أعلن «الاتحاد الأفريقي» تعليق النقاش حول حصول إسرائيل على مقعد عضو مراقب به، وتكليف سبعة شخصيات هم رئيس الاتحاد الأفريقي ماكي سال، بالإضافة إلى رؤساء جمهوريات جنوب أفريقيا، والجزائر، ونيجيريا، والكونغو، والكاميرون، ورواندا، لدراسة الأمر؛ وإرجاء التصويت حول القرار إلى القمّة القادمة سنة 2023.

وجاء قرار تعليق النقاش على عضوية إسرائيل بعد ضغط دولي بقيادة الجزائر وجنوب أفريقيا، رفضًا لقرار رئيس مفوّضية الاتحاد الأفريقي موسى فكّي، الذي أعلن من جانب واحد، إعطاء إسرائيل صفة العضو المراقب في 22 يوليو (تموز) 2021.

Embed from Getty Images

الاتحاد الأفريقي

وفي هذا السياق كانت إسرائيل تعوّل على مجموعة من الدول الأفريقية التي تمتلك معها علاقات دبلوماسيّة قويّة، وفي مقدمتها المغرب، وتشاد، وتوجو، من أجل تمرير القرار والحصول على مقعد مراقب، وهي الصفة التي تمتلكها السلطة الفلسطينية في الاتحاد الأفريقي.

تبعات التطبيع.. هكذا يحاول المغرب دعم إسرائيل

كانت المملكة المغربية إحدى أبرز الدول التي دعمت قرار رئيس مفوّضية الاتحاد الأفريقي موسى فكّي، منح إسرائيل على صفة العضو المراقب، مُخالفة بذلك الإجماع العربي الرافض لمنح إسرائيل هذا المقعد، حتى من طرف دول تملك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مثل مصر.

العلاقات بين إسرائيل والمغرب انطلقت منذ الستينات على المستوى الاستخباراتي؛ إذ شارك الإسرائيليون في عملية اغتيال المعارض المغربي اليساري المهدي بن بركة، كما ساعدت إسرائيل المغربَ في حربها في إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، وذلك من خلال إمداده بدعم لوجيستي لإنشاء «الجدار العازل» في الإقليم.

مشاهد من توقيع اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والمغرب برعاية أمريكية في ديسمبر 2020

وقد شهدت سنة 1986 زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز إلى المغرب ولقائه بالملك الحسن الثاني ووولي عهده محمد السادس (الملك الحالي)، وفي سنة 1994 افتتح البلدان مكتب اتصال لديهما، ليقرّر المغرب إغلاق المكتب بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلا أن الاتصالات والتعاون الاقتصادي بين الطرفين لم يتوقّفا.

لتأتي اتفاقية التطبيع بين المغرب وإسرائيل برعاية أمريكية في ديسمبر (كانون الأول) 2020 التي اعترفت بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل/ ومنذ إتمام هذا الاتفاق شهدت العلاقات بين الطرفين توسّعًا ورسوخًا في العديد من الميادين، سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي.

وكانت صحيفة «أفريكا إنتليجنس» قالت إن المغرب وإسرائيل بصدد التعاون على تطوير مشروع لطائرات مسيّرة بدون طيّار معروفة بـ«الكاميكازي»، وهي عبارة عن طائرات تستخدم في الهجوم على الأهداف الأرضية من خلال الارتطام بها»؛ إذ تتحوّل إلى صاروخ قادر على حمل مواد متفجّرة، كما أن بعض التحقيقات اتهمت المغرب باستخدام برمجية «بيجاسوس» الإسرائيلية للتجسّس على معارضين وشخصيات سياسية في الجزائر وفرنسا.

ويطمح المغرب إلى إشراك إسرائيل في الاستثمارات التي يسعى إلى جلبها في إقليم الصحراء المتنازع عليه، خصوصًا في ميدان الطاقة؛ إذ أعلنت شركة «راتيو بتروليوم» الإسرائيلية توقيع عقد لاستكشاف الغاز في السواحل المقابلة لمنطقة الداخلة بالصحراء الغربية.

هذا بالإضافة إلى دور إسرائيلي محتمل في الميدان العسكري في حرب المغرب ضد «جبهة البوليساريو» التي تسعى لاستقلال الإقليم، وفي هذا السياق كان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس قد وقع أثناء زيارته إلى المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، على اتفاقية تعاون عسكري مع المغرب.

رئيس تشاد.. شابه أباه وظَلَم

عاد الحديث عن العلاقات الإسرائيلية مع دولة تشاد إلى الواجهة، بعد قرار رئيس مفوّضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي التشادي، منح إسرائيل صفة العضو المراقب في الاتحاد الأفريقي؛ إذ جرى اعتبار أن دولة تشاد تدعم هذا المسعى.

وقد دافع موسى فكّي في القمة الأفريقية التي انعقدت يومي الخامس والسادس من فبراير 2022 عن قراره في خطاب مطوّل برر فيه منح إسرائيل العضوية برغبته في رؤية أفريقيا لاعبًا قويًا على الساحة العالمية، وذلك في مواجهة اتّهامه بتجاوز صلاحياته، خصوصًا أن القرار جاء بدون استشارة باقي الدول الأعضاء أو إجراء تصويت حوله.

