أيار) 2013، بدأ «كيبلر» التحديق بإمعان في حوالي 145 ألفًا من النجوم التي تشبه الشمس في جزء صغير من السماء بالقرب من كوكبة الدجاجة.
قابلة للحياة لكنها بعيدة
وكانت معظم النجوم التي كان ينظر لها التليسكوب «كيبلر» على بعد مئات أو آلاف السنوات الضوئية، لذلك فإن هناك فرصة ضئيلة للبشر لمحاولة زيارتها، على الأقل في أي وقت قريب. ومع ذلك، فإن البيانات الجديدة يمكن أن تخبر الفلكيين عن كيف هي حالة الكواكب الشائعة الشبيهة بالأرض، وما هي فرص العثور على حياة ذكية خارج كوكب الأرض.
وقالت سوزان تومبسون، عالم البحث في معهد كيبلر بمعهد سيتي، في مؤتمر صحفي عقدته في مركز أبحاث «أميس» التابع لوكالة ناسا، «لقد استخدمنا تليسكوبنا، وقمنا بتعداد عدد الكواكب المشابهة للأرض في هذا الجزء من السماء. قلنا، كم عدد الكواكب الموجودة هناك والتي تشبه كوكب الأرض. مع البيانات التي لدينا، يمكنني الآن القيام بعملية العد هذه».
وأضافت أنهم سوف يقومون بتحديد مدى شيوع الكواكب الأخرى، وهل هناك أماكن أخرى يمكن للبشر العيش فيها في هذه المجرة التي لا نعتبرها وطنًا لنا.
وأشارت تومسون أنه بالإضافة إلى الاكتشافات السابقة لكيبلر، فإن هذه الكواكب العشرة الجدد المرشحة لتكون شبيهة بكوكب الأرض، ترفع إجمالي عدد هذا النوع من الكواكب إلى 49. إذا كان أي منهم لديه أجواء مستقرة، فهذا يعني وجود فرصة تجعل بإمكانها أن تؤوي حياة فضائية أخرى.
الكواكب العشرة.. معلومات قليلة
لن يقول العلماء الكثير عن الكواكب العشرة الجديدة، إلا أن ما نعرفه عنها حتى الآن هو أنها في حجم الأرض تقريبًا ومدارها حول نجومها يقع في المنطقة الصالحة للسكن، حيث من المرجح أن تكون المياه مستقرة وسائلة، وليست متجمدة أو مغلية بشكل مبالغ، وهذا بالطبع لا يعد ضمانًا على أن هذه الكواكب هي في الواقع صالحة للسكن، على الرغم من كل هذا، فبعيدًا عن احتوائها على جو مستقر، فإن أشياء أخرى مثل طبيعة الصفائح التكتونية، قد تكون ضرورية أيضًا.
الكثير منا يعلم أن الملايين من الزلازل تهز كوكب الأرض كل عام، ردًا على تحركات الصفائح التكتونية التي تشكل القشرة الأرضية. هذه الألواح أو الصفائح تتدافع فوق بعضها البعض، وتحت بعضها البعض، وضد بعضها البعض، إذ إنها تتحرك بشكل دائم في أي كوكب صخري، ورغم أن غالبية التحركات ضئيلة وينتج عنها زلازل صغيرة جدًا لا نشعر بها على الأرض، فإن وجود حركات كبيرة لهذه الصفائح على أحد هذه الكواكب العشرة يجعله عرضة للزلازل الشديدة والثورات البركانية الهائلة، مما يجعل الحياة عليه شبه مستحيلة.
ومع ذلك، يشتبه الباحثون المسؤولون عن «كيبلر» في أن عددًا لا يحصى من الكواكب الشبيهة بالأرض تجلس في انتظار العثور عليها، وذلك لأن التليسكوب يمكنه فقط «رؤية» الكواكب الخارجية التي تمر أمام نجومهم، فكلنا يعلم أن الكواكب هي أجسام معتمة لا تشع ضوءًا من تلقاء أنفسها، وحتى ولو كانت تعكس بعض ضوء النجم الذي تدور حوله، فإن حجم هذه الإضاءة يكون خافتًا جدًا لدرجة لا يمكن رصدها.
من هنا فإن العلماء يتعرفون على الكواكب والأجرام الأخرى الشبيهة خلال مرورها أمام النجم الذي تدور حوله بحيث يكون الكوكب في منطقة بين النجم والتليسكوب، وهو ما يعني ظهور نقاط سوداء على صورة النجم التي يلتقطها التليسكوب. طريقة العبور هذه للكشف عن الكواكب التي يستخدمها علماء كيبلر، تنطوي على البحث عن الانخفاضات في سطوع نجم، والتي تنتج عن كوكب قام بحجب جزء من النجوم (على غرار كيفية مرور القمر أمام الشمس وقت الكسوف).
تحديات استكشاف المزيد
ولأن معظم الكواكب تدور في مدارات لها نفس المستوى، ونادرًا ما يتماشى هذا المستوى مع كوكب الأرض، فإن هذا يعني أن «كيبلر» لا يمكنه أن يرى سوى جزء صغير من النظم الشمسية البعيدة، فالكواكب الخارجية (الكواكب الموجودة خارج نظامنا الشمسي) التي تكون زواياها صاعدة أو هابطة قليلًا عن المستوى المطلوب تكون غير مرئية عبر طريقة العبور المستخدمة هذه.
وعلى الرغم من هذه التحديات، كشف تليسكوب «كيبلر» حتى الآن، عن وجود 4344 كوكبًا مرشحًا (أجسامًا مرشحة لأن تكون كواكب)، مع تأكيد أن 2335 منها هي كواكب خارجية بالفعل. هذه تتواجد فقط في 0.25% من مساحة السماء التي نراها في المساء.
وقال ماريو بيريز، عالم برنامج كيبلر في ناسا، خلال مؤتمر صحفي، «في الواقع، سنحتاج إلى 400 كيبلر لتغطية السماء بأكملها»، وقال بنجامين فولتون، عالم الفلك بجامعة هاواي في مانوا ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، إن أكبر عدد من الكواكب تبدو وكأنها فئة جديدة تمامًا من الكواكب تسمى «ميني نيبتونز – mini-Neptunes» أو نبتون صغيرة.
ويقصد بهذه العوالم التي تقع بين حجم الأرض وعمالقة الغاز في نظامنا الشمسي (مثل المشترى وأورانوس)، ومن المرجح أن النوع الأكثر عددًا في الكون هو من هذه النوعية؛ «الأرض السوبر – Super-Earths»، والتي هي كواكب صخرية يمكن أن تصل إلى 10 مرات أكثر ضخامة من كوكبنا، هي أيضًا شائعة جدًا في الكون.
وفي حين أن 49 فقط من آلاف الكواكب المرشحة هذه التي اكتشفها «كيبلر» هي بحجم كوكب الأرض وفي المنطقة القابلة للسكنى، فقد هز هذا الاكتشاف المجتمع العلمي، لأن هذا قد يعني أن مليارات من هذه العوالم موجودة في مجرة درب التبانة وحدها، وقال كورتني دريسينج، عالم الفلك في شركة كالتيش، خلال هذه الإحاطة: «كان يمكن أن يكون هذا العدد صغيرًا جدًا، لكن الأمر كان مفاجئًا».
وانتهى كيبلر من جمع بيانات البعثة الأولى في مايو (أيار) 2013، وقد قام العلماء منذ ذلك الوقت بتحليل تلك المعلومات، لأنه غالبًا ما يكون التحليل والتفسير والتحقق صعبًا، وقال طومسون إن هذا التحليل الجديد لبيانات كيبلر سيكون الأخير لهذه الجولة من الملاحظات الأولى للتليسكوب، فقد عانى «كيبلر» عمليتي تعطل في بعض الأجزاء منه، وهو ما تسبب في الحد من قدرته على استهداف منطقة معينة من السماء ليلًا.
ولكن خطة الدعم الفني من قبل العلماء، التي أطلق عليها مهمة K2، بدأت في مايو (أيار) 2014. واستفادت من هدف كبلر المقيد لدراسة مجموعة متنوعة من الأشياء في الفضاء، بما في ذلك السوبرنوفا، نجوم الطفل، المذنبات، وحتى الكويكبات.
وعلى الرغم من أن (K2) هي مهمة خارج المهمة الرئيسية، فقد حققت التلسكوبات الأخرى نجاحًا في هذه الأنواع من المساعي، ففي فبراير (شباط) 2017، على سبيل المثال، كشفت حالة أخرى عن وجود سبعة كواكب صخرية ذات حجم أرضي تدور حول نجم قزم أحمر.
هذه النجوم القزمة هي الأكثر شيوعًا في الكون، ويمكن أن يكون لها انفجارات أكثر غضبًا من الشموس الأخرى، ولكن من المفارقات، أنه يبدو أنها تؤوي أكثر الكواكب الصخرية الصغيرة في منطقة صالحة للسكن في الكون، وبالتالي قد تكون أماكن ممتازة للبحث عن دلائل على الحياة الغريبة.
علامات
10 كواكب, 10كواكب جديدة, Flexi_team, الأرض, فضاء, فلك, كبلر, كواكب, كواكب جديدة, كواكب للحياة, كواكب مأهولة للحياة, كواكب مؤهلة للحياة, كوكب, ناسا, نبتون