تطبيقات تشخيص السرطان هي تطبيقات عبر الهاتف، ترفع شعار الوقاية خير من العلاج، وتخبرك أن الاكتشاف المبكر سوف ينقذك من التطورات غير المحمودة. يتغاضى البعض عن التعامل مع هذه التطبيقات من باب التشاؤم، بينما يلجأ لها آخرون من باب العناية بالنفس، خاصة مع وجود تاريخ عائلي من الإصابة بالأورام، ليبقى السؤال، هل حقًّا تساهم تلك التطبيقات في الوقاية من مرض السرطان؟ وإن كانت الإجابة نعم، فما مدى دقتها وإمكانية الاعتماد على وسيط رقمي لتشخيص مرض شرس كالسرطان؟
ما هي تطبيقات تشخيص السرطان؟ وكيف تعمل؟
تطبيقات اكتشاف أمراض السرطان وتشخيصها، ما هي إلا مجموعة من تطبيقات الهواتف الذكية التي طورها مجموعة من المطورين والأطباء، من أجل تسهيل اكتشاف أمراض السرطان، ولعل أشهر تلك التطبيقات هو تطبيق «skinvision» والذي يطرح عبر الموقع الرسمي الخاص به مجموعة من قصص أشخاص ساهم التطبيق في إنقاذ حياتهم.
من بين هؤلاء، المواطن البريطاني، ويليان ويبر، الذي تطالعك صورته وقصته عبر الموقع قائلًا: «حملت التطبيق، وبمجرد تجربته ظهرت النتيجة أنني في خطر شديد، وهكذا خضعت لإزالة تلك النقاط التي تبين لاحقًا أنها كانت مرحلة مبكرة من سرطان الجلد»، التطبيق الأكثر شهرة يستخدمه الملايين حول العالم، ويقدم وعدًا بأنه قادر على اكتشاف أكثر من 35 ألف حالة على مستوى العالم.
في الواقع ثمة تطبيقات لكل أنواع السرطان تقريبًا مثل:
1- دليل تشخيص سرطان الثدي: الذي يرشد مستخدميه إلى عالم سرطان الثدي، والاختبارات المطلوبة والمعلومات التي قد يحتاجها المريض والطبيب في رحلة التشخيص، وكذلك العلاجات المتاحة المناسبة.
2- My Cancer Coach: وهو عبارة عن تطبيق يوفر معلومات حول علاج السرطان، مع مساعدة الشخص على تتبع المرض لديه، وطرح أسئلة حوله، وهل يجب الخضوع إلى جراحة أم لا، وهل الإشعاع ضروري في حالته أم لا، كذلك العلاج الكيميائي، في الواقع يوفر التطبيق –بحسب الوعد الذي يقدمه عبر صفحته الرئيسية بموقع تحميل التطبيقات (بلاي ستور)- معلومات سهلة الفهم لمرضى سرطان الثدي والبروستاتا والمرضى الذين يعانون من سرطان القولون والقائمين على رعايتهم.
3- Cancerhelp: يتخصص بالذات في تتبع آثار التوتر والقلق الناشئين عن المرض، وكذلك يوفر معلومات كافية عن السرطان ويمنحك إمكانية التواصل مع مجتمع دعم السرطان القريب.
هل تطبيقات تشخيص السرطان دقيقة حقًّا؟
في عام 2019 أجريت دراسة على التطبيقات الخاصة بسرطان الجلد، وخلصت تلك الدراسة التي أخضعت ستة من تطبيقات اكتشاف سرطان الجلد للاختبار، أن التطبيقات المذكورة في الدراسة اعتمدت على دراسات صغيرة سيئة التنفيذ، وأظهرت الاستنتاجات أنه لا يمكن الاعتماد على تطبيقات الهواتف الذكية القائمة على الخوارزمية للكشف عن جميع حالات سرطان الجلد.
خطر الاعتماد على تطبيقات تشخيص السرطان لا يتعلق فقط بمدى دقتها لأسباب علمية، لكن أيضًا لأسباب عرقية؛ فبحسب تقرير ورد بصحيفة «الجارديان» البريطانية فإن التطبيقات التي تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي ترتكب أخطاء وتنتج تحيزات منهجية مثل العرق والعمر ونوع التأمين!
