ترقب البريطانيين ودول الاتحاد الأوروبى تصويت أعضاء مجلس العموم البريطانى، مساء اليوم الثلاثاء، على الاتفاق الذي تفاوضت عليه رئيسة الوزراء تيريزا ماى، لتنظيم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى المحدد مسبقًا يوم 29 مارس (آذار) الجاري.

فشلت تيريزا ماى فى الحصول على دعم لخطتها خلال التصويت، وسيتم إجراء تصويتين آخرين يومي الأربعاء والخميس، لتحديد ما إذا كانت بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، أو إذا كانت ستمدد المفاوضات وتؤجل عملية الخروج. وفي هذا التقرير نشرَّح لك كيف يبدو الوضع الحالي، والسيناريوهات المتاحة بالتفصيل.

ما هي خطة ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي؟

رفض النواب -بأغلبية ساحقة- إقرار خطة رئيسة وزراء بريطانيا للخروج من الاتحاد، التي قضت عامين تتفاوض بشأنها مع الاتحاد الأوروبي، وهي المرة الثانية التي يُصوِّت عليها مجلس العموم البريطاني على خطة ماي؛ إذ تم رفضها قبل نحو شهرين، بأغلبية ساحقة أيضًا، وطُلب من ماي التفاوض مجددًا مع المفوضية الأوروبية للتوصل إلى اتفاق أفضل، إلا أن قادة الاتحاد الأوروبي رفضوا طلباتها، كما فشلت المحادثات بين مسؤولين بريطانيين وأوروبيين في التوصل إلى اتفاق جديد؛ إذ وصفت رئيسة الوزراء البريطانية أمس، أن محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي مع وزراء الحكومة الاتحاد الأوروبي «وصلت إلى طريق مسدود».

Embed from Getty Images

رئيسة الورراء البريطانية تيريزا ماي

القرار الذي اتخذه النواب اليوم سيحدد شكل الاقتصاد والمجتمع البريطاني لعقود، وسيؤثر على الدخل، وفرص الوظائف، وأشياء أخرى كثيرة. رُبما تكون له نتائج فورية أيضًا؛ فالكثيرون يخشون أن يؤدي الخروج البريطاني من دون اتفاق إلى حدوث فوضى في الموانئ، واضطراب في إمدادات الطعام والأدوية، وتأثير اقتصادي مهم على المدى الطويل، فضلًا عن انسحاب الشركات الكبرى متعددة الجنسيات خارج بريطانيا.

https://www.youtube.com/watch?v=jPBK5pChcds

وبعد رفض نواب مجلس العموم، خطة رئيسة الوزراء، فإنه من المُرجَّح حدوث أحد أمرين؛ إما أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) المقبل دون اتفاق، أو ترجئ موعد المغادرة، بينما لو كان النواب قد أيدوا الخطة، كانت بريطانيا ستغادر الاتحاد، ولكن ستبقى الأمور على ما هي عليه حتى ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020، حتى يتوصل الجانبان إلى اتفاقية تجارية نهائية لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد؛ إذ يسمح ذلك لبريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي بشكل منظم لتجنب أي اضطراب ينجم عن هذا الخروج، سواء للمواطنين أو للشركات في المملكة والاتحاد الأوروبي.

ورغم تصويت النواب بالرفض من قبل، على خطة ماي، وبأغلبيةٍ ساحقةٍ، فقد حاول وزراء إقناع الاتحاد الأوروبي بإجراء تغييرات في الاتفاق لجعله مقبولًا لدى النواب الذين رفضوا الخطة قبل ما يقرب من شهرين.

الحدود الأيرلندية أكبر أزمة أمام «بريكست»

تعتبر أزمة «الحدود الأيرلندية» أو «شبكة الأمان» من أهم الأزمات المثيرة للجدل في خطة رئيسة الوزراء البريطانية التي يُصوِّت عليها النواب اليوم؛ وكانت أحد أبرز الأسباب الذي على أساسه رفض نواب مجلس العموم خطة رئيسة الوزراء في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتشير خطة ماي إلى منع عودة الكاميرات، وحرس الحدود، على نحو حوالي 500 كم على طول الحدود بين دولة أيرلندا الأوروبية، ودولة أيرلندا الشمالية، التابعة للمملكة البريطانية؛ إذ أن الحدود بين أيرلندا، وأيرلندا الشمالية، هي الحدود البرية الوحيدة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

ويُبقي الاتفاق بريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي وأجزاءً من سوقها الموحدة إلى حين التوصل إلى إتفاق آخر، مثل إبرام اتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد، وذلك لتجنب عمليات التفتيش على الحدود.

الجدير بالذكر أن منع وجود حرس للحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية يعني عدم وجود حدود برية مادية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أي أن ذلك يعني أن بريطانيا ستظل مقيدة بالقوانين الجمركية للاتحاد الأوروبي، مما يعني أنه لن تكون هناك حاجة للفحص المباشر للسيارات العابرة للحدود، وهو أمر يخشى معه الكثيرون أن يؤدي إلى متاعب في إيرلندا الشمالية.

وبشكلٍ عام، يرفض مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هذا البند. والجدير بالذكر أن الطريقة الوحيدة لإلغاء هذا البند، ووضع حدود برية مادية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لن تتم إلا عبر الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، الذي أكد مسبقًا أن الحدود ستبقى مفتوحة مؤقتًا، دون تحديد موعد لوضع حدود بين البلدين، وهو ما يثير مخاوف النواب البريطانيين المحافظين الذين يخشون تحول الوضع المؤقت إلى دائم، ويطالبون بتحديدها زمنيًا.

العالم والاقتصاد

منذ 8 سنوات
ماذا ستخسر بريطانيا في حالة خروجها من الاتحاد الأوروبي؟

سيناريوهات الرفض والقبول

هناك عدة احتمالات وسيناريوهات معقدة قد ينتجها تصويت نواب مجلس العموم البريطاني اليوم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الجدير بالذكر أنه في كانون الثاني (يناير) رفض المجلس خطة ماي بفارق 230 صوتًا؛ إذ أيد خطة رئيسة الوزراء 202 عضو، بينما رفضها 432 عضو، مما يعني أنه لا توجد مؤشرات على حدوث تغير كبير في الرأي.

وتتمثَّل سيناريوهات تصويت اليوم في الآتي:

1-   التصويت بالموافقة على خطة رئيسة الوزراء

في حال كانت الأغلبية بـ«نعم» على خطة تيريزا ماي اليوم، كان ذلك سيعني أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي في موعدها المحدد مسبقًا يوم 29 مارس (آذار) الجاري، وذلك بالبنود المذكورة في خطة رئيسة الوزراء. وهو السيناريو الأسهل.

2-   التصويت برفض خطة رئيسة الوزراء

أمَّا السيناريو الأصعب والأكثر تقيدًَا، والذي تواجهه بريطانيا اليوم، فهو تصويت الأغلبية بـ«لا» على خطة تيريزا ماي اليوم، فإن ذلك يعني أن أعضاء مجلس العموم البريطاني سيلجأون إلى تصويت جديد آخر، مقرر له أن يكون غدًا 13 مارس (آذار) الجاري، وهو تصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وفي حال الموافقة على تصويت الغد، ستخرج بريطانيا رسميًا من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس (آذار) المقبل أيضًا، ولكن دون اتفاق مع الاتحاد، أي أن أزمة الحدود الأيرلندية ستبقى كما هي بالنسبة لبريطانيا، وستضطر بريطانيا أن تكون جزءً من القطاع الجمركي الخاص بالاتحاد الأوروبي.

Embed from Getty Images

وأمَّا في حال جاءت نتيجة تصويت الغد بالرفض، فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك تصويت ثالث مقرر أن يكون بعد غد، يوم الخميس 13 مارس (آذار) 2019، حول تمديد تنفيذ المادة 50 من معاهدة لشبونة، وهي التي تمثل السبيل لأي دولة تنوي الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي المادة التي وقع عليها قادته يوم 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2007 بمدينة لشبونة البرتغالية، ودخلت حيز التنفيذ يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) 2009 حتى اكتسبت صفة القانون. ولم تكن هناك قبل تلك المعاهدة أي آلية لخروج أي دولة من عضوية الاتحاد الأوروبي.

وفي حال الموافقة على التصويت الثالث الذي قد يجرى يوم الخميس المقبل، فإن بريطانيا ستطالب بتمديد تنفيذ المادة 50 من اتفاقية لشبونة، وهو ما سيؤدي إلى عقد قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي يوم 21 مارس (آذار) المقبل لبحث طلب بريطانيا، وفي حال الموافقة على طلب بريطانيا بتمديد تنفيذ المادة، فسيتأجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لميعاد آخر.

وفي حال رفض قادة دول الاتحاد الأوروبي لطلب بريطانيا بتمديد تنفيذ المادة 50، سيكون هناك «طريق مسدود» كما وصفته رئيسة الوزراء؛ إذ ستضطر بريطانيا إلى إجراء استفتاء شعبي جديد مرة أخرى على خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وقبل ذلك، قد يتم التصويت للمرة الأخيرة على خطة رئيسة الوزراء البريطانية في أواخر الشهر الجاري، أو قد يقوم قادة دول الاتحاد الأوروبي بالتساهل في بعض البنود، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى موافقة نواب مجلس العموم البريطاني على خطة ماي، وخروج بريطانيا في الموعد المقرر يوم 29 مارس (آذار) الجاري.

 

بريطانيا قد لا تخرج من الاتحاد الأوروبي إطلاقًا

حذَّرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، من نتيجة تصويت نواب مجلس العموم على خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، وشددت على أهميته، وذلك في كلمة لها في ميناء الصيد في مدينة جريمسبي بشرق إنجلترا؛ إذ قالت إن النواب البريطانيين يواجهون تصويتًا حاسمًا اليوم بشأن ما إذا كانوا سيدعمون اتفاقها الخاص بالخروج من الاتحاد الأوروبي، محذرة من أنه في حال رفضهم الاتفاق فإن بريطانيا قد لا تخرج أبدًا من الاتحاد.

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية قد أوضحت أن تأخير الخروج قد يخلق مشاكل جديدة، وقد يعني عدم قدرة بريطانيا على إنهاء حرية التنقل، وعدم قدرتها على إبرام الاتفاق التجاري الخاص بها، وعدم استعادة السيطرة، وهو ما صوّت لصالحه الشعب البريطاني، قائلة «ادعموه وسوف تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، ارفضوه ولن يعلم أحد ما الذي سيحدث، قد لا نترك الاتحاد الأوروبي لشهور كثيرة، وقد نغادره دون الحماية التي سيوفرها الاتفاق. وقد لا نغادر على الإطلاق».

من جانبه، لا يزال حزب العمال المعارض الرئيس في البلاد يعارض الاتفاق، رغم وعود ماي لعدد من نوابه بحماية حقوق العمال وتوفير أموال جديدة للمناطق الفقيرة.وبعد أشهر من التساؤل بشأن موقف زعيم حزب العمال، قال جيرمي كوربن إنه قد يؤيد إجراء استفتاء ثان، في حين لا يزال يدفع في اتجاهه المفضل؛ وهو الدعوة لانتخابات مبكرة، غير أنه من المتوقع أن يصوت العديد من نواب العمال من المناطق التي صوتت للمغادرة في عام 2016 ضد إجراء استفتاء ثان.

المصادر

تحميل المزيد