لا يفتقر صناع أفلام الرعب إلى الأساليب التي تمكنهم – سواءً دراميًّا أو فنيًّا – من بث الخوف بأوصال المتفرجين وتجسيد المَشاهد التي تدعو إلى الفزع على الشاشة، مُراهنين على حب الجمهور لهذه النوعية من الأعمال المثيرة والغامضة.
لكن، مهما بلغت قدرة صناعة السينما والتقنيات التي تتطور يومًا بعد آخر، على استحداث أساليب مرعبة جديدة؛ تظل الأعمال الأكثر إثارة لهلع المُشاهد؛ هي تلك التي بُنيت أحداثها على قصص حقيقية، كان يمكن أن يكون بطلها أنت نفسك.
وعلى ذلك يبدو أن الواقع جاء مليئًا بالحكايات المرعبة لدرجة جعلت صناع الأفلام أنفسهم يُشفقون على الجمهور، ويعالجون القصص مُضيفين إليها بعض التفاصيل التي تجعل ما سيظهر على الشاشة، بكل فظاعته، أقل وطأة مما جرى بالفعل، وهذه أربعة أفلام رعب قد تبرهن ذلك.
1- «Psycho».. السفاح الذي أحبه صناع السينما
تحفة كلاسيكية فنية كان الجمهور على موعد معها في عام 1960؛ حين قدم هيتشكوك فيلم الرعب والإثارة الشهير «Psycho»، الذي ترشح لأربع جوائز أوسكار فيما احتل المرتبة 41 ضمن قائمة موقع «IMDb» لأفضل 250 فيلمًا في تاريخ السينما العالمية، أما جمهور الموقع نفسه فمنحوه تقييمًا بلغ 8.2 من النقاط.
دارت أحداث العمل بالخمسينيات، وتمحورت حول موظفة تُقرر اختلاس مبلغٍ كبيرٍ من المال من الشركة التي تعمل بها، قبل أن تهرب بعيدًا وتلجأ إلى نُزُل لقضاء ليلتها. وهناك تلتقي بمالك المكان، الشاب اللطيف الذي يهتم لأمرها، لكن ما لم تحسب حسابه أن يكون قاتلًا وأن تنتهي حياتها على يديه.
بالرغم من أن الفيلم كان مُخيفًا وقت صدوره، ونجح هيتشكوك في خلق كل التفاصيل التي تسبب الرُعب للمشاهدين، فإن العمل لم يكن إلا صورة فضفاضة من القصة الحقيقية، ربما أكثر ما يُخيف فيها هو فكرة أن يبدو الشخص طبيعيًّا للغاية، لكنه بالأساس مُجرم؛ بل قاتل مُتسلسل.
فالقصة الأصلية بطلها إيد جين، الذي ارتبط بوالدته بشكل مبالغ فيه؛ أدى إلى هوسه غير الصحي بها، خاصةً مع الأفكار المسممة التي كانت تزرعها بعقله حول النساء، ووصفها لهن دومًا بالعاهرات، وحين توفيت الأم وصار الابن وحيدًا، شرع يقرأ بنهمٍ القصص التي تتناول أكل لحوم البشر والمذابح النازية وغيرها من المغامرت المثيرة.
ومع الوقت بدأ إيد في نبش القبور وسرقة الجثث واستخدام الجلود والعظام والأعضاء في أعمال غير آدمية، بالإضافة لارتكابه جريمتي قتل وحشيتين، وهي القصة التي ألهمت صناع السينما لتقديم عدة أعمال فنية أخرى مثل سلسلتي «The Silence of the Lambs» و«The Texas Chain Saw Massacre».
2- «The Exorcism of Emily Rose».. الموت عن جهل هو الأسوأ
«The Exorcism of Emily Rose» فيلم يجمع بين الرعب والدراما التي منحت العمل بعضًا من الواقعية وجعلته مُثيرًا أكثر للاهتمام، فأحداثه تدور حول محامية تُدافع عن قِسّ مُتَّهم بالقتل الخطأ لإميلي، الشابة التي كان القس مسؤولًا عن طرد الأرواح الشريرة التي تسكنها بموافقة الكنيسة، وهو ما انتهي بموت الفتاة؛ مما نتج منه اتهام والديها والكهنة المتورطين بالقتل بسبب الإهمال.
ومع كل مشاهد الرعب التي قد يكون العمل قد جسدها على الشاشة، فإن ذلك لا يُضاهي مشاهدة ولو بضع ثوانٍ من الفيديو الذي يتضمن إحدى جلسات طرد الأرواح الحقيقية التي تعرضت لها أناليس ميشيل – البطلة الحقيقية للقصة – والتي أصبحت بسبب تجربتها؛ مُلهمة لأفلام الرعب.
