عبر عقود متوالية لم تتوقف المذابح التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق أرض فلسطين وشعب فلسطين، ولم يتوقف دعم العرب والمسلمين لقضية فلسطين حتى وإن اتخذ هذا الدعم شكلاً خطابيًّا أوتضامنيًّا، أما اليوم ومع ظهور جيل الصهاينة الجدد في الإعلام والنخبة العربية وجب علينا أن نتذكر نوعًا آخر من المتضامنين سواء أولئك الذين حسموا أمرهم وجاؤوا للتضامن، أو حتى من التبس عليه ترويج الإعلام الصهيوني فجاء حاملاً الكاميرا يبحث عن الحقيقة، بالتأكيد عنت لهم القضية “أو الحقيقية” كثيرًا حتى يتجاوزوا حواجز الأرض والتاريخ والدين واللغة ويتضامنوا معها، بل وصل الأمر ببعضهم أن دفع حياته ثمنًا لتضامنه مع القضية العادلة التي يؤمن بها.

1- راشيل كوري

فتاة أمريكية مسيحية من مواليد عام 1977 عضوة في حركة التضامن العالمية “حركة احتجاجية عالمية تهدف إلى دعم الفلسطينيين” سافرت لقطاع غزة بفلسطين المحتلة أثناء الانتفاضة الثانية، حيث قتلت بطريقة وحشية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عند محاولتها إيقاف جرافة عسكرية تابعة للقوات الإسرائيلية كانت تقوم بهدم مباني مدنية لفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزّة، وذلك في يوم 16-3- 2003. ملابسات حادثة وفاة راشيل ليست موضع جدل، حيث أكد شهود عيان للواقعة (صحفيون أجانب كانوا يغطون عملية هدم منازل المواطنين الفلسطينيين التعسفية) بأن سائق الجرافة الإسرائيلية تعمد دهس راشيل والمرور على جسدها بالجرافة مرتين أثناء محاولتها لإيقافه قبل أن يقوم بهدم منزل لمدنيين. في حين يدعي الجيش الإسرائيلي أن سائق الجرافة لم يستطع رؤية راشيل.

ووفقًا لما كتبته راشيل فقد جاءت لتدرك الواقع بنفسها، حيث جاء في رسالتها الأخيرة “أعتقد أن أي عمل أكاديمي أو أي قراءة أو أى مشاركة بمؤتمرات أو مشاهدة أفلام وثائقية أو سماع قصص وروايات، لم تكن لتسمح لي بإدراك الواقع هنا، ولا يمكن تخيل ذلك إذا لم تشاهده بنفسك، وحتى بعد ذلك تفكر طوال الوقت بما إذا كانت تجربتك تعبر عن واقع حقيقي”.

بالطبع برأ القضاء الإسرائيلي جيش الاحتلال من تهمة قتل ريتشيل كما لم يتعامل الكونجرس الأمريكي مع طلب بعض نوابه فتح تحقيق في الواقعة بالجدية الكافية، يذكر أن أشهر مراكب أسطول الحرية الثمانية الذي تعرض للاعتداء من قبل جيش الاحتلال قد سمي باسم راشيل كوري.

تم تحويل كتابات ومذكرات راشيل كوري إلى عمل مسرحي من تحرير وإخراج الممثل والمخرج البريطاني آلان ريكمان، وبمشاركة الصحفية البريطانية كاثرين ڤاينر، وتم عرضها لأول مرة عام 2005.

2- توم هارندل

ناشط سلام بريطاني ولد في نوفمبر 1981، وقتل بيد الجيش الإسرائيلي بتاريخ 13 يناير 2004، لقي مصرعه أثناء قيامه بالتظاهر في مدينة رفح ضد ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، وذلك إثر إصابته برصاصة في الرأس أطلقها الجندي الإسرائيلي تيسير حاييب والذي كان رقيبًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وبحسب روايات شهود عيان فإنه أصيب حينما كان يحاول استخدام جسده كدرع لحماية مجموعة من الأطفال الفلسطينيين وهو يقودهم خارج خط النار، بينما أفصحت إحدى زميلات هرندل في حركة التضامن الدولية بأن توم قتل وهو يحتضن طفلة فلسطينية في محاولة لحمايتها من النيران الإسرائيلية.

كتب هرندل قبل وفاته: “في إبريل 2003 أطلق علي الرصاص، وقنابل الغاز، وتعقبني الجنود، وأطلقت القنابل الصوتية على بعد أمتار مني، وأصابني الركام المتساقط، وكنت في طريق جرافة وزنها عشرة أطنان لا تتوقف. ومع اقترابنا ظللت أتوقع أن يصاب جزء من جسدي بقوة “غير مرئية” وأن يصاب بطلق وأن أشعر بالألم. ومن هنا احتجت لعزيمة هائلة لكي استمر”.

وكانت إسرائيل قد رفضت طلبًا بريطانيًّا بتحقيق عناصر من سكوتلاند يارد مع تيسير حاييب في ملابسات عملية قتل توم هرندل، وكان الجندى الإسرائيلي قد صرح بأنه فتح النار على التظاهرة بناءً على تعليمات جائته من قيادته أعطته صلاحية توجيه الرصاص حتى على المدنيين العزل، وفي شهر أبريل عام 2005 حكمت محكمة إسرائيلية عسكرية على الرقيب تيسير حاييب بالسجن 8 سنوات.

قامت والدة هرندل بتوثيق السيرة الذاتية لابنها في كتاب أسمته (تحدى النجوم: الحياة والموت المأساوي لتوم هرندل) نشر في عام 2007.

3- فيتوريو أريغوني

مراسل صحفي وناشط إيطالى عمل في حركة التضامن منذ عام 2008، وفي أغسطس عام 2008، شارك أريغوني في الحملة التي تهدف إلى كسر حصار قطاع غزة، وبعد تولي حماس السلطة في قطاع غزة في يونيو 2007 كان أريغوني يستقل أول سفينة وصلت لميناء غزة، واصفًا لحظة وصوله بأنها من أسعد لحظات حياته.

تطوع إريغوني بالوقوف كدرع بشري لصياد على سواحل قطاع غزة في سبتمبر 2008،  أصيب أريغوني بزجاج متطاير جراء استخدام البحرية الإسرائيلية المدافع المائية لإعاقة سفينة الصياد، تم اعتقاله من قبل السلطات الإسرائيلية وترحيله، ولكنه أصر على العودة مرة أخرى لتغطية الحرب أثناء عملية الرصاص المصبوب، ونشر تحقيقاته في كتاب تحت عنوان “كن إنسانيًّا”، وأصر أريغوني بعدها على الإقامة في غزة وعدم مغادرتها.

تم اختطاف أريغوني يوم 14 أبريل 2011 من قبل مجموعة تطلق على نفسها سرية الصحابي محمد بن مسلمة، وطالبت المجموعة الحكومة الفلسطينية المقالة بالإفراج عن معتقلين سلفيين على رأسهم زعيم جماعة التوحيد والجهاد قبل أن يقوموا بإعدامه قبل انتهاء المهلة التي حددوها لحكومة غزة، وعثر على جثته في منزل مهجور شمال قطاع غزة. وتم نقل جثة أريغوني إلى إيطاليا عبر معبر رفح مرورًا بالأراضي المصرية.

4- فرقان دوجان

هو شاب تركى من أصل أمريكي (19 عامًا) قتلته القوات الإسرائيلية أثناء اعتدائها على السفينة مرمرة من أسطول الحرية عام 2010، بصحبة نشطاء أتراك آخرين أبرزهم الصحفي سيفديت كيليقلر والرياضي سيتين طوبق أوغلو، وكان عدد الضحايا من المتضامنين وقتها 9 ضحايا كلهم أتراك بما فيهم فرقان دوجان.

تسببت الحادثة في توتر شديد في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، حتى أجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي في مارس 2013 على تقديم اعتذار لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، وتعهد بدفع تعويضات لأسر الضحايا ما يزال يجرى التفاوض حول قيمتها.

5- جيمس ميللر


هو جيمس هينرى دومينيك ميللر، منتج ومخرج ومصور صحفي يعمل لصالح هيئة الإذاعة البريطانية، في عام 2003، كان ميللر متواجدًا في 
قطاع غزة، حيث كان يقوم بتصوير فيلم وثائقي بعنوان الموت في غزة، فقتل برصاص انطلق من عربة إسرائيلية مدرعة – رغم رفعه للعلم الأبيض- في اليوم الأخير من وجوده في غزة قبل أن ينتقل لاستكمال التصوير على الجانب الإسرائيلي.

6- ماتس جيلبرت

طبيب تخدير نرويجي وناشط في العمل التضامني وعضو في حزب اشتراكي نرويجي، وهو رئيس قسم طب الطوارئ في مستشفى جامعة شمال النرويج. وهو يعمل أيضًا أستاذًا في طب الطوارئ في جامعة ترومسو منذ عام 1995.

على المستوى المهني فجيلبرت ليس طبيبًا عاديًّا فالرجل مسجل باسمه أحد أصعب الإنقاذات لحالات الموت السريري لامرأة مكثت مغمورة في الجليد لأكثر من ساعة، منح جيلبرت بعده لقب شخصية العام في النرويج، على مستوى التضامن مع فلسطين فتاريخه ابتدأ منذ السبعينات، شارك في عمليات الإغاثة أثناء عملية الرصاص المصبوب عام 2009، وله رسالة تضامنية حققت صدى واسعًا أرسلها من غزة آنذاك، وطلب تمريرها إلى العالم كله كان نصها: “من د. مادس جيلبرت في غزة: شكرًا لدعمكم. لقد قصفوا سوق الخضار المركزي في مدينة غزة منذ ساعتين. 80 جريحًا و20 قتيلاً. كلهم جاؤوا إلى هنا، إلى مستشفى الشفاء. يا إلهي! إننا نسبح بين الموت والدم ومبتوري الأطراف. الكثير من الأطفال. امرأة الحامل. لم أرَ أبدا شيئًا رهيبًا كهذا. الآن نسمع الدبابات. انقل القصة، مررها، اصرخ! أي شيء، افعل شيئًا! افعل أكثر! إننا نعيش في كتب التاريخ الآن، كلنا!“.

مع بداية عملية الجرف الصامد سارع جيلبرت عائدًا للقيام بدوره في غزة، رفضت السلطات المصرية عبوره إلى غزة عبر معبر رفح، فما كان منه إلا أن أسرع بالدخول عبر معبر إيريز الذي تديره إسرائيل، وما يزال جيلبرت يؤدي دوره في غزة إلى الآن.

يتعرض جيلبرت كل حين لهجوم شديد من وسائل الإعلام الموالية للكيان الصهيوني؛ حيث يصفونه بأنه لسان لحماس، حيث وصفه “ريكي هولاندر في مقال له أثناء عملية الرصاص المصبوب عام 2009 بأنه ناشط موالٍ لفلسطين، ومعاد لإسرائيل والولايات المتحدة”، بل سخر منه الكاتب فقال: “لقد ظهر جيلبرت في المقابلات التليفزيونية بكثرة تجعلنا نتساءل كيف يتوفر له الوقت كي يقدم المعونة الطبية، في الوقت الذي يدعي فيه  أن العمليات الجراحية تُجرى على مدار اليوم؟!

7- جورج غالاوي

سياسي بريطاني ونائب سابق في البرلمان الإنجليزي، معروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية، بدأت علاقته بالقضية الفلسطينية عام 1974 عندما التقى ناشطًا فلسطينيًّا، كان له الدور الأبرز عام 1980 في إقامة التوأمة مع مدينة داندي، وفي عام 1989 أقام توأمة أخرى بين مدينة غلاسكو وبيت لحم.

في عام 2010 شارك غالاوي في قافلة شريان الحياة لفك الحصار عن غزة بالمشاركة مع نواب من تركيا، وانطلقت القافلة من تركيا إلى سوريا ثم الأردن، ولكن عند الوصول للعقبة أجبرتهم الحكومة المصرية على العودة للأردن ثم اللاذقية للإبحار إلى العريش مسافة تقارب 1800 كم، وبتكاليف إضافية تقارب أكثر من نصف مليون دولار أمريكي، وبعد الوصول إلى ميناء العريش يوم 5 يناير احتجزت القافلة في ميناء العريش لعدة ساعات، مما أدى إلى وقوع صدامات مع الأمن المصري. وبذلك، قام النائب العام المصري بفتح تحقيق في الحادث، وفيه اعتبر غالاوي شخصًا غير مرغوب فيه في مصر، وصدر قرار بمنعه من دخول مصر مستقبلاً.

عارض جالاوي الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، كما شارك في قافلة مريم التي هدفت إلى كسر الحصار الاقتصادي الذي فرضته أمريكا على العراق إبان حكم صدام حسين، كما تم فصله تأديبيًّا من حزب العمال البريطاني عام 2003 بسبب معارضته الحرب على العراق ووصفته حكومة حزب العمال بـ : “آلة كذب توني بلير”.

8- لورين بوث

صحفية بريطانية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومن أشد مناهضي سياسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، رغم كونها شقيقة زوجته، تعرف لورين بمناصرتها للقضية الفلسطينية، تأثرت لورين أثناء زيارتها لغزة والضفة لأول مرة بفترة مكثتها مع عائلة فلسطينية من 10 أفراد تعيش في حجرة واحدة، ورغم سوء الأحوال المعيشية وصفتهم لورين بأنهم أكثر سعادة من الوزراء والملوك، صادفت زيارتها شهر رمضان فسألت ربة المنزل: لماذا تصومون؟ فردت عليها بأننا نصوم حتى نحس بالفقراء – رغم أن لورين لم تر أفقر منهم- حينها قررت لورين أن تشهر إسلامها، وتوالت زياراتها التضامنية لفلسطين أكثر من مرة، آخرها في إبريل الماضي؛ حيث حملت معها هدايا لأطفال قطاع غزة.

9- هارالد هندن

مراسل صحفي نرويجي ذهب لأداء وظيفيه في تغطية الأحداث في غزة في 16 يوليو، وأثناء قيام المصور الفوتوغرافي النروجي هارالد هندن بتغطية وقوع الصواريخ الإسرائيلية على المنشآت المدنية في غزة، وقع صاروخ بالقرب من النقطة التي كان يقوم بتغطيتها.

تصرف هندن بإنسانية كاملة، فعندما أسرع إلى مكان سقوط الصاروخ للتصوير وجد طفلاً فلسطينيًّا جريحًا في المكان، وضع هندن كاميرته جانبًا وبدأ يساعد الطفل الجريح، مقدمًا له بعض الإسعافات الأولية لتغطية الجروح وإيقاف النزيف المستمر ثم أسرع بحمله إلى سيارة الهلال الأحمر الفلسطيني التي وصلت إلى موقع الحادث.

10- ميديا بينجامين


عضو مؤسس في منظمة مود بينك لمناهضة الحروب، في مارس الماضي قامت السلطات المصرية باحتجاز ميديا بينجامين في مطار القاهرة وتعرضت للضرب وكسرت يدها ورحلت في حالة سيئة إلى إسطنبول وتم منعها من دخول الأراضي المصرية؛ حيث كانت ميديا تعتزم عبور معبر رفح الحدودي إلى قطاع غزة ضمن وفد النسائية الدولي الذي يقوم بزيارة لقطاع غزة خلال هذه الأيام من أجل التضامن مع نساء القطاع المحاصر. بدعوى أنها ممنوعة من دخول مصر بسبب اتهامها بالمشاركة في حصار غزة.


في عام 2006، نظمت بينجامين قافلة المساعدات الإنسانية للاجئي الحرب في 
لبنان، كما انتقدت علنًا القصف الإسرائيلي على غزة عام 2008 والمعروف بعملية الرصاص المصبوب، كما نظمت مؤسستها  احتجاجات يوميًّا؛ حيث يعقد الرئيس أوباما اجتماعاته، وبعد ذلك ذهبت إلى غزة لرؤية آثار التدمير على الأرض، كما ساهمت في قوافل المساعدات الإنسانية، وكانت واحدة من المنظمين الرئيسين لمسيرة الحرية إلى غزة عام 2010، حين جاء 1350 شخصًا من عشرات الدول حول العالم إلى القاهرة في محاولة لتنظيم مسيرة إلى غزة، وهي الحادثة التي مُنِعَت بسببها من دخول مصر، كما انتقدت بينجامين حكومة الولايات المتحدة لتمريرها تشريعات بإرسال 3 مليارات دولار إلى إسرائيل عام 2011م.

المصادر

تحميل المزيد