انتقدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في مقال لها للكاتب دايفيد إجناتيوس، ما دعتها بسياسة الحرب المحدودة التي تتبناها الإدارة الأمريكية والرئيس الأمريكي باراك أوباما لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام “داعش”، ففي الوقت الذي قامت فيه عناصر تنظيم داعش بشن هجمات استهدفت من خلالها المقاتلين الأكراد في بلدة عين العرب على الحدود السورية التركية، تعالت المزيد من الأصوات المطالبة بتوسيع العمليات العسكرية الأمريكية التي لا تزال محدودة بالرغم من وحشية الممارسات التي بات ينتهجها تنظيم داعش في الوقت الراهن.
ووصفت الصحيفة، وبحسب ما نقلته عن البروفيسور جراهام أليسون، أحد أهم الخبراء الاستراتيجيين في الولايات المتحدة، الاستراتيجية التي انتهجتها الإدارة الأمريكية في حربها مع داعش بأنها استراتيجية “محدودة، وصبورة، ومحلية، ومرنة”. تلك الاستراتيجية التي لاقت قبولًا من بعض المراقبين في الولايات المتحدة، ومن بينهم البروفيسور أليسون، باعتبار أنها تحد من حدة المواجهة مع داعش التي لا تشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة حتى اللحظة. أضف إلى ذلك، ووفقًا للفريق المؤيد لاستراتيجية البيت الأبيض، فإن على الدول التي تتعرض لتهديدات داعش أن تتحمل العبء الأكبر من تبعات تلك المواجهة، وذلك بحسب ما عبر عنه جراهام أليسون في دورية ” “the National Interest، مشددًا على أنه إذا لم تكن تلك الدول على استعداد للدفاع عن مصالحها الخاصة وقيمها، فلماذا يجب على الولايات المتحدة أن تفعل ذلك؟
بيد أن الصحيفة عادت لتؤكد أن تتبع التاريخ العسكري منذ حقبة الرومان تكشف عن حقيقة مفادها أن سياسة الحرب المحدودة نادرًا ما يحالفها النجاح، كما أن خيارات التدخل الجزئية التي يلجأ إليها صناع السياسة للاختيار ما بين “الكل” و”اللا شيء” تفضي في نهاية المطاف إلى التراجع والجمود.
وحذرت الصحيفة من تداعيات التطورات الأخيرة على الحدود السورية التركية، ونقلت عن فريدرك هوف، أحد الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين، قوله بأن الأوضاع في عين العرب ليست فقط مربكة ومستعصية، بل وتسبب مزيدًا من الحرج للولايات المتحدة وتركيا، التي وصفها بالحليف الصعب للولايات المتحدة ولكنه حليف ضروري، على السواء، بالتزامن مع انتقادات متبادلة من كليهما بعدم اتخاذ إجراءات كافية لمواجهة داعش.
وتابعت الصحيفة بقولها أن التاريخ العسكري عادة ما يكتنفه قصة من المثابرة والإرادة كما هو الحال مع التجربة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية التي تعرضت فيها الولايات المتحدة إلى موجات من السقوط حتى تمكنت في نهاية المطاف من تحقيق النصر.
وأضافت الصحيفة بأن مشكلة الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية تتمثل في أنها دائمًا ما تختار خوض الحروب المحدودة التي تكتنفها نتائج غامضة كما هو الحال في كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان باستثناء عملية عاصفة الصحراء في العراق في عام 2001 التي حققت فيها الولايات المتحدة فوزًا حاسمًا ولكنه فوز بأهداف محدودة وبمواجهة مع عدو ضعيف.
ونوهت الصحيفة إلى ما دعته “بعقيدة باول” في إشارة إلى المعايير التي وضعها كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي السابق للمشاركة الأمريكية في أي عمل عسكري وهي تهديد الأمن القومي، ودعم الرأي العام ومشاركة الحلفاء واستراتيجية خروج واضحة.
وأيدت الصحيفة المطالب التركية بوجود منطقة عازلة في شمال سوريا وهو ما من شأنه أن يمنح الإدارة الأمريكية الوقت الكافي لدعم المتمردين للسيطرة على مناطق النزاع في شرق سوريا، وحثت الولايات المتحدة على تقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية من خلال الصواريخ المضادة للطائرات، بالإضافة إلى عمليات التدريب تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية بهدف تعزيز شعبية المتمردين، ووقف طائرات الأسد.