في دراسة واسعة للصحة العقلية أُجريت مؤخرًا على عدد من الجنود الأمريكيين، ظهر بوضوح أن الكثير منهم يعاني من شكل من أشكال المرض العقلي.
العسكريون والمدنيون
أكدت الدراسة بشكل عام أن نسبة المضطربين عقليًّا في الولايات المتحدة الأمريكية أعلى بين العسكريين عنها بين المدنيين، وأن هذا الاختلاف هو اختلاف ذو دلالة.
يقول رونالد كيسلر، الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد وأحد المشرفين على الدراسة: “إن النسبة في الشعور بالاكتئاب الرئيسي هي أعلى بخمسة أضعاف بين العسكريين منها بين المدنيين، وأن الاضطراب الانفعالي المتقطع أعلى بستة أضعاف، وأن اضطراب ما بعد الصدمة أعلى بحوالي 15 ضعفًا”.
القوات غير المنتشرة
وقد وجدت هذه الدراسة أن حوالي 25% من الجنود الذين في الخدمة في القوات غير المنتشرة في أية قواعد عسكرية حول العالم، يعانون من نوع ما من الاضطراب العقلي، فمنهم 5% يعانون من الاكتئاب، و6% يعانون من أعراض القلق، و9% يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
بينما أوضحت الدراسة أن نسبة 11% من جنود القوات غير المنتشرة مصابون بأكثر من نوع واحد من المرض العقلي.
وطبعًا ترتفع هذه النسب بشكل ملحوظ في القوات المنتشرة بقواعد خارج الولايات المتحدة.
الانتحار
وجدت الدراسة أيضًا أن 14% من الجنود الأمريكيين بشكل عام فكروا في وضع حد لحياتهم بالانتحار وأن 5.3% قد خططوا بالفعل للانتحار، بينما قام 2.4% من الجنود بمحاولة أو أكثر للانتحار.
وتوضح ورقة بحثية مرافقة للدراسة خاصة بمعدلات الانتحار بين الجنود في الفترة بين عامي 2004 و2009م، والتي تمت على حوالي مليون جندي، أن الجنود الذين شاركوا في الخدمة في أفغانستان أو العراق تزداد ميولهم الانتحارية.
قد يكون ذلك مفهومًا، لكن من غير المفهوم هو السبب وراء ارتفاع حالات الانتحار أيضًا بين الجنود الذين لم يشاركوا في الخدمة خارج الولايات المتحدة الأمريكية، كما بينت وأكدت الدراسة.
كما لاحظ الباحثون شيوع تعاطي المخدرات والكحوليات بين الجنود.
تفاصيل الدراسة
تم الحصول على البيانات المستخدمة في هذه الدراسة عبر دراسة تمت “لتقييم المخاطر والتكيف في الجنود الذين هم في الخدمة”، وقد شملت هذه الدراسة حوالي 5500 جندي، وتمت بالتعاون بين الجيش الأمريكي والمعهد الوطني للصحة العقلية.
وقد ركز المسح على الاضطرابات التي تتضمن الاكتئاب والهوس الاكتئابي والاضطراب الانفصامي واضطراب ما بعد الصدمة.
صورة مزعجة
رسمت هذه الدراسة صورة مزعجة للجيش الأمريكي؛ حيث تدل على أن عددًا كبيرًا من جنود “الجيش الأقوى في العالم” هم مضطربون عقليًّا.
ويقول الخبراء إن هذه الدراسة تظهر وجود مشكلة حقيقية في عملية التجنيد بالجيش الأمريكي؛ حيث يُفترض متابعة تاريخ هؤلاء الأشخاص المرضيّ قبل قبولهم بالجيش، وأن من يثبت لديه وجود ميول انتحارية يجب أن يتم استبعاده فورًا.
لكن السؤال الذي يطرحه رونالد كيسلر هو “كيف تم تجنيد هؤلاء دون التنبه لذلك؟”؛ حيث بينت الدراسة أن 8% ممن انضموا للجيش كانوا يعانون من اضطرابات عقلية تتضمن الغضب العارم.
ولم تقدم الدراسة أسبابًا واضحة لارتفاع نسبة الانتحار بين الجنود غير المنتشرين، لكن القائمين على الدراسة يأملون في أن تساعد هذه الدراسة على تطوير برامج للمجندين الجدد وكذلك الموجودين في الخدمة للتقليل من هذه الأمراض.