أشارت بيانات نشرها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، إلى ارتفاع حصة الصين من إجمالي الصادرات العالمية، إلى نسبة 13.8% من إجمالي صادرات العالم، خلال عام 2015، مقابل 12.3% في عام 2014. المثير في الأمر أن هذه النسبة تمثل أكبر حصة تستحوذ عليها دولة واحدة من إجمالي الصادرات العالمية منذ عام 1968.
في نفس الوقت أشارت البيانات، إلى تسجيل الصين هبوطًا حادًا في الواردات، والذي وصل إلى 14% فقط، خلال عام 2015، من إجمالي الواردات العالمية. هذه النسبة فسرها الاقتصاديون بأن الصين تستعين بإستراتيجية لإحلال الواردات، ينتج عنها خروج العلامات التجارية الأجنبية خارج السوق المحلية.
صعود وسط هبوط عالمي
رغم ضعف الطلب العالمي فيما يتعلق بالصادرات والواردات والتجارة العالمية، إلا أن الصين تمكنت من الاستيلاء على حصة أكبر في سوق الصادرات من منافسيها. هذه الأخبار جيدة جدًّا للصين، لكن هذا التوسع من الممكن أن يزيد التوترات فيما يتعلق بسوق التجارة العالمية.
هذا النجاح خيب التوقعات الواسعة المتعلقة بأن ارتفاع تكاليف العمالة الصينية، وارتفاع قيمة العملة الصينية أمام الدولار الأمريكي بنسبة 20% خلال العقد الأخير، من الممكن أن يتسبب في فقدان الصين لجزء من حصتها في السوق العالمية لصالح منافسين أرخص. لكن بدلًا من ذلك فإن البنية التحتية الخاصة بالتصنيع في الصين التي تم إنشاؤها خلال مرحلة ارتفاع التصنيع في الصين خلال العقود الأخيرة، تركزت حول زيادة الصادرات باستمرار، وتوفير أسس قوية للشركات لإنتاج منتجات ذات قيمة أعلى.
ورغم أن الشركات الصينية تتنافس في إنشاء خطوط إنتاج أكثر تطورًا، إلا أنها تقوم بتفريغ مخزونها من السلع المتكدسة في المخازن في بعض القطاعات مثل صناعة الصلب، هذه العملية تعد مصدر إزعاج في العلاقات التجارية العالمية. الولايات المتحدة الأمريكية وسبع دول أخرى دعت إلى إجراءات عاجلة لمعالجة الزيادة في المعروض من الصلب الذي تسببه الصين، والذي يتسبب بدوره في خفض السعر العالمي للصلب.
الأسبوع الماضي اتخذت الحكومة الصينية إجراءات جديدة لدعم صادراتها من الآلات، من بينها التخفيضات الضريبية، وتشجيع البنوك على الإقراض أكثر للمصدرين. الآلات والأجهزة الميكانيكية تمثل ثاني أكبر قطاع من قطاعات التصدير الخاصة بالصين. مثل هذه السياسات لا تكون في موضع الترحيب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الأمر عكسه بوضوح المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل، دونالد ترامب، عندما دعا إلى زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 45%.
الخطورة هنا هي أنه إذا ما وجدت أفكار ترامب هذه طريقها للفعل السياسي العملي، فإننا سنرى أن أرباح الشركات الصينية العملاقة تتدمر من خلال حرب تجارية عالمية. ومن جانب آخر فإن مثابرة الشركات الصينية وصمودها الكبير مبني بشكل كبير على الاستثمار في البنية التحتية الواسعة، مما يجعل هذه الشركات أسرع وأكثر موثوقية للشركات الأجنبية التي تشتري غالبية منتجاتها من خارج الحدود.

العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة
التجارة الصينية
الصين هي أكبر اقتصاد في العالم، بالنسبة لحجم الصادرات، ويمثل الاقتصاد رقم 22 الأكثر تعقيدًا على مستوى العالم. وتشكل التجارة الدولية جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الصيني، وهي ثاني أكبر دولة في العالم من حيث التجارة الدولية، بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
جزء كبير من التجارة الصينية تُوجّه إلى دول «العالم الثالث»، من خلال المنح والقروض وغيرها من أشكال المساعدات منذ عدة عقود مضت. الصين قدمت جهودها الرئيسية في هذا المجال إلى الدول الآسيوية، وتحديدًا إندونيسيا وبورما وباكستان وسيلان، لكن تم أيضًا منح قروض كبيرة في القارة الإفريقية، خصوصًا غانا والجزائر وتنزانيا ومصر.
لكن بعد وفاة الزعيم الصيني ماو تسي تونج عام 1976، تراجعت هذه القروض والمنح تراجعًا ملحوظًا، وبدأت التجارة الصينية مع الدول النامية تقل تدريجيًّا حتى أصبحت غير ذات أهمية. في ذلك الوقت أصبحت تايوان وهونغ كونغ هما الشريكان الأساسيان للتجارة مع الصين.
ومنذ بدأت الإصلاحات الاقتصادية في أواخر السبعينات من القرن الماضي، سعت الحكومة الصينية لتحقيق اللامركزية في نظام تجارتها الخارجية، بهدف دمج نفسها مع النظام التجاري العالمي. في نوفمبر (تشرين الثاني) انضمت الصين إلى مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، وهو ما عزز التجارة الحرة، والتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية.
في صيف عام 2000، توصلت الصين إلى اتفاقيات تجارية هامة مع الاتحاد الأوروبي وشركاء تجاريين آخرين، كما عملت الصين على صفقة انضمام متعددة فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية. وانضمت الصين بالفعل للمنظمة في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2001، بعد 16 عامًا كاملة من المفاوضات، وهي المفاوضات الأطول في تاريخ الاتفاقيات الخاصة بالتعريفات الجمركية والتجارة العالمية.

الصناعة الصينية تتقدم عالميًّا
الصادرات والواردات الصينية
في عام 2015، وصل حجم الصادرات الصينية إلى 2.28 تريليون دولار أمريكي، لكن لمعرفة تفاصيل أدق عن طبيعة الصادرات الصينية واتجاهاتها نعود إلى بيانات عام 2013، التي أوضحت أن الصين قامت بتصدير ما قيمته 2.25 تريليون دولار أمريكي، بينما استوردت منتجات بقيمة 1.56 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يعني تحقيق فائض في ميزان التجارة الخارجية بقيمة 690 مليار دولار.
بالنسبة لأكثر المنتجات الصينية المُصدَرة، فهي: أجهزة الحاسوب بقيمة 208 مليارات دولار، وأجهزة البث والإرسال بقيمة 128 مليار دولار، وأجهزة الهاتف بقيمة 100 مليار دولار، والدوائر الإلكترونية المتكاملة بقيمة 51 مليار دولار، وقطع غيار الأجهزة المكتبية بقيمة 47 مليار دولار. وبشكل عام فإن الأجهزة الإلكترونية تمثل حوالي 26.3% من إجمالي الصادرات بقيمة 600 مليار دولار.
بينما كانت أكثر المنتجات التي تستوردها الصين، هي: البترول الخام بقيمة 198 مليار دولار، والدوائر المتكاملة بقيمة 139 مليار دولار، وخام الحديد بقيمة 91 مليار دولار، والذهب بقيمة 78 مليار دولار، والسيارات بقيمة 45 مليار دولار.
وبالنسبة لأكثر الدول التي تصدر لها الصين منتجات، فهي: الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 423 مليار دولار، وهونغ كونغ بقيمة 270 مليار دولار، واليابان بقيمة 163 مليار دولار، وألمانيا بقيمة 92.5 مليار دولار، وكوريا الجنوبية بقيمة 80 مليار دولار.
وبالنسبة لأكثر الدول التي تستورد منها الصين، فتأتي الدول الآسيوية المشار إليها بقيمة 155 مليار دولار، ثم كوريا الجنوبية بقيمة 142 مليار دولار، ثم اليابان بقيمة 133 مليار دولار، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 130 مليار دولار، ثم أستراليا بقيمة 94 مليار دولار.