“أكتب كمن يمشي في الضباب، لأني لا أتمكن من القيام بأي شيء آخر، أخشى أن أترك كتابًا على الطريق، الخوف من أن أتخلى عن كتاب قد يحطم شيئًا من العمق، أن يجبرني على استعادة كل شيء من البداية، وأن أجد نفسي غير جدير بالقيام بهذا، أي أن أبدو كقافز السيرك الذي يرمي نفسه في الفضاء كي يصل من ضفة إلى ضفة لأخترع العلاقات فأصنع الرواية عبر المقاطع”.

نسي العالم وعاش في باريس في شبه عزلة عن الوسط الأدبي رافضًا إجراء المقابلات الصحفية، حتى نسي العالم ترجمة أعماله إلا القليل منها لتقتصر شهرته على الفرنسيين، الأمر الذي كان سببًا في دهشة الكثيرين بفوز أديب بجائزة نوبل للآداب لعامنا الحالي ولا يعرفه أحد، وكأنه وقع في ثقب ذاكرة العالم الأسود، ليعتبر موديانو فوزه صدفة لقرين لا يعرفه يحمل نفس الاسم.

1- مقهى الشباب الضائع

“أظن أننا لا نزال نسمع في مداخل البيوت أصداء خطوات الذين سبقونا في عبوره والذين اختفوا بعد ذلك، إن شيئا يستمر في الاهتزاز بعد مرورهم، موجات تزداد ضعفًا شيئا فشيئًا ولكننا نحس بها إذا انتبهنا جيدًا”.


في ستينات القرن الماضي في باريس كان مقهى “كوندي” يعج بشخصيات تحمل قصصًا يجلس بينها “لوكي” امرأة شابة غامضة وجميلة تظهر شخصيتها من خلال أصوات رجال مختلفة تحكي لك ما مثلته لها علاقاتها من خسارة لشبابها وماضيها المظلم وما تركه من ظلال على حاضر تعيشه مع زوج مسن وعشيق آخر لينقل كل زوار المقهى وجهة نظر مختلفة عنها.

بدأت الرواية بأكثر الفصول علاجًا للفضول، يروي طالب شاب من رواد “كوندي” عن الحياة على المقهى وزوارها بشخصياتهم ولباسهم بشكل مثير للاهتمام، ويترك الكاتب لمشاهد مقتطعة من الذاكرة ونسج الرواية وتقاطعاتها، في أحداث عشوائية تدور حول هاجس ذكوري مضطرب بامرأة جميلة وسط رجال تحاول المقاومة بحبها وشبابها لكن الذكريات والعواطف تدفعها لتدمير ذاتها.

رابط الرواية على جودريدز.

2- مجهولات

“أحسست بأن الإحباط يستولي عليّ، بل أكثر من الإحباط، اليأس الذي يتملكك عندما تدرك أنك رغم جهدك وميزاتك وكل إرادتك الطيبة ترتطم بعقبة منيعة لا قبل لك بالتغلب عليها”.


ثلاث فتيات يتيمات لا يستطيع أحد التعرف إليهن، ولا حتى أنفسهن، توفي الآباء في ظروف غامضة لتودع أم كل واحدة ابنتها في ملجأ أو مدرسة داخلية، لم يكن السفر والغربة من آمالهن، لكن فرضته الأسر المفككة والعلاقات الإنسانية والعاطفية المبتورة، فانطلقت كل واحدة لتغزو مستقبلًا أكثر غموضًا خلف وظيفة ونجاح ونزوة عاطفية ليجتمعن في باريس أكثر المدن صخبًا.

في انغلاق نفسي بعد ضياع الأحلام الباريسية الكبيرة يعشن بعيدًا في شقة عشيق إحداهن المفقود والمتواري خلف هوية مزورة وأنشطة غامضة، مع انتقال مستمر للفتيات الثلاث بين باريس ولندن وسويسرا وأسبانيا يبحثن عن ذواتهن المفقودة والراحة والأمان المفقودين ويظل حلمهن بالحب والعمل لكن الفقدان والغربة يضفي على أكثر المدن جمالًا كآبة وحزنًا.

رابط الرواية على جودريدز.

3- شارع الحوانيت المعتمة

“إن للناس قطعًا حيوات مستقلة، وأصدقاء لا يعرفون بعضههم البعض وهذا يدعو للأسف”.


يعاني “تال” الفرنسي من فقدان الذاكرة مع زوجته “دينيز” التي اختفت بعد إصابتها هي الأخرى بفقدان ذاكرتها، ليبدأ “تال” في البحث عن ذاته بالسفر ومحاولة البحث عن اسمه الحقيقى وشخصيته بالتنقل بين المدن في رحلة طويلة تعرف فيها بأشخاص جدد منحوه أسماء مستعارة ليثير بذلك الأمن من وراء جوازات سفره المزورة.

بوصول “تال” لروما تبدأ المرحلة الأخيرة في رحلته حتى يصل لهويته الحقيقية والتي تنتهي الرواية دون أن يخبرنا بها الكاتب، فلا يذكر اسمه ولا هويته بعد رحلة شاقة اكتفى بتعرفه هو عليها.

رابط الرواية على جودريدز.

4- الأفق

“إن المستقبل لا يهم، المهم هو الماضي”.


كانت الأقرب لحياة موديانو وآلامه الخاصة، فبدأ البطل حياته باحثًا عن الوطن لينتهي باحثاً عن الحب الذي ضاع وسط الحروب بين جان ومارجريت، شابين في العشرينات يعربان عن ضياعهما وسط أضواء باريس في بداية الأحداث بعد الحرب العالمية الثانية وسط قلق وخوف من المطاردات السياسية التي كسرت أحلامهما بحب مستحيل.

الحب الذي انقطع فجأة ورغم مرور 40 عامًا جاء دافع لجان للبحث عن مارجريت في مسقط رأسها ليتحول لبحث عن حقيقيته هو بعد اختلاطه بأشخاص اختلطوا بماضيه ومشاهد متقطعة من ذكرياته على مقهاه “كوندي” المفضل حتى لقاءه بحبيبته ثانية.

رابط الرواية على جودريدز.


المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد