في مايو (أيار) عام 1961 وقف الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي أمام الكونجرس في خطاب شهير وقال: «لقد اخترنا أن نذهب إلى القمر». وكان هذا التصريح بمثابة الإعلان الرسمي عن إنطلاق برنامج الفضاء الأمريكي. وفي يونيو (حزيران) عام 1969 هبطت رحلة أبوللو الشهيرة على سطح القمر لتسجل أول عملية غزو ناجحة قامت بها البشرية إلى الفضاء الخارجي.
وبالرغم من أن معظم البرامج الفضائية تديرها الحكومات؛ وأشهرها وكالة «ناسا (NASA)» التابعة للحكومة الأمريكية، ووكالة «روسكوزموس (Roscosmos)» التي تديرها الحكومة الروسية، إلا أنه في العقدين الماضيين ومع نمو عالم إدارة الأعمال وازدياد نفوذ الشركات الكبرى ورجال الأعمال على العديد من الملفات التي كانت الكلمة العليا فيها للحكومات؛ بدأ بعض رجال الأعمال يدلون بدلوهم في مجال غزو الفضاء الخارجي!
أغنى أثرياء العالم يتنافسون على غزو الفضاء الخارجي
جيف بيزوس وإيلون موسك وريتشارد برانسون، هم أشهر ثلاثة رجال أعمال يتصارعون على غزو الفضاء في الوقت الحالي، ويبلغ مجموع ثروة الثلاثة مجتمعة حوالي 400 مليار دولار، أي ما يعادل تقريبًا حجم الناتج المحلي الإجمالي للشعب الأيرلندي كاملًا!
والملياديرات الثلاث، قرروا زيادة رقعة المنافسة فيما بينهم، وقرروا تخصيص مبالغ طائلة من ثرواتهم للسعي وراء أحلامهم في السفر إلى الفضاء، وخلق سباق فضاء حديث يقوم فيه الرجال الأثرياء – وليس البلدان – بالسعي نحو اصطياد النجوم.
ريتشارد برانسون.. أول ملياردير يجوب الفضاء
في 11 يوليو (تموز) 2021، عاد الملياردير الأمريكي ريتشارد برانسون إلى سطح الكرة الأرضية بعد رحلة قصيرة في الفضاء الخارجي بعد أن حلق على متن مركبة فضائية على ارتفاع 85 كيلومترًا فوق سطح الأرض، وبذلك كان قد تخطى الحد الأقصى للارتفاع عن سطح الأرض المُحدد من قبل الحكومة الأمريكية وهو 5 كيلو مترات.
في عام 2004 أسس ريتشارد برانسون شركته «فيرجن جالاكتيك (Virgin Galactic)» لاستكشاف الفضاء، وكان الهدف من إنشاء الشركة هو تحويل الفضاء هو الآخر إلى وجهة سياحية يذهب إليها من يمتلك ما يكفي من المال لشراء تذكرة الرحلة.
وبعد 17 عامًا تمكن ريتشارد برانسون من تحقيق حلمه وتجول في الفضاء الخارجي؛ بل وأعلن عن عدد كبير من الرحلات في العام القادم؛ وقد أعلنت الشركة منذ أيام أن بالفعل بيعت 600 تذكرة لرحلة العام القادم، وصل سعر التذكرة الواحدة إلى 250 ألف دولار أمريكي.
جيف بيزوس.. أغنى رجل في العالم الذي أراد أن يكون أول سائح في الفضاء
في أحد اللقاءات التلفزيونية عام 2000، صرح جيف بيزوس أنه منذ أن كان طفلًا كان يحلم بالذهاب للفضاء، وبالفعل في العام نفسه قطع بيزوس خطوة نحو تحقيق حلمه، عندما أسس شركة «بلو أوريجن (Blue Origin)»، لكنها لم تبدأ في العمل رسميًّا حتى عام 2005.
كانت المسألة المعقدة التي تعطل عمل شركة بيزوس هي اختيار المكان المناسب الذي يسمح بتشييد المحطة التي سوف تعمل على تحقيق حلم جيف بيزوس، وقد وقع الاختيار بالفعل على مدينة صغيرة يسكنها حوالي ألفي نسمة فقط، وتقع في صحراء ولاية تكساس الأمريكية.
ما تعلمناه من تجربة بيزوس في «أمازون»؛ هو أن بيزوس إذا أراد شيئًا؛ يحاول مسرعًا الاستحواذ عليه، وبالفعل بدأ سكان تلك البلدة الصغيرة يستقبلون مكالمات تليفونية من محامي من مدينة سياتل في ولاية واشنطن، يعرض عليهم شراء منازلهم وأراضيهم بأسعار كبيرة، البعض وافق في البداية والبعض احتاج للحصول على عروض مغرية أكثر، وبحلول عام 2005 تمكن المحامي الذي كان يمثل بيزوس من الحصول على كافة أراضي المدينة الصغيرة؛ وبدأت عملية التجهيز للرحلة المنتظرة.
أراد بيزوس أن يكون أول سائح يتجول في الفضاء الخارجي، وبالفعل في يوم 20 يوليو الماضي تمكن بيزوس من السفر إلى الفضاء عبر الرحلة الأولى التي طال انتظارها 21 عامًا، وأمضى بيزوس وأخوه مارك ورائدة الطيران والي فانك وأول زبون لشركة الهولندي أوليفر دايمن ويبلغ من العمر 18 عامًا، بضع دقائق على ارتفاع 107 كيلومترات، وراء خط كارمان وهو الحد الفاصل بين المجالين الأرضي والفضائي.
وعلى الرغم من أن أغنى رجل في العالم قد تمكن أخيرًا من تحقيق حلم طفولته؛ فإنه ليس السائح الأول في الفضاء، بل سبقه ريتشارد برانسون بحوالي 10 أيام في رحلته الناجحة حول الفضاء.
بمركباته لا بشخصه.. إيلون ماسك أول ملياردير يصل الفضاء الخارجي!
إيلون ماسك الذي احتل مرتبة أغنى رجل في العالم في مطلع عام 2021 ثم تراجع إلى المركز الثاني مؤخرًا خلف مالك شركة «أمازون» و«بلو أوريجن» جيف بيزوس؛ كان هو أول ملياردير يصل للفضاء، ولكن ليس بنفسه؛ بل من خلال مركبات وصواريخ شركته المعروفة باسم «سبيس إكس (SpaceX)» التي أسسها عام 2002.
على عكس «بلو أوريجن (Blue Origin)» المملوكة لجيف بيزوس، وشركة «فيرجن جالاكتيك» المملوكة لريتشارد برانسون؛ فإن شركة إيلون ماسك لا تركز فقط على السياحة الفضائية، بل إن ماسك نجح في تكوين شراكة مع وكالة ناسا الأمريكية لإطلاق صواريخ ومركبات فضاء لنقل البضائع ورواد الفضاء إلى محطة الفضاء الخارجي، وقد نجح بالفعل في إطلاق رحلتين ناجحيتن عام 2011 وعام 2012.
لكن إيلون ماسك لا يزال هو الآخر يريد أن يغزو السياحة الفضائية، وقد أعلنت شركته مسبقًا عن رحلة ضخمة للسياح عام 2022، فيما بلغت سعر تذكرة الرحلة إلى 250 ألف دولار هي الأخرى.
برأيك عزيزي القارئ من سوف يفوز من عصبة رجال الأعمال هؤلاء بسباق الفضاء في النهاية؟ وهل يصبح العام القادم، عام تجول البشر في جولات حرة بالفضاء الخارجي؟
علامات
أبوللو, أغنى رجال الاعمال, إليون ماسك, الفضاء, الهبوط على القمر, جيف بيزوس, ريتشارد برانسون, كيندي, ناسا