منذ اعتلاء الملك سلمان بن عبد العزيز عرش المملكة العربية السعودية في عام 2015، ووتيرة الأحداث الدراماتيكية في تصاعد مستمر، حتى وصلت ذروتها خلال العام الحالي. يستعرض هذا التقرير في السطور القادمة الأحداث التي وقعت خلال هذا العام الساخن، وأثّرت على مجريات الأمور في المملكة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

الربع الأول من العام: هدوء يسبق العاصفة

ساد الهدوء الربع الأول من العام، دون صدور أي أوامر ملكية أو قرارات مصيرية، لكن ومع تسارع الأحداث في باقي العام، اتضح للمتابعين أن هذا الهدوء لم يكن إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة.

ففي الأسبوع الأخير من أبريل (نيسان) الفائت، أصدر العاهل السعودي مرسومًا ملكيًا، يقضي بصرف راتب شهرين للمنسوبين العسكريين في عمليتي «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، وأمر بإعادة  جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة التي تم إلغاؤها من أجل تقليص النفقات في سبتمبر (أيلول)  2016؛ بدعوى تحفيز النمو الاقتصادي ولأن العجز في الربع الأول كان أقل من المتوقع.

وواكب تعيين الأمير محمد بن سلمان وليًّا للعهد في يونيو (حزيران) من العام الماضي، الإعلان عن إعادة هذه البدلات بأثر رجعي، كلف الدولة من 5 إلى 6 مليارات ريال، في محاولة بدت وكأنها استرضاء للشعب، من أجل الحيلولة دون ظهور أي اعتراضات أو قلاقل، قد يثيرها الانقلاب الناعم داخل القصر.

 

«لك الريال حتى ترضى».. شعار العلاقات السعودية الأمريكية في العهد الجديد

وفي مايو (أيار) الماضي، عُقد بالرياض القمة العربية الإسلامية الأمريكية بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما لا يقل عن 55 من قادة الدول الإسلامية، والتي شدد فيها ترامب على أهمية الاتحاد من أجل مواجهة الإرهاب والتصدي للتطرف، وحمّل الحكومة الإيرانية المسؤولية عن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وأعلن صراحةً أنها تُدرب وتسلح الميليشيات في المنطقة.

كان ذلك بعد شهرين من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن، في مارس (آذار) الماضي، والتي ساعدت في تغيير الموقف الأمريكي السابق من السعودية بعد إقرار  قانون «جاستا»، الذي يسمح بمقاضاة المملكة العربية السعودية أمام المحاكم الأمريكية على خلفية اتهامها بالضلوع في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتلويح الملك سلمان عبر رسالة حملها وزير الخارجية عادل الجبير، ببيع أصول المملكة داخل الولايات المتحدة، والتي يبلغ قيمتها حوالي 750 مليار دولار؛ وتعيين شقيق ولي العهد الأصغر، الأمير خالد بن سلمان سفيرًا للمملكة في واشنطن، أملًا في أن يلعب دورًا في عقد المزيد من الصفقات الثنائية وتقريب وجهات النظر بين المملكة والإدارة الأمريكية الحالية، خاصة بعد مرور البلدين بفترة تباعد في وجهات النظر وإعلان المملكة عن عدم ارتياحها لنهج إدراة الرئيس السابق باراك أوباما، بسبب الاتفاق النووي مع إيران الذي عُقد في 2015.

اقرأ أيضًا: ترامب في السعودية.. الدفع مقابل الزيارة

خطاب الرئيس الأمريكي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عُقدت في الرياض.

وإبان زيارة ترامب للمملكة، وعلى هامش القمة العربية الإسلامية الأمريكية، عُقدت صفقات تاريخية، تستثمر ما يقرب من 400 مليار دولار  في البلدين،  وتخلق آلافًا من فرص العمل في أمريكا والسعودية بحسب تصريح ترامب؛ وتشمل هذه الاتفاقيات الإعلان عن صفقة بيع أسلحة، بقيمة 110 مليارات دولار، بدعوى مساعدة الجيش السعودي على القيام بدور أكبر في العمليات الأمنية، وتعزيز جهود المملكة في الحرب على الإرهاب.

اقرأ أيضًا: «قيمتها 161.4 مليار دولار».. أغلى 10 صفقات عسكرية أبرمتها الدول العربية في 2017

هذه الاتفاقيات المليارية التي أتت بعد تصريحات عديدة للرئيس الأمريكي، قبل وبعد اعتلائه العرش الأمريكي، يُعلن فيها عن استيائه من عدم دفع المملكة للولايات المتحدة مقابل حماية أمريكا لها، إذ أعلن ذلك صراحة خلال المناظرة الانتخابية الأمريكية الأولى، في سبتمبر 2016: «هل تتخيلون أننا ندافع عن السعودية؟ بكل الأموال التي لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئًا؟». وعاد في المناظرة الانتخابية الثالثة وأكد على ذلك قائلًا: «أمريكا تحمي السعودية الغنية بأموال طائلة ولكنها لا تدفع لنا شيئًا، وعليها دفع مبالغ مقابل حمايتها». لتدفع السعودية التي تعاني من إجراءات تقشفية، في هذه الصفقات التسليحية والاستثمارات في البنية التحتية، ثلث ما تحدث عنه ترامب في برنامجه الانتخابي الذي يهدف إلى إعادة إعمار وتطوير البنية التحتية الأمريكية، وهو رقم تريليون دولار.

حصار قطر وانقلاب ناعم وتثبيت دعائم في منتصف العام

في يونيو الماضي، وتحديدًا في صبيحة الذكرى الخمسين لحرب النكسة، أعلنت المملكة العربية السعودية بالإضافة لدولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، قطع العلاقات مع دولة قطر، وفرض حصار بري وبحري وجوي عليها، بدعوى «دعمها للإرهاب، ولعلاقاتها مع إيران، والتدخل في شؤون جيرانها»، فيما رفضت قطر هذه الاتهامات، جملة وتفصيلًا، وقالت في بيان رسمي إنها: «الدولة الأكثر تأثيرًا بالإيجاب في المنطقة من خلال دعم القضية الفلسطينية، وتعليم اللاجئين، إضافة إلى أنها منحت الشباب الأمل، وأنها كافحت جذور الإرهاب بدور أكبر من مُعدّي بيان المُقاطعة».

Embed from Getty Images
وبالرغم من أن هذا الحصار كان يُرجى منه تكبيل قطر وضرب اقتصادها في مقتل؛ حتى تعود إلى رشدها بحسب دول المقاطعة؛ إلا أنه ترك بصمته أيضًا على دول الخليج المشاركة فيه، لا سيما المملكة والإمارات، حيث تسببت أزمة الخليج في خفض أسعار النفط العالمية إلى نحو 47 دولارًا للبرميل في نهاية تعاملات الأسبوع الثاني من يونيو الماضي، بنسبة انخفاض بلغت أكثر من 12% عما كانت عليه في شهر مايو من العام نفسه.

اقرأ أيضا: أخطاء فادحة.. كيف كان بإمكان حملة السعودية والإمارات ضد قطر أن تكون أكثر نجاحًا؟

لكن هذا لم يؤثر على الخطة التي كانت قد أُعدت سلفًا، للإطاحة بولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، والذي كان من المفترض أن يكون أول الأحفاد الملوك. إذ تلقى الأمير محمد بن نايف ولي العهد آنذاك اتصالًا هاتفيًا من الملك سلمان في 21 يونيو الماضي، يطلب منه الحضور لمقابلته في قصر الصفا بمكة، وفي هذا اللقاء، واستنادًا لما نشرته وكالة رويترز للأنباء، فقد طلب الملك من ولي العهد التنحي وإفساحَ المجال لابنه، معللًا هذا الطلب بإدمان ابن نايف على الأدوية المسكنة والتي من شأنها التأثير على قراراته وتقديره للأمور.

وكانت مصادر مطلعة على ما يدور في البلاط الملكي، قد صرحت لـ«رويترز» أن محمد بن نايف فوجئ بتلقيه أمرًا بالتنحي، ورفض تلبية هذا الأمر، حتى بدأ يشعر بالتعب من مرض السكر، فاضطر للقبول ومبايعة الأمير الصغير.

محمد بن نايف

 

وقال مصدر سياسي سعودي مقرب من ولي العهد السابق: «كانت صدمة لمحمد بن نايف. كان انقلابًا. لم يكن مستعدًا». وذكرت المصادر أن محمد بن نايف لم يتوقع أن يفقد منصبه لمصلحة محمد بن سلمان، الذي يرى ابن نايف أنه ارتكب عددًا من الأخطاء السياسية؛ مثل: تعامله مع الصراع في اليمن وإلغائه المزايا المالية للموظفين الحكوميين. وتواترت فيما بعد أنباء عن وضع ابن نايف تحت الإقامة الجبرية، ومنعه هو وبناته من مغادرة البلاد، الأمر الذي نفته مصادر سعودية رسمية.

اقرأ أيضا: لعبة العروش في السعودية: انقلاب ملكي على الأمير محمد بن نايف

وكانت إرهاصات الإطاحة بابن نايف قد بدأت قبل شهور، بعدما سعى ابن سلمان لتقليص صلاحيات الأول في ملفي الاستخبارات والأمن الداخلي، عبر استصدار قراراتٍ ملكية قلّصت من النفوذ التاريخي لـ«ابن نايف»، الذي كان يشرف على جميع المسائل الأمنية الداخلية، فضلًا عن توليه ملف مُكافحة الإرهاب، وامتدت تلك التغييرات إلى تنصيب رجال محسوبة على الأمير الصغير، في مناصب مهمة بجهاز الاستخبارات، واستحداث أجهزة أمنية بصلاحياتٍ واسعة مقابل تهميش المجالس المعنية بملفات الأمن التي كانت تخضع لإشراف ابن نايف.

اقرأ أيضًا: ما بعد الإقامة الجبرية لـ«ابن نايف»: هل نجحت خُطة الأمير الشاب في ترسيخ مُلكه؟

«أيلول الأسود»: خطة الإصلاح السعودية.. قمع الإصلاحيين!

في التاسع من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، شنت المملكة العربية السعودية حملة اعتقالات واسعة طالت عددًا من  الدعاة والأكاديميين والنشطاء والصحافيين والكتاب من تيارات فكرية ودينية مختلفة، بل إن منهم من كان يُعد من رجال الدولة، وسبق وأن عمل مع حكومات سابقة، ليسجنوا دون أي تبرير أو تفسير رسمي؛ مما دفع بجريدة واشنطن بوست إلى نشر مقال بعنوان: السعودية الجديدة ما زالت زنزانة!.

وذكرت الصحيفة أنّ: «الأنباء الواردة من المملكة العربية السعودية تشير إلى استمرار هيمنة التفكير القديم، وليس إلى التوجه نحو المجتمع الحديث الذي وعد به ولي العهد الجديد محمد بن سلمان، فلا يبدو أن الرجل يختلف كثيرًا عن الجيل السابق من الحكام أصحاب النهج السلطوي. بمعنى آخر: إن المملكة العربية السعودية ما زالت زنزانة لكل من تسوِّل له نفسه ممارسة التعبير الحر عن الرأي، ويبدو أنها مصممة على أن تبقى كذلك».

Embed from Getty Images
اقرأ أيضًا: منع عائلات المعارضين من السفر.. هل ينقلب ابن سلمان على تاريخ القمع في بلاده؟

كما أشارت الصحيفة إلى أنّ البيان الصادر في 12 سبتمبر عن وكالة الأمن الجديدة التابعة للحكومة، والتي أسسها في يوليو (تموز) الملك سلمان بن عبد العزيز، ادّعى أن «الأشخاص الذين اعتقلوا عملوا ضد أمن المملكة، ومصالحها، ومنهجها، ومقدراتها، وسلمها الاجتماعي؛ بهدف إثارة الفتنة، والمساس باللحمة الوطنية، وأنه قد تم بنجاح إحباط مخططها». في لغة مبهمة لا تدل على شيء، خاصة وأن العديد ممن ألقي القبض عليهم كانوا ينشطون بحسب واشنطون بوست من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ويعبرون عن آرائهم بحرية نسبية، ولم يكونوا إطلاقًا عملاء سريين في مخطط يحاك ضد المملكة.

الأمر الذي أشار إلى ما تكهن به البعض، من أن الأمير الصغير يتبنى نظرية «إن لم تكن معنا، فأنت علينا»؛ خاصة وأن هؤلاء المعتقلين  لم يدعموا السياسات السعودية بما يكفي، بما في ذلك حصار قطر.

اقرأ أيضًا: خطة السعودية للإصلاح: قمع الإصلاحيين والليبراليين

منح داخلية لتناسي السياسة القمعية.. «قيادة المرأة والاختلاط وإقامة حفلات غنائية»

لم يترك أولو الأمر في المملكة شهرَ سبتمبر ينقضي دون منِح وعطاءات، تُنسي الشعب حملة الاعتقالات والقمع التي طالت المفكرين والدعاة والتنويريين، فبعد إعادة البدلات الملغاة بالتزامن مع إعلان تنصيب الأمير الصغير وليًا للعهد، أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا طال انتظاره، ويُعد أحد المكاسب الكبرى التي ربحتها المرأة السعودية في معركتها من أجل نيل حقوقها؛ إذ أصدر الملك السعودي في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي، أمرًا ساميًا، يسمح بإصدار رخص قيادة السيارات للنساء في المملكة، واعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية في السعودية، بما فيها إصدار رخص القيادة، على الذكور والإناث، «على حد سواء».

كان ذلك بعد ثلاثة أيام من السماح بالاختلاط بين الرجال والنساء في استاد الملك فهد الدولي بالعاصمة الرياض، إبان احتفالات اليوم الوطني السعودي، للمرة الأولى في تاريخ المملكة، التي تمنع النساء من المشاركة في الأحداث العامة أو حضور المباريات الرياضية، منعًا للاختلاط بين الجنسين، حيث تعد المملكة  واحدة من أكثر البلاد تشددًا في الفصل  بين الذكور والإناث في المدارس والجامعات وكافة أنشطة الحياة الأخرى.

لكن الأمر لم يتوقف داخل أسوار استاد الملك فهد، وخرج المحتفلون رجالًا ونساءً إلى الشوارع، يحملون الأعلام السعودية، في تظاهرة احتفالية غاب عنها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المعروفون داخل المملكة.

ليتبع ذلك بعد حوالي أسبوع، عودة الطرب إلى التلفزيون السعودي الرسمي عبر إذاعة حفلة غنائية للمطربة المصرية أم كلثوم، في تطور نوعي ملحوظ غاب عقودًا عن المملكة.

الأمر الذي لم يتوقف عند إذاعة الحفلات الموسيقية المسجلة، بل امتد للإعلان عن إقامة حفلات غنائية لمطربين ومطربات عرب وأجانب، داخل المملكة، إذ أعلنت هيئة الترفيه عن إقامة حفلات غنائية للمطربة بلقيس (للنساء فقط)، وعبادي جوهر ونبيل شعيل، بالإضافة للفنان السعودي الكبير محمد عبده، وقام الموسيقار اليوناني «ياني» بإقامة أربع حفلات موسيقية ما بين جدة والرياض، وأحيا الفنان العراقي كاظم الساهر حفلتين في جدة والرياض أيضًا.

