هل خضت تجربة التحول العاطفي يومًا؟ أو تحولت مشاعرك من النقيض للنقيض في لحظة واحدة؟ إنه أمرًا يمكن أن نختبره جميعًا في حياتنا اليومية، نتيجة لما نقابله من مواقف حياتية تعمل على تغيير حالتنا النفسية من الحزن للسعادة أو العكس في غضون ثوانٍ، بالطبع يمكن أن نختبر تلك التحولات في مشاعرنا بطريقة عرضية نتيجة لمواقف معينة.

وهو أمر علينا أن نتعامل معه بحكمة، ففي حالة الحزن أو الغضب مثلًا سيكون الهدوء والاسترخاء هما الحل؛ لكن ماذا لو كنا نعاني من مشاعر سلبية مزمنة؟ هل يمكن إجراء هذا التحول العاطفي لنتحول من القلق والاكتئاب إلى الهدوء والراحة؟ هذا ما تناوله الباحث الكندي بول ثاجارد في نظريته الجديدة عن «المؤشرات الدلالية للعواطف»، وكيفية استخدامها لصالحنا من أجل التغلب على اضطرابات الشعور المزمنة: القلق والاكتئاب.

«الهرمونات».. مفتاح علم النفس لتفسير «العواطف»

إذا أردنا الحديث عن عملية «التحول العاطفي» وكيف يمكن أن نستخدمه لصالحنا، علينا أن نعرف أولًا كيف تعمل المشاعر؟ فما نختبره من حزنٍ وفرح وحب ورغبة وغضب نتاج مجموعة من التفاعلات التي تجري داخل الدماغ البشري، إذ إن المخ يعمل للبحث عن التهديد أو الجوائز في كل موقف يختبره. 

ومن ثم أي موقف سلبي نختبره يجري ربطه تلقائيًّا بالشعور بالتهديد والرغبة في الدفاع عن النفس، وهو ما يحفز الدماغ لإفراز مجموعة من الهرمونات التي تبعث على الشعور بالقلق والتوتر، ويحدث المثل في حالة التعرض لمواقف إيجابية من خلال إفراز هرمونات السعادة، تلك الهرمونات تبدو وكأنها رسائل كيميائية تسري عبر الجسم، وتلك الرسائل هي ما نترجمها داخلنا على أنها «المشاعر».

هذا الأمر يمكن أن يساعدنا على إدراك العلاقة بين علم الأعصاب والمشاعر، فتلك الأبحاث تعد جزءًا مما يُعرف باسم «علم الأعصاب الإدراكي العاطفي»، والذي يتناول نشاط مناطق الدماغ التي ترتبط بالعواطف، وهي المناطق التي توجه انتباه الفرد وتُحفِّز سلوكه. 

فكل ما نشعر به من عواطف له أساس عصبي يرتبط بإدراك الدماغ للمحفزات وعوامل الإثارة والانتباه – المتمثلة فيما نختبره من مواقف- وبالطبع تلعب الذاكرة دورًا في ذلك من خلالها معرفتها المسبقة بما اختبرته من عواطف خلال الخبرات الحياتية، هذا الأمر يساهم في عملية اتخاذ الفرد للقرارات.

المشاعر داخل الدماغ البشري

في الآونة الأخيرة، ظهرت العديد من الأبحاث التي تُحلِّل عملية إدراك الدماغ للمحفزات، خاصةً في حالات التحول السريع في المشاعر من حالة إلى أخرى، ليصبح بالإمكان الاستفادة منها في عملية العلاج السلوكي لمرضى القلق والتوتر، وكان من بين هذه الأبحاث ما تناوله بول ثاجارد وزملاؤه بـ«جامعة واترلو» الكندية في ورقة بحثية نُشرت نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، والتي تناولت التحول العاطفي المفاجئ، وكيف يمكن استغلالها لصالح الفرد من خلال «الإدراك العاطفي» بدلًا من أن يكون التحول العاطفي أمرًا مؤرقًا.

لكن قبل أن نتناول مسألة «التحول العاطفي»، يجب أن نلقي نظرة أولًا على النظريات التي تتناول موضوع «العاطفة» من خلال ثلاثة عمليات أساسية مرتبطة بالمشاعر: 

أولًا: العمليات الفسيولوجية المرتبطة بالعواطف

«نحن نحمل الألم والتعلقات العاطفية في أجسادنا، وعندما نطلق سراحهم تتغير أجسادنا إلى الأبد»*يونج بوبيلو

لطالما ربط الباحثون بين التغيرات الفسيولوجية والعواطف، إذ إن جميع حالات الشعور ترتبط تقريبًا ببعض الأعراض الجسدية القابلة للقياس، وهو أمر قد تكون جربته بنفسك، مثل أن تعاني من التوتر أو القلق في انتظار مقابلة عمل؛ حينها تبدأ تظهر عليك بعض الأعراض المرتبطة بالزيادة أو النقصان في معدل ضربات القلب؛ ويمكن أن تعاني من التعرق، أو ألم في المعدة.

وتشير الدراسات التي تناولت التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالعواطف إلى أن هناك العديد من الأعراض الجسدية التي يمكن ربطها بالمشاعر؛ مثل مشكلات الجهاز الهضمي أو التغيرات في شهية الطعام؛ وتوتر العضلات والتغيرات في معدلات التنفس؛ يمكن أيضًا أن يكون بينهم الشحوب أو احمرار الجلد، كل هذه الأعراض قد تكون اختبرت منها واحدًا أو أكثر.

ويرجع السبب في ذلك إلى إحدى غرائزنا الأولى في الحياة البدائية، وهي «استشعار الخطر»؛ إذ كان الإنسان البدائي يستجيب إلى هذا الشعور بالقتال أو الهروب في حالة مهاجمته من طرف حيوان مفترس، وهو ما ينتج منه تغيرات فسيولوجية، لكن على الرغم من أن الإنسان لم يعد يسكن الغابة أو يعيش على حافة الخطر؛ فإن بناء الخلايا العصبية يستجيب إلى الضغوط اليومية والتوترات بالطريقة نفسها التي كان يستجيب بها الإنسان القديم؛ وذلك لأن تلك الضغوط تعطي الإشارات العصبية نفسها للشعور بالتهديد والخطر.

فإذا كنت تعيش في حالةِ قلق مستمر، دون شعور بالأمان أو الاستقرار، قد يعطي ذلك إشارات دلالية لجسدك بالعيش على حافة الخطر، وهو ما يجعل الجسم عُرضة للمرض أحيانًا نتيجة تأثيرات نفسية، ومن هذا المنطلق يرتبط علم النفس بعلمِ وظائف الأعضاء الحيوية.

ثانيًا: عملية الإدراك العاطفي

هناك نظامان داخل الدماغ لمعالجة المعلومات يحددان الاستجابة العاطفية للإنسان؛ الأول نظام المعالجة العاطفية، والثاني نظام المعالجة المعرفية، ويعمل نظام المعالجة العاطفية خارج إطار الفكر الواعي؛ فبعد تلقي المعلومات الحسية، يستجيب الإنسان من خلال سلسلة من الأحداث النفسية والفسيولوجية التي تنتج ردود أفعال قائمة على العاطفة لا التفكير الواعي.

ومثال النظام الأول، ردود الأفعال القائمة على الشعور بالخوف، والتي من الممكن أن تكون مبالغًا فيها، ويمكن لهذه المشاعر أن تُضلِّل الأفراد، عن طريق الاستدلال الخاطئ؛ وذلك لأن الآليات العصبية التي تُحفِّز الأفعال في تلك الحالة يُحرِّكها الخوف، وهو ما تناوله الباحث الكندي في علم النفس والأعصاب ودكتور الفلسفة من جامعة واترلو، بول ثاجارد، في ورقة بحثية عن «تحفيز الخوف لردود الأفعال المبالغ فيها».

أما النظام الثاني الذي يعمل على معالجة المعلومات داخل الدماغ، وهو نظام المعالجة المعرفية؛ فهو على العكس من ذلك، يعمل على تحليل المعلومات الحسية بطريقةٍ واعية، ولا تعمل المعالجة المعرفية بمعزلٍ عن المعالجة العاطفية، بل يقترن عمل الاثنين.

Embed from Getty Images

الدماغ البشري والمشاعر

مثال على ذلك، إذا كان هناك شخصٌ مدعو لإلقاء خطبة أمام جمع من البشر؛ فحينها تكون ردة الفعل الأولى هي استجابة الجسم الفسيولوجية للتوتر؛ سواء من خلال التعرق أو تغير معدل ضربات القلب، إذ يمثل نظام المعالجة العاطفية أول رد فعل للحدث؛ لكن يأتي بعده دور المعالجة المعرفية، التي تجعلك قادرًا على تحليل الشعور بالقلق ومن ثم محاولة تهدئة نفسك والتركيز على ما تود فعله.

وتعمل المعالجة المعرفية للمشاعر على زيادة الوعي بمشاعرنا؛ وهي الطريقة الأقدر على تنظيمها والتحكم بها، فعندما نشعر بالغضب، تكون ردة الفعل الأولى هي الانفعال أو الهجوم؛ لكن إذا كنا أكثر وعيًا بأن ردة الفعل السريعة التي على وشك أن نتخذها هي نتاج غضب؛ قد يساهم ذلك في تقليل حدة رد الفعل.

ويسمى هذا الأمر «التصنيف العاطفي»، وهو جزء من الذكاء العاطفي للأفراد، بمعنى القدرة على التواصل مع المشاعر لدرجة تمكنا من وضع ما يشبه الوسوم التي تفسر ما نشعر به: هذا قلق، وهذا توتر، وهذا غضب؛ وهو ما يساعدك على وضع مسافة بينك وبين رد الفعل الناتج من هذا الشعور؛ إذ يُوفِّر التصنيف العاطفي وضوحًا أكبر لما نشعر به، وهو ما يمنحنا فهمًا أكبر للأحداث وكيف تؤثر فينا.

ثالثًا: عملية التغيرات العاطفية

هذا الجزء من نظريات علم النفس عن «العواطف» يتناول التحول العاطفي من حالة إلى حالة، أو تغير وتيرة المشاعر وكثافتها، وهو أمر يمكن أن يحدث في لحظةٍ واحدة، ولكي تتمكن من استيعاب التحول العاطفي تخيل أنك تجلس بمنزلك في حالة فرحٍ مُنتظرًا طردًا من المفترض أن تتسلمه اليوم؛ وتظل متحمسًا حتى لحظة وصول الطرد إلى باب منزلك، لكن حين تَهِمُ بفتحه، تكتشف أنه ليس ما كنت تتوقعه على الإطلاق، فتتحول مشاعرك في لحظةٍ واحدة من الحماسة الزائدة لاستلام الطرد المُنتظر إلى الإحباط وربما الغضب.

يحلل علم النفس هذا التحول السريع في الشعور من حالةٍ إلى أخرى، بوصفه أمرًا نختبره في حياتنا اليومية نتيجة تفاعل عواطفنا مع المواقف الحياتية المختلفة، وذلك من خلال مجموعة من النظريات تشمل علومًا عدة، بدايةً من علم وظائف الأعضاء وحتى التفاعلات الاجتماعية.

وكان هذا الجزء تحديدًا هو ما تناوله بول ثاجارد وزملاؤه بـ«جامعة واترلو» الكندية في الورقة البحثية التي نُشرت نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، والتي تناولت التحول العاطفي المفاجئ، وكيف يمكن استغلاله لصالحك من خلال «الإدراك العاطفي» وما يعرف باسم «المؤشرات الدلالية»، والتي هي على علاقة وثيقة بعلمِ الأعصاب.

ما «المؤشرات الدلالية» للعواطف؟

في مقدمة بحثه، يقدم بول ثاجارد تعريفًا بسيطًا عن «المؤشرات الدلالية» لكونها الكيفية التي ترتبط بها الأنماط العصبية في الدماغ بالأفكار المسبقة التي لدينا عما نتعرض له من مواقف، وكان ثاجارد قد تناول مسبقًا علاقة التحول العاطفي بعلمِ الأعصاب، من خلال ما يسمى «المؤشرات الدلالية»، وذلك في دراسةٍ نشرت في مارس (آذار) 2013، وفيها يعمل على تحديد الآليات العصبية الكامنة وراء توليد المشاعر في الدماغ. 

واستخدم ثاجارد نموذج «كريس إلياسميث» لقياس المؤشرات الدلالية، وهو نموذج حسابي يشرح كيف تولِّد بعض المحفزات ردات فعل عاطفية فورية وكيف تعتمد ردود الفعل العاطفية على «الإدراك المعرفي» المسبق للمشاعر، كما تعتمد على التفاعلات بين التغيرات الفسيولوجية للجسم وتلك التقييمات المعرفية.

Embed from Getty Images

الدماغ والمشاعر

علم الأعصاب يمكن أن يدلنا على كيفية تحفيز الدماغ لما نتخذه من أفعال، وهناك أربعة مكونات للمؤشرات الدلالية للعاطفة، الأول هو الموقف الفعلي الذي نختبره، والثاني هو التغيرات الفسيولوجية التي تنتج منه والتي سبق وأشرنا إليها، أما الثالث فهو التقييم الناتج من الإدراك المعرفي، والرابع يربط كل هذا مع ذات الفرد.

ففي مثال الطرد الذي هممت باستلامه ولم يكن هو ما أردته، قد تختبر بناءً على هذا الموقف شعورًا بالغضب، يرتبط بزيادة في معدل ضربات القلب، ومعرفتك المسبقة بالجهد الذي عليك بذله من أجل إعادة هذا الطرد، وهو جهد لم تكن بحاجة إليه أو ترغب فيه على المستوى الشخصي، ومن ثم قد تواجه حينها شعور بالانزعاج. 

ويشير الباحث الكندي إلى أنه إذا كانت تلك هي الحالة وأنت تواجه شعورًا واحدًا فقط مثل الغضب؛ فما هو الحال عند الإحساس بمشاعرٍ مركبة؛ مثل تلك التي نشعر بها ونحن في الغربة خارج وطننا الأم؛ فأنت في تلك الحالة تشعر بالفرح لأنك تحقق ما تتمناه بحياتك؛ لكنك في الوقت نفسه تشعر ببعض الحزن لفراق الأصدقاء والأهل والمعارف. 

ويوضح ثاجارد أنه في حالة المشاعر المركبة، يتصارع داخلنا مؤشران دلاليان؛ لكن دائمًا ما سينتصر المؤشر الدلالي الذي سيستمر معنا فترة أطول من الزمن، مثال على ذلك، التأقلم على العيش خارج البلاد ومن ثم تثبيت هذا المؤشر الدلالي بدلًا من الشعور بالفقدان.

واستطاع ثاجارد في الورقة البحثية الأخيرة أن يعمل على نموذج حسابي يدعى «POinters-EMotion»، يمكنه قياس تلك المؤشرات الدلالية لمحاكاة العوامل الجسدية والفسيولوجية والخصائص الأخرى المؤثرة في العاطفة، لبيان أي من المشاعر المتضاربة سيكون لها الهيمنة.

تغيير الروتين وأشياء أخرى.. هكذا يمكن إنجاز التحول العاطفي

يذهب الأفراد عادةً إلى الأطباء النفسيين لإجراء تغيير ما على «شعور سلبي» يختبرونه؛ مثل القلق والتوتر والخوف والحزن والاكتئاب، ففي تلك الحالة لا يكون المؤشر الدلالي للشعور حدثًا عارضًا نتاج موقف حياتي معين؛ بل يصبح شعورًا مزمنًا، يهيمن على القدر الأكبر من حياة الفرد.

يشير بعض الباحثين إلى أن العصر التكنولوجي الحديث قد سهَّل عملية إيجاد أدوات جديدة لفحص الدماغ لمعرفة طرق التفاعل بين العاطفة والإدراك، فالقلق والتوتر والإحباط إذا أصبحوا مشاعر مزمنة يمكن أن تؤثر في عملية الإدراك ذاتها؛ ومن بين ذلك عوامل التحفيز والانتباه بالمخ؛ وهو ما قد يعكس إبطاء حركة إفراز هرمونات معينة؛ ومن ثم توضيح الأسباب الجذرية لاضطرابات الشعور.

علوم

منذ سنتين
من وجهة نظر علم النفس.. هل يوجد شيء اسمه «طبيعتي الشخصية»؟

إذ إن العاطفة والإدراك متشابكان بعمق في نسيج الدماغ، عن طريق شبكة معقدة من الأعصاب، وهناك مناطق بالدماغ تربطهما معًا مثل قشرة الفص الجبهي الظهراني والذاكرة؛ اللتان تلعبان دورًا كبيرًا في العاطفة، وهنا يأتي دور نظرية «المؤشرات الدلالية» التي يشير بول ثاجارد إلى أنها مفيدة لإجراء التحول العاطفي حين تطبيقها على الانفعالات المزمنة، ففي تلك الحالة لا يلجأ الباحثون لإجراء تغيير لحظي فقط، وإنما تغيير يستمر على المدى الطويل.

لمعرفة كيفية تطبيق ذلك، يجب علينا أن ندرك أولًا كيف يمكن للمؤشرات الدلالية للشعور أن تصبح مثل مغناطيس يجتذب إليه المؤشرات العابرة؛ فالشخص القَلِق والعصابي؛ تجده قلقًا بشأن مجموعة متنوعة من المواقف؛ والتي تؤدي بدورها إلى تغييرات فسيولوجية وتقييمات سلبية، مما يؤثر في النهاية على معتقدات الشعور بالذات، ويهدف الباحثون إلى عكس تلك العملية؛ عن طريق تحفيز الدماغ لامتلاك المؤشرات الدلالية المقابلة لذلك؛ الأمر بحسبهم يشبه التمارين الذهنية لتدريب الذاكرة.

ولتغيير نمط المؤشرات الدلالية المزمنة، علينا أولًا أن نضع نصب أعيننا الأربعة عوامل الرئيسية التي تتحكم في الشعور؛ والمتمثلة في: «المواقف الحياتية، والإدراك المعرفي، والتغييرات الفسيولوجية، وأخيرًا المعتقدات الذاتية عن النفس».

ففي حالة الذين يعانون من القلق المزمن لأسباب بعينها؛ مثل أمٍّ تشعر بالتقصير تجاه دورها نحو الأبناء والأسرة؛ يجب أن يعمل المعالجون المتخصصون على مساعدة الأم لإدراك معنى جديد لدورها الأمومي لا تشعر فيه بالتقصير نتيجة لأسباب غير واقعية متعلقة بقلقها؛ إذ إن وضع معاني وأهداف جديدة؛ والتماهي معها؛ يساعد في تغيير عملية «الإدراك المعرفي» للعواطف؛ فتغيير الأنماط العصبية للإدراك وتصنيفاتها المسبقة عما نختبره؛ قد يساعدنا على المدى البعيد في اجتذاب أنماط جديدة أكثر إيجابية.

والأمر الثاني الذي يمكن من خلاله التحكم في عملية الشعور يتمثل في «التغييرات الفسيولوجية»؛ فما نعاني منه في حالات القلق والاكتئاب من زيادة معدل ضربات القلب والتعرق والشحوب، يمكن التغلب عليه من خلال ممارسة تدريبات التنفس العميق؛ التي تساعد الجسد على الهدوء والاسترخاء، أو ممارسة التأمل؛ وكلاهما من الممارسات تساعد الدماغ البشري الذي يعمل باستمرار على الهدوء ومن ثم التفكير بطريقة مختلفة.

ويشير بعض الباحثين أيضًا إلى أن تغيير نمط الحياة؛ والروتين اليومي للأفراد، من خلال الانخراط في أنشطة جديدة، وممارسة الهوايات، يساعد في الانفتاح على مواقف حياتية جديدة غير التي نختبرها في حياتنا اليومية الروتينية؛ وهو ما يمنحك منظورًا جديدًا للنظر إلى الأمور، ومن ثم يساعد في تحول عملية إدراك العواطف لدى الفرد؛ كما أنه على المدى البعيد يمكن أن يغير صورة الفرد المسبقة عن ذاته؛ وهي العوامل التي جعلتنا في الأساس نعاني من شعور سلبي «مزمن»، ولا تهدف تلك العملية لأن يعيش الفرد في هدوء واسترخاء طوال حياته؛ بل تساعد في التأقلم مع متغيرات الحياة؛ ومعرفة كيفية التعامل معها، فنحن سنختبر بالطبع مشاعر سلبية، لكنها لن تؤثر فينا في تلك الحالة بالطريقة ذاتها.

المصادر

تحميل المزيد