هذه دراسة وصفية نشرَتْها BBC للتعريف بالإلحاد ضمن مجموعة دراسات أخرى للتعريف بالأديان الموجودة على الساحة العالميّة الآن، لما لها – ولا شك – من تأثير مجتمعيّ وعالميّ يقلّ ويربو، يضعُف ويقْوى من حين إلى آخر.

وهي دراسة تعرّف بالإلحاد وأنواعه ودوافعه وأسبابه بإيجاز ومن غير تعقيد؛ لذا يسهل على كل أحد مطالعتها، كما أنها تعرف بأهم رجالها قديمًا وحديثًا، وتلقي الضوء أيضًا على أهم طقوسهم وتقاليدهم.

وقد كنتُ طالعتُها منذ أمد، فوضعتُ في نيتي أن أقوم بتعريبِها عندما يجود الزمان بوقت وجهد؛ لِما للأمْر من أهمية بالغة في هذا العصرالذي اجتاحت فيه موجة الإلحاد عددًا من بلادنا العربية والإسلامية، ثم تكالبتْ عليّ الأشغال، وعلمتُ أنّني إن انتظرت فضاءً من الوقت لن أنجزَ شيئا؛ لذا شمّرتُ عن ساعد الجدّ، واستعنت بما لديّ من وقت وجهد؛ لإنجاز هذا العمل.
وإن كان من خطأ فسامحوني عليه، فليس عملي هذا سوى عمل بشري عرضة للصواب والخطأ.

ولدراسة الأديان طريقتان معروفتان عند أهل هذا الفنّ:


1- أما الطريقة الأولى فهي الدراسة الوصفيّة التي تعرض ما لدى القوم من اعتقادات وأفكار من غير انتقاد أو انتقاص أو ردّ، ومقالاتنا من هذا النوع.
2- وأما الطريقة الثانية فهي الدراسة النقدية التي تتعرّض لما للقوم من أفكار واعتقادات بالنقد والردّ والتحليل.

ولنبدأ بالمقال الأول الذي يعرّف الملحد، ويضع الإلحاد في خطوط عريضة، ويشرح دوافعه بإيجاز، ثم أخيرا يقوم بعرض النقد الإلحاديّ للأديانّ سواء كان بالسلب أم بالإيجاب.

 

من هو الملحد؟

الملحد هو من يعتقد أن الإله لا وجود له على الحقيقة، وأنه ليس إلا فكرة من صنع البشر.

 

الملحد

  1. لا يستخدم فكرة الإله لتفسير هذا الكون من حوله.
  2. ويرى أنه من الممكن أن يبتكر الإنسان قوانين أخلاقية تتحاكم إليها الجماعات البشريّة من غير اللجوء إلى الكتب المقدسة.

 

دوافع الإلحاد


للإلحاد دوافع عديدة يمكن إيجازها فيما يلي :

  1. ضعف الأدلة التي تقوم عليها الأديان وعدم كفايتها.
  2. اعتقادهم أن الدين غير معقول المعنى.
  3. أن يفقد الملحد ثقته في دينه الذي كان عليه لسبب من الأسباب.
  4. أن ينشأ الواحد منهم في بيئة لا تأبه للدين كثيرًا.
  5. عدم الاهتمام بفكرة الدين من الأساس.
  6. أن يكون الدين غير متعلق بحياة الواحد منهم وواقعه من قريب أو من بعيد.
  7. المعاناة التي جلبها الدين للعالم وكان سببًا فيها.
  8. انتشار الشرور في تلكم الحياة جعل وجود الإله لا معنى له.

وإن كان الملحد يدين بشيء فهو يدين بالعلمانية الشاملة؛ لذا تراه يكنّ عداوة بالغة لأي مظهر من مظاهر تدخُّل الدين في الحياةِ العامّة.

واعلم أنه من الممكن أن يكون المرء ملحدًا ومتديّنا في آنٍ واحد، وهو ما عليه الحال عمليًا في الديانة البوذية، وكذلك الإلحاد المسيحي، والإلحاد اليهودي.

 

الإلحاد والأخلاق

قد يكون الملحد خلوقًا أو لا يكون كما هو الحال تمامًا بالنسبة إلى المؤمنين، بل من الممكن أن يتّبع الملحد القوانين الأخلاقية ذاتها التي يتمسّك بها المؤمنون، ولكن هناك ثمّة خلاف لا بد من التأكيد عليه وهو أن المرجع الأخلاقي عنده – وإن وافق لازمُه المؤمنين – لا يستند إلى فكرة الإله إطلاقًا.

 

النقد الإلحاديّ للأديان

 

أولًا- النقد السلبي:

لا ينظر الملحدون قاطبة إلى الدين نظرة معادية تمامًا، ولكن لا شك هناك العديد منهم يرى أن الدينَ شرٌّ اعتمادًا على بعض الأسباب، نذكر منها :

1- أن الدين يدفع الإنسان إلى الإيمان بشيء لا وجود له على الحقيقة.

2- بل ويضع المؤمنون خريطةَ حياتهم بأكملها اعتمادًا على كذبة كبيرة.

3- كما أن الدين يعطّل العقول عن العمل بموضوعيّة وعقلانيّة.

4- وبدلا من أن يعتمد المؤمن على ذاته تراه يعتمد على قوة خارجيّة يعتقد أنها تنجيه من المهالك!

5- يُنَظِّر الدين للأخلاق طيبها وخبيثها اعتمادًا على قواعد لا عقلانية.

6- وفوق كل ذلك يفرّق الدين بين الناس، ويقيم الصراعات والحروب فيما بينهم.

7- كما أن غالب الشرائع الدينيّة تُنَظِّرُ ضد الديموقراطية؛ فتنتهك لذلك أبسط الحقوق الإنسانية.

8- ولا يَنْظُر الدين إلى النساء والشّواذ نظرة فيها مساواة، وفي ذلك انتهاك للحقوق الإنسانية.

9- كما أن الدين يقف حجر عثرة أمام البحث العلميّ.

10- يضيِّع المالَ والوقتَ هباءً منثورًا.

 

ثانيًا- النقد الإيجابي

يقرّ بعض الملحدين مرغمين بأنه هناك ما قد يُحمدُ الدين لأجله مثل:

1- الفن الديني، والموسيقى الرُّوحانيّة.

2- الجمعيات الخيرية الدينية، وأعمال الخير.

3- النصوص المقدّسة التي تفيض أحيانا بالحكمة والاتّزان.

4- فكرة الأخوة الإنسانية والالتقاء البشري.

يتبع …..

 

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد