بعيدًا عن صخب مشاكل المنطقة الاقتصادية والسياسية في هذا العام، شهدت المساحة المغاربية مجموعة من الاكتشافات التاريخية المدهشة خلال سنة 2016، التي كشفت عن خبايا مجهولة، فتحت أمام العلماء أبوابًا مشوقة من المعرفة عن بعض الأحياء.

العثور على أضخم تمساح مائي في العالم

في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، عثر علماء غربيون في الصحراء التونسية على مستحاثة، تعود لأضخم تمساح يعيش في الماء وجد على الأرض حتى الآن، حيث يصل طوله إلى 10 أمتار، بما يعادل 30 قدمًا، ويزن قرابة ثلاثة أطنان.

وأطلق علماء الحفريات على هذا النوع الجديد من التماسيح المائية اسم «Machimosaurus rex»، وأرخ فريق العلماء المكتشف عمر وجود عمر التمساح بحوالي 130 مليون سنة سابقة، بعد تحليل بقايا المستحاثة المحفوظة في الصخر طوال هذه الفترة الطويلة.

«إنه اكتشاف جديد في بقعة من العالم لا يلجها عادة علماء الحفريات»، يقول عالم الحفريات المكتشف، ستيفن بروسات من جامعة إدنبورغ، مضيفًا: «الاكتشاف الجديد يضاف إلى أدلة متزايدة على أن الكثير من الزواحف البحرية عاشت بعد الانقراض المفترض».

وكان علماء الحفريات يناقشون لفترة طويلة، إذا ما كانت المجموعة الحية، التي تضم التمساح المكتشف، قد شملها الانقراض الكبير أم لا، قبل 145 مليون سنة خلال العصر الجيوراسي، ليأتي الاكتشاف الجديد ويؤكد أن هذه الأنواع الحية قد عاشت بعد الانقراض.

نشرت الورقة البحثية الموثقة لهذا الاكتشاف في مجلة «Cretaceous Research» العلمية، وقد أدرجت المجلة الأمريكية «ناشيونال جيوغرافيك» هذا الخبر العلمي ضمن أهم ستة اكتشافات حدثت خلال 2016.

أشباه البشر

في 26 أبريل (نيسان) من هذا العام، نشر كاميل دوجاريد ورقة بحثية على مجلة «PLOS ONE»، الصادرة عن المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في فرنسا، يكشف فيها أن أشباه البشر المكتشفين في إحدى الكهوف بالمغرب، كانوا فريسة حيوانات مفترسة ضخمة منقرضة مثل الضباع.

ووجد الباحث علامات أسنان لآكلة لحوم على طرفي عظم الفخذ لأشباه البشر الذين وجدوا في المغرب، بحيث كانت علامات الأسنان تدل على مضغ حيوانات آكلة اللحوم، بما في ذلك حفر الأسنان، كما أن فحص جزء العظام كشف عن كسور وشقوق مختلفة، مجمعة في طرفي الفخد، وقد كانت تلك الآثار مغطاة برواسب، مما يشير إلى أنها كانت قديمة جدا.

ويقول دوجاريد عن اكتشافه إنه «لم يكن مفاجأ كبيرة بالنظر إلى أن الحيوانات المفترسة كانت تلاحق أسلاف البشر طوال الوقت، ومن المرجح أن يكون البشر الأوائل، خلال هذه الفترة، قد تنافسوا على المساحة، مثل الكهوف الطبيعية، والموارد مع الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة، الذين احتلوا العديد من المناطق نفسها».

وكان باحثون في علم الحفريات قد عثروا على عظام فخد لأسلاف الإنسان، سنة 1994 بكهف يدعى «كروت»، قريب من مدينة الدار البيضاء في المغرب، ووجد في الكهف أيضًا أدوات حجرية قديمة، ومجموعة نفيسة من عظام حيوانات كالغزلان والثعالب بالإضافة إلى عظام البشر الأوائل، الأخيرة التي تعود لحوالي 500 ألف سنة ماضية.

العثور على آثار للإنسان العاقل في تونس

اكتشف باحثون تونسيون وبريطانيون، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، موقعًا أثريًا في ولاية توزر، الواقعة في الجنوب التونسي، غير بعيد عن الحدود مع الجزائر، يظهر أن الإنسان العاقل (الهوموسابيان) عاش هناك قبل مائة ألف سنة.

