شهدت مدينة غانتشو التابعة لمقاطعة جيانجشي في جنوب الصين حدثًا علميًّا عظيمًا جعل علماء الحفريات يضعون نظريات جديدة حول الروابط التطورية بين الطيور الحالية والديناصورات؛ فقد عُثر في المنطقة عام 2000 على حفرية لبيضة ديناصور متحجرة، تحتوي على جنين الديناصور من فصيلة «الأوفيرابتوروصور»، واشترتها شركة «Yingliang Group» وخزنتها لمدة 10 سنوات حتى بدء بناء متحف «Yingliang Stone» للتاريخ الطبيعي في الصين، وحينها تحولت إليها أنظار الباحثين، وبدأ تحليلها عام 2015.

منذ ذلك الحين، بدأت الأبحاث على جنين الديناصور داخل البيضة المتحجرة، وشمل فريق البحث باحثين من الصين وكندا والمملكة المتحدة، وأعلنوا أخيرًا أن البيضة تحتوي على جنين ديناصور من نوع «أوفيرابتوروصور» والذي يقدر عمره بين 66 و72 مليون عام، وقد أظهر تحليل الحفرية وجود جنين الديناصور المتحجر، في وضعية ثني معينة خاصة بأجنة الطيور قبل فقسها.

وضعية جنين الديناصور المُكتشف تشبه وضعية أجنة الطيور الحديثة!

كان رأس الجنين موجودًا أسفل جسمه، وقدماه على كلا جانبيه، وكان ظهره ملتفًّا على طول حافة البيضة من الداخل؛ أما ما جعله حدثًا علميًّا مهمًّا، فهو أن تلك الوضعية كانت صفة مميزة فريدة لدى الطيور الحديثة، ووفقًا لتصريح البروفيسور فيون وايسوم ما لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن هذا يشير إلى أن «سلوك الانثناء» في الطيور الحديثة قد نشأ أولًا لدى أسلافهم من الديناصورات.

وقد كتب عالم الأحافير البروفيسور ستيف بروسات، وهو أحد أعضاء فريق البحث، على «تويتر» أن هذه الحفرية أحد أحافير الديناصورات المذهلة التي شاهدها على الإطلاق، وأن الجنين كان على وشك الفقس، وبحسب الباحثة المشاركة في الدراسة دارلا زيلينيتسكي من جامعة كالجاري بكندا، فإن وضع الجنين داخل بيضته بطريقة ملتوية جيدة، لدرجة تظهر كأنه قد مات بالأمس فقط.

هل تطورت سلوكيات الانثناء عند الطيور من أسلافها الديناصورات؟

قبل فقس الطيور الحديثة تتخذ وضعًا مميزًا داخل البيضة وتعرف هذه الوضعية بـ«سلوك الدس أو الانثناء»، والذي يساعد الجنين على الفقس؛ إذ تتبنى الطيور الحديثة هذه الوضعية من الانثناء فتحني أجسامها، وتضع رأسها بين جناحيها قبل وقت قصير من الفقس، ومن المعتقد أن هذا الوضع يساعد جنين الطائر في تثبيت رأسه وتوجيهه عندما يستخدم الجنين منقاره لكسر قشرة البيضة، وفي حين فشل في هذا، فإنه يكون معرضًا للموت بسبب عدم نجاحه في الخروج من البيضة.

وتعد هذه المرة الأولى التي يُكتشف فيها هذا الوضع لديناصور غير طيري، فمعظم أجنة الديناصورات غير الطيرية المعروفة كانت غير مكتملة وذات هياكل عظمية مفككة، وهو ما أضفى أهمية كبيرة لهذه الحفرية.

تشابه أجنة الديناصور المكتشف مع الطيور

تشابه أجنة الديناصور المكتشف مع الطيور. مصدر الصورة: آي ساينس

وضع علماء الحفريات احتمالَ أن يكون هذا الوضع قبل الفقس قد تطور أولًا بين «الثيروبودا» خلال العصر الطباشيري، والثيروبودا أو وحشيات الأرجل، رتبة من الديناصورات، سحليات الورك، وتشمل جميع الديناصورات آكلة اللحوم، ويتفرع منها عدد هائل من فصائل الديناصورات، من بينها الثيروبودا عديم الأسنان المعروف باسم «الأوفيرابتوروصور».

ومن خلال مقارنة العينة بأجنة ثيربودا أخرى، وديناصورات سحليات الأرجل من الفصيلة صوروبودا، يقترح الباحثون أن سلوك الانثناء قد تطور لأول مرة لدى الثيربودا منذ عدة عشرات – أو مئات – الملايين من السنين.

صفات جنين الديناصور المكتشف تشبه جنين الدجاج!

وينتمي جنين الديناصور المكتشف إلى الأوفيرابتوروصورات، وهذا ما حدده العلماء بناءً على شكل جمجمته عديمة الأسنان، وتتميز الأوفيرابتوروصورات بتشابهها مع الطيور في وجود الأقدام ذات الريش، وكانت تعيش في آسيا وأمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر ما بين 66 و100 مليون سنة مضت.

أحفورة بيبي يينغليانغ قبل أيام من فقسه

أحفورة بيبي يينجليانج قبل أيام من فقسه. مصدر الصورة: United Press International

ويبلغ طول الديناصور المكتشف الذي أُطلق عليه اسم «Baby Yingliang – بيبي يينغليانغ» نحو 27 سم من رأسه إلى ذيله، ويوجد داخل بيضة طولها 17 سم في وضع ملفوف بحيث تظهر رأسه على بطنه، ورجليه على جانبي رأسه، وبحسب تصريح بروفيسور فيون وايسوم ما، إلى موقع «لايف ساينس»، فإن جنين الديناصور المتحجر، يبدو في مرحلةٍ متأخرةٍ، ويشبه إلى حدٍّ كبيرٍ جنين دجاج عمره 17 يومًا والذي يفقس في اليوم الـ21.

علوم

منذ سنتين
كيف انقرضت الديناصورات؟ 4 نظريات قد تفسر الأمر

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد