تدخل إلى متجرٍ أنيق لتشتري ملابس أو أجهزة إلكترونية أو أدوات رياضية تحمل علامةً تجاريةً مميزة، ينعكس تميُزها بالتأكيد على جودتها، وعلى سعرها كذلك. تدخل إلى متجرٍ أنيق، أو حتى تشاهد معروضاته من الخارج، وربما لا يخطر ببالك أبدًا أن العلامات التجارية الأمريكية والأوروبية والكورية التي اكتسبت شهرةً واسعةً في جميع أنحاء العالم تُصنع عادةً في أكثر الدول فقرًا، وأقلها اهتمامًا بحقوق العُمَّال وحياتهم.

أديداس

تمتد خطوط إنتاج شركة أديداس للمنتجات الرياضية في 69 دولة حول العالم، وتوظِّف الشركة الرياضية الأكبر في العالم أكثر من 30 ألف عامل في مصانعها. يتشكَّل توزيع مصانع أديداس حسب أمور عديدة، أبرزها تكلفة الإنتاج، وتوافر العمالة الرخيصة.

قارة آسيا إجمالاً هي المُنتج الأكبر لأديداس؛ يقع في الصين وحدها أكثر من ربع مصانع الشركة (337 مصنعًا)، والهند في المرتبة الثانية بـ 99 مصنعًا، وإندونيسيا 79، وفيتنام 76.

يفوق عدد المصانع في الدول السابقة عدد مصانع أديداس في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، لكن مصانع أديداس تمتد إلى 18 دولة آسيوية أخرى، أبرزهم كوريا الجنوبية، وتايلاند، وتايوان، وكمبوديا، والفلبين، وباكستان.

اقرأ أيضًا: صناعات القهر.. حقوق العُمَّال في سلسلة الاستغلال.

أمريكا، البلد الأم لأديداس، تملك 71 مصنعًا، وكندا 29، والمكسيك 19. أما في أمريكا الجنوبية، فتتصدر البرازيل بـ 50 مصنعًا، ثم الأرجنتين 19، وأقل من 5 مصانع في كلٍ من تشيلي، وكمبوديا، وباراجواي، وبيرو.

أوروبا أيضًا تشارك في إنتاج أديداس بعددٍ من المصانع، يقع أكثرهم في ألمانيا بـ 23 مصنعًا، وتملك إيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة أكثر من 10 مصانع.

وجنوب أفريقيا هي البلد الأول في القارة السمراء بـ 19 مصنعًا.

H&M

تُعد الشركة السويدية H&M المستورد الأكبر للملابس المصنوعة في بنجلاديش، وتتعامل الشركة مع أكثر من 1500 مصنعًا في 27 دولة، يقع معظمهم في آسيا.

تحتل الصين المركز الأول بأكثر من 350 مصنعًا، وبنجلاديش 166 مصنعًا، وأكثر من 150 مصنعًا في تركيا، و100 مصنع في الهند، وكمبوديا 79 مصنعًا، وحوالي 50 مصنعًا في كلٍ من فيتنام وباكستان وسريلانكا وإندونيسيا، وحوالي 25 مصنعًا في كلٍ من بلغاريا وإيطاليا وباكستان وكوريا الجنوبية.

 سامسونج

بدأت سامسونج في عام 2013 بناء أكبر مصنع للهواتف المحمولة في العالم في فيتنام بقيمة تجاوزت 2.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يُنتج أكثر من 40% من هواتف سامسونج في عام 2015 بعد أن حوَّلت الشركة معظم إنتاجها من المصانع الصينية إلى الفيتنامية بسبب انخفاض أجور العُمَّال في فيتنام.

تملك سامسونج وتُدير 12 مصنعًا في الصين، وتتعامل مع الكثير من المصانع الأخرى لإنتاج أجزاء من أجهزتها.

أما في فيتنام – التي قدَّمت لسامسونج إعفاءً ضريبيًا لمدة 30 عامًا – فتملك سامسونج مصنعين فقط بشكل مباشر، لكنهما أكبر مصانع سامسونج، ويُنتجان أغلب أجهزة الشركة.

وأعلنت سامسونج عن اتفاقها مع الحكومة في ميانمار (بورما) لبناء أول مصنع هناك منتصف أغسطس الماضي.

اقرأ أيضًا: 5 محادثات من TED تخبرك عن عبودية القرن 21

Gap

تصنع شركة Gap منتجاتها من الملابس في حوالي ألف و300 مصنعًا في 50 دولة حول العالم.

ويخضع توزيع المصانع التي تملكها الشركة، أو تتعامل معها، إلى القواعد نفسها التي تتبعها كبرى شركات الملابس والمنتجات الرياضية في العالم: عمالة رخيصة، سجل سيء من انتهاكات حقوق العُمَّال، وإعفاءات ضريبية وامتيازات حكومية.

كانت Gap أول شركة أمريكية تعلن بناء مصانع في بورما – التي تملك أقل متوسط دخل للعُمَّال في آسيا – بعد أن أعلنت في يونيو الماضي بناء مصنعين فيها.

يقع أكبر مصانع Gap في بنجلاديش، التي تضم العدد الأكبر من المصانع المُتعاملة مع الشركة الأمريكية، وتضُم دول آسيا الأخرى أغلب مصانع Gap – التي ترفض الإفصاح عن التوزيع الدقيق لمصانعها – فتأتي الصين، والهند، وكمبوديا على رأس القائمة.

ماذا يعني كل هذا؟

ينظر فريقان من الناس بشكل مختلف إلى قضية إنشاء المصانع وتحويل العمالة إلى دولٍ فقيرة قد لا تحظى بحقوق العُمَّال المعروفة في الدول الأم للشركات العالمية من رعاية صحية وتأمين وحد أدنى للأجور يكفل حياة كريمة. يدافع فريقٌ عن الأمر باعتباره المُتنفس الوحيد لملايين من العاطلين في هذه الدول، الذين لا يملكون قوت يومهم ولا يوفر اقتصاد بلادهم فرصًا للعمل؛ مما يساهم في تقليل نسبة البطالة، وإنقاذ اقتصاد هذه البلاد، مع وجود اشتراطات تأمينية تسعى الشركات للحفاظ عليها، بينما يرى فريقٌ في المقابل أن استخدام عمالة الأطفال، وترك العُمَّال بلا مظلة تأمين، ولا تنظيمات تطالب بحقوقهم، وتحت رحمة العمل القسري والأجور المتدنية والفصل التعسفي والأمراض والإعاقات الناتجة عن العمل لا يُفيد إلا الشركات الكبرى التي تلجأ للدول الفقيرة كي يمر استغلال العُمَّال بلا حساب.

عرضنا في التقرير أربعة نماذج لشركات تعمل في مساحات مختلفة من صناعات الملابس والإلكترونيات والأدوات الرياضية؛ لنُلاحظ اتجاهًا عالميًا لتحويل العمالة إلى دول آسيا ذات الكثافة السكانية العالية ونسب البطالة المرتفعة؛ لتتحوَّل بطاقات المنتجات التي نشتريها من متاجر العلامات التجارية الفاخرة إلى «صنع في آسيا».

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد