في البداية يبدو الأمر كخطة رهيبة، أحد تلك الخطط التي تؤدي إلى أن يحكم الزومبي كوكب الأرض. تخيل فيروسًا قاتلًا، جرثومة قادرة على التحور بشكل متتابع إلى أن تستطيع مقاومة كل دواء الآن، بدلًا من مكافحة قدرته على التطور، يعمل الدواء على تحسينها، يزيد من معدل التحول، مُجِبرًا الفيروس على هذا التحول الجيني لينهار في النهاية. في الأفلام، يُطلَق على هذه التقنية (التحول القاتل) وغالبًا تؤدي إلى صنع جرثومة خارقة، لكن ماذا عن الواقع؟
يحاول المقال استكشاف هذه النوعية الجديدة من الأبحاث، والبحث عن مدى جدواها بشكل مبدئي، على أرض الواقع، التقنية الهوليوودية تلك تؤدي إلى إنتاج فئة جديدة من مضادات الفيروسات.
تقوم العديد من المعامل الجامعية بالعمل على هذه الأبحاث أملًا في مواجهة فيروسات مثل الالتهاب الكبدي الفيروسي ج أو غيره، إلا أن أكثر هذه الأبحاث تقدمًا، والتي تدعمها بعض شركات الأدوية، هي تلك المتعلقة بفيروس نقص المناعة المكتسبة المسبب للإيدز.
تقود (كورونيس للأدوية) هذا الطريق، دافعة المُعزِز الأول لتحول فيروس الإيدز للتقدم ليصل للتجارب على البشر.
يُعرف الدواء الجديد باسمKP-1461 .
وتبعًا للمقال فإنه يستخدم هجومًا معاكسًا للبديهة، حين يهاجم جسيم نقص المناعة الخلية، فإنه يحول معلوماته الجينية إلى داخل الحمض النووي، تقوم الخلية بالعمل على تكاثر الحمض النووي المصاب مخطئة ما بينه وبين حمضها النووي السليم، يؤدي ذلك إلى خروج أعداد كبيرة من الفيروسات، ورغم أن غالبية الأدوية تقوم بتعطيل هذه العملية، لكن فيروس الإيدز يتطور ضدهم، يقوم KP-1461 بالسماح للتكاثر بالحدوث بطريقة جامحة مما يؤدي إلى التدمير الذاتي للفيروس في النهاية.
أين تكمن الخدعة إذن؟ تبعًا للمقال فإن الخدعة هي إخفاء جزيئات الدواء كأنها قوالب بناء فيروس الإيدز.
دخول جزيئات الدواء في شفرة الفيروس الجينية، تؤدي إلى ظهور الأخطاء حتى يصبح الحمض النووي المتوفر غير قادر على المحافظة على الوظائف الأساسية، ناهيك عن السيطرة على خلية مضيفة، في النهاية، يلقى الفيروس حتفه.
يضيف المقال بأنه رغم أن الأبحاث واعدة، إلا أن الفرضية الرئيسية مازالت تثير بعض القلق خوفًا من حصد جرثومة خارقة، إلا أن هذه المخاوف ذات احتمالية صغيرة تبعًا لعالم الفيروسات لويس مانسكي، كما أنه على أرض الواقع غالبية التحولات هي إما ضارة أو محايدة بالنسبة للكائنات، قد يحتاج الفيروس ما بين 10- 100 محاولة للتكاثر ليصبح مقاومًا للدواء، المفتاح إذن هو إعاقة الفيروس قبل هذه المرحلة.
يعمل مانسكي على الاختبارات المعملية لمزيج دوائي يقوم بالقضاء على خلايا الإيدز كلها تقريبًا بعد دورة واحدة من التكاثر، لكن التجارب البشرية مازالت على بُعد عدة أعوام، بيد أن التجارب السريرية التي أجريت لم تكن بفعالية الاختبارات المعملية لهذا الدواء KP-1461.
يتابع المقال خطة جيف بركنز، نائب رئيس التطوير السريري، فإن الباحثين يعملون على شحذ استراتيجة الجرعات لأجل التجارب المقررة لهذا العام.
على جانب آخر، فإن تسخير هذه الطفرات القاتلة قد يصبح أكثر سهولة باستخدام صيغة رياضية طورها مايكل ديم، المهندس البيولوجي بجامعة ريس، إذا توفرت بعض المتغيرات الرئيسية مثل عدد مرات تبدل جينات الفيروس داخل الخلية، فإن المعادلة توفر معدل التحول الأدنى لقتل الفيروس بأمان.
بهذه السرعة لن يتوفر الوقت للفيروس ليصحح الأخطاء، ولن يعود مسببًا للمشكلات، كما يؤكد ديم.
دمج هذه الجهود معًا من الممكن أن يقود إلى دواء يشبه البنسلين، دواء لديه القدرة على القضاء على أنواع مختلفة من الفيروسات.
يُبقي باركنز على الأمل بأن الدواء الذي تعمل عليه شركته سيقضي على فيروس نقص المناعة المكتسبة، أو يوفر على الأقل بديلًا آخر للعلاجات المتاحة. هذه الاحتمالية هي ما تبدو جذابة أيضًا بالنسبة للباحثين، دافعة إياهم للعمل على هذه التقنية “التحول القاتل”، فإلى أين سيقود الطريق؟