القصة الأصلية وراء ما جرى لميشيل، تؤكد أنها كانت عادية تمامًا حتى سن السادسة عشرة، إلى أن فقدت الوعي فجأة في المدرسة وبدأت تتجول بعدها في ذهول. تكرر الأمر بتصَرُّف بعد عام مع مرورها بسلسلة من التشنجات، وبعرضها على طبيب أعصاب؛ شُخِّص ما تعانيه بصرع الفص الصدغي، وهو اضطراب يسبب نوبات الصرع وفقدان الذاكرة والإصابة بهلاوس بصرية وسمعية، والأهم أن هذا النوع من الصرع قد ينتج منه الإصابة «بمتلازمة جيشويند» وهي اضطراب من ضمن أعراضه فرط التدين.
للأسف لم تفلح الأدوية في تهدئتها، وتعرَّضت ميشيل إلى 67 جلسة طرد أرواح امتد بعضها ليصل إلى أربع ساعات، غير أن جسدها لم يتحمل وسرعان ما توفيت.
3- «Open Water».. الموت رغم المقاومة
بميزانية لم تتخط 120 ألف دولار خرج فيلم «Open Water» للنور في 2003، ومع أنه تجربة ذات ميزانية منخفضة وبأبطال غير مشهورين، فإنه نجح في إثارة الجدل وتصدُّر عناوين الصحف؛ لينتهي به الأمر وقد جنى إيرادات وصلت إلى 55 مليون دولار، وهو رقم لم يتوقعه حتى صناعه.
أما عن أحداث الفيلم فهي درامية للغاية؛ إذ تحكي عن زوجين أمريكيين ذهبا عام 1998، على متن قارب مع إحدى المجموعات التي كانت في طريقها للغوص في موقع شهير غني بالشعاب المرجانية في أستراليا، وبسبب خطأ غير مقصود في حساب عدد الأفراد؛ تركهم المشرفون خلفهم.
فإذا بهم بعد انتهائهم من الغوص؛ يُفاجآن بأنهما وحدهما تمامًا في منطقة تكثُر بها أسماك القرش وعلى بعد أميال من الشاطئ؛ ليصبح عليهما أن يُصارعا الموت والمجهول حتى وصول النجدة، غير أن الأمر يستغرق يومين من شركة الغطس قبل أن تُدرك تَخَلُّف الزوجين عن العودة.
ربما لم يحظ العمل بالشهرة والجماهيرية الكافية، إلا أن ذلك لم يمنع إشادة النقاد به، وبقدرة صناعه على تحري تفاصيل نجحت في خلق حالة من الرعب الحقيقي استشعرها المتفرجون، كان من ضمنها الإصرار على اللجوء لاستخدام أسماك قرش حقيقية لإضفاء مزيد من الواقعية، بجانب التصوير المنزلي الذي بدا أكثر مصداقية وحميمية.
«لأي شخص يمكنه مساعدتنا: لقد تم التخلي عنَّا في الشعاب المرجانية 25 يناير 1998 03:00م. الرجاء مساعدتنا والقدوم لإنقاذنا قبل أن نموت.. النجدة»
كانت هذه هي الرسالة التي عُثر عليها خلال عملية البحث، وإن لم يُعثر على الجثث أبدًا؛ وهو ما جعل البعض يتساءلون: تُرى هل كانت الوفاة غرقًا أم قتلًا وحشيًّا أم انتحارًا؟ خاصةً مع الشائعات التي أطلقتها شركة الغوص والتي زعمت خلالها أن الزوجين كان لديهما من الأسباب ما يدفعهما للانتحار أو على الأقل الاختفاء؛ وهو ما أرجعوه لبعض مما جاء بمذكرات الزوجين.
4- «The Girl Next Door».. رعب حتى الغثيان
«The Girl Next Door» فيلم مأساوي صدر عام 2007، وهو مقتبس عن رواية بالاسم نفسه، استندت بدورها إلى أحداث حقيقية. استعرض العمل القصة المأساوية التي تعرضت لها سيلفيا ليكنز، ذات السادسة عشرة من عمرها، والتي توفي والداها، مما اضطرها للذهاب برفقة شقيقتها للعيش مع خالتها وأبنائها.
وهناك كانت ليكنز على موعد مع أسوأ ما خبَّأه القدر لها؛ إذ شرعت خالتها في تعذيبها وإساءة معاملتها طوال ثلاثة أشهر، بأساليب أقل ما يُقال عنها إنها شديدة الإجرام والانحطاط والسادية، وبالرغم من محاولة أحد أصدقاء أبناء الخالة مساعدتها على الهرب؛ فلم تُقدَّر لها النجاة.