اقرأ أيضًا: «مش هتقدر تغمّض عينيك».. التلفزيون السعودي قد يحيا على أنقاض «روتانا» و«إم بي سي»

فيما أعلنت هيئة الترفيه السعودية عن السماح بفتح دور للعرض السينمائي داخل المملكة، والموافقة على إصدار التراخيص للراغبين في دخول هذا القطاع، بعد أربعة عقود من غلقها.

لتأتي هذه التغييرات الجذرية، مواكبة التصريح الذي أدلى به ولي العهد إلى صحيفة الجارديان البريطانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ملقيًا فيه باللوم على الثورة الإيرانية التي تسببت في تعزيز الأنظمة الدينية في جميع أنحاء المنطقة، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان الآن للتخلص من النظام الديني في المملكة. مضيفًا: «سنعود ببساطة إلى الإسلام المعتدل المفتوح على العالم وجميع الأديان. إن 70% من السعوديين أصغر من 30 عامًا، وبصراحة لن نضيع 30 عامًا من حياتنا في مكافحة الأفكار المتطرفة، بل سنقوم بتدميرها الآن، وعلى الفور».

اقرأ أيضا: بطل بلا انتصارات.. كيف فشل ابن سلمان من اليمن إلى لبنان؟

«نيوم» مدينة الأحلام.. الفقاعة الوطنية الجديدة!

أول مدينة رأسمالية في العالم.. هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة، هذا مكان للحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد في هذا العالم.

هذا ما قاله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في آخر أكتوبر 2017، عن المدينة العملاقة، والمشروع الطموح، البالغة قيمته 500 مليار دولار والذي تخطط السعودية لإنشائه، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، وله وجهة حيوية جديدة، وتأمل المملكة أن يصبح محورًا يجمع أفضل العقول والشركات معًا لـ«تخطي حدود الابتكار».

وأنشأت السعودية هيئةً خاصة للإشراف على المشروع برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وبحسب ما أعلنته المملكة، فإن هدف المشروع بشكل أساسي هو معالجة مسألة التسرب الاقتصادي في السعودية، إلى جانب تطوير قطاعات اقتصادية رئيسية للمستقبل، من خلال قطاعات (الطاقة والمياه – التنقل – التقنيات الحيوية – الغذاء – العلوم التقنية والرقمية – التصنيع المتطور – الإعلام والإنتاج الإعلامي – الترفيه).

Embed from Getty Images
ويسعى ولي العهد لإدراج المدينة في الأسواق المالية، لتكون الحلقة الأحدث والأكثر استثنائية في سلسلة من برامج الخصخصة بقيادة الطرح الأولي لأرامكو. أما تمويل المدينة العملاقة، فبحسب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، فإن مدينة نيوم ستكون مملوكة للصندوق بالكامل لحين إدراجها، وستجذب استثمارات من شركات في قطاعات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الحيوية، والصناعات المتقدمة، والترفيه.

اقرأ أيضًا: «نيوم» والعاصمة الإدارية الجديدة.. هل تنقذ مدن «يوتوبيا» اقتصاد مصر والسعودية؟

بدعوى محاربة الفساد.. الإطاحة بكبار الأمراء في ليلة ليلاء

في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الجاري، أصدر العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز»، حزمة أوامر ملكية، من بينها تشكيل لجنة لـ«حصر الجرائم والمخالفات في قضايا الفساد بالمال العام» برئاسة ابنه ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، وإعفاء الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني من منصبه، وتوقيفه بتهم اختلاسات وصفقات وهمية وترسية عقود على شركات تابعة له، إضافة إلى صفقات سلاح في وزارته، قبل أن يتم إخلاء سبيله بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من اعتقاله، دون توجيه اتهامات له، بعد أنباء عن الوصول لتسوية مالية معه.

مترجم: إلى أي حد ينفق أثرياء وأمراء العرب أموالهم في فعل الخير؟

وعقّبت وكالة بلومبرج الأمريكية، على التغيرات الدرامية التي حدثت في المملكة العربية السعودية آنذاك، قائلة: إن «الملك سلمان قد قام بتهميش جميع كبار الأعضاء في العائلة المالكة لمنع أية معارضة متوقعة لولي العهد الأمير محمد (32 عامًا) الذي حلّ محلّ ابن عمه الأكبر «محمد بن نايف» في يونيو الماضي، وأن هذه التصعيدات تمنح ولي العهد تمكينًا أكبر للصلاحيات والنفوذ».

اقرأ أيضًا: «ليلة بلا قمر».. ابن سلمان يطيح بباقي المعارضة في العائلة!

وقد مكّن إقصاء الأمير متعب بن عبد الله عن وزارة الحرس الوطني، ولي العهد الشاب من التحكم في مثلث الوزارات الأمنية: دفاع وداخلية وحرس وطني، ليسيطر أكثر على مجريات الأمور، ويضمن عدم وجود أي معارضة داخلية لانتقال الحكم إليه من والده الملك سلمان، كما أن رئاسته للجنة العليا لمكافحة الفساد، تُمكنه من اجتثاث كل مراكز القوى وتقويض نفوذ من قد تسول له نفسه أن يكون عقبة في طريق اعتلائه للعرش.

وكانت حملة الاعتقالات بدعوى الفساد، قد طالت أيضًا رجال أعمال وأمراء كبارًا ووزارء سابقين، على رأسهم الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، ورجل الأعمال الشهير صالح كامل، ورجل الأعمال وليد الإبراهيم، والملياردير محمد العمودي، والوزير عادل فقيه وزير الاقتصاد والتخطيط وعضو المجلس الرقابي السعودي، وآخرون.

اقرأ أيضًا: الوليد يتصدرهم من محبسه.. تعرف إلى أغنى الأثرياء العرب لعام 2017

ما بين تراجع الحريري عن استقالته ومصرع صالح.. إيران تنتصر

وتزامنت اعتقالات الأمراء السعوديين، مع تصعيد كلامي ضد إيران، وافتعال أزمة مع لبنان؛ عبر احتجاز رئيس وزرائها، وإجباره على تقديم استقالته أثناء تواجده في الرياض، بدعوى التدخل الإيراني في لبنان عبر حزب الله، الأمر الذي بدا لكل المحللين؛ إرضاءً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعادي إيران، وحزب الله التابع لها، ثم عودة سعد الحريري إلى لبنان، وإعلانه عن سحب استقالته، لتخسر المملكة  بذلك حليفًا كان يكن لها الولاء ويمكن التعويل عليه، بعد الحملة التي تم شنها على حلفاء الحريري والذين كانت الرياض تعوِّل على قيام تفاهم بينهم وبين الحريري لخوض الانتخابات النيابية سويًا للحد من نفوذ حزب الله.

لكن عودة الحريري للالتحام في النسيج اللبناني لم تكن الصفعة الأخيرة على وجه المملكة؛ فبعد ساعات من ارتداء الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ثياب الثوار، والانشقاق عن حلفائه جماعة الحوثي بدعوى انقلابهم عليه، ومناشدته الشعب اليمني لإنقاذ الثورة من بين أيديهم، أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية دعمَه للرئيس المخلوع صالح في مواجهة الحوثيين، بعد أن غازلهم بتصريحه المثير: «سأعمل على دفع الحوثيين إلى وقف إطلاق الصواريخ على السعودية، مقابل إنهائها الغارات والحصار على اليمن من خلال التحالف العربي الذي تقوده»، لكن هذا الدعم والفرحة به لم يدم إلا ساعات قليلة، قبل أن يتمكن الحوثيون من اغتيال الراقص فوق رؤوس الثعابين، وختام 2017 بصفعة أخرى على وجه المملكة.

اقرأ أيضًا: رقصة الموت الأخيرة.. صالح لم يكمل الرقص على رؤوس الثعابين

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد