فازت مصر من بين 5 دول يوم الخميس بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي لعامي 2016و2017، وجاء ذلك بعد عملية اقتراع سري في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث حصلت مصر على 179 صوتا.
فازت يوم الخميس خمس دول بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمدة عامين.
الدول الخمسة هي (مصر (179 صوتا،) والسنغال (187 صوتا، )واليابان (184 صوتا،) وأوكرانيا (177 صوتا،) وأوروغواي (185 صوتا،) وستحل هذه الدول محل الخمس دول المنتهية صلاحيتها وهي تشاد وتشيلي والأردن وليتوانيا ونيجيريا، لتنضم لخمس دول أخرى ذات العضوية غير الدائمة وهي أنغولا وماليزيا ونيوزيلندا وإسبانيا وفنزويلا.
ليست المرة الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي تصل فيها لمقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، فمصر على سبيل المثال كانت من أول 6 دول تنال هذا المقعد، وذلك بعد إنشاء الأمم المتحدة عندما كان عدد المقاعد آنذاك 6 مقاعد وليس 10 مقاعد.
نالت هذا المقعد في خمس مناسبات سابقة، الأولى كانت عن عام 1946م عندما كانت مملكة، والمرة الثانية كانت عن عامي 1949 و1950م أيضًا أيام فترة الحكم الملكي.
أما المرة الثالثة كانت عن عامي 1961 و1962م وذلك تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة وذلك إبان الوحدة بين مصر وسوريا.
وكانت المرة الرابعة عن عامي 1984 و1985م إبان بدايات حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وأخيرا عن عامي 1996 و1997م إبان فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك أيضًا.
طبيعة مجلس الأمن
مجلس الأمن هو واحد من الستة أفرع الرئيسية للأمم المتحدة والأكثر أهمية بينها، والذي يعتبر المسئول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وطبقًا للمادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة فإن لمجلس الأمن سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء فيه، لذلك تعتبر قراراته ملزمة لها إلا إذا صدر قرار غير ملزم. كذلك فإن لمجلس الأمن السلطة في قبول أعضاء جدد ضمن الأمم المتحدة.
من بين أبرز سلطات مجلس الأمن، قدرته على إنشاء قوات لحفظ السلام وإصدار العقوبات الدولية والسماح بالتدخلات العسكرية.
يتكون مجلس الأمن من 15 مقعدا بينها 5 مقاعد دائمة و10 مقاعد غير دائمة.
المقاعد الدائمة هي لكل من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين، وهي الدول الرئيسية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. وتتميز هذه الدول بقدرتها على استخدام حق النقض الفيتو ضد صدور أي قرار من المجلس.
هذا الأمر معناه أن القوة الرئيسية لمجلس الأمن تتمثل في هذه الدول الخمسة الدائمة، لأنها هي التي بيدها إصدار القرارات ورفضها.
المقاعد غير الدائمة تتمثل في 10 دول يتم تغييرها بالتبادل كل عامين، بحيث يتم انتخاب 5 دول جديدة في السنة الزوجية و 5 دول أخرى في السنة الفردية.
كيف يتم الاختيار للعضوية غير الدائمة؟
الدول ذات العضوية غير الدائمة يتم اختيارها على أساس التوزيع الجغرافي حيث تملك أفريقيا 3 مقاعد، وتملك آسيا مقعدين، وتملك أمريكا اللاتينية والكاريبي مقعدين، وتملك أوروبا الغربية مقعدين، وتملك أوروبا الشرقية مقعدا وحيدا.
يتم انتخاب هذه الدول من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لفترة واحدة تبلغ عامين تبدأ في 1 يناير.
حتي يمكن لدولة ما أن تفوز بهذا المقعد فيجب أن تنال موافقة ثلثي الدول الأعضاء بالجمعية العامة الذين يبلغ عددهم 193 دولة.
بشكل عام وكتقليد متبع فإن أحد المقاعد المخصصة لكل من أفريقيا وآسيا دائمًا ما يذهب لأحد الدول العربية.
غالبًا فإنه من النادر أن توجد منافسة بين دولتين على نفس المقعد، حيث إنه في الغالب يتم الاتفاق الضمني بين الدول على ترشيح دولة ما للمقعد الواحد عبر اتصالات دبلوماسية، وبالتالي فإن الدولة غالبًا ما تحظى بنسبة الثلثين في التصويت النهائي.
من المرات النادرة التي كان فيها صراع قوي ومنافسة محتدمة كانت عندما تقدمت كل من كوبا وكولومبيا عام1979 م للفوز بنفس المقعد.لم تتمكن أي من الدولتين من حسم نسبة الثلثين لصالحها على مدى 3 أشهر تخللها 154 جولة من التصويت، في النهاية قامت الدولتان بالانسحاب من المنافسة بعد التنازل عن العضوية لصالح المكسيك، التي كانت دولة مقبولة من كلا الجانبين.
دون منافسة
وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أن وزير الخارجية سامح شكري قام بعقد اجتماعات مكثفة مع عدد كبير من وزراء الخارجية الأفارقة وغيرهم، من ممثلي دول العالم خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث حصل منهم على تعهدات بالتصويت لصالح مصر.
فوز مصر بالمقعد تم دون منافسة من أي دولة أخرى، خصوصًا بعدما حصلت مصر على دعم كل من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وعدد كبير من الدول الإسلامية.
كذلك فقد حظيت مصر بدعم الدول الخمسة الدائمين بمجلس الأمن من خلال سياستها المنفتحة على الصين وروسيا وفرنسا، بالإضافة لعدم معارضة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للترشح، حتى وإن رغبا في عدم التصويت لصالح مصر، مما سهل عدم وجود اعتراضات من جانب هذه الدول.
فوائد أدبية
طبقًا للبند رقم 27 من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه حتى يتم الموافقة على قرار في مجلس الأمن فلابد من موافقة 9 أعضاء عليه بشرط عدم استخدام الدول دائمة العضوية لحق الفيتو. وبالتالي فإن الدول غير دائمة العضوية تمثل استكمالًا شكليًا لتمرير القرارات.
طبقًا للدكتور مصطفى كامل السيد الأستاذ بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة والمتخصص بالاقتصاد السياسي، فإن أهمية هذا الفوز بالنسبة لمصر يتمثل في تعبير مصر من خلال عضويتها عن مواقف الدول العربية في المجلس. كما أكد أن القرارات الكبرى ستتوقف عند الدول دائمة العضوية والتي تملك حق النقض الفيتو.
بالتالي فإن مصر ستكون فقط ممثلًا عن الدول العربية في مجلس الأمن، دون أي قدرة على إحداث تغيير حقيقي. وما يؤكد هذا الأمر هو أنه عبر تاريخ الأمم المتحدة الذي يعود إلى 60 عام مضت لم نسمع عن قدرة أي دولة غير دائمة العضوية على إحداث تغيير معين إلا من خلال موافقات الدول دائمة العضوية.
السفير ناجي الغطريفي مساعد وزير الخارجية الأسبق قال في تصريحاته لجريدة الوطن المصرية أن فوز مصر بهذا المقعد يحمل “فوائد أدبية” أكثر منها فوائد دبلوماسية.
عضوية مجلس الأمن هذه تعطي للدولة حق إبداء الرأي في كافة القضايا المعروضة عليها لكن دون أفعال ملزمة.
ويقول عدد من المراقبين أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سعى للحصول على هذا المقعد ليظهر دوليًا في صورة النظام الشرعي الذي يتلقى الدعم من دول العالم، فحصول مصر على هذه العضوية سيعكس مدى الاهتمام الدولي بها وسيظهر مدى الاستقرار الذي تنعم به البلاد، على حد وصف أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
انتقادات
وتلقت مصر عددا من الانتقادات من قبل منظمات حقوقية دولية منذ أعلنت ترشحها للمقعد.
فقد قال كينيث روث مدير منظمة هيومان رايتس ووتش عبر حسابه على تويتر منتقدًا ترشح مصر ” أعضاء مجلس الأمن الجدد يتألفون من أربع ديمقراطيات هي السنغال واليابان وأورجواي وأوكرانيا .. ولكن لماذا مصر؟”.
New UN Security Council members: 4 democracies–Senegal, Japan, Uruguay, Ukraine.
But Egypt! http://t.co/XzLdg9IoJD pic.twitter.com/3IUC9QlxW0— Kenneth Roth (@KenRoth) October 9, 2015