تعيش في مكان حدوده معروفة، بداخل بلد يحمل ما يجعلك قانونًا مواطنًا بها، ولك حقوق وعليك واجبات، لكن مشاكل في تقسيم الحدود بين المحافظات أو عدم دقّة في الحصر، تجعل قريتك غير معترف بها من محافظتك أو المحافظات المحازية لك، فتسقط عنك الكثير من الحقوق في السكن وخدمات البنى التحتية، بمنعى أن تنتمي لقرية، تعيش مع بشر غير معترف بوجودهم على خريطة بلادك؛ لأن السلطات المحلية لم تضعك في الحسبان.

هكذا حال عدد من القرى المصرية، التي تعاني أغلبها من نقص في الخدمات، كالصرف الصحي وتوفر المياه النظيفة والكهرباء، لكن يزيد على بعضها عدم اعتراف المحافظات بها، بسبب وقوعها في نطاق حدودي بين محافظتين؛ لتسقط القرية من حسابات المحافظتين في تحديد تبعيتها، مما يسقط حقها بالتبعية في كل الخدمات الأساسية، التي تتوفر في القرى والأحياء والمدن من ميزانيات المحافظة، أو وجودها في منطقة نائية يغفلها المسؤولون.

جزيرة «الذهب» لم تحمل شيئًا من اسمها

تحتاج إلى «معديّة» للوصول إلى جزيرة الذهب، لتصل إلى أراضٍ لا تظهر فيها مدنية الجانب الذي يقابلها من النيل. أرضٌ بلا خدمات، مدرستهم غُرفة واحدة، تعمل بها ثلاث مُعلمات، يُشرفن على أطفال جميع مراحل الابتدائية، وإذ ما أراد التلاميذ إكمال دراستهم، فعليهم الخروج إلى إحدى المناطق على الضفة الأُخرى، في منطقة المُنيب أو المعادي، عابرين طرقًا سريعة غير آمنة.

بدون مستشفى، أو أيٍّ من الخدمات الأساسية، تبقى الجزيرة منعزلة، إلا من قارب (معديّة)، هو الجسر بين الجزيرة وبين احتياجات السكان من مكان للعلاج، ومخبز، وإنهاء الأوراق الحكومية، وباقي احتياجات الإنسان في حياته، وهي خدمات يحتاجها 117 ألف نسمة يسكنون الجزيرة.

في جزيرة الذهب، الحمير هي مواصلات السُكّان، أو السير على الأقدام، فالطُرق في الجزيرة غير مُمهدة، وأغلبها أرضٌ زراعية، ومن جهة أُخرى، تعتبر وزارةُ البيئة المصرية جزيرةَ الدهب محميّةً طبيعية، وهو ما يزيد من تعقيد موقفها.

عزبة الصبايحة «مجهولة»

بمدرسة قوامها ألفا طالب، يُدبّر أمرها 11 مُعلّمًا، تقوم الحياة التعليمية لطلاب عزبة الصبايحة، التي لا يعترف بها مسؤولو محافظة القليوبية، ولا تعترف بتبعيتها لأيّ من مراكز المحافظة.

يعيش أهالي القرية حياةً صعبة، تنقصها الخدمات الأساسية. وكان موقع مصر العربية، قد رصد طبيعة القدرة المعيشية لسكان الجزيرة، انطلاقًا من بيت أم شيماء، قليل الأثاث، والذي تُمثّل دورة مياهه فتحة صغيرة في أرضية إحدى غرفه، التي لا يغطي بعضها سقفٌ.

الحياة في السويس ينقصها انتباه مسؤول

في العديد من المناطق العشوائية بمحافظة السويس، لا يحمل سكانها جنسية البلاد التي وُلدوا ونشؤوا وعاشوا فيها، كونهم غير مُقيّدين بالسجلات المدنية، رغم أنهم يقطنون تلك المناطق منذ سنين طويلة.

وبحسب صحيفة البديل، فإن محافظة السويس سجّلت منطقتين فقط من بين مناطق السويس العشوائية كلها، عزبة الصفيح واليهودية، واعتمدت نحو 33 مليون جنيه تمويلًا لهذه المناطق، إلا أن العديد من المناطق الأُخرى ما زالت على حالها، من هذه «غبة البوص»، التابعة لحي «عتاقة»، الواقعة على جانبي طريق العين السخنة. وقد عاصر سُكانها الحروب التي دخلتها مصر، بسبب موقع منطقتهم، إلا أنهم لا يُحسبون في عداد المصريين، لكونهم غير مُقيدين في السجلات المدنية.

هُناك أيضًا المنطقة 46، والتي أُطلق عليها هذا الاسم لتواجدها قرب منطقة الوحدة 46، خلال حربي 1967 و1973، التي خاضتهما مصر ضد إسرائيل.

وكانت مهمة المنطقة تقتصر على توصيل الإمدادات لمقرات الجيش، عن طريق مدق 46، إلى القوات في السويس، ومنها إلى الضفة الأخرى.

واليوم، يُعاني أهالي المنطقة من تجاهل المسؤولين في توصيل الخدمات والمرافق الأساسية، فيعيشون على «طرنشات»، بدلًا من الصرف الصحي، ويوصلون المياه والكهرباء بطرق عشوائية.

«نجع عون» يبحث عن عون

وتُسمى أيضًا بالقرية اليتيمة، وتقع بين حدود محافطتي الإسكندرية والبحيرة. جغرافيًا ووفقًا للكتب، فإنها تتبع محافظة البحيرة، لكن أيًّا من المحافطتين لم يعترفا بها على أرض الواقع.

وتتضح حالة النكران تلك في طرقها غير الممهدة، والخدمات التي حُرم منها أهل القرية اليتيمة. يقول أهالي القرية ساخرين، إن الخدمة الوحيدة التي حصلوا عليها من الدولة، هي المقابر.

وإلى الآن، يستخدم أهالي القرية المعدّية للوصول إلى مدينة الإسكندرية. وكانوا قد تقدموا بطلبات لإنشاء جسر يربط بين قريتهم وبين الإسكندرية، لكن حالة التنكّر لهم تُصعّب الأمر إلى الآن.

مُعظم أهالي القرية الآن يعملون خارجها، لعدم توفر الحد الأدنى من الخدمات التي قد تُساهم في توفير أي نموذج عمل. وكثير من أبنائها، إن استطاعوا، فإنّهم ينتقلون إما للإسكندرية، أو البحيرة، ويستقرون هُناك قرب أماكن عملهم.

تحميل المزيد