عندما مات النبي محمّد عام 11 هجريًّا، ما لبثت الجزيرة العربية أن ارتد أغلبها عن الإسلام عدا مكة والمدينة والطائف، حتى تلك القبائل التي احتفظت بإسلامها أسقطت دفع «الزكاة» للخلافة؛ وما لبثت الفتنة أن دخلت مسجد النبيّ محمّد، وفرّقت بين كبار الصحابة الذين اعترضوا على فكرة أن يتقابل المسلمون في الحرب وجهًا لوجه، لكنّ الخليفة أبا بكرٍ استل سيفه وأعلن حروب الردة حتى أخضع العرب بالشدة تحت سلطته، بيد أن هذا الاستقرار لم يدم بعدها أكثر من 24 عامًا، حتى قُتل الخليفة عثمان داخل بيته على يدّ المتمردين الذين أهدروا دمه وعدّوه كافرًا.
وبعدما تولى علي بن أبي طالب الخلافة انقسم الصحابة مرة أخرى، حتى أن معاوية بن أبي سفيان -والي الشام حينها- رفض أن يُبايع الخليفة الجديد، وأعلن أن دمّ عثمان قبل المبايعة، والاختلاف السياسي سُرعان ما قاد الجميع إلى لغة السيف؛ فالسيدة عائشة خرجت من مكة على رأس جيشٍ صوب البصرة طالبة القصاص، لتبدأ موقعة «الجمل» ضد جيش الخليفة التي انتهت بمقتل 10 آلاف منهم عدد من الصحابة وحفظة القرآن، وهي الحادثة التي يؤرخ لها باسم الفتنة الكبرى في الإسلام، لكنّ اللقاء الذي حدث بعدها بين علي ومعاوية في موقعة «صِفّين» كان سببًا في أول انشقاقٍ كبير في جماعة المُسلمين، ومن هنا تبدأ قصة الإباضيين.
هذا التقرير يعتمد في معلوماته على المصادر الرسمية للمذهب الإباضي وعلى بعض الكتب الدينية الرسمية في سلطنة عُمان، بينما يعتمد في السياق التاريخي للأحداث على مصادر أهل السُنّة في الأغلب.
1- يرفضون تسميتهم بالخوارج
لسـنا خـوارج يا أبنـاءَ أمـتنـا ** بل أهل دعوةٍ من للحقِ قد نصرا
سل جابرًا وابن عباسٍ وعائشة ** وسل ميامين بدرٍ تعرفُ الخبرا
وسل أبا حمزة الشاري وخطبته ** أي الفريقين أقفى للهدى أثرا
*شعرٌ إباضي موجّه لأهل السُنّة
في عام 37 هجريًّا، استعد الإمام علي للخروج إلى الشام لعزل معاوية الذي لم يبايعه للخلافة، وبعد أشهرٍ من محاولات الصلح دارت معركة «صِفّين»، وهي التي تحتل مكانة خاصة في المذهب الإباضي؛ فعندما التقى جيش علي ومعاوية لتسعة أيام لم تكن الغلبة فيها لأحد، وبلغ عدد القتلى نحو 70 ألفًا، وتشير المصادر السُنية والإباضية إلى أنه في اليوم الأخير كانت الغلبة لجيش علي؛ لذا رفع جيش معاوية المصاحف على أسنة السيوف، وهو ما فهمه الجيش الآخر على أنه دعوة للاحتكام إلى القرآن، وبالرغم أنّ الخليفة كان يرى أنّها مجرد خدعة لكسب الوقت إلا أنه قبل بها، وانتهت المعركة بلا منتصر وعاد الجيشان، لكنّ 12 ألفًا من جيش علي بن أبي طالب رفضوا أمر التحكيم وكفّروا الخليفة، وتلقبّوا بـ«الخوارج»، وبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي ليكون قائدًا لهم.
نجح الخوارج في اغتيال الإمام علي عام 40 هجريًّا، ليتولى من بعده ابنه الحسن، الذي تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، الذي عهد بالبيعة من بعده لابنه يزيد الذي تولى عام 60 هجريًّا؛ فبايعه عموم المسلمين إلا الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، اللذين كانا على قناعة بأنّ البيعة لا تجوز لعدة أسبابٍ، أهمها: أنها جاءت بالتوريث بما يخالف منهج الإسلام، لذا انطلق المُحكّمة -رافضو التحكيم- إلى الحجاز لمناصرة ابن الزبير في قتاله ضد الأمويين، لكنهم ما لبثوا أن تخلوا عنه وناصبوه العداء لأنه أثنى على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
تجدر الإشارة إلى أنّ مصادر أهل السُنّة تُشير إلى الأحاديث القديمة للنبي محمد الذي أخبر بالفتنة والخروج على جماعة المُسلمين حين أشار إلى العراق قائلًا: «يخرج قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية محلقة رؤوسهم»، لكنّ الإباضية يعتبرون أن الخروج الذي ورد في الأحاديث النبوية يعتبر خروجًا دينيًّا، بمعنى المروق من الدين بتغيير أحكامه والتعدي على حرماته، أما في ما يتعلق بالخروج بمفهومه السياسي؛ وهو الخروج عن طاعة السلطان، فإن الإباضية يؤكدون أنّ أصحاب مذهبهم آثروا الانعزال عن الإمام علي بعد أن ساوم معاوية في حق شرعي ثابت، وبيعة صحيحة، بحسب وصفهم.
وبالعودة إلى علماء الإباضية الذين يُغضبهم وصفهم بالخوارج، فهم يُفسرون أنّ كبار قادة المُحكّمة وهم عبد الله بن نافع الأزرق، وعبد الله بن صفار، وعبد الله بن إباض، انقسموا في عهد الأمويين إلى خطّين؛ خط معتدل انتهج المُعارضة السليمة ينتسب إليه الإباضية، وآخر مُتطرف -يقصدون الخوارج-، وترجع بداية الانقسام عندما دعا ابن الأزرق فرق الخوارج إلى الجهاد وفق عقيدة أنّ كل المُسلمين الذين خالفوهم في الرأي والمذهب هم كفار يستوجب قتلهم واستباحة أموالهم، وحين وصل الخطاب إلى عبد الله بن إباض، مؤسس المذهب، تبرأ من كل فرق الخوارج التي بايعت ابن الأزرق، وفي المقابل انقسم الخوارج إلى ما يمكن تسميته بالجناح الراديكالي «مجاهدين» -الذين اتبعوا نهج ابن الأزرق، و«قَعَدَةَ»؛ أي قعدوا عما أسماه هؤلاء الراديكاليون بالجهاد- وكان منهم الإباضيون الذين ينفون وصفهم بالخوارج، ويقولون بأنهم مذهب أصيل مستقل بذاته.
وبينما تتفق كل مصادر أهل السُّنة القديمة -بما فيهم المذاهب الأربعة على وصف المذهب الإباضي على أنهم ضمن فرق الخوارج، ما يعني أنهم خارج ملّة الإسلام ولا تجوز الصلاة خلفهم، نجد أنّ الصورة تغيرت عند بعض الفقهاء السنة المُتأخرين الذين رفضوا اعتبار الإباضيين من الخوارج، كما أنهم أجازوا الصلاة خلفهم، وأبرزهم مفتي مصر السابق علي جمعة الذي ضمّ المذهب إلى المذاهب الأربعة السُّنية، وهم بذلك يدخلون ضمن الخلاف الدائر بين الفرق السُّنية حول تكفير الشيعة.
2- أول مذهب ديمقراطي في الإسلام يرفض التوريث
بعد موقعة صفين التاريخية انقسم المسلمون إلى ثلاث فرق: أتباع الخليفة في العراق، ويرون أنّ الخلافة في قريش، وأن عليًّا وأولاده أحق الناس بها، وأنصار بني أمية في الشام ومصر، ويرون أن الخلافة في قريش أيضًا لكنّ الأمويين أحقُ بها، والخوارج الذين ناصبوا الفريقين العداء واستحلوا دماءهم وكفّروهم؛ وكان الخوارج يرون أنّ الخلافة حق لكل مسلم ولا فضل لقرشي على غيره.
وتشير المصادر الإباضية أنّ رافضي التحكيم دعوا عليًّا بن أبي طالب لأن يخلع نفسه ويدخل في طاعة إمامهم (إمام المسلمين عبد الله بن وهب الراسبي) لكنّ جيش الخليفة أبادهم في معركة النهراون، ولم ينج منهم سوى 40 شخصًا، ويصف الإباضيون القتلى في تلك المعركة في كتبهم: «كانوا من خيار الأمة وقرائها»، وبالرغم من الهزيمة إلا أنه تم في النهاية اغتيال الإمام علي عام 40 هجريًّا.
ولأنّ المذهب نشأ في الأصل على اختلاف سياسي، فالإباضية يُجيزون الخروج على الحاكم، وهم يعتقدون بصحة خلافة أبي بكر وعمر، وعثمان في أول ولايته، لكنهم يرون أنه كان يجب عزله عندما قدّم أقاربه، كما يعتقدون بصحة خلافة علي إلى وقت التحكيم، ويقولون إنه لم يعد خليفة للمُسلمين بعدما وافق على التحكيم، لذا فهم على عكس أهل السنة يُجيزون الخروج على الحاكم وخلع طاعته إذا أخطأ، مهما كان صلاحه وعدله، لذا وُصفوا عند بعض المؤرخين المتأخرين بأول مذهب ديمقراطي في الإسلام، خاصة أنهم رفضوا التوريث في عهد الدولة الأموية.
ويعتبر عبد الله بن إباض الذي يُنسب إليه المذهب ليس هو المؤسس الأول، إنما ترجع أصول المذهب –وفق المصادر الإباضية– إلى جابر بن زيد، وهو من تلاميذ عبد الله بن عباس، وأحد رواة الحديث، لكنّ الأمويين أطلقوا عليهم الإباضيين نظرًا إلى أنّ عبد الله بن إباض الذي وُلد في عهد معاوية، ومات في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان اشتهر بمعارضته للبيت الأموي، وتجدر الإشارة إلى أن أصحاب المذهب كانوا يتسمّون في البداية بعدة أسماء: جماعة المسلمين، وأهل الدعوة، وأهل الاستقامة.
وبينما انقسم المذهب إلى عدة فرق إلا أنهم جميعًا اتفقوا على تكفير بعض الصحابة كفر نعمة وليس كفر شرك، ويؤمن ابن إباض بأنّ علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص كافرون كفر النعمة هذا، وهم من أهل النار؛ فمعاوية وأتباعه فئة باغية، بينما علي ترك حُكم الله فلم يُصبح خليفة للمُسلمين، لكن الرأي الذي ينتهجه علماء الإباضية اليوم، أميل إلى اعتبار أن الإمام علي قد تاب بعد ذلك وأناب، وفي العموم وحتى بين القدامى من الإباضية دائمًا ما ينظر إلى الإمام علي باعتباره إمامًا وعالمًا وزاهدًا بالرغم من القضية الإشكالية هذه.
ويحمل كتاب السير والجوابات لعلماء وأئمة عُمان، الذي طبعته وزارة الثقافة العُمانية، رأي أصحاب المذهب في عثمان بن عفّان، فالرسالة التي بعثها عبد الله بن إباض إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان جاء فيها من اعتراضهم على خليفة المُسلمين: «أنّه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون والكافرون والفاسقون»، وبالرغم أنّ المذهب الإباضي يُكفّر كل المُعترضين عليه، إلا أنّه لا يمنع التعامل مع المُسلمين من المذاهب الأخرى وإعطاءهم حقوقهم، وهي عقيدة الولاء والبراء التي جنبت مذهبهم الملاحقة في نظر البعض ، وكانت سببًا في صموده إلى اليوم.
3- علماء الإباضية المعاصرون نزعوا من المذهب التوق للديمقراطية
الظروف التاريخية التي نشأ على أساسها المذهب الإباضي (رفض التوريث، وجواز الخروج على الحاكم) لم تعد شرطًا أساسيًّا عند المُجددين، واللافت أن سلالة أحمد بن سعيد التي تحكم عُمان منذ عام 1741 ما زالت في الحُكم إلى اليوم، دون تدخل من السُّلطة الدينية، ما يعني أنّ السُّلطة الدينية قد أبرمت اتفاقًا مع السلطة الحاكمة للالتفاف على قاعدة مذهبية أصيلة.
والتاريخُ والجغرافيا كان لهما دور كبير في التأصيل الفقهي الجديد للمذهب؛ ففي عام 1973، شهد السلطان قابوس «ثورة ظفار» التي استهدفت حُكمه ضد الثوار المدعومين رسميًّا من بعض الدول العربية، لكنّ السلطان استعان للبقاء على عرشه بالفتاوى الدينية، إضافة إلى طلب المساعدة العسكرية من شاه إيران والبحرية البريطانية لإنهاء التمرد الداخلي، وفي عام 2011، شهدت عُمان احتجاجات لم تدعمها السلطة الدينية.
وعلى هذا الأساس استطاع السلطان قابوس أن يؤسس نظامًا شموليًّا في السلطنة الهادئة بدءًا من تسمية المدينة بمابنيها ومؤسساتها وشوارعها على اسم السلطان العجوز، نهاية بأغلب المناصب الحكومية التي يستحوذ عليها الرجل، إضافة إلى صلاحيات التدخل في أغلب المناصب الحكومية ووضع قراراتها، دون أن يكون هناك توزيع للسلطة حتى داخل العائلة الحاكمة.
يقول مفتي السلطنة الحالي أحمد الخليلي حين سُئل عن التوريث الذي يرفضه المذهب الإباضي: «لا بد من أن تراعى مصلحة الأمة، وإذا اقتضت مصلحة الأمة ذلك فمن الممكن أن يورث الحكم».
4- ليست عمان فقط.. يتواجدون في 5 دول عربية
في عهد الدولة الأموية تركز أتباع المذهب الإباضي في البصرة، ثم امتدوا إلى عُمان وخرسان، وزحف عددٌ منهم إلى شمال أفريقيا، وامتدت دعوتهم إلى اليمن، وفي السنوات الأخيرة للدولة الأموية تحركوا إلى الحجاز، ودخلوا المدينة وقتلوا كثيرًا من أهلها، بحسب ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية، وصعد قائدهم أبو حمزة الخارجي على منبر النبي، وخطب موبخًا أهل المدينة، ثم فرّ منها بعد وصول الجيوش الأموية إلى الحجاز وطاردته حتى عُمان، وحين سقطت دولة الأمويين على يد العباسيين عام 132 هجريًّا، بايع الإباضيون بعدها أول إمام لهم بعُمان.
وفي عام 140هـ، أعلن الإباضيون قيام أول دولة لهم في شمال أفريقيا -الجزائر حاليًا- لكنها ما لبثت أن سقطت بسبب هجمات العباسيين، لكنهم أسسوا دولتهم الثانية التي امتدت نحو قرنٍ؛ الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت في الجزائر، وأسسها عبد الرحمن بن رستم الفارسي، ودام حكمها 130 عامًا.
وحاليًا يتركز الإباضيون في خمس دول عربية أهمها سلطنة عُمان، ولا توجد أرقام رسمية لأعدادهم، وفي أفريقيا يتواجدون في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب.