مسألة يؤكدها عبر التقرير السابق ذكره، الباحث في جامعة ستانفورد جيمس زو، والذي أشار إلى واحد من تطبيقات تشخيص السرطان، جرى تطويره عبر استخدام صور لمجموعة من كبار السن من المرضى الذكور البيض، مما يجعل النتيجة والتشخيص خطأ إذا جرى استخدام التطبيق من جانب امرأة سوداء أصغر سنًّا، فضلًا عن أن أحد أبرز العيوب في قواعد البيانات التي تعتمدها خوارزميات تطبيقات تشخيص السرطان، خاصة في مجال الجلد، أنها تغفل تدرج لون البشرة وكذلك ملمسها المختلفة من مكان لآخر في جميع أنحاء العالم، كذلك تمتد الأخطاء أيضًا إلى درجة الإضاءة، فصورة جرى التقاطها في الشمس بوضوح، تختلف عن تلك التي جرى التقاطها في إضاءة مصباح واحد داخل غرفة مغلقة!
الجزئية المتعلقة بالتفاوتات العرقية شغلت مجموعة من الباحثين الذين تبين لهم عبر البحث والدراسة فقر البيانات الخاصة بالأقليات العرقية، والفقراء، والمسنين، وغير المؤمَّن عليهم!
قد تتسبب في موت المريض! أثر أبعد لتطبيقات تشخيص السرطان
ثمة أثر أبعد لتطبيقات الهواتف المحمولة التي تدعي قدرتها على تشخيص الأمراض، أنه لا يمكن الاعتماد المطلق عليها، في استبعاد أو تأكيد الإصابة بأي شكل، ولو على سبيل التشخيص الأولي، لا نتحدث هنا عن تطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بسرطان الجلد فقط، ولكن بعدد أكبر وأنواع أكثر من التطبيقات الذكية للسرطان المخصصة لعامة الناس.
ففي دراسة أعدها مجموعة الباحثين، قاموا خلالها بفحص حالة تطبيقات الهواتف الذكية مع التركيز على مميزاتها التفاعلية، ومصادر المحتوى الذي يقوم عملها على أساسه، وكذلك انتماء مطوري تلك التطبيقات؛ تبين عبر النتائج أن 50% من التطبيقات تقوم بالتركيز على المعلومات العامة عن السرطان، وهي المعلومات ذاتها التي يمكن العثور عليها عبر القراءة من خلال شبكة الإنترنت.
ناهيك عن أن التطبيقات لم تذكر تلك المصادر بشكل واضح، كما أن الميزات التفاعلية التي قدمتها التطبيقات المذكورة تلخصت في مراقبة الأعراض والآثار الجانبية للأدوية والألم المزمن، ما جعل القائمين على الدراسة يخلصون إلى أن مثل تلك التطبيقات إن لم تكن مفيدة فهي في الواقع لها آثار على جودة المعلومات والموارد الداعمة لرعاية مريض السرطان، وأنها بحاجة إلى المزيد من المعلومات الشفافة حول مصادر المحتوى المتوفر عليها، وكذلك الانتماءات الخاصة بالقائمين عليها وانتماءاتهم العرقية، وهل تخضع لإشراف أطباء أو لا، كما أنها في العموم تحتاج لتحسين جودتها سواء كانت خاصة بسرطان الجلد أو الثدي أو سواها.
لعل المصيبة الحقيقة بشأن تطبيقات تشخيص السرطان هو ما توصلت إليه دراسة كشفت عن دور تطبيقات الهاتف في تصنيف السرطانات النادرة بشكل غير صحيح، فضلًا عن تحديد درجة الخطورة بطريقة غير صحيحة، فيجري وصف السرطانات الشديدة والنادرة في بعض الأوقات على أنها شائعة ويمكن السيطرة عليها.
فالمسألة – وفقًا للدراسة- تتعلق بإمكانية مساهمة تطبيقات تشخيص السرطان هذه في تهديد حياة بعض الأشخاص وهو أمر مشكوك فيه أخلاقيًّا، فعلى سبيل المثال ثمة نوعان من سرطان الجلد الميلانيني، النادرين، يتطلبان تدخلًا سريعًا نظرًا إلى سرعة نموهما وشراستهما، ولم تنجح التطبيقات الخاصة بالتشخيص في التعرف إلى المرض بالنسبة المذكورة عبر مواقعهم الرسمية!