أيدت محكمة النقض، الأربعاء الماضي، الحكم بإعدام ستّة معارضين، في قضية قتل «حارس المستشار حسين قنديل» في حكم إعدام نهائي – لم يكن الأول من نوعه – أثار انتقاداتٍ حقوقية، استقصى «ساسة بوست» وراءها واستمع لبعض أهالي المحكوم عليهم بالإعدام الذين أكدوا بشهاداتٍ متطابقة تعرُّض أبنائهم للإخفاء القسري والتعذيب، تضمن «هتكًا للعرض» وتهديدًا باغتصاب سيدات أسرهم، لانتزاع اعترافات بحسب الأهالي.

ماهية الحكم وخلفياته

في السابع من يونيو (حزيران) الجاري، الموافق يوم الأربعاء الماضي، أيدت محكمة النقض، برئاسة المستشار «مجدي أبو العلا» الحكم بإعدام ستة معارضين، والمؤبد لاثنين آخرين، وبراءة أربعة، وتخفيف الحكم على ثلاثة من المؤبد إلى الحبس ثلاث سنوات، في قضية
مقتل «حارس المستشار حسين قنديل»
قاضي اليمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«أحداث الاتحادية» المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأسماء الستة المحكوم عليهم بالإعدام، هي:  خالد رفعت جاد عسكر(خريج كلية العلوم)، وإبراهيم يحيى عبد الفتاح عزب (طالب في كلية صيدلة)،  وأحمد الوليد السيد الشال (طالب امتياز بكلية طب المنصورة)، وعبد الرحمن محمد عبده عطية (طالب بكلية طب الأزهر)، وباسم محسن خريبي (مهندس بشركة إيريس للسكك الحديدية)  ومحمود ممدوح وهبة (طالب في كلية الهندسة).

أما عن الاثنين المحكوم عليهم بالمؤبد، فهما:  أحمد حسين دبور، ومحمد علي العدوي، والثلاثة الذين خُفِّفَ الحكم عليهم من المؤبَّد إلى ثلاث سنوات، هم: أيمن قمسان، ومحمد عرفات،  وبلال شتله، والأربعة المحكوم ببراءتهم، فهم:  محمد فوزي كشك، ومصطفى جلال محروس، وعلي عاشور، وأحمد محسن عبد الحميد.

وتعود القضية لفبراير (شباط) 2014، عندما قُتل رقيب الشرطة بمديرية الدقهلية عبد الله متولي، أثناء عودته من عمله، في حراسة منزل المستشار حسين قنديل، وفي شهر مارس (آذار) 2014، ألقت الشرطة القبض على عددٍ من المعارضين، ووجهت النيابة لهم اتهامات «القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وحيازة متفجرات وأسلحة وتكوين خلية إرهابية، وارتكاب أعمال عنف ضد قوات الجيش والشرطة».

وفي السابع من سبتمبر (أيلول) 2015، قضت محكمة جنايات المنصورة بإلإعدام لتسعة والمؤبد لـ 14 آخرين، والحبس 10 سنوات لآخرين، قبل أن تصدر محكمة النقض حكمها النهائي في القضية يوم الأربعاء الماضي، والذي يتضمن إعدام  ستة متهمين.

774 شخصًا حُكم عليهم بالإعدام منذ 3 يوليو 2013

وبعد هذا الحكم يرتفع عدد المحكوم عليهم بالإعدام في مصر على خلفية قضايا مدنية وعسكرية «معارضة للسلطات» منذ بيان القوات المسلحة في الثالث من يوليو(تموز) 2013، إلى 774شخصًا بينهم 15 ثُبّت الحكم عليهم نهائيًا، ونُفذ الحكم بحق  ثمانية منهم» بحسب  المنظمة العربية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها.

وقالت المنظمة الحقوقية بأنَّ ملف القضية موجَّه «إلى متهمين على خلفية معارضة السلطة، ومبني على تحريات الأمن الوطني، واعترافات تحت التعذيب، اعتمدتها المحكمة أدلةً كافية للحكم بالإعدام». وأكدت أن المتهمين تعرضوا للتعذيب والإخفاء القسري لفترات متفاوتة، وحذرت من تنفيذ الحكم، مُشيرةً إلى فبركة الاعترافات، واختفاء  الأسلحة التي ظهرت في الفيديو المسجل للداخلية، واقتصار الأحراز في المحضر الرسمي على «ماسورة صرف صحي وبندقية قديمة لم تستعمل من قبل وليس فيها أعيرة نارية».

«هُتك عرضه.. وهُدد باغتصاب والدته إن لم يعترف»

في 12 مارس (آذار) 2014، بثَّت وسائل الإعلام المصرية فيديو جاء تحت عنوان «ضبط المتهمين فى جريمة قتل حارس قاضي اليمين فى محاكمة المعزول مرسي» وظهر فيه ثلاثة من المحكوم عليهم بالإعدام، يدلون باعترافات على المشاركة في قتل الرقيب متولي، من بين هؤلاء الثلاثة كان « أحمد الوليد»، الذي قال في الفيديو إنه من أطلق الرصاص على متولي.

https://www.youtube.com/watch?v=2gDgb7PrpKI

«ساسة بوست» تواصل مع «يسرا» شقيقة أحمد التي أكدت أنّ ما اعترف به أحمد كان بسبب التعذيب الذي تعرّض له أثناء فترة اختفائه قسريًا، بحسب يسرا التي تحكي أن أحمد كان قد أنهى دراسته في كلية الطب، حاصلًا على المراكز الأولى بين أقرانه، وينتظر التعيين في الجامعة وبدأ في التحضير للمعادلة الأمريكية، قبل أن «تخطفه قوات أمن بزيٍّ مدنيّ من سيارته بدون إذن نيابة» في السادس من مارس (آذار) 2014، وفقًا ليسرا التي قالت إنّ «السلطات المصرية أخفته قسريًا  وأنكرت وجوده، وعرّضته للتعذيب أسبوعًا قبل أن يظهر في الفيديو، ويتعرَّف أهله على مكان احتجازة بسجن العقرب بعد ظهور الفيديو بثلاثة أيام، لتلبغ المدة الإجمالية لإخفائه قسرًا 10 أيام».

تتحدث يسرا عن أساليب التعذيب التي تعرّض لها أخوها خلال سبعة أيام تواجد فيها بمقرَّات أمن الدولة في القاهرة والمنصورة، وتقول: «كان مقيَّدًا ومعصوب العينين وممنوعًا عنه المياه طوال فترة التعذيب، عُلِّق من يديه ورجليه في السقف، صُعق بالكهرباء في كل جسده حتى الأماكن الحساسة، هُتك عرضه بعصاة خشبية، وهدد باغتصاب والدته إن لم يدلِ بتلك الاعترافات»، ولفتت إلى أن والدته (المحامية) طلبت من النيابة عرضه على الطب الشرعي، و لكنّ النيابة رفضت، كما  أثبتت واقعة هتك العرض، وحققت النيابة فيها وحولته للجنايات ولكن «لم يتم مداولتها حتى الآن».

ولفتت يسرا إلى أن محمود وهبة الذي ظهر  مع شقيقها في الفيديو اختفى نفس مدة أخيها، فيما امتدت مدة اختفاء باسم خريبي، الذي لم يظهر في الفيديو، لثلاثة أشهر، بحسب يسرا التي لفتت إلى أن أحمد قبل اختفائه بعدة شهور، قد  شارك في اعتصام رابعة وأصيب  بـ«خرطوش»، يوم فض قوات الأمن في 14 أغسطس(آب) 2013، ذلك اليوم الذي قُتل فيه شقيقهما خالد، ورفض أحمد آنذاك طلب النيابة بإقرار أن أخيه مات «مُنتحرًا»  بحسب يسرا.

صورة أرسلتها يسرا لـ«ساسة بوست» على أنها تُلخص حياة شقيقييها (أحمد دائمًا ما يظهر يسارًا وخالد يمينًا

وتعليقًا على الحكم بإعدام أحمد، قالت يسرا «فاقضِ ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. ليس لأحد أن ينتقص من عمر إنسان ثانية واحدة وأملنا إن شاء الله إن ربنا ينجيهم من عنده ويبارك في أعمارهم» داعيةً إلى نشر قضية الشباب والدعوة لهم بالنجاة.

« ليه ما أخدتهوش منِّي قبل ما أفصّله بدلة فرحه؟»

بدورها، وجهّت والدة «خالد عسكر»، المحكوم عليه بالإعدام والذي ظهر في منتصف الفيديو، رسالة لقاضي محكمة النقض التي أكد حكم الإعدام على نجلها خالد، طرحت فيه العديد من الأسئلة التي تضمنت تأكيدات منها أن نجلها تعرّض للإخفاء القسري والتعذيب في أمن الدولة لانتزاع الاعترافات منه،  وتساءلت: «لماذا حرمتني حتَّى فرحتي أنني كنت أزوره فقط وهو داخل أسواركم.. ليه ما أخدتهوش مني قبل ما أفصّله بدلة فرحه؟».

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/photo.php?fbid=829365553911938&set=a.328529393995559.1073741827.100005155038253&type=3 ” width=”446″ ]

واستشهدت أم خالد بنفس الآية التي استشهدت بها يسرا ، وختمت منشورها: «سوف نلتقي قضاة محكمة النقض تحت ظل عدالة وقدسية الأحكام والميزان»، فيما طالبت شقيقة محمود وهبة في منشورٍ لها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بالدعاء لشقيقها، والشباب الذين معه في القضية.

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/menna.mamdouh.311/posts/10209569224939013 ” width=”446″ ]

«وحشتيني ونفسي أشوفك.. ماتزعليش هنتقابل في الجنة»

وفي فيديو آخر بثته وزارة الداخلية في الثامن من مارس (آذار) 2014، ظهر «إبراهيم عزب» الطالب بكلية صيدلة والمحكوم عليه بالإعدام، معترفًا بمشاركته في أعمال عنف، لم تتضمَّن قتل الرقيب متولي، ولكن شقيقته «سمية»، التي تواصل معها «ساسة بوست» أكدت أيضًا اختفاءه لمدة مشابهة لتلك التي اختفى فيها أحمد، وتعرضه لوسائل تعذيب مشابهة أيضًا، بعد إلقاء القبض عليه في الخامس من مارس (آذار) 2014، وإنكار الأجهزة الأمنية وجوده حتى ظهر في الفيديو، وبعد ذلك بعدة أيام علم أهله أنه في سجن العقرب، بحسب سمية.

عدَّدَت سمية وسائل التعذيب التي تقول إن شقيقها تعرَّض لها في مقار الأمن الوطني «حرق بالسجائر، وكيّ بالأسياخ الساخنة، والضرب بالأسلاك الشائكة، والتجريد من الملابس كلها، والاغتصاب بإدخال خشبة في الدبر ،والصعق بالكهرباء في العضو الذكري، والتعليق من القدمين لأيام، والتعليق من يدٍ واحدة أو قدمٍ واحدة، والتهديد باغتصاب والدتي وشقيقاتي، والضرب بعصا خشبية غليظة حتى كسرت ضلوعه وذراعه وساقه وأسنانه» لافتةً أن شقيقها أصيب بضعفٍ في بصره نتيجة التعذيب بالكهرباء وتعصيب العينين لفترة طويلة.

وفي اليوم التالي للحكم، نشرت سمية رسالة من شقيقها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»  قال فيها: «وحشتيني وكان نفسي أشوفك، متزعليش هنتقابل في الجنة كوني بخير لأجلي»، لترد سمية مازحةً «إنت هتستهبل، عاوز تهرب من الخروجة والعزومة على البحر، إنت مش هتموت كده، هشوفك وهحضنك وهتخرجني!».

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1350442855002886&set=a.366273966753118.78316.100001115539564&type=1&theater ” width=”446″ ]

كما بثّت والدة ابراهيم  فيديو، وصفت فيه الحكم بـ«الظالم» في قضية «ملفقة لإبراهيم هو واللي معاه»، وطالبت بالتضامن  معها «لوقف هذا الحكم الظالم اللي القاضي حكمه على أولادنا عشان ميحصلش معاكم كده».

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/somaia.azab/videos/1351531574894014/” width=”446″ ]

ووصفت  سمية أيضًا الحكم بـ«الظالم وإنهاء لحياة شاب بريء في مقتبل حياته» مضيفةً في تصريحاتٍ خاصة إن  شقيقها كان لديه  حلم «ودرس الصيدلة ليحقق حلمه بصناعة دواء لمرضى الكلى، حتى  يرتاحوا من ألم وعذاب الغسيل الكلوي؛ لأن والدي مريض فشل كلوي وبيتعذب بسببه» وختمت «القاضي حكم عليه بالإعدام..  هيعدموه هو وحلمه!».

«عندما أسأله عن العازولي تفيض عيناه بالدموع»

بدوره لم يظهر«باسم خريبي»، المهندس بشركة إيريس في فيديو الاعترافات، و«لم يعترف بالقتل، ولكن كل الأدلة ضده» بحسب ما قال وكيل النيابة في مرافعته، وفقًا لوالدة باسم التيي بثّت فيديو من خلال صفحتها على فيسبوك تدعو للتضامن معه، ولم تتحدث والدة باسم في الفيديو كثيرًا، ولكنها حكت قصة باسم باستخدام الصور واللافتات، منذ ولادته قبل 30 عامًا، مرورًا باختفائه في  الرابع من مارس (آذار) نفس شهر ولادته حتى الحكم عليه بالإعدام.

ومن بين ما ذكرته أم باسم «كافحت وصرفت عليه دم قلبي حتى أصبح مهندس ميكانيكا.. تعلم أحسن تعليم كي ينفع نفسه ووطنه» وأكدت تعرُّضه للإخفاء القسري والتعذيب «الممنهج في سجن العازولي» لافتةً أنه لا يتحدث لها في تفاصيل ما تعرض له «خوفًا عليها» مُضيفةً «عندما اسأله عن العازولي تفيض عيناه بالدموع!»

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/100008203441299/videos/1893593934257370/ ” width=”446″ ]

«هنقلعها قدامك»

وعن المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، نشرت «أميمة»، شقيقة «أحمد دبور»،على صفحتها في فيسبوك منشورًا حاولت تصف فيه حال المتهمين بعد إصدار الحكم ضدهم، وكتبت «الظلم يعم بالمكان والنور يعم القلوب، لا أحد يؤنس وحشة الظلام ومُر الأيام وأسى جدران الزنزانة القابع بها الفتى سوى ربه وهذا يكفي ، والله يكفي».

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1344223552334336&id=100002401136778 ” width=”446″ ]

فيما نشرت أم «محمد العدوي» المحكوم عليه بالمؤبد، فيديو مُجمَّعًا لعدد من شهادات والدات المتهمين، أكدوا فيه تعرض أولادهم  للتعذيب والإخفاء القسري، والتهديد باغتصاب الأم والشقيقات، وقالت إحدى الأمهات عن تهديد الأمن لابنها باغتصابها «هنقلعها قدامك» مما دفعه، بحسب والدته- للقول «طيب خلاص، إذا كان كده بقى متجيبوش سيرة أمي واللي انتو عايزين تقولوه أنا هقوله».

[c5ab_facebook_post c5_helper_title=”” c5_title=”” id=”” url=”https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1854587931530659&id=100009384109610″ width=”446″ ]


عرض التعليقات
تحميل المزيد