5- لديهم رأي خاص في الشفاعة والذنوب
بالرغم من أنّ المذهب في الأساس نشأ على خلاف سياسي، إلا أنه سُرعان ما أصبح للإباضيين عقائدهم الخاصة التي تتفق بعضها مع المذهب السُّني، وآخر مع المذهب الشيعي، وبحسب اعتقاد مذهب أهل السُّنة فإن مُرتكب الكبائر الذي مات دون توبة يُسمّى «فاسقًا أو عاصيًا»، وهو يوم القيامة في مشيئة الله، إن شاء غفر له بكرمه، وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهره من عصيانه، ثم ينتقل إلى الجنة؛ لذا فهو في الحالتين سيدخل الجنة، أما أتباع المذهب الإباضي فيقولون بأن الذي يرتكب كبيرة من الكبائر ولم يتب منها قبل الموت فهو (كافر)، وهو في حُكمهم كافر كفر نعمة، أو كفر نفاق لا كفر ملة وشرك، لذا فكل خطأ في نظرهم يعدُّ كفرًا، وهو نفسه الوصف الذي أطلقوه على الصحابة عثمان وعلي ومعاوية.
وبينما يثبت عند المذاهب الأربعة السُّنيّة مبدأ شفاعة النبي محمد في أهل المعاصي من أمته يوم القيامة، يرى الإباضية أن الشفاعة لن تكون لمن مات على ذنب، وإنما تكون للمؤمنين كافة للتخفيف عليهم يوم الحشر، والتعجيل بهم لدخول الجنة، أو زيادة درجة لبعض المؤمنين الذين ماتوا على الوفاء والتوبة النصوح، بينما العاصي مخلد في النار، لأنه كفر كُفر نعمة ونفاق ولم يتب من ذنبه قبل الموت، لذا يؤمن الإباضية بأنّ حالق اللحية في النار أبدًا لأنه مات على ذنب.
كما تقف المذاهب السُّنية الأربعة موقفًا مُخالفًا للمذهب الشيعي والإباضي في القرآن، فبينما يُكفّر السنة من يقول بخلق القرآن، وهي المحنة التي كانت في عهد الخليفة العباسي المأمون، والتي قال بها المعتزلة بأن القرآن مخلوق، وليس كلام الله المُنزّل على نبيه محمد كما يؤمن المسلمون، واستمرت الفتنة فأخذت في طريقها كل عالمٍ وقاضٍ رفض تلك المقولة، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل الذي مكث في السجن حتى عهد المتوكل، لكنّ الإباضية والشيعة يعتقدون أنّ من لم يؤمن بخلق القرآن فهو كافر، ويجب التوضيح أنّ فرق الإباضية اختلفت في ما بينها حول ذلك الاعتقاد، لكن الرأي الأخير الذي تمثله سلطنة عمان على لسان المُفتي أحمد الخليلي يؤيد خلق القرآن، ثم أصبح هذا الرأي مُعممًا على كل الفرق الأخرى.
وبينما يعتقد أهل السنة أنّ المكافأة الكبرى لهم يوم القيامة ستكون في رؤيتهم لله، فإن العقيدة الإباضية تُنكر تمامًا مبدأ الرؤية، وينكرون أيضًا كل الأحاديث الموجودة في الرؤية في صحيحي مُسلم والبخاري، ويستبدلونها بمُسند الحبيب بن ربيع الذي يرونه أصح الكتب بعد القرآن الكريم، ويعتقدون أنّ الرؤية قد تكون بغير البصر، وأنها تعني العلم واليقين، وليست الرؤية الحسية البصرية، وفي كتاب مشارق أنوار العقول الذي كتبه شيخ الإباضية عبد الله السالمي، وعلق عليه المُفتي العُماني أحمد الخليلي: «نراه في الآخرة بلا كيف، وحُكم هؤلاء -السنة- عندنا أنهم منافقون لتأولهم الكتاب وتعلقهم به».