انتشر في عدد من وسائل الإعلام قصة ذلك الطفل الذي ولد حديثًا لأم في المملكة المتحدة، والتي كانت مصابة بفيروس «كورونا» الجديد. بعد فترة قصيرة من الولادة أظهر تحليل أجري على الطفل أنه مصاب هو أيضًا بفيروس «كورونا» الجديد. لكن الأطباء ليسوا متأكدين حتى الآن مما إذا كان أصيب به في الرحم، (وهو أمر غير مرجح كثيرًا) أو بعد الولادة (وهو الأكثر ترجيحًا). لكن لا يزال كل شيء غير مؤكد تمامًا.
مع ازدياد أزمة انتشار وباء «كورونا» حاليًا، تدور الكثير من الأسئلة في أذهان النساء خصوصًا أولئك الحوامل واللواتي على وشك الولادة. فإنجاب طفل هو أمر مرهق بما فيه الكفاية بدون وجود فيروس «كورونا» الجديد (كوفيد-19) وكل تلك الشائعات والأخبار الزائفة المرتبطة به، إذ إنه الوباء الأول من نوعه الذي ينتشر بين البشر بهذه الطريقة منذ الإنفلونزا الإسبانية عام 1918.
إذا كنتِ حاملًا أو من المقرر أن تلدين قريبًا، أو أن هناك أحدًا في عائلتك من هذه الفئة، فمن الأفضل الحصول على معلومات من مصادر موثوقة مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، حول ما يجب الحذر منه واتباعه من تعليمات ومعلومات حتى يمكنك عبور هذه الفترة الصعبة في تاريخ العالم دون أي خسائر.
«كورونا» والحمل.. كل المعلومات تأتي من الصين
نظرًا لأن كوفيد-19 هو فيروس جديد، فإننا لا نزال نتعلم المزيد عنه يوميًا. ونظرًا لأن معظم النساء الحوامل صغيرات السن وبصحة عامة جيدة؛ فإن احتمال تأثرهن بالإصابة بهذا الفيروس قليلة، وهذه بالطبع أخبار جيدة. ولكن نظرًا لوجود طفل في رحم الأم، يمكن أن تكون الصورة أكثر تعقيدًا، فالرضيع الذي ذكرناه في البداية – حتى هذه اللحظة – على ما يرام ويتم علاج الأم.
أظهرت تقارير أخرى عن الأطفال المصابين بفيروس «كورونا» الجديد، أنهم يعانون من أعراض خفيفة ويمرون بمرحلة تعافي جيد. ولأن مركز انتشار الفيروس كانت الصين؛ فإن الكثير من معلوماتنا حول «كوفيد-19» تأتي من هناك. إحدى الدراسات الأولى التي ارتبطت بتأثير «كورونا» على الحوامل في الصين وشملت تسع سيدات قمن بالولادة عبر عمليات قيصرية، أظهرت أن جميعهن لم يتعرضوا لأعراض قوية، وكانت عملية تعافيهن جيدة ودون مشاكل تذكر.
دراسة أخرى نشرت يوم 16 مارس (آذار) الحالي، في الصين، شملت أربع نساء مصابات بالفيروس أنجبن أطفالهن الأربعة؛ ورغم أن النساء الأربع كن مصابات بالفيروس عندما ولدن، لكن الأطفال ولدوا بصحة جيدة، دون أي أعراض على وجود فيروس «كورونا» الجديد. عانى طفل واحد من مشاكل خفيفة في التنفس لكنه تعافى بشكل جيد بعد أيام قليلة من العلاج. وأصيب اثنان بالطفح الجلدي، ولكنه اختفى في غضون 10 أيام دون علاج. وعند اختبار الأطفال الثلاثة للكشف عن الفيروس، كانت النتائج كلها سلبية.
ووجدت الدراسة أن أيًا من الأطفال المولودين لم يظهر عليه أي إصابة بفيروس «كورونا» الجديد، ولم يكن هناك دليل على وجود الفيروس في الرضيع أو في حليب الأم أو في السوائل المحيطة بالطفل قبل ولادته. وباارغم من أن الدراسة لم توضح سبب ولادة هؤلاء النساء عبر عملية قيصرية، لكن نأخذ في الاعتبار أن الصين لديها معدل ولادة قيصرية مرتفع للغاية بشكل عام.
وتوضح الإرشادات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد دليل على أن النساء الحوامل تظهر عليهن علامات أو أعراض مختلفة أو أنهن أكثر عرضة للإصابة بمرض شديد نتيجة «كورونا». وحتى الآن، لا يوجد دليل على انتقال العدوى من الأم إلى الطفل عندما تصاب الأم بالفيروس في الشهر الثالث من الحمل. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأنه يجب إجراء العملية القيصرية بشكل فقط عندما يكون هناك ما يبررها طبيًا.
الحوامل لسن أكثر عرضة للعدوى
حسب الدراسات الطبية، تكون النساء الحوامل بشكل عام أكثر عرضة للفيروسات التي تسبب مشاكل في التنفس مثل الأنفلونزا. السبب في هذا هو أن النساء الحوامل ذوات مناعة أقل، وهناك ضغط إضافي على الرئتين بسبب وجود الجنين، وبالتالي يحتجن إلى كميات أكبر من الأكسجين.
(لا علاقة بين الحمل وسهولة الإصابة بفيروس «كورونا»)
ومع ذلك لا يبدو أن هذه الظروف نفسها تنطبق على فيروس «كورونا» الجديد. إحدى الدراسات التي أجريت على 147 امرأة حامل مصابة بفيروس «كورونا» الجديد أظهرت أن 8% فقط من المصابات كان لديهن أعراض شديدة، و1% كن في حالة حرجة. هذه النسبة أقل من النسبة العامة لكل المصابين في العالم.
ويبدو أن الاستجابة المناعية المنخفضة تجاه الحمل، واللازمة لإيقاف استجابة جسد المرأة لطفلها باعتباره تهديد صحي وجسم غريب يجب مهاجمته، قد توفر في الواقع حماية إضافية ضد فيروس «كورونا» الجديد. ويبدو أن مرض «كوفيد-19» يكون أكثر شدة لدى الأشخاص الذين يملكون جهازًا مناعيًا يعاني ويعمل بجد للتعامل مع الاضطرابات الصحية الأخرى. لاحظ أن فيروس «كورونا» الجديد يؤثر على الرجال أكثر من النساء، وتقل احتمالية إصابة النساء بالمرض الشديد والموت عمومًا. حتى الآن، يبلغ معدل الوفيات 1.7% للنساء و2.8% للرجال.
لا دليل على إصابة الطفل في الرحم بفيروس «كورونا»
سؤال مهم: هل يمكن أن يصاب الطفل بفيروس «كورونا» الجديد في الرحم؟ تعد المشيمة نظام تصفية فعال للغاية، وتقوم بعمل رائع في حماية الأطفال من الفيروسات. وربما كان «فيروس زيكا» استثناءً لتلك القاعدة.
لا يوجد دليل على زيادة المضاعفات إذا كانت الأم مصابة بفيروس «كورونا»، على الرغم من أنه إذا كانت المرأة ليست على ما يرام، مع وجود ارتفاع في درجة الحرارة أو الالتهاب الرئوي على سبيل المثال، فقد يولد الطفل قبل الأوان. قد يكون هذا الأمر ناجم عن التدخل المتعمد من قبل الأطباء إذا كانت المرأة مريضة للغاية، وليس للولادة المبكرة علاقة بفيروس «كورونا».
بشكل عام على الرغم من ذلك لا ينبغي أن يؤدي تشخيص الشخص بفيروس «كورونا» الجديد إلى اتخاذ قرار بشأن الولادة المبكرة، إلا إذا كان يعتقد أن إنهاء الحمل مفيد للأم بسبب حالتها العامة. ولا يوجد دليل كاف على أن «كوفيد-19» يزيد من الإجهاض، كما أنه من السابق لأوانه معرفة التأثيرات الأخرى طويلة المدى على الطفل.
نصائح مهمة للمرأة الحامل
يجب على النساء الحوامل القيام بالأمور نفسها التي يقوم بها عامة الناس لحماية أنفسهم، والتي تشمل:
1- تغطية الفم عند السعال.
2- تجنب المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض.
3- غسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون أو استخدام مطهر كحولي.
4- تجنب التجمعات الكبيرة.
5- عدم السفر إلى الخارج في الوقت الحالي وعزل نفسك عند العودة من السفر.
6- استشارة الطبيب على الفور إذا ما ظهرت أعراض تشبه أعراض الإصابة بفيروس «كورونا»، ويفضل من خلال تواصل صوتي وعدم الذهاب للطبيب شخصيًا.
7- إذا طلب منكِ العزل الذاتي بسبب الاتصال بشخص مصاب بفيروس «كورونا» الجديد، أو ظهرت عليك أعراض مرضية، تأكدي من الاتصال بطبيب التوليد عبر الهاتف واتباع النصائح حرفيًا.
8- عليكِ الاستمرار في الذهاب إلى مواعيد الطبيب أو المستشفى المتعلقة بمتابعة الحمل دون تشدد إذا ما فاتك بعض المواعيد.
9- إذا تم حجزك في مركز ولادة أو مستشفى، فهناك الكثير من الاحتياطات الموجودة هناك لتقليل خطر الإصابة بالعدوى، عليك اتباعها بشكل كامل.
10- ستمضي الولادة كما هو مخطط لها في الغالبية العظمى من الحالات دون مشاكل، وسيكون الذهاب إلى المنزل مبكرًا أمر مثالي وقد يكون مفضلًا إذا كنت أنت وطفلك بصحة جيدة.
11- يفضل تقييد الزوار في المستشفى والاقتصار على الزوج فقط لمحاولة تقليل المخاطر على المجتمع.
نصائح للطفل ما بعد الولادة
يجب الأخذ في الاعتبار مجموعة مهمة من الأمور لضمان سلامة الطفل:
1- فوائد الرضاعة الطبيعية مهمة للغاية في هذه المرحلة، وتوصي منظمة الصحة العالمية بالبدء في الرضاعة الطبيعية في غضون ساعة من الولادة.
2- يجب دعم ملامسة جلد الطفل لجلد أمه مباشرة بعد الولادة إذا كان الطفل في حالة جيدة، هذا الأمر له دور مهم في رفع المناعة.
3- إذا كانت الأم مريضة للغاية، فيجب مساعدتها على تفريغ حليبها. الرضاعة الطبيعية فعالة بشكل خاص ضد الأمراض المعدية لأنها تنقل الأجسام المضادة وعوامل المناعة المهمة الأخرى إلى الطفل.
4- إذا كانت المرأة أو الطفل مصابة بعدوى، فإن تركيبة لبن الأم تتغير لزيادة المكونات المهمة التي تساعد الطفل على محاربة العدوى. لذا فإذا كنت تفكرين في التخلي عن الرضاعة الطبيعية، فربما عليك بالاستمرار حتى ينتهي هذا الوباء.
5- توصي منظمة الصحة العالمية النساء اللواتي يعانين من «كوفيد-19» بغسل أيديهن قبل وبعد الاتصال بالطفل، واستخدام قناع طبي عندما يكن بالقرب من الطفل إذا كان لديهن أعراض مثل السعال، وتنظيف وتطهير الأسطح التي قد يكُن لمسوها بشكل روتيني.