نشرت وكالة ناسا عام 1969، الصور الملتقطة لسطح القمر، بعد العودة من رحلة «أبوللو 6»، أظهرت الصور عدة أشكال غير مألوفة، وصرح كين جنستون، أحد الطيارين العائدين من الرحلة أنه «رأى أشياء عجيبة في الصور، ربما خلفتها كائنات فائقة الذكاء».
في البداية اكتفت الوكالة – وفقًا لتصريحات كين – بالتعتيم على الأمر، إلا أن فتح هذا الملف مجددًا في إحدى حلقات الوثائقية التي عرضها موقع «هيستوري» في يناير (كانون الثاني) عام 2021 تحت عنوان «الصندوق الأسود لاستكشاف القمر»، أثار السؤال المعلق: «علام تدل هذه الأشكال الغريبة؟».
بدأ العلماء عام 2021 بتتبع الأشكال المشابهة في الصور الأخرى بحثًا عما يثير الانتباه، ويمنح تفسيرًا منطقيًا لها، وقال البعض إنها دليل على وجود كائنات فضائية، بينما ذهب آخرون إلى أنها آثار الآلات التي استخدمها الاتحاد السوفيتي لاستكشاف القمر، إلا أن أكثر الآراء غرابة أن هذه الآثار تعود إلى السلالة الملكية «أنانوكي» التي يُعتقد أنها كائنات فضائية قدمت من كوكب نيبيرو، وقد ورد ذكرها في الأساطير الآشورية والبابلية على أنهم أتباع الإله آنو.
لكن ماذا لو أن للأمر فرضية آخرى، فرضية ربما يستهجنها البعض، ماذا لو كانت هذه الآثار تفتح باب نحو تساؤل أكثر جدلًا، هل تدل هذه الآثار على جهود الحضارات القديمة في السفر إلى الفضاء؟ وهل كان حلم استكشاف الفضاء عتيق الآثر؟ في هذا التقرير نستعرض هل تمكن القدماء من السفر إلى الفضاء؟ والوسائل التي مكنتهم من ذلك؟ وهل استطاعوا التواصل مع الكائنات الفضائية مثلما تقول بعض الفرضيات، وهل من دلائل تؤكد هذا الأمر؟
تابوت فرعوني على المريخ! هل وصل قدماء المصريين إلى الكوكب الأحمر؟
عندما تطلع المصري القديم إلى السماء الصافية، بدت له وعاء حديدي يحوي محيطًا يمهد رحلة الموتى إلى الحياة الآخرة. كما لاحظ أن اقتراب الفيضان السنوي لنهر النيل، يتزامن مع الشروق الشمسي للنجم سوثيس، فقدسه وأطلق عليه «رسول السنة الجديدة والفيضان»، ثم بنى عليه التقويم المصري القديم، حيث السنة تتكون من 12 شهرا، والشهر من 30 يوم. وقد ساعده هذا التقويم على تحديد أشهر الفيضان، وأشهر الحصاد، وأشهر البذر، وأعياده الدينية.
أبدى المصري القديم أيضًا دقة ومهارة في بناء الأهرامات والمعابد اعتمادًا على مواقع النجوم؛ إذ نجد أن الأهرامات تحاذي النجم القطبي، ولم تقتصر معرفته بعلم الفلك عند هذا الحد، إذ عثر العلماء على ساعة شمسية تزين قبر الفرعون سيتي الأول، من الأسرة الحاكمة التاسعة عشر، وهي ساعة تُستخدم في حساب الزمن عبر تقسيم اليوم إلى عدة ساعات وفقًا لموضع الشمس نهارًا، واختفاء النجوم ليلًا.
لكن ألم يتطلع المصري القديم إلى ما وراء ذلك، ألم تغره السماء للتنقيب عن العوالم المخفية وراء هذا المحيط؟ طفا هذا السؤال عندما نشرت وكالة ناسا الصور التي التقطتها لسطح المريخ بحثًا عن الحياة عام 2012، وبدأ المهتمون بالفضاء في نشر سيل من الفيديوهات التي تكشف عن أشكال لتابوت فرعوني، أو تمثال صخري يشبه إلى حد كبير رأس أبي الهول في تلك الصور.
في عام 2015 ظهر مقطع فيديو مأخوذ عن صور لوكالة ناسا، يوضح ظهور هرم يشبه تصميم الأهرامات الفرعونية في تلك الصور، وقد كتب رئيس الدولة السابق لشئون الآثار زاهي حواس في جريدة «المصري اليوم» معلقًا على هذه الصور: «رأيى الشخصى أن هذا الشكل الذي يشبه الشكل الهرمي ليس له صلة بالحضارة المصرية القديمة»، أما وكالة ناسا فلم تكترث لتلك الصور أو الآثار، وصرح جيم بيل، أحد العلماء في وكالة ناسا، بأنها مجرد صخور متنوعة الأشكال، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد عُثر على نقوش هيروغليفية تشبه طائرة هليوكوبتر، ومركبات ذات تكنولوجيا متقدمة، مرسومة على جدران معبد سيتي الأول بأبيدوس.
نقوش هيروغليفية تشبه طائرة هليوكوبتر ومركبات، على جدران معبد سيتي الأول – مصدر الصورة: إكسبريس
على جانب آخر يعتقد الكاتب وعالم الآثار الاستقصائي ويليام هنزي: «أن النقوش الموثقة أيضًا على أسقف معبد الكرنك بإدفو، حيث يستعين الفراعنة بالضوء للسفر من مكان إلى آخر، تؤكد قدرة المصريين القدماء على السفر عبر الزمن». ويشرح الفيزيائي رونالد مولت الأساس العلمي لهذه الكيفية، وهي تحويل التفاف الضوء إلى حلقة زمنية، إذا تخيلنا الزمن خطًا مستقيمًا، فإن طي الزمن يعني إمكانية طي الفضاء، ونقل أي شيء، أو أي شخص من موقع إلى آخر. وإذا تمكن الفراعنة من السفر عبر الزمن، فأية معضلة ستواجههم في السفر إلى الفضاء؟
الإغريق أول من حددوا موقع كوكب المريخ.. فهل سافروا إليه؟
«حسنا يا صديقي لنبدأ، إذا نظرت إلى الأرض من الأعلى، تبدو وكأنها مغطاة بـ12 قطعة من الجلد، ومقسمة إلى رقع مختلف ألوانها، تشبه عينات الألوان التي يرسم بها الفنان لوحاته. وفي هذه الأرض النظيفة تبدو النباتات النامية، كالأشجار، والزهور، والفاكهة، أكثر جمالًا، كما تبدو الجبال والصخور أكتر نعومة ووضوحًا، وألوانها أزهى مما اعتدنا رؤيتها»
أثار هذا الوصف الذي ذكره أفلاطون عن أستاذه سقراط في كتابه «الفيدو» تساؤلًا مهمًا، هل رأي سقراط الأرض من الأعلى حقًا، وهل تمكن اليونانيون من اختراع آلة للطيران والسفر إلى الفضاء؟ لا يمكن حسم الإجابة عن هذا السؤال بالنفي أو الإيجاب، لكن ما يمكن حسمه أنه لولا الجهود التي بذلها اليونانيون لما تمكن العالم من السفر إلى الفضاء.
في القرن الخامس قبل الميلاد دحض الفيلسوف اليوناني أناكساجوراس فكرة ألوهية القمر، وأعلن أنه ليس إلا صخرة حجرية تعكس ضوء الشمس، ثم فسر ظاهرتي الخسوف والكسوف، ولأنه عند مرور الأرض بين الشمس والقمر أثناء دورانها، يعكس القمر ظل الأرض؛ الأمر الذي مهد فيما بعد لدحض أن الأرض مسطحة.