Embed from Getty Images

الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي رفقة بنيامين نتنياهو خلال زيارة ديبي إلى القدس 2018

ومن المرجّح أن تكون دولة تشاد هي من دفعت موسى لهذه الخطوة لصالح إسرائيل، أو على الأقل بضوء أخضر منها، وبذلك يواصل الرئيس الجديد لتشاد محمد إدريس ديبي، النهج الذي بدأه والده إدريس ديبي في تعميق العلاقات مع إسرائيل.

وبدأت العلاقات بين إسرائيل وتشاد في ستينات القرن الماضي فور استقلال الدولة الأفريقية، التي استفادت من علاقاتها مع الدولة العبرية من أجل تدريب قوات الشرطة التشادية، ولكن هذه العلاقات قُطعت على المستوى الرسمي بعد ضغوط من الدول العربية سنة 1972 بسبب الصراع العربي الإسرائيلي.

إلا أنها استمرّت في بصورة غير رسمية على شكل تدريبات لخبراء إسرائيليين للجيش التشادي خلال فترة الثمانينات، واستفادت تشاد من الأسلحة الإسرائيلية خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد، والتي انتهت سنة 1979.

وتوّجت العلاقات بين إسرائيل وتشاد بزيارة تاريخية هي الأولى من نوعها للرئيس السابق إدريس ديبي في 26 نوفمبر 2018 إلى إسرائيل؛ إذ زار المتحف الإسرائيلي «ياد فاشيم» في القدس ووضع إكليلًا من الزهور تخليدًا لذكرى ضحايا الهولوكوست.

وكان نتنياهو قد زار تشاد هو الآخر في يناير (كانون الثاني) سنة 2019 واعتبر الزيارة «اختراقًا دبلوماسيًا تاريخيًا هامًا»؛ كما ألمح في حديثه إلى أهمية الزيارة بالنظر إلى أن تشاد دولة لها حدود مع البلدان العربية (ليبيا والسوادن)، وهي ذات أغلبية مسلمة ويتحدث أهلها العربية؛ وبالتالي فإن إقامة إسرائيل علاقات دبلوماسية معها يمثّل قفزة نوعية لإسرائيل ليس فقط لأفريقيا، بل لجيران تشاد العرب أيضًا.

وجاء في حساب رئيس الوزراء الإسرائيلي على موقع «تويتر»: تشاد دولة إسلامية عملاقة الحجم تتاخم ليبيا والسودان. هذا هو جزء من الثورة التي نحدثها في العالم العربي والإسلامي. قد وعدتكم بأن هذا سيحدث. ستكون هناك دول أخرى. هذا يزعج كثيرًا، وحتى يُغضب كثيرًا إيران والفلسطينيين الذين يحاولون إحباط ذلك، ولكنهم فشلوا في ذلك»، وتحرص إسرائيل على تعميق علاقاتها مع تشاد بهدف توسيع حضورها في أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي، وفي المقابل طلبت تشاد من إسرائيل الحصول على أسلحة لمساندتها في حربها ضد المتمرّدين.

توجو.. بوابة إسرائيل إلى أفريقيا

أحد أهمّ حلفاء إسرائيل الأفارقة الذين تحاول الاعتماد عليهم من أجل الحصول على مقعد في الاتحاد الأفريقي السنة القادمة، هي دولة توجو، ويصف بعض الباحثين توجو الواقعة في غرب أفريقيا، بين بينين وغانا، بأنّها «بوّابة إسرائيل في أفريقيا»، خصوصًا أنّها كانت من المزمع أن تحتضن أوّل «قمّة أفريقية إسرائيلية» في تاريخ القارّة سنة 2017، إلا أن ضغوطًا من طرف بعض الدول الأفريقية، وعلى رأسها الجزائر، وتهديدًا بمقاطعة القمّة، جعل توجو تتراجع عن إقامة القمّة.

Embed from Getty Images

نتنياهو رفقة رئيس الوزراء التوجولي جيبلبرت هونجبو سنة 2009

ويعتبر الإسرائيليون توجو من أكبر أكثر الدولة الداعمة لهم في الساحة الأفريقية، كما يتبادل وزيرا خارجية البلديْن الزيارات بصفة دورية؛ ناهيك على أن وزير خارجية توجو، روبرت دوسيه، يعتنق الديانة اليهودية وله ارتباط وثيق بإسرائيل.

وفي تصريح له قال دوسيه: «في نهاية الأسبوع نامارس ذات الطقوس التي تمارس في يوم السبت لدى يهود إسرائيل، أنا أعتبر إسرائيل دولة لي، هي مكوّن أساسي في حياتي»، في المقابل فإن توجو ثاني أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا، كما حصلت الدولة الأفريقية على إعانة مالية قدّرت بـ190 مليون دولار من إسرائيل سنة 2013.

وتصوّت توجو بصورة دورية لصالح إسرائيل في المحافل الدولية، آخر تلك المناسبات كانت تصويت توجو لصالح نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل؛ إذ كانت توجو هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي صوّتت لصالح القرار.

المصادر

تحميل المزيد