خلال السنوات الأخيرة تغيّر العالم من حولنا وانقلب رأسًا على عقب أكثر من مرة، بشكل يدعو للدهشة والاستغراب، فيما ظهرت منصات البث الأجنبية ثم العربية وصارت جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للكثيرين؛ وهو ما ترتب عليه تغيُّر ذائقة الجمهور الفنية ونوعية الأعمال الدرامية التي قد تجذب انتباههم أو تجعلهم يُكملونها حتى النهاية؛ الأمر الذي دفع صناع الدراما في الوطن العربي للتفكير خارج الصندوق وتقديم أفكار إما معاصرة وحداثية أو غير تقليدية. وهذه أهم الأعمال التي صدرت مؤخرًا نتاج ذلك الفِكر الجديد ونجحت في إثارة الجمهور.
1. «اللعبة»: بهجة لكل العائلة
شيكو وهشام ماجد ممثلان مصريان احترفا الكوميديا غير التقليدية منذ البداية، وحتى بعد أن انفصلا عن شريكهم الثالث أحمد فهمي، لم يحاولا تغيير جلدهما أو الاتجاه للدراما الجادة، وإنما استمرا في البحث عن أفكار تليق ببطولات ثنائية، آخرها وأكثرها نجاحًا منذ الانفصال؛ مسلسل «اللعبة» الذي كان من المقرر عرضه في رمضان 2019 إلا أن العمل تأجل؛ وهو ما جاء بصالحه حين عرض بأول 2020 عبر منصة «شاهد»؛ إذ التف حوله الجميع كبارًا وصغارًا وحظي بشعبية طاغية نتج عنها موسم ثان عُرض بالفعل وحقق نجاحًا مضاعفًا، ثم موسم ثالث يُصوّر حاليًّا على أن يُعرض خلال أيام.
تدور أحداث المسلسل حول صديقين يعشقان المراهنة والتحديات في ما بينهما من خلال ألعاب ومقالب ساخرة، لكنهما يتفقان على التوقف عن ممارسة ذلك بعد الزواج، خاصةً بعد أن يصيرا آباء، قبل أن يفاجآ ذات يوم بهواتف محمولة أمام شقة كل منهما، وشخص مجهول يطالبهما بمعاودة اللعب مقابل مبالغ مالية ضخمة. فيعودان إلى عالمهما القديم حيث السعي للفوز بطرق مشروعة أو غير ذلك ومع احتدام المنافسة يُكَوِّن كل منهما فريقًا لمساعدته على الربح، وهو ما يدور في إطار من الكوميديا الخالصة والضحك الحقيقي.
ولعل أهم ما يميز مسلسل «اللعبة» أنه بطولة جماعية؛ فلكل شخصية سماتها وخطها الدرامي الذي يحمل في ذاته الكثير من الكوميديا، كذلك جاء العمل قائمًا في كثير من الأوقات على الارتجال، ما يتميز فيه هشام ماجد وشيكو وحتى محمد ثروت؛ الأمر الذي نتج عنه بدوره أن جاءت الإفيهات والنكات جديدة وغير مكررة.
2. «نمرة اتنين»: الحب بعيون عصرية
«نمرة اتنين» دراما حديثة ومتفردة تحمست لها منصة «شاهد» ليصبح أحد أعمالها الأصلية الأولى التي صدرت في 2020، فالمسلسل دراما رومانسية واجتماعية قصيرة من ثماني حلقات منفصلة، وإن تمحورت جميعها حول العلاقات العاطفية لأشخاص ينتمون لطبقات وثقافات وأوطان مختلفة. وبالرغم من أن المسلسل مصري؛ إلا أنه ضم نجومًا من جنسيات أخرى، ساعد على ذلك أن كل حلقة كان لها مؤلفها ومخرجها ونجومها بل ومكان أحداثها الخاص، من بين تلك الأماكن القاهرة، والجونة، وبيروت، ودبي، وجدة، والرياض.
وقد حظي العمل على نسبة مشاهدة مرتفعة، خاصةً وأن أبطاله جميعهم من نجوم الصف الأول، مثل: عمرو يوسف وصبا مبارك ونيللي كريم ومنى زكي وإياد نصار وعادل كرم ومنه شلبي وآسر ياسين وسينتيا خليفة وماجد الكدواني وشيرين رضا وغيرهم.
وإن كانت الحكايات لم تحظ بردود الأفعال نفسها؛ ففي حين احتفى الجمهور ببعض الحكايات مثل «الناحية التانية» و«فرق توقيت»، بعض الحلقات الأخرى جاءت مخيبة للآمال سواء فنيًا أو لأن بعضها اُتهم باحتوائه على تجاوزات لفظية أو أخلاقية لم نعتدها بالدراما وما زال الكثيرون يجدون صعوبة في تصديق أنها تحدث بالواقع.
3. «المشهد الأخير»: أحدث كوميديا سوداء على الشاشة
«المشهد الأخير» مسلسل جديد سعودي يُعرض حاليًّا على منصة «شاهد»، وهو عمل أصلي من ثماني حلقات منفصلة، لكل حلقة قصتها وأبطالها، وإن كان هناك بعض الممثلين المصريين شاركوا بالعمل من بينهم نيللي كريم وأحمد داوود وبسنت شوقي وكريم قاسم، الذين يعملون جنبًا إلى جنب مع سعد عبد العزيز وريما العلي وخالد فراج ومرزوق الغامدي وآخرين.
العمل فكرته بالأساس أن يستعرض بكل حلقة حبكة درامية جديدة يتقاطع خلالها الخير والشر؛ فيجد البطل نفسه أمام اختيار لا مفر منه يُعيد من خلاله استكشاف نفسه ويختبر مدى رساخة قناعاته، قبل أن تنتهي الحلقة بمشهد غير متوقع على الإطلاق، ومن هنا جاءت تسمية العمل بالمشهد الأخير.
المسلسل يغلب عليه طابع الكوميديا السوداء وخاصةً الحلقات السعودية، وقد عُرض منه حتى الآن ثلاث حلقات؛ أفضلهم الأخيرة والتي حملت عنوان «انفجار» وناقشت خطورة الروتين على الفرد وكيف يضعه هذا الريتم الحياتي تحت ضغط ينتظر الفرصة المناسبة للخروج عن السيطرة، وهو ما يحمل لنا أجواء تشبه ما جاء بالفيلم الأرجنتيي العبقري «Wild Tales»، فيما جاءت حلقة «سلف ودين» التي جمعت بين نيللي كريم وأحمد داوود مخيبة للآمال ودون المستوى المتوقع.
4. «زودياك»: «لعنة الفراعنة» تطارد الجميع
«زودياك» تجربة شبابية عُرضت في رمضان 2019، من بطولة جماعية لأسماء أبو اليزيد، وخالد أنور، ومي الغيطي، وأحمد خالد صالح، ومحمد مهران، وقصة مُقتبسة عن المجموعة القصصية «حظك اليوم» للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق.
العمل من 15 حلقة، وهو يجمع بين التشويق والإثارة والكثير من الغموض، كونه يتمحور حول مجموعة من طلبة الجامعة الذين يجتمعون سويًا للعمل على أحد المشاريع؛ وفجأة تبدأ سلسلة من الحوادث تجري لكل بطل على حدة يدفع ثمنها حياته، وتختلف طبيعة الملابسات حسب البرج الفلكي للشخص، وما أن يدرك الباقون ما يجري حتى يحاولوا الاحتياط وأخذ حذرهم، فهل يفلحون أم أن اللعنة تصبح حتمية ولا مهرب منها؟
5. «ما وراء الطبيعة»: فانتازيا بنكهة عربية
إذا كنتم من عشاق الرعب والخيال العلمي والفانتازيا، لم يعد عليكم اقتصار مشاهداتكم على الدراما العالمية فقط؛ إذ أصدرت «نتفليكس» العام الماضي مسلسل «ما وراء الطبيعة» بوصفه أول عمل مصري أصلي لها. ولا يمكن إنكار أنه كان أحد أكثر المسلسلات العربية انتظارًا من قِبَل جيل السبعينيات والثمانينيات، هؤلاء مَن شبَّوا على أدب الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، الذي اقتبس العمل عن بعض قصص سلسلته الشهيرة التي حملت الاسم نفسه.
جاء العمل من بطولة الممثل المصري أحمد أمين في أول دراما جادة له بعيدًا عن الكوميديا؛ إذ جسّد شخصية د. رفعت إسماعيل أستاذ أمراض الدم الذي تقوده الظروف إلى الانخراط وسط أحداث وأجواء خارقة للطبيعة تجمع بين الغموض والرعب والتشويق.
أيثمر الحب في وسط الغموض والإثارة؟
أينبض القلب بالعشق أم من الخوف؟ على أي حالة،
مسلسل #ما_وراء_الطبيعة يُعرض الآن.@AhmedAmin @amrmsalama @SamahaAyah @Razanejammal pic.twitter.com/Cu9VNMUso3— Netflix MENA (@NetflixMENA) November 5, 2020
المسلسل من ست حلقات تمحورت كل واحدة منهم حول أسطورة ما، فيما شارك في البطولة كل من سماء إبراهيم، ورشدي الشامي، وآية سماحة، ورزان جمال، أما الإخراج فأُسند إلى عمرو سلامة الذي اعتبر المسلسل فرصة ذهبية لن تُعوَّض وكذلك رأى الجمهور. ومع أن وسم #ما_وراء_الطبيعة الذي أصدره رواد منصات التواصل فور عرض العمل سرعان ما تصدَّر قائمة أكثر الوسوم تداولاً على «تويتر»، فيما منح الجمهور المسلسل تقييمًا على موقع «IMDb» الفني بلغ 8.5 نقاط؛ فإن ردود الأفعال حول مستوى المسلسل فنيًا تفاوتت بوضوح.
فهناك من رأوا أن العمل وإن لم يرق لمستوى إنتاجات «نتفلكس» الأخرى لكنه تفوق على نظيره من التجارب المحلية، فيما شعر آخرون بالغضب خاصةً من قرأوا القصص المكتوبة بالصغر؛ مُتَّهِمين صناع العمل بالاستسهال أو الاستخفاف أيهما أقرب، وحذف الكثير من التفاصيل المهمة خلال سرد الأحداث. وأخيرًا كان هناك فئة ثالثة شعرت بالخزي من المستوى الذي خرجت عليه المؤثرات البصرية بالمسلسل مقارنةً بنظيره بالأفلام والمسلسلات الأجنبية عمومًا وليس فقط الأمريكية.
6. «مملكة إبليس»: مملكة شيطانية تحكمها النساء
آخر مسلسل في القائمة اليوم هو «مملكة إبليس» للكاتب محمد أمين راضي الذي عودنا على كتاباته التي تمزج بين الإثارة النفسية والتشويق والكثير من الغرائبيات، ومن بين أعماله الدرامية التي نالت اهتمام الجمهور: «نيران صديقة»، و«العهد»، و«السبع وصايا».
«مملكة إبليس» من بطولة غادة عادل ورانيا يوسف وصبري فواز وسلوى خطاب وإيمان العاصي وأحمد داوود، وهو دراما تدور أحداثها في حارة شعبية، ومنذ الحلقة الأولى يبدأ تصاعد الأحداث إثر موت فتوة الحارة؛ وهو ما يليه صراع على الميراث والزعامة بين مختلف سكان الحارة وأقارب المتوفى، ومن ثمَّ تتكشف على أثره أسرارًا شديدة السوداوية فتتعقد الأحداث والعلاقات.
ومع أن الحبكة تبدو تقليدية باعتبارها فكرة، لكن كعادة أعمال راضي تأتي التفاصيل مدهشة وغير متوقعة على الإطلاق وشديدة الجرأة وربما الرمزية أيضًا؛ الأمر الذي يجعل مسلسلاته تحظى إما بتقييمات شديدة الإيجابية أو السلبية لا وسط بينهما.