في القرن الثالث قبل الميلاد استطاع أرسطرخس التوصل إلى أن الشمس هي محور النظام الشمسي، وليس الأرض، ثم اعتمد على وقت حدوث كسوف القمر لتحديد حجم الأرض والشمس والقمر والمسافة بينهما، فعندما يكون القمر في طور الربع الثالث فإنه يشكل مثلثًا قائم الزاوية مع الشمس والقمر. ورغم طريقته البدائية في القياس، فإن نتائجه كانت دقيقة ومنطقية.
في القرن الأول بعد الميلاد حدد عالم الفلك اليوناني بطليموس مكان المريخ بدقة، وابتكر معادلة رياضية لحل معضلة حركة كوكب المريخ مقارنة بالأرض، والتي اعتمد عليها عالم الفلك البولندي كوبرنيكوس في أبحاثه؛ وهو ما يفتح بابًا أمام المزيد من الأسئلة، كيف حدد موقع الكوكب بهذه الدقة؟
في عام 1901 عثر الغواصون على كنز عتيق داخل حطام سفينة قديمة في الجزيرة اليونانية أنتيكيثيرا، يعتقد العلماء أن تلك السفينة تحطمت في القرن الأول قبل الميلاد بسبب أحد الأعاصير المدمرة، وذلك أثناء سريانها من روما إلى آسيا الصغرى.
ظل هذا الكنز العتيق لغزًا بالنسبة للعلماء بسبب تآكل أجزائه، إلى أن حاول باحثو الجامعة الملكية بلندن ترميم أجزائه المفقودة بمساعدة بعض المهندسين لمعرفة ماهيته واستخدماته، حتى تمكنوا من بناء نموذج ثلاثي الأبعاد مماثل لهذا الجهاز.
يتكون الجهاز من 30 ترسًا برونزيًا، يتصلون بالأوجه والمؤشرات، ويعد أول حاسوب صنعته البشرية، وقد استعمله اليونانييون في تحديد حركات الكواكب، ومراحل تطور أطوار القمر، ووقت حدوث ظاهرتي الخسوف والكسوف، لكن لم تزل كيفية عمله غامضة وغير مفهومة حتى الآن.
ملاحم الهند الدينية القديمة تذكر السفر إلى الفضاء.. فهل حدث ذلك؟
عندما استضافت جمعية الكونجرس الهندي للعلوم، وهي منظمة علمية هندية رائدة، تهتم بتعزيز قضية العلم في الهند، في يناير (كانون الثاني) عام 2015 ندوة حول « العلوم القديمة في اللغة السنسكريتية»، صرح الكابتن أناند جيه، المدير المتقاعد لمنشأة تدريب الطيارين، أن أحد حكماء الفيدا، بهارداجا، اخترع طائرات تستطيع السفر من موقع إلى آخر، بل السفر من كوكب إلى آخر، ثم استند على الملحمة الدينية «المهاراباتا والرامايانا»، التي تتحدث عن آلات طائرة تدعى الفيماناس، أمرها الإله راما بالارتفاع نحو السماء، إلا أنها اختفت ولم يعد لها أي أثر.
وصف بهارداجا هذه الطائرات في كتابه «شراكا شميستا» بأنها مصنوعة من سبائك الذهب والنحاس، مزودة بـ40 محركًا، ورادار يُدعى «روباركانارشيا»، وتعتمد على نظام الدفع المرن، حيث تتحرك الطائرة نحو الخلف، ثم تنطلق فجأة إلى الأمام. قوبل هذا التصريح بنوبة غضب عارمة من العالم بوكالة ناسا رام براساد غاندري، وقدم عريضة على الإنترنت، تطالب بجمع توقيعات لإزالة هذه المحاضرة. بينما ذكرت صحيفة «تايمز أوف إنديا»، أن الأكاديميين الذين حضروا المؤتمر استهجنوا هذه الورقة؛ لأنها «ادعاءات زائفة، ولا تعتمد على إثبات علمي يمكن أخذه في الاعتبار» على حد تعبيرهم.