«وجدنا هياكل عظمية تدل على وجود حيوانات السافانا (وحيد القرن، والحمار الوحشي) وبالتالي الماء العذب». يقول نبيل القاسمي الباحث في جامعة سوسة التونسية، والمشارك في الحفريات، مضيفا لوكالة فرانس بريس: «تم العثور أيضًا في الموقع ذاته على أدوات مصنوعة من الصوان تستعمل عمومًا في الصيد مما يدل على وجود الإنسان العاقل هناك».

ومن شأن هذا الاكتشاف، أن يساعد العلماء على تتبع مسار الهجرة الذي سلكه «الهوموسابيان»، منذ ظهوره في شرق إفريقيا قبل 200 ألف عام، ويرجح أن يكون قد خرج من القارة الإفريقية قبل نحو 65 ألف عام، كما يقول العلماء.

وجاء هذا الاكتشاف إثر حفريات استمرت عامًا ونصف العام في موقع يمتد على ستة آلاف متر مربع، شارك فيها باحثون من «المعهد الوطني للتراث» التونسي، وجامعة أكسفورد قرب مدينة توزر التونسية.

وكان قد عثر على أقدم بقايا للإنسان المعاصر (هوموسابيانس) في شمال إفريقيا، بمنطقة تمارة الواقعة في الشمال الغربي للمغرب، حيث كانت تعود إلى 160 ألف سنة مضت.

اكتشاف كهوف منحوتة بالجزائر

خلال أعمال حفرية، في يوليو (تموز) الماضي، اكتشفت مغارة كبيرة، تضم كهوفًا منحوتة تحتوي على مياه جوفية معدنية، بمنطقة «تسالة» في الجزائر.

وفاجأت الرسومات المنحوتة الفريدة من نوعها بالمغارة المراقبين الذين شاهدوها، مما استدعى إرسال السلطات فرق بحث وتنقيب لمواصلة الاكتشاف في عين المكان.

إلا أن المختصين الجيولوجيين يعتقدون أن هذه التجاويف الطبيعية، المنحوتة بإتقان والملونة بألوان مختلفة هي من صنع عوامل الطبيعة، حيث تتفتت التربة بين الصخور الضخمة نتيجة أكسيد الكربون الموجود في المياه، لتشكل فتحات تتوسع مع مرور الزمن، والتي بدورها تشكل مسارات وأنفاقا تتوسع مع تبخر المياه، ناحتة نوازل وصواعد كلسية.

وتشتهر الجزائر بمجموعة من الكهوف العجيبة الواقعة بمدينة جيجل الساحلية والقريبة من ولاية ميلة، أشهرها كهوف «تاسيلي» التي تجذب تجاويفها ورسوماتها الغامضة على جدرانها فضول المستكشفين والسياح الأجانب.

اكتشاف احتياطي مهم من الغاز والصخر النفطي بالمغرب

منح المغرب خلال السنوات الأخيرة الكثير من التسهيلات والامتيازات لشركات التنقيب عن النفط، بدافع تشجيعها على مواصلة البحث رغم الانتكاسات، آملا في العثور على احتياطات من هذه الثروة المفقودة في البلاد، ويبدو أن بعض النتائج الإيجابية الأولية لهذه التجربة الاستثمارية المكلفة بدأت تظهر.

في أغسطس (آب) الماضي، فاجأت شركة بريطانية الرأي العام المغربي بإعلانها عن اكتشاف حجم كبير للغاز في الشمال الشرقي للمغرب يمكن أن يصل في بئر واحد إلى نصف مليون متر مكعب في اليوم، بقرية تندرارة، التابعة لإقليم فكيك المغربي، القريب من الحدود الجزائرية.

وتعتزم الشركة حفر بئر ثان بالقرب من الأول، ثم بعد ذلك تنوي إنشاء البنى التحتية الخاصة لاستغلال هذا البئر، مع شركة شلومبرغر الأمريكية، التي تشاطرها استغلال المشروع.

في حين فضل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن التريث قبل إعلام الرأي العام رسميًا بهذا الاكتشاف، قائلا «إن نتائج اختبار الغاز الذي تم اكتشافه تبقى مهمة ومشجعة، لكن نحتاج إجراء مزيد من التجارب الأخرى لمدة أطول على مستوى هذا البئر».

في نفس الإطار، أعلنت شركة طنجة بتروليوم الأسترالية عن اكتشافها إمكانيات واعدة من الصخور النفطية بأحواض طرفاية، مقدرة بحوالي 750 مليون برميل من النفط القابل للاستخراج، وذلك بعد فحص برامجها البحثية المنطقة المعنية بالتنقيب بسواحل جنوب المغرب.

عرض التعليقات
تحميل المزيد