بالنظر إلى مناسبات شهر مارس (آذار) العالمية، يُمكننا تصنيفه شهر المرأة بامتياز؛ ففي 8 مارس يأتي «يوم المرأة العالمي»، وفي 21 من الشهر نفسه نحتفل بـ«عيد الأم»، أما في مصر بالتحديد يُوافق يوم 16 مارس «يوم المرأة المصرية»؛ كونه يحمل ذكرى ثورة المرأة ضد الاستعمار وما بذلته من جهد ونضال في سبيل الاستقلال.

لذا واحتفاءً منا بالمرأة وخاصةً الأمهات؛ جمعنا قائمة تضم سبعة أفلام وثائقية تعكس عالم الأمومة الحقيقية بكل ما يحمله من مشاعر صادقة وأزمات ومشكلات سواء نفسية أو صحية أو مجتمعية، بالإضافة إلى رصد طبيعة العلاقات بين الأمهات وباقي أفراد الأسرة.

1- «The Motherhood Manifesto»: أزمة الرعاية الصحية في أمريكا

«The Motherhood Manifesto» فيلم وثائقي مدته ساعة واحدة فقط، إخراج لورا باتشيكو وترويه الممثلة – حائزة «الأوسكار»- ماري ستينبرجن، صدر العمل عام 2006 وجاء غنيًّا بالمعلومات، فيما جمع بين الكوميديا والصدق، وكشف عن الغضب العارم تجاه حقيقة الأمومة في أمريكا.

فالولايات المتحدة الأمريكية واحدة من بين أربع دول في العالم تعجز عن توفير إجازة أمومة مدفوعة الأجر لجميع العاملات، بل إن الأمهات لا يتم اختيارهن لشَغل الوظائف بالقدر نفسه الذي تحظى به غير الأمهات؛ كون الشركات لا يهمها سوى زيادة الإنتاجية ولو على حساب الصحة الجسدية والنفسية والحياة الشخصية للعاملات.

كل ذلك وأكثر استعرضه العمل عبر رصد حكايات الأمهات العاملات والعائلات في أمريكا بين الواقع والمُفترض أن يحدث، من خلال رحلة تنقَّل فيها صُنَّاعه بين واشنطن ونيويورك وشيكاجو وبنسلفانيا وأوكلاند ودنفر وغيرها من المدن الأمريكية، ولعل أهم ما مَيَّز الفيلم أنه لم يكتف بإظهار الخطأ؛ وإنما ما يمكن فعله لتحسين حياة الأمهات الأمريكيات كذلك.

2- «Nijole»: حين تكون أمك مصدر إلهامك

«Nijole» فيلم وثائقي إيطالي سلَّط من خلاله المخرج ساندرو بوزولو، الضوء على حياة الفنانة «نيجولو زيفيكاس» التي استقرت في كولومبيا منذ زواجها في 1950؛ إذ يستعرض العمل حياتها اليومية بعد الشيخوخة، أفكارها، علاقتها مع ابنها «أنتاناس موكوس» السياسي والعمدة السابق للعاصمة الكولومبية (بوجوتا)، موضحًا مدى الارتباط بين الأم والابن، وشاهدًا على رحلة عودتهم إلى بلدتهم الأم ليتوانيا، حيث يلتقيان ثقافتهما الأصلية بعد العَيش طويلًا في كولومبيا.

من النقاط التي ركز عليها الفيلم، كيف تبدو حياة فنانة تركت جذورها ورحلت سعيًا وراء أحلامها وأولوياتها، وكيف كان لهذا الجانب الاستقلالي من الأم وأفكارها الشخصية من تأثير في طريقة حياة الابن واختياراته؛ خاصةً وأنه اعتاد أن يضع أمه في مَرتَبة ملهمته الأولى والأخيرة.

3- «News from Home»: تجربة شخصية وفريدة

شانتال أكرمان، مخرجة أفلام وممثلة ومنتجة وكاتبة سيناريو، وثَّقت علاقتها الخاصة بأمها، وكذلك خبرة أمها الحياتية عبر فيلمين وثائقيين، في تجربة فنية فريدة من نوعها، هما: «News from Home» و«No Home Movie».

صدر الأول عام 1976، وفيه أخذتنا المخرجة في جولة دقيقة ومُلهمة بالكاميرا في شوارع نيويورك، بينما تستعرض مجموعة من الخطابات التي كتبتها لها والدتها بالسبعينيات؛ ليتضح للمُشاهد خطابًا بعد آخر مدى العلاقة المعقدة التي كانت بين الأم وابنتها، أما الفيلم الثاني فأُنتج في 2015، وبه وثَّقت المخرجة حياة والدتها «ناتاليا أكرمان»، المهاجرة البولندية التي استطاعت النجاة من معسكر «أوشفيتز»، وهو معسكر إبادة أنشأته ألمانيا النازية خلال الاحتلال النازي لبولندا بالحرب العالمية الثانية.

4- «The Disappearance of My Mother»: كما يليق بوداع

«The Disappearance of My Mother» فيلم تسجيلي إيطالي ترشَّح لجائزة أفضل فيلم وثائقي في «الجولدن جلوب» وجائزة لجنة التحكيم في «مهرجان صندانس السينمائي». يحكي العمل عن «بينيديتا بارزيني»، وهي عارضة أزياء إيطالية اشتهرت بالستينيات، أما بالسبعينيات فعُرفت بموقفها النقدي الحاسم والنَسَوي تجاه الصناعة ومفهوم الجمال؛ الأمر الذي ترتَّب عليه تركها عالم الأزياء ونضالها من أجل حقوق المرأة، ومن ثمَّ امتهانها الصحافة بجانب عملها أستاذة جامعية.

ومع بلوغها سن الخامسة والسبعين أعلنت سأمها من الأدوار المتعددة التي تلعبها في حياتها؛ لتقرر ترك كل الأشخاص والأشياء في حياتها خلفها، والاختفاء في أبعد مكان ممكن؛ وهو ما دفع ابنها لصناعة هذا العمل، الذي حاول بواسطته تسجيل رحلة والدته لتخليدها أو على الأقل لتظل قريبة منه متى ابتعدت؛ الأمر الذي جعل العمل أحيانًا أشبه بمعركة عنيدة بين الاثنين.

5- «Dear Mom, Love Cher»: قبيلة من النساء

«Dear Mom, Love Cher» فيلم تليفزيوني وثائقي صدر عام 2013 وحصل على تقييم 8.3 نقاط وفقًا لما جاء على موقع «IMDb»، وهو يحكي عن عائلة الفنانة «شير» من خلال استعراض مقابلات تليفزيونية بعضها قديم جدًّا وبعضها حديث، أُجريت مع والدتها الممثلة «جورجيا هولت»، لنشهد بداياتها المتواضعة وما مرَّت به من هزائم وانتصارات شخصية وقفزات ونكسات بالعمل، بالإضافة إلى زيجاتها المتعددة، وصولًا إلى حياتها الصاخبة مع أولادها وأحفادها.

كذلك نتعرَّف على مدار العمل إلى تفاصيل حميمية وصادقة تتشاركها الأم وابنتاها، فيما تسرد كل منهن بطريقتها التحديات التي واجهتها الأم، وكيف كانت رائدة بالنسبة لزمنها، فهي وبالرغم من زيجاتها السِت، ظلَّ المنزل أشبه بقبيلة من النساء؛ مما جعلها – وعلى عكس ما اعتادته النساء قديمًا- تخوض معارك الحياة أمًّا عزباء.

6- «Yuguo and His Mother»: أمومة بعيدًا عن «الكليشيهات»

«ليو شيا» امرأة صينية تفقد زوجها بينما ابنها بعد طفل صغير، وأمام صعوبات الحياة تتجه إلى إدمان الكحوليات وتعجز عن العناية بطفلها، وبفضل المعونات المجتمعية؛ ينتهي الأمر بالطفل في مدرسة عامة بعيدة فيما يحاول النجاة بنفسه ومواجهة الحياة، ثم بعد سنوات طويلة تأتي اللحظة التي يعود فيها الابن وقد غدا مراهقًا إلى قريته لمواجهة والدته، وسط توقعات متناقضة وقلق مُستحق.

هذه هي التجربة التي ينقلها الفيلم الوثائقي الصيني «Yuguo and His Mother»، والذي حاول القائمون عليه الابتعاد عن الصور النمطية والمعتادة للواقع القاسي والمجتمعات الفقيرة، والتركيز أكثر على كفاح الأم للتحرر عقليًّا وعاطفيًّا.

7- «من أجل سما»: الوثائقي الأكثر ترشيحًا للجوائز في «البافتا البريطانية»

«من أجل سما» (For Sama) فيلم وثائقي صدر في 2019، وهو إنتاج سوري-بريطاني مشترك، أخرجته وعد الخطيب وإدوارد واتس على مدار خمس سنوات، وثَّقت خلالهم الصحافية وَعد كل ما يجري في مدينتها حلب في سوريا، ساعدها على ذلك كَون زوجها أحد الأطباء الذين بقوا في حلب أثناء «الحرب الأهلية السورية» من أجل إنقاذ المصابين.

هكذا جاء العمل أشبه بملحمة وثائقية، شملت الأيام الأولى حيث الثورة المُشوّبة بالأمل، مرورًا بالنضال المستميت من أجل الحرية والكثير من الكوميديا السوداء، وصولًا إلى أهوال التفجيرات وأفعال النظام الوحشية والقاسية، وهو ما قدمته المخرجة وسط تساؤلات حقيقية ومشروعة حول إذا ما كان البقاء حيث كل ذلك الدمار، ومحاولات إنقاذ الأرواح العالقة هو الفعل الصائب أم لا؟!

خاصةً مع وجود ابنتها سما التي قامت بتربيتها بهذه الظروف غير الإنسانية قبل أن تُهديها الفيلم شهادة حقيقية عن كيف كان العالم وهي محض جنين في بطن أمها وخلال السنوات الأولى من عمرها، كما يليق برسالة ملهمة ولا تُقدَّر بثمن من أم إلى ابنتها.

جدير بالذكر أن الفيلم دخل التاريخ؛ إذ ترشَّح لأربع جوائز في «البافتا البريطانية» حصد منهم جائزة أفضل فيلم وثائقي ليصبح العمل الوثائقي الأكثر ترشيحًا على الإطلاق، هذا بالإضافة بالطبع لترشُّحه إلى «الأوسكار» وفوزه بجائزة «أفضل فيلم وثائقي» في مهرجان «كان» السينمائي.

المرأة

منذ سنتين
ما لم تحكه الأمهات عن مشاعرهن الداخلية: 3 روايات وكتب تحدثت عن الأمومة

المصادر

تحميل المزيد