على الرغم من ابتعاد المسافات فإنه تاريخيًّا تم تسجيل هجرات واسعة بين المشرق والمغرب، تارة من أجل أغراض دينية وعلمية، وتارة أخرى لأهداف فنية، وبين هذه وتلك، لأغراض سياسية و”جهادية” نصرة لإخوان هنا أو هناك، وهذه مفاتيح ستة تحطم حدودًا صنعها الاستعمار لتقسيم عالم عربي مديد!
1-المشرقُ قِبلة أهلِ المغرب

حارة المغاربة بالقدس الشريف ما تزال شاهدة على الوجود المغربي بالقدس وبالمشرق
منذ القدم ظل المشرق العربي يمثل قبلة لمسلمي المغرب العربي، وكان المغاربة والأندلسيون، على مر الزمان، يشعرون بضرورة السفر إلى المشرق لأداء فريضة الحج وزيارة الأراضي المقدسة.
ولذلك ظلت الرحلة المشرقية تراود بالخصوص فئة من الناس وهم علماء المغرب؛ حيث كانت تمثل لهم مثل هذه الرحلة شيئًا في مستوى الواجب، وتذكر المراجع أن العديد ممن قاموا بهذه الرحلة اتجه إما للإقامة الدائمة والنهائية في المشرق، أو عاد إلى المغرب حاملاً معه مذاهب أهل المشرق الفقهية، وعاداتهم وإنتاجاتهم الفكرية، كما شارك الجغرافيون والرحالة المغاربة في عملية التبادل الثقافي بين المشرق والمغرب في القرون الوسطى، وذلك بتدوين أحداث رحلاتهم ومشاهداتهم في بلاد المشرق، مثل رحلات ابن جبير الأندلسي (540-614هـ)، الذي وُلِد في بلنسية الإسبانية وقام برحلات ثلاث إلى المشرق، وتوفي خلال رحلته الأخيرة في مدينة الإسكندرية المصرية، وكذا رحلات ابن بطوطة المغربي من مدينة طنجة من بلاد المغرب عام 704هـ والمتوفي في مراكش نحو عام 769هـ، فقد رحل إلى مكة لأداء فريضة الحج وهو في الحادية والعشرين من عمره، وهدف من وراء رحلته أيضًا لتتويج دراساته بما يشبه “الاعتراف” الشرقي الذي يخوله احترامًا لدى أهل المغرب، ويُعتبر كتابه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) واحدًا من أثمن المصادر عن بدايات التاريخ العثماني، وتاريخ الهند الإسلامية، وتاريخ إفريقيا الغربية.
2-زوايا مغربية في قلب بيروت

مغاربة في أحد مرافئ لبنان بداية القرن الماضي
بحسب بعض المصادر فإن مغاربة هاجروا من القدم إلى بيروت وعُرِفوا بتأسيس الزوايا، بحيث كان للمغاربة دور مهم في إقامة الزوايا الإسلامية بهذه العاصمة العربية وضواحيها، ومنها زاوية الحمراء في قلب بيروت، التي أقامها “آل الحمراء” حوالي عام 1390، وزاوية “الخلع” المعروفة باسم زاوية البياطرة، وقد أقامها بعض المغاربة في أوائل القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، وزاوية الشيخ حسن الراعي المغربي، وهو من كبار العلماء المسلمين في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي.
ويروي الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه (الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز) – وفق ما نقله موقع “يا بيروت” – والذي زار بيروت عام 1711م، بأنه زار قبر الشيخ جبارة في مقبرة بيروت إزاء البحر، وهو من أولاد الشيخ حسن الراعي، ويُرجح أن آل جبارة، من نسب هذا العالم المغربي الجليل، كما بنى المغاربة بواسطة أحد أتقيائهم زاوية “القطن” في العصور الوسطى، حوالي سنة 1390م.
كما أقام المغاربة زاوية باب المصلى قرب باب السراي، وزاوية أخرى عُرفت باسم زاوية المغاربة، أنشأها أحد أتقياء المغاربة في العصور الوسطى هو الشيخ محمد المغربي، وكان موقعها قبلي جامع السراي قرب سوق سرسق.
وأسهم المغاربة أيضًا وبقية أهل بيروت بإقامة العديد من المؤسسات العسكرية أو المدنية، ومن بينها الأبراج العسكرية أو المدنية منها: برج حمود في شرقي بيروت وبرج بيهم وبرج سلام وبرج شاتيلا وبرج الخضر وبرج المدور وبرج قدّورة وبرج الحمراء وبرج اللبان وسواها من الأبراج، ومن أهم أبواب بيروت التي سُمّيت باسم إحدى العائلات البيروتية المغربية الأصل باب إدريس وهو أحد أبواب بيروت السبعة، ومن أهم المناطق التي أسهم المغاربة بتأسيسها هي منطقة الحمراء التي ما تزال حتى اليوم من المناطق الأساسية في بيروت ولبنان.
3- مغاربة دمشق
احتل المغاربة تاريخيًّا مكانة متميزة في حاضرة الشام دمشق، ومثلت الأخيرة إلى جانب القاهرة محجًّا اجتماعيًّا وعلميًّا وسياسيًّا أيضًا للمهاجرين المغربيين، وكانت بالنسبة إليهم، كما تذكر المراجع التاريخية، مركزًا للممانعة والتصدي لـ”الإفرنج” في المشرق العربي ـ الإسلامي، خلال القرنين السادس والسابع الهجريين/الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، بعد الأفول التدريجي لنجم بغداد، منذ القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي.
وبدأ الترحال المغربي إلى دمشق منذ الفترة المبكرة للدولة الإسلامية (الأموية والعباسية)، ثم تطور بشكل لافت وفاعل في عهد الخلافة الفاطمية؛ فقد أنشأ الفاطميون، كما هو معروف، دولتهم في المغرب بدعم سياسي وعسكري من قبيلة كُتامة بشمال المغرب، ورافق جند من كتامة جوهر الصقلي، قائد الخليفة المعز الفاطمي، إلى مصر وساعدوه في بسط سلطانه عليها؛ كما دخلوا معه دمشق، ليتبلور الحضور المغربي بالمدينة في أيام نور الدين زنكي والسلطان صلاح الدين.
ويبرز الدافع الديني، وفي طليعته الحج إلى مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، كمحرِّك أساسي لانتقال المغاربة إلى دمشق، رغم أنه كانت هناك مدن أخرى تزاحم دمشق في هذا الدور خاصة وأنها كانت بعيدة عن الأخطار التي شكلها الإفرنج والمغول، كالقاهرة والإسكندرية، وخَاصة بعد أن استولى المغول على بغداد، عام 656 هـ/ 1258م وأسقطوا الخلافة العباسية فيها، واندفعوا، باتجاه بلاد الشام، ليشاركوا بشكل فعّال في حركة الجهاد الإسلامي ضد الإفرنج ولا سيما في الحروب الصليبية، ويأتي طلب العلم في المنزلة الثانية بعد الحج، بالنظر إلى إنتاجات المشرق الثقافية التي استهوت منذ القدم المغاربة، الذين منهم من استقر في دمشق وحواضر أخرى شامية ومنهم من عاد إلى بعدما نهل من كبار الكتب والعلماء.

تجريدة مغربية شاركت في حرب 1973 ضد إسرائيل إلى جانب القوات السورية
وقد كانت دمشق في زمن الحروب الصليبية قبلة العديد من المغاربة ومن مستويات اجتماعية وثقافية مختلفة، ومن هؤلاء كان العلماء والأدباء وأصحاب الثروات والجاه، كأسرة الزواوي والبكري والبرزالي والشّريشي والقرطبي والتلمساني؛ ومن الأفراد كان هناك ابن مالك وابن عربي وابن البوني والرحالة ابن سعيد، ويضاف إلى هؤلاء أناس بسطاء ممن أمّوا مدينة دمشق أثناء رحلتهم إلى الديار المقدسية في الحجاز، بحيث منهم من أقام بها إلى حين، ومنهم من استقر إلى اليوم.
4-مغاربة بالأزهر الشريف

كتاب أصدرته إحدى الهيئات المصرية الرسمية يؤرخ للوجود المغربي في مصر وازدهارهم في ممارسة التجارة بالخصوص
علاقة المغرب بمصر لخصها وزير مغربي في ندوة فكرية أخيرة بالرباط نظمتها السفارة المصرية، في أنها علاقات “تضرب جذورها عميقًا في التاريخ”، وتحتاج إلى مزيد من الاستقصاء والتنقيب، للإلمام بتشعبها وتعدد أبعادها.
أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، اعتبر في مداخلة له بالمناسبة، أن هذه العلاقات يحددها موقع البلدين في أقصى شرق الشمال الإفريقي وأقصى غربه، وطبيعتهما الزراعية، وتشابههما في مرجع الوعي واللاوعي الأدبيين، وكذا في وقائع تاريخية عظمى مرّت بهما، هذه الوشائج البارزة بين المغرب ومصر تعود لما قبل زمن كيلوباترا التي عاصرت السيد المسيح، ومنذ عصر الملك يوبا الثاني، بحسب المسؤول المغربي، الذي أشار إلى وجود مغربي، في القرن 13 قبل الميلاد في دلتا النيل. وتحدث عن دور مصر في الفتوحات الإسلامية للمغرب، وفي تسهيل مرور المولى إدريس الأول (مؤسس الدولة المغربية) إلى المغرب، وعن إشادة الفقيه الطرطوشي بالدولة المرابطية القائمة على شرعية الفقهاء وكذا بالدولة الموحدية باعتبارهما منقذين للدولة الإسلامية، عاصرا حروبًا صليبية على مشرق العالم الإسلامي، وعلى مغربه أيضًا إذ استمرت ستة قرون، وكلفته جهودًا عسكرية ومالية هائلة.
وهناك تجاوب مغربي مصري على مستوى الفقه والعلوم الاصطلاحية كما ذكر الشيخ عبد الحي الكتاني في كتابه (فهرس الفهارس)، وعلى المستوى الشعبي والتصوف أيضًا، كما هو الشأن بالنسبة للإمام الشاذلي، المتحدّر من منطقة غمارة بالمغرب والذي يعد رابع أربعة رواد للتصوف الإسلامي، قبل أن ينتقل إلى تونس وبعدها إلى مصر؛ حيث ووري جثمانه الثرى، وبالشيخ أحمد البدوي (الفاسي) بطنطا في صعيد مصر.
الوزير المغربي، الذي كان يستشهد بالمراجع التاريخية، ذكّر بترِؤس العلامة ابن خلدون للطائفة المالكية في مصر، وانبهار الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني بالنظام التعليمي في الأزهر الشريف، وإلى تَحدُّر شيخه أحمد الطيب (الحساني) ومفتي مصر، شوقي علام، من أصول مغربية، وكذا إلى تتلمذه على أيدي علماء مصريين أجلاء من قبيل الأستاذين عبد الخالق إبراهيم وحسان عوض كما أوضح في الجزء الثاني من كتابه “والد وما ولد” الذي سيصدر قريبًا.
5-اهتمام مشرقي بالمغرب !

المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري خصص مشروعًا مهمًّا من أعماله حول نقد الفكر العربي هو الآن محل دراسة من قبل الباحثين والمهتمين
لم تعد مقولة “المشرق يكتب والمغرب يقرأ” صحيحة كما كانت في الماضي، كما يقول النقاد، والمسألة إن لم تكن انقلبت رأسا على عقب فإنها على الأقل أصبحت غير ذات جدوى ولا معنى في زمننا الحالي.
الدكتور علي القاسمي الكاتب والباحث العراقي المقيم بالمغرب، يرى في تصريحات صحفية له، أنه لا يوجد في المشرق منذ النصف الأخير أو الربع الأخير من القرن الماضي مفكرون مشارقة في وزن مفكري المغرب مثل المرحوم محمد عابد الجابري أو عبد الله العروي أو الخطيبي أو حتى مفتاح وغيرهم، وأن ذلك هو ما يدعو إلى نشر كتب هؤلاء في دور نشر مشرقية، وتحقيقها انتشارًا واسعًا، كما أن الرواية أيضًا أصبحت تشهد لعدد من المغاربة الذين نالوا جوائز أدبية مهمة في الخليج وفي المشرق وتقدموا على روائيين مشارقة.
ويرجع القاسمي سبب هذا الحضور المتزايد للإنتاج المغربي إلى أنه من قبل لم يكن في المغرب أدباء لأن الحماية الفرنسية فرضت اللغة والثقافة الفرنسية، وبمجرد ما حصل تغيير في السبعينيات من القرن الماضي أعطى ثماره في هذا الإبداع المغربي الثقافي في مختلف الميادين، وأنه لو كان هناك تعريب كامل للثقافة المغربية لوجدنا أن المخترعين المغاربة سيتقدمون في العلوم أيضًا، لأن الطلاب المغاربة اليوم يستوعبون المعرفة بلغة أجنبية عنهم.
وعدا عن ذلك فإن المتتبع للشأن الثقافي والفكري العربي يرصد تزايد اهتمام المؤسسات التعليمية الجامعية بدراسة مؤلفات المفكرين والأدباء المغاربة، بحيث يسهل أن تجد اليوم في بيروت أو دمشق أو القاهرة، من الطلبة الباحثين مَن يحدثك عن “نظرية العقل العربي” عند المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، أو عن رواية “الخبز الحافي” لصاحبها الروائي العصامي محمد شكري، والتي ترجمت إلى العديد من اللغات، أكثر من المغاربة أنفسهم.
6-هجرة عكسية !

الفنانة المصرية شيرين تحيي سهرات كثيرة في المغرب
بعدما كان الفنانون المغاربة يهاجرون إلى المشرق وخاصة إلى مصر بحثًا عن الشهرة والمال، بات اليوم المغرب قبلة للفنانين المشارقة لعرض أعمالهم، وعلى الرغم من أن البعض ظل يفسر الهجرة المتوالية للفنانين المشرقيين نحو المغرب بأنه راجع بسبب الإغراءات المالية التي تخصصها الجهات في المغرب لهؤلاء الفنانين والنجوم، وكذا بسبب وجود ظروف اجتماعية وسياسية غير مشجعة ببلدان المشرق، لا سيما في السنوات الأخيرة، بسبب تداعيات ما سُمِّيَ بـ”الربيع العربي”، إلا أن هناك من يفسر هذه الهجرة بـ”إغراءات” أكثر أهمية وتتعلق بغنى الموروث الثقافي المغربي، الذي جعل فنانين مشارقة يبحثون فيه بل ويغنون أغاني من التراث واللهجة المغربيين، بعكس ما يدعيه البعض من أن ذلك يصعب على أهل المشرق.

الفنانة آمال ماهر في سهرة بالمغرب
من الفنانين المشرقيين الذين واظبوا على التأليف والغناء من التراث المغربي هناك الفنان الكويتي نبيل شعيل الذي غنى أكثر من أغنية مغربية بعضها من تأليفه والبعض الآخر أعاد غناءها فقط، وآخر من سار على هذا النهج المغنى اللبناني عاصي الحلاني الذي أنتج أغنية مغربية تحمل عنوان “الساطة” (أي الصاحِبة أو العشيقة)، ولقيت إقبالاً كبيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي بالرغم من انتقادها اللاذع من طرف البعض معتبرين كلماتها لا ترقى إلى الذوق السليم.
وبات المغرب يمثل وجهة فنية لنجمات عربيات ونجوم عرب لإحياء حفلات بمختلف المدن المغربية، وفي الأيام الأخيرة فقط أحيت مغنيات كرولا سعد ونجوى كرم وإليسا فعاليات مهرجان الدار البيضاء، بينما أحيت الفنانة اللبنانية ميريام فارس آخر سهرات الدورة الرابعة للمهرجان المتوسطي للناظور، وتظل المصرية شيرين حريصة على إحياء أكثر من مهرجان وطني في الرباط وتطوان، ويُنتظر أن يحل عدد كبير من النجوم المشارقة خلال هذه الأيام بمهرجان الرباط المسمى “موازين”، يقودهم فنان العرب محمد عبده والفنان الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم (شعبولا)، والفنانة اللبنانية كارول سماحة وغيرهم كثير.

الفنان كاظم الساهر فضل الاستقرار بالمغرب
ونفى حسن النفالي، المكلف بالبرمجة العربية الخاصة بـ”موازين”، في تصريحات صحفية، أن تكون زيادة عدد الفنانين العرب هذا العام له علاقة بالأحداث التي تجري في سوريا ومصر ولبنان حاليًا، “لأن الفنانين المشارقة كانوا دائمي التوافد على المهرجانات المغربية”، بحسبه، معتبرًا أن التعامل مع الفنان يتم من منطلق مدى نجوميته والمحتوى الذي يقدمه.

صورة نادرة للعندليب الأسمر رفقة الملك الراحل الحسن الثاني اللذيْن كانت تربطهما علاقة صداقة
وغني عن التذكير أيضًا بأن عمالقة الفن والغناء العربي من أمثال السيدة أم كلثوم والفنان محمد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وصباح فخري وغيرهم، مثّل المغرب بالنسبة إليهم محطة مهمة في مسيراتهم الفنية، بل إن “العندليب الأسمر” عبد الحليم حافظ، الذي ربطته علاقة خاصة بالمغرب وبالخصوص بالملك الراحل الحسن الثاني، كان يعشق المغرب إلى درجة كبيرة وبالنظر لعشقه لهذه البلاد فقد أدى واحدة من روائعه الخالدة هدية للمملكة بعنوان “الماء والخضرة والوجه الحسن” التي ما تزال تلقى إقبالاً كبيرًا من طرف الجمهور، ولحبه لملك المغرب فإنه تصادف وجوده في سنة 1971 بدار الإذاعة المغربية عندما قام مجموعة من العساكر بمحاولة انقلاب، وسيطرت عناصر على مقر الإذاعة فوجدوا عبد الحليم يسجل إحدى الأغاني، وطلب منه الانقلابيون، كما تروي بعض الروايات، تلاوة بيان للانقلابيين لكن العندليب الأسمر رفض ذلك وانهار في البكاء بالنظر لحبه للملك الراحل، وهو ما جعل الانقلابيين يتجاوزون عنه لحبهم هم أيضًا لفنان الرومانسية.

الوزيرة المغربية “الإسلامية” تكرم الفنانة آثار الحكيم
وكذلك الشأن أيضًا بالنسبة للتمثيل؛ حيث سُجّل في الآونة الأخيرة مشاركة عدد من الممثلين المشارقة في أعمال سينمائية وتلفزيونية مغربية؛ حيث شارك مؤخرًا الفنان عمر الشريف في الفيلم المغربي “صرخة القصبة”، ويشتغل حاليًا الفنانون أحمد بدير وشيرين وعلاء مرسي وندى بسيوني على عمل مسرحي يحمل عنوان “عريس في كازا بلانكا”، وكان عبد العزيز مخيون قد حل بدوره ضيفًا على المغرب من أجل المشاركة في تجسيد دور سينمائي في فيلم “الحياني”، الذي يتطرق لحياة المطرب المغربي المعروف، محمد الحياني، ويلعب فيه دور الشاعر المصري الشيوعي، عادل عمر، الذي هرب إلى المغرب بسبب خلاف مع الزعيم جمال عبد الناصر والتقى بالمغني المغربي الراحل، وشارك الممثل الذي وافته المنية مؤخرًا، حسين الإمام، في السنة الماضية، في الجزء الثالث من سلسلة “ياك حنا جيران” الكوميدية التي عرضها التلفزيون المغربي في رمضان السنة الماضية، كما نُقل عن الممثلة المصرية نبيلة عبيد مؤخرًا تعبيرها عن رغبتها في المشاركة في فيلم مغربي.
هذا دون أن ننسى أن “الزعيم” جاء إلى المغرب في تسعينيات القرن الماضي لعرض مسرحيته الناجحة (الزعيم) بعد دعوة خاصة من ملك المغرب آنذاك الحسن الثاني.
وفي هذا الإطار قال الناقد السينمائي المغربي، أحمد السجلماسي، في تصريحات، إنه منذ مدة يشارك ممثلون مصريون في أعمال سينمائية وتلفزيونية مغربية، بحيث سبق لعدة فنانين مثل يسرا وجميل راتب وسناء جميل وليلى علوي وغيرهم، أن شاركوا في فيلم “سيدة القاهرة” من إخراج المغربي مؤمن السميحي سنة 1991.
إلى ذلك بات المغرب وجهة مفضلة للعديد من النجوم العرب لاتخاذه مقرًّا دائمًا لإقامتهم أو لاستثمار أموالهم فيه بحسب ما يرونه من تمتع المملكة المغربية باستقرار سياسي واجتماعي قل نظيره في المنطقة، وكذا بسبب انفتاحه الثقافي، هكذا قَدِم الفنان اللبناني رامي عياش منذ سنوات إلى المغرب وقرر الاستثمار في سلسلة مطاعم ناجحة بعدد من المدن المغربية.
كما أن “قيصر” الأغنية العربية، كاظم الساهر فضل إقامة بيت له في قلب العاصمة الرباط للاستقرار به، وهو ما يفسره إقامته لأستوديو ببيته يسجل فيه أعماله الفنية، هذا دون أن نذكر أن عددًا من الفنانين الجزائريين كملك الراب الشاب خالد فضّلَ هو الآخر الاستقرار بالمملكة بل وحمل جنسيتها وهو ما أخذه عليه بعض الجزائريين.
وبينما يفسر البعض أن هذه الهجرات من وإلى المشرق والمغرب تترجم رغبات شخصية للمهاجرين، مؤقتًا أو بصفة دائمة، سواء لدى المفكرين أو الفنانين أو حتى الناس العاديين، فإن هناك كثيرين من يفسرون ذلك بأن تلك الهجرات سواء بالنسبة لهذه الأسماء أو لأعمالها هي تعبير منها عن أن هذه الرقعة العربية هي واحدة بثقافتها، وأنها وحدها حدود الاستعمار من تقف حائلاً دون حرية تنقل أبناء هذا الوطن الواحد الممتد من المحيط إلى الخليج.