يبدو أن مادة «الأسبرين»، تصر على أن تثبت لنا أنها واحدة من أعظم ما اكتشفه علماء الدواء في العالم؛ هذه المادة التي تعتبر أرخص عقار موجود في العالم حاليًا، سعر الحبة الواحدة ـ في بعض الدول ـ لا يتجاوز «سنتًا» واحدًا (0.01 دولار)، تملك من الاستخدامات العديدة ما يجعلها واحدة من أبرز العقارات ذات الاستخدام الواسع.

آخر الدراسات عن الأسبرين، اكتشفت «أن مرضى السرطان يمكنهم أن يرفعوا من فرصهم في البقاء على قيد الحياة، عبر استخدامهم للأسبرين! ليس هذا فحسب، ولكن الأسبرين يساعدهم على وقف انتشار السرطان أيضًا، فتناول حبة واحدة من الأسبرين يزيد من فرصة بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة بنسبة 20%.

الأسبرين والسرطان

وقد حقق الباحثون في جامعة «كارديف» هذا الاكتشاف المميز، بعد تحليل مجموعة كبيرة من البيانات المتاحة للدراسات الخاصة بسرطان الأمعاء، وسرطان الثدي، وسرطان البروستاتا. وقد وجد الباحثون أن المرضى الذين تناولوا جرعة منخفضة من الأسبرين، بجانب علاجهم المعتاد للسرطان، قد انخفضت احتمالية وفاتهم أو انتشار السرطان في أعضائهم بمقدار الخمس على مدى خمس سنوات.

وقال «بيتر ألوود»، البروفيسور بجامعة كارديف، وقائد فريق البحث، «إن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة، على أن تناول الأسبرين له فائدة كبيرة في الحد من انتشار بعض أنواع السرطان». وذكر أنه، على الرغم من أننا نعرف أن تناول جرعة منخفضة من الأسبرين أوضحت انخفاض حدوث أو الإصابة بالسرطان، إلا إن دور الأسبرين لم يكن واضحًا، فيما يتعلق بعلاج السرطان، وغير مؤكد. هذا الأمر دفع فريق الباحثين للشروع في إجراء بحث منهجي في جميع المؤلفات العلمية المتعلقة بالأسبرين والسرطان. وتمكن الفريق بالفعل من تجميع بيانات من خمس تجارب عشوائية، ومن 42 دراسة رصدية.

وعلى الرغم من المخاطر المعروفة لتناول الأسبرين بانتظام، والمتمثلة في نزيف القناة الهضمية، فلم يجد الباحثون أي دليل على أن هذا الأمر خطيرًا أو مهددًا للحياة. ويقول الباحثون «إن هذه الدراسة تسلط الأضواء على الحاجة إلى تجارب جديدة؛ لبيان ما إذا كان من الأفضل التوصية بالأسبرين جنبًا إلى جنب مع علاجات السرطانات الحالية».

ويقول الباحثون «إنه في حين أن هناك حاجة ماسة للبحث بشكل أكثر تفصيلًا؛ للتحقق من نتائج هذه الدراسة، وللتحقق من أن الأسبرين يؤدي إلى قلة انتشار بعض الأنواع الأخرى الأقل شيوعًا من السرطان، إلا إنهم يوصون المرضى المصابين بالسرطان للتحدث مع أطبائهم بخصوص نتائج هذا البحث؛ ليتخذوا القرار بشأن ما إذا كان ينبغي تناول جرعة منخفضة من الأسبرين؛ كعلاج مساعد، وداعم لعلاج السرطان الأساسي.

وفي هذا الشأن يقول «ديليث مورغان»، الرئيس التنفيذي لجمعية سرطان الثدي الآن، «إن هذه الدراسة تضيف ثقلًا كبيرًا لفكرة أن دواءً بسيطًا ورخيصًا، مثل: (الأسبرين)، يمكن أن يساعد في علاج سرطان الثدي، وبعض الأنواع الأخرى من السرطان». مورغان أضاف ـ في حديثه لصحيفة التيليغراف البريطانية ـ «إن التجارب السريرية جارية الآن؛ لتأكيد ما إذا كان يمكن إضافة الأسبرين إلى العلاجات الروتينية لسرطان الثدي، موضحًا أن هناك حاجة إلى المزيد من البحوث؛ لفهم أي من المرضى يمكن أن يستفيد من تناول الأسبرين بالضبط، مما يسمح بتوجيه الأسبرين إلى هؤلاء المرضى تحديدًا.

ونوه مورغان على كل شخص يفكر في تناول الأسبرين بانتظام، أن يعود إلى طبيبه المعالج؛ لمناقشة المخاطر والفوائد المحتملة.

الأسبرين

الأسبرين عام 1923


الأسبرين وسرطان البروستاتا

وكانت دراسة نشرت في بداية شهر مارس (آذار) الماضي، أجريت على أكثر من 13 ألف من مرضى القلب، كشفت أن الرجال الذين تناولوا الأسبرين بانتظام كانت فرصة أقل بكثير للإصابة بسرطان البروستاتا. الدراسة التي نشرت من قبل الباحثين في الكلية الإيطالية للممارسين العامين، أظهرت أن الرجال كانوا أقل عرضة بنسبة 36% للإصابة بسرطان البروستاتا، إذا ما تم تناول الأسبرين بانتظام لأكثر من عام، وتصل النسبة إلى 57% إذا ما تم تناول الأسبرين لفترة تزيد عن الخمس سنوات.

وأشار الباحثون إلى أن نتائجهم هذه تشير إلى أن جرعات منخفضة من الأسبرين قد تترافق مع الحد والتقليل من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب أو الأمراض المسببة للسكتة الدماغية.

حبتا أسبرين أسبوعيًا

تناول حبتي أسبرين فقط كل أسبوع، يمكن أن يحميك من السرطان، بل إنها حمت بالفعل قرابة 10 آلاف شخص من الإصابة بالسرطان كل عام. وقام عدد من العلماء الأمريكيين بتحليل بيانات 32 عامًا، لعدد 136 ألف شخص، فوجدوا أن الأشخاص الذين تناولوا الأسبرين بانتظام كانوا أقل عرضة للإصابة بأي نوع من أنواع السرطانات بنسبة 3% بشكل عام.

ومع ذلك، فإن التأثير كان أكثر وضوحًا، فيما يتعلق بسرطان المعدة، وسرطان الأمعاء؛ إذ انخفضت نسبة خطر الإصابة بسرطان المعدة 15%، وانخفضت نسبة الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 19%. وذكر العلماء أن الدليل الآن أصبح قويًا بما فيه الكفاية؛ لنصح الأشخاص الذين لهم تاريخ عائلي لسرطان الأمعاء أو سرطان المعدة، ببدء تناول الأسبرين، طبقًا لنصيحة طبيبهم المعالج.

الأسبرين

الأسبرين.. حبة رخيصة بفوائد كبيرة


أهم ما تريد معرفته عن الأسبرين

الأسبرين هو مادة كيميائية رخيصة، وقليلة المخاطر، يتناولها الملايين؛ للحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، أو السكتات الدماغية، بالإضافة إلى تخفيف آثار الإفراط في تناول المواد الكحولية. الدراسات الحديثة أظهرت دورًا محتملًا للأسبرين في منع وعلاج السرطان، وزيادة الخصوبة، وحتى أن له دور في الخرف.

هذا الدواء، البعيد كل البعد عن جميع براءات الاختراع، وهو ما يساعد على إتمام الكثير من الدراسات والاختبارات عليه دون قيود، مصنوع من لحاء شجرة الصفصاف، واكتشف قبل أكثر من مائة عام، وهو رخيص جدًا جدًا، حتى أن البعض يقول عنه إنه «الحبة السوبر للقرن الحادي والعشرين».

في عام 2015، أطلقت أكبر تجربة سريرية في العالم على المرضى الذين يتناولون الأسبرين؛ للتحقق مما إذا كان الأسبرين يمكنه إيقاف سرطان القولون، والثدي، والمريء، والبروستاتا، والمعدة، من العودة، بعد الشفاء منهم. هذه الدراسة تجري حاليًا على 11 ألف شخص، ومن المتوقع أن تستمر لمدة 12 عام كاملة.

وفي عام 2015 أيضًا، وجدت دراسة أمريكية أن تناول حوالي ربع حبة فقط من الأسبرين بشكل يومي قد يزيد من فرص المرأة في الحمل، ليس هذا فحسب، بل إنه يزيد أيضًا من احتمالية إنجاب النساء لطفل في كامل صحته. ولاتزال هناك الكثير من التجارب التي جرى جدولتها، وسيتم جدولتها في السنوات القليلة القادمة؛ بخصوص الفوائد المحتملة الأخرى للأسبرين.

أضف لهذا كله، واحدة من أهم وأعظم فوائد الأسبرين، والتي تتمثل في الوقاية من أمراض القلب؛ فهناك عشرات، وربما مئات الملايين من البشر حول الأرض الذين يتناولون الأسبرين المنخفض التركيز بشكل دائم؛ غالبية هؤلاء يأخذونه للوقاية من أمراض القلب والشرايين؛ للمساعدة على منع حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية. ويتميز الأسبرين بأنه مادة مانعة لتجلط الدم؛ إذ يتسبب في زيادة سيولة الدم في الشرايين، مما يحمي من تكون جلطات صغيرة يمكن أن تهاجر إلى القلب، وتتسبب في نوبة قلبية.

وقد أشارت بعض الدراسات الرصدية، إلى أن استخدام الأسبرين، على المدى الطويل، يقلل من خطر الإصابة بمرض «ألزهايمر»؛ فقد وجدت دراسة سويدية، عام 2015، أن النساء أكبر من 70 عامًا، واللائي يتناولن جرعات منخفضة من الأسبرين خوفًا من الإصابة بالنوبات القلبية، كان عندهن ذاكرة أقوى، ووظائف إدراكية أفضل، بعد خمس سنوات من أولئك اللائي لم يتناولن الأسبرين.

المصادر

تحميل المزيد