رسمة لانطلاق الـ «فيماناس»، كما هو موصوف في ملحمة الـ«رامايانا» – مصدر الصورة: إنشانت أورجينز
ثم أخذ الحدث منحنى سياسيًا، وأبدى البعض تخوفهم من أن صعود حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي ينحدر منه الرئيس الهندي ناريندرا مودي، قد يمنح مساحة كبيرة للهنود القوميين بالتغلغل في الأوساط الأكاديمية وزيادة رقعة نفوذهم. وعلى الرغم من هذه الاستهجانات راقت الفكرة للبعض، فرأى أحد العلماء الأمريكيين الذين حضروا المؤتمر، أن المعرفة تتطور مع الوقت، وإذا تضاءلت، فعلينا أن نتساءل لم فشلت في التطور، ومتى تضاءلت؟
لكنها لا تعد المرة الأولى التي يثار فيها هذا الجدال، ففي عام 1944 كتب الباحث الهندي بجامعة «أكسفورد» أر رامشاندر ديكيشتار: «يحتوي أدبنا العريق العديد من الرسوم التوضيحية التي توضح مدى براعة الهنود القدماء في الطيران». إلا أن ما يزيد الأمر حيرة هو ظهور دلائل علمية تؤكد بعض ما جاء في الملحمة الدينية «رامايانا». ففي عام 2002 اكتشفت وكالة ناسا في الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية جسرًا غامضًا بين الهند وسريلانكا، يشبه الجسر المذكور في الملحمة، فهل الأمر مسألة وقت حتى نكتشف أدلة حقيقية علمية على أن الهنود القدامى سافروا بالفعل إلى الفضاء كما تقول الملحمة؟
هل زار الفضائيون الأرض في الحضارات القديمة؟
رغم شح المعلومات التي يمكننا الحصول عليها، فيما يخص حقيقة وصول القدماء إلى الفضاء، واستنكار الوسائط العلمية لها، بسبب ضحالة الأدلة العلمية التي تستند عليها الفرضية. إلا أن هناك في المقابل فرضية أخرى عن رواد الفضاء القدماء، طُرحت عندما زعم عالما الفيزياء الفلكية يوسف شكلوفسكي وكارل ساغان، أن الكائنات الفضائية تواصلت مع الجنس البشري في الحضارات القديمة.
في القرن العشرين أولى بعض العلماء والمؤرخين اهتمًامًا بالغًا بنظرية رواد الفضاء القدماء؛ ما جعل موقع «هيستوري» يحول القضية إلى مسلسل تليفزيوني يدعى «الفضائيون القدماء»، أما الأدلة التي استدلوا بها فكانت:
1- معبد بوما بانكي: الذي بُني بحجارة ضخمة تزن أكثر من 100 طن، ويظن العلماء استحالة أن يكون هذا البناء بشريًا، ولا بد أن بعض الكائنات الفضائية ساهمت في مساعدة الشعب البوليفي القديم على بنائه.
2- النقوش المرسومة على المعابد الهندوسية: التي تشير إلى كائنات تطير في السماء، وصور لكائنات تشبه الفضائيين، ويظن العلماء أنها نتيجة التواصل بين الكائنات الفضائية والحضارة الهندية القديمة.
3- الحمض النووي لملكة الأنوناكي: ففي عام 1927م اكتشف عالم الآثار ليونارد وودي بقايا عظام جمجمة مخروطية الشكل، وعند تحليل حمضها النووي، تبين أنه يشبه الحمض النووي الأنوناكي.
إلا أن البعض انتقد المسلسل لأن هذه الأدلة غير منطقية وعنصرية، وتهدف لإنكار أصول الحضارات، وقد صرحت رئيسة وحدة المصريات بالجامعة الأمريكية في القاهرة سليمة إكرام لموقع «Hyperallergic» بأن المصريين الذين تابعوا البرنامج شعروا أنه خيالي، ولا يمت للواقع بصلة، لكن البشر يميلون إلى الخيال، ولا يرغبون بمواجهة الحقيقة، وهذا ما نستنتجه من نوعية الأفلام التي تُنتج كل عام وشعبيتها. كما تعتقد سليمة أن المهتمين بمشاهدة مثل هذه البرامج يؤمنون بنظرية المؤامرة رغبة في الهرب من الواقع.