هل تشعر بأعراض تشبه البرد بعد الجنس متمثل في الاستمناء، أو ممارسة علاقة جنسية مع شريكتك؟ الأمر ليس توهمًا مرضيًّا، ربما تكون مصابًا بحالة نادرة تسمى إعياء ما بعد النشوة الجنسية، أو (POIS) ويمكن أن تحدث هذه الحالة بعد القذف بدقائق، أو بساعات، وقد تستمر لمدة أيام، وتشمل الأعراض التي تختلف من شخص لآخر ولكنها تحتفظ بالحدة ذاتها عند الشخص ذاته، من سيلان الأنف، والاحتقان، والحكة، وألم في العضلات، وحمى، وصعوبة في الكلام والتركيز، وتغيرات في الحالة المزاجية، وخفقان في القلب. وتختلف حدة الأعراض، ومدتها من شخص لآخر، حالة كابوسية، أن يسبب الجنس الإعياء بالمعنى الحرفي.
وقد بيّن استطلاع إلكتروني لــ 180 شخصًا، أن 18.2% تظهر عليهم الأعراض بعد دقيقة من القذف، و56.7 بدأت الأعراض بعد 30 دقيقة، و85% ظهرت عليهم الأعراض بعد ست ساعات، وتظهر الأعراض على المريض بصورة عنقودية، فترتكز في العين، في شكل احمرار، وحساسية، أو في الدماغ في صورة صداع، وتشتت، أو في الحلق في صورة جفاف في الفم، وألم بالحلق. وينقسم إعياء ما بعد النشوة لشريحتين: أولي، وثانوي؛ ويحدث الأوليّ منذ المراهقة، أما الثانوي فيحدث بعد البلوغ، ولأنها حالة نادرة، فيتعذر معرفة نسبة المصابين بها على نحوٍ دقيق، لكن التقارير تشير إلى أن الحالات المعروفة أقل بكثير من الحقيقي، لأنها حالة غير مشخصة، وغير مبلغ عنها بشكل كبير.
حين تصبح النشوة الجنسية معاناة
تصيب هذه الحالة الرجال بشكل رئيسي، لكنها يمكن أن تُصيب النساء أيضًا، وقد صدر تقرير بهذه الحالة المرضية لأول مرة عام 2002، وأشار إلى إصابة رجلين، بالإعياء بعد القذف مباشرةً، سواء بعد إقامة علاقة جنسية، أو بعد الاستمناء، أو ليلًا، وبيّن التقرير إصابتهما بأعراض الحمى، والإحساس بألم عضلات الساق، والذراعين، وعدم الراحة، واستمرار هذه الأعراض لمدة من خمسة إلى سبعة أيام، وتصل الحالة ببعض المصابين بالخوف من القذف.
ونتيجةً لهذه الحالة المَرضية، يتجنب الأشخاص الخوض في علاقات جنسية، أو إقامة علاقات عاطفية جديدة، وسبب هذه الحالة غير معروف بشكل واضح، لكن هناك عدة فرضيات تفسر الحالة: وأولها أنها حساسية، يتسبب فيها مرض مناعة ذاتية، فقد يكون المريض مصابًا بالحساسية من سائله المنوي، أو بسبب بروتين مجهول يحمله السائل المنوي، ويُفرز بعد القذف، أما الفرضية الأخرى فتقول أنها حالة تسببها خلل في كيمياء المخ، يسبب حالة تشبه أعراض الانسحاب من المواد الأفيونية.
فيم تختلف هذه الحالة عن حزن ما بعد الجماع؟
وهذه الحالة تختلف عن (حزن ما بعد الجماع) أو الـ PCT والتي تصيب الرجال بشكل أساسي، وبعض النساء أيضًا بالحزن، والقلق، والخواء بعد العلاقة الجنسية، وهي كابوس آخر مختلف يعاني منه بعض الناس بعد العلاقة الجنسية الرضائية العادية، ويكمن في الشعور بأحاسيس سيئة غير مفهومة من حزن واكتئاب وبكاء، وألم فيزيائي أيضًا ويعرف عند النساء بـألم ما بعد الجماع، ويصيب 7.5 من النسوة بين 16-74 بعد الجنس الاختراقي وتتمثل أعراضه في ألم في الشفرين، وتشنج العضلات، والتهاب الحوض، وتكوّن ندبات.
وتُفسّر إحدى النظريات سبب حزن ما بعد الجماع، بأن الهرمونات ترتفع خلال العلاقة الجنسية، وأثناء النشوة، وعندما تهبط هذه الهرمونات، ينتج هذا الشعر بالحزن، والخواء، أما التفسيرات الأخرى فترجّح بأنه أثناء العلاقة يختبر الأشخاص درجة تقارب عاطفية عالية، وينصح الأطباء من يعانون من هذه الحالة، بفتح حوار مع الشريك، ومراقبة حالتهم قبل وبعد العلاقة، وتناول وجبة مشتركة، لمحاولة تخفيف الحزن، واستشارة متخصص في العلاقات الجنسية.
كيف يمكن علاج إعياء ما بعد النشوة
لا يوجد علاج خاص بحالة إعياء ما بعد الجماع، لكن يُستخدم مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI)، ومضادات الهستامين، والبنزودايزبينات، وبعض المسكنات القوية، وقد قام بعض الأطباء بعلاج هذه الحالة عن طريق حقن المرضى، بسائلهم المنوي الخاص، بكميات عالية، لكي تتسبب في تعود الجسم عليه، وهذه الاستراتيجية تُستخدم لتقليل حساسية المرضى نحو حبوب اللقاح، وقد أحرز حقن السائل المنوي نجاحًا بالفعل بعد ثلاث سنوات في تقليل الأعراض التي تنشأ بعد القذف. وإذا واجهتك هذه الحالة تحدث مع شريكتك، وحاول أن تفهمها الأمر، واستشر الطبيب، وأخبره بتاريخك المرضي كاملًا، من وجود حساسية، أو أمراض منقولة جنسيًا، أو التهاب سابق في البروستاتا، أو جراحات في الحوض، وسيقوم الطبيب بفحصك لاستبعاد وجود أمراض أخرى تسبب الأعراض ذاتها.