ساهمت الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا جوجل وأمازون وآبل وفيسبوك، في تحديد ملامح القرن الحالي. كانت هذه الشركات بالنجاحات التي حقتتها سببًا رئيسًا في تحقيق الترفيه والخدمات، التي لم تكن متاحة في أي زمن آخر. الصورة النمطية عن هؤلاء العمالقة هي النجاح المدهش، فخطابات ومحاضرات مؤسسي ومديري هذه المؤسسات تمتلئ بها منصات التعليم والمناهج كمثال يحتذى لكل راغبي التفوق والنجاح.
على الجانب الآخر، هناك صورة حقيقية لكنها، على الرغم من ذلك، لا يتم تداولها ولا يعلم عنها الناس الكثير. هذه الصورة هي الفشل الكامل. أحيانًا كان هذا الفشل هو طريق النجاح، وأحيانًا أخرى لم يكن طريقًا لأي نجاح. كان فشلًا مجردًا وخالصًا. في هذا التقرير نتناول بعض تلك القصص التي كان الفشل عنوانها لتلك الشركات العملاقة.
جوجل
قدمت جوجل العديد من الخدمات الرائعة عبر شبكة الإنترنت، أشهرها هو محرك البحث العملاق، والقدرات الفنية المذهلة التي وصل إليها والخدمات التي قدمها لمستخدمي الشركة. مع كل النجاحات التي قدمتها جوجل، كانت هناك العديد من المنتجات التي ذهبت إلى مقبرة الشبكة العنكبوتية. هذه أبرز تلك المنتجات:
جوجل بلس (Google +)

مصدر الصورة: SHUTTERSTOCK.
جوجل بلس هي خدمة قدمتها جوجل لمنافسة عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك. في عام 2011 أطلقت جوجل منصتها لخلق بيئة جديدة للتواصل الاجتماعي، لكنها لم تستطع أبدًا الاقتراب حتى من منافسة فيسبوك. ظن مصممو جوجل بلس أن الناس على منصات التواصل الاجتماعي يرغبون في مشاركة الآخرين بخبراتهم وأخبارهم اليومية، وأخذت جوجل هذا المبدأ إلى حد بعيد، حيث قامت بتوثيق كل شيء تكتبه أو تقوله، لتقوم بترتيبه وأرشفته وجعله سهل الوصول إليه ليس من قبل الشخص فحسب، لكن حتى الغرباء يمكنهم ذلك.
هذا الأمر كان سببًا كبيرًا للإزعاج على الرغم من تناسب الفكرة مع أسلوب منصات التفاعل الاجتماعي. بالتأكيد لم يكن هناك سبب وحيد لأن تفشل جوجل بلس حتى الآن في الوصول لأي صيغة قادرة على تهديد فيسبوك. لكن السبب الأهم في نظر الكثيرين هو أن جوجل بلس لم تضع لنفسها رؤية واضحة لما تختلف فيه أو تتميز به عن فيسبوك.
تتمثل هذه المعضلة في خلق الأسباب التي تجعل أحدهم يقرر ترك حسابه على فيسبوك ليذهب إلى جوجل بلس. لمحاولة الالتفاف حول هذه المعضلة جعلت جوجل معظم خدماتها مرتبطة بحساب جوجل بلس، فسيكون عليك تسجيل حساب على جوجل بلس للتسجيل في يوتيوب. هذه الخطوة أدت لنتائج عكسية تمامًا حيث أصبح جليًا للجميع أن جوجل تريد أن تجبر الجميع على الانضمام لمنصتها الاجتماعية.
جوجل إكس (Google X)
جوجل إكس هو خدمة قدمتها جوجل لمدة يوم واحد. نعم، لقد قرأت الجملة بشكل صحيح. أصدرت جوجل هذا الإصدار يوم 15 مارس 2005 وسحبته يوم 16 مارس 2015. كان جوجل إكس هو نفس الإطار العام للإصدار التقليدي من محرك البحث جوجل لكن مع صور بالأسفل لأيقونات جوجل بصورة تشبه إلى حد بعيد نظام التشغيل الخاص بـ«Mac OS X». لهذا السبب فإن عدم درايتك بنظام تشغيل «Mac OS X» سيجعل الأمر صعبًا بالنسبة للتعامل مع جوجل إكس. الغريب في الأمر أن جوجل لم تقدم أبدًا أي تفسير عن إعدامها لهذا المنتج بهذه القسوة.
فروجل (Froogle)

مصدر الصورة: yatb.net
يبدو أن مشكلة «Froogle» لم تكن متعلقة بعدم جدارة المنتج على جذب المستخدمين. في الحقيقة كانت الفكرة جيدة، وهي مقارنة أسعار الخدمات والمنتجين المختلفين. في المقابل تمثل الفشل في اسم المنتج الغريب، وهو الذي تم تغييره ليصبح «Google Products» في 2007، وتم تغيير الاسم مرة أخرى إلى «Google Product Search» لكن هذه المحاولات لم تسفر عن تقدم كبير في النهاية، ولم تغير من مصير هذا المنتج.
مُسرع التصفح (Web accelerator)

مصدر الصورة: websiteoptimization.com
منتج جوجل الذي أصدرته الشركة لمعالجة مشاكل بطء استجابة بعض الخوادم، أو سرعات الإنترنت المنخفضة لم يستطع أيضًا أن يحقق الهدف منه بشكل احترافي. الفكرة الأساسية كانت ضغط البيانات المتداولة عبر الشبكة العنكبوتية لتسريع وصول البيانات بين المصدر والخادم المستهدف. هذه العملية احتوت على الكثير من الثغرات الأمنية، كما تسببت في الكثير من مشاكل الاستخدام. لقد منعت هذه الخدمة المستخدمين من الدخول إلى موقع اليوتيوب.
جايكو (Jaiku)

مصدر الصورة: arstechnica.com
لم يكن جوجل بلس هو المحاولة الوحيدة من جوجل لمقارعة فيسبوك وتويتر. أصدرت جوجل منتج «Jaiko» في عام 2007 كمحاولة لمنافسة تويتر بشكل أكبر هذه المرة. تم تطوير هذا المنتج في فنلندا وسمي بهذا الاسم الغريب محاكاة لطريقة يابانية في كتابة الشعر. لم يكتب لـ«Jaiko» أبدًا أن يحقق أي تهديد لعمالقة التواصل الاجتماعي، ليثبت من جديد أن جوجل ليست بتلك القوة عندما لا تكون صاحبة الانطلاقة الأولى في المجال.
فيسبوك
فيسبوك هو عملاق مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي. مؤسس فيسبوك هو مارك زوكربيرج الشاب الذي كان يدرس وقتها علم النفس في جامعة هارفارد. بدأ زوكربيرج مشروعه بإنشاء منصته البسيطة للتفاعل الشخصي لينضم لها في اليوم الأول أكثر من 1200 شخص من جامعة هارفارد. بعد شهر واحد، أكثر من نصف الطلبة بالجامعة كانوا قد سجلوا حسابات جديدة على فيسبوك. قصص فشل فيسبوك ليست قليلة هي الأخرى. هذه أبرز منتجات فيسبوك التي لم تحقق سوى الفشل:
نكز (Poke)

مصدر الصورة: dailydot.com
الجميع يعرفون أن هناك خاصية في فيسبوك اسمها «Poke» لكن معظمنا لا يعرف على مستوى التحديد ما هو الغرض منها. تعود قصة تطبيق «Poke» إلى عام 2012 بعد الانطلاقة الرائعة التي حققها تطبيق «Snapchat». علق زوكربيرج عن هذا التطبيق بقوله إن هذا التطبيق قد تم تطويره في 12 يومًا فقط في إحدى جلسات البرمجة التي كانت تهدف إلى تحويل الأفكار الجيدة إلى مشاريع على أرض الواقع. هذه كانت البداية، أما الآن تحولت هذه الخاصية إلى أمر أكثر غرابة. لاحقًا وبسبب الجدل الذي دار حول وظيفة هذه الخاصية، يصرح زوكربيرج بأن هذه الخاصية كانت مجرد مزحة، ولا يوجد أي هدف محدد من ورائها.
صندوق بريد فيسبوك (Facebook inbox)

مصدر الصورة: gizbot.com
هذه المرة حاول فيسبوك إطلاق خدمة بريد منافسة لجوجل، فأطلق «Facebook inbox» لكي يتمكن المستخدمون من إنشاء بريد إلكتروني خاص بهم مع نطاق «@facebook.com». من الواضح أن الأمر لم ينجح بأي شكل، فقد أسقطت فيسبوك هذه الخدمة لعدم اهتمام المستخدمين بمجرد تجربتها.
زر المتابعة (Subscribe)

مصدر الصورة: theverge
أطلقت خاصية «Subscribe» في فيسبوك في سبتمبر عام 2011، وكانت خاصية جديدة تتيح للمستخدمين متابعة الشخصيات العامة على المنصة الشهيرة. في ديسمبر 2012 قررت فيسبوك تغيير اسم هذه الخاصية لتتحول إلى Follow وهو الاسم المشهور لدى منصة تويتر وباقي منصات التواصل الاجتماعي لاحقًا. في بيانها لإعلان هذا التغيير قالت الشركة إن الاسم الجديد يعكس صدى أفضل مع الناس عن الخدمة، وهو الوصف الغريب وغير المحدد على الإطلاق.
هدايا فيسبوك (Facebook Gifts)

مصدر الصورة: techworld
هدايا فيسبوك هي خدمة قدمتها فيسبوك في العام 2011 وانتهت سريعًا في عام 2013. كان الهدف من الخدمة هو ربط المستخدمين بمقدمي الخدمات المختلفة في الولايات المتحدة. الخدمة لم تستطع جذب المستخدمين في نسختها التجريبية لتفشل هذه المرة فيسبوك في مقارعة عملاقة الشحن أمازون.
أسئلة فيسبوك (Facebook Questions)

مصدر الصورة: iStock/ekinyalgin
أسئلة فيسبوك هي خاصية تم إطلاقها في 2010، وأتاحت هذه الخاصية لمستخدمي فيسبوك أن يكتبوا أسئلتهم الخاصة في مربع تحديث الحالة الشخصية «Status» ليتم إرسال الأسئلة إلى الأصدقاء عبر صفحة «News Feeds». فيسبوك قررت بعد ذلك سحب هذه الخدمة من المنصة تمامًا بعد انطلاقها بعامين فقط.
أمازون
بدأت أمازون عملاقة الشحن حول العالم من كاراج بسيط لبيت المؤسس جيف بيزوس. بدأت أمازون خدماتها ببيع الكتب فقط، لتتوسع بعد ذلك في مختلف البضائع حول العالم لتقدم العديد من الخدمات الناجحة والمفيدة، لكن في الخلفية لم تسلم أمازون من تجارب سجلت فشلًا ذريعًا عند إطلاقها. هذه بعض تلك المشاريع:
كوزمو (Kozmo.com)
قدمت أمازون خدمة «Kozmo.com» لتوصيل الخدمات المصغرة مثل الأسطوانات المدمجة، والكتب، والأطعمة. أطلقت الخدمة في عام 2000 باستثمار بلغ 60 مليار دولار، لكن الخدمة لم تستطع الصمود في النهاية ليتم إيقافها بعد عام واحد من إطلاقها.
تطبيق أمازون لنظام تشغيل كيندل (Amazon IOS Kindle App)
قدمت أمازون هذا التطبيق لزيادة نسبة التفاعل لدى مستخدميها. الأمر الذي تقاطع مع هذا الهدف هو أن Apple قامت بفرض عمولة 30% على المشتريات التي تتم عبر التطبيقات. واجهت أمازون أزمة مع هذه العمولة حيث لم يكن لديها هامش الربح الكافي لسد هذا الهامش من التكاليف. كان المشتركون في التطبيق عبر أجهزة أيفون أو آي باد مضطرين لطلب مشترياتهم عبر أجهزة الحاسب الثابتة للالتفاف حول دفع العمولة. كان هذا هو السيف الذي قصم مستقبل التطبيق.
آسك فيل (Askville)

مصدر الصورة: ويكيبيديا
تم تأسيس موقع «Askville» من قبل مؤسس موقع «Kosmos.com» وتم تصميم الموقع ليقدم أسئلة وإجابات يتلقاها من العملاء. استثمرت أمازون في هذا المشروع حوالي 60 مليون دولار لتطلق الموقع في 2006 لكنه لم يستمر طويلًا لتقوم أمازون بإيقافه عام 2013. كانت هذه محاولة قديمة من أمازون لخلق مناخ جيد للتواصل الاجتماعي لكن يبدو أن عملاقة خدمات الشحن لم تكن قد حصلت الخبرة الكافية في مجال التطبيقات والمنصات التفاعلية.
محفظة أمازون (Amazon Wallet)
محفظة أمازون للهواتف الذكية كانت حلًا قدمته أمازون لتسهيل عمليات الدفع التي يقوم بها عملاؤها عام 2015. كان العملاء يحتفظون برصيدهم من كروت الدفع على هواتفهم لاستخدامها في التسوق عبر الموقع، لكن التطبيق لم يكن يحفظ أنواعًا أخرى من كروت الدفع مسبقة الدفع وغيرها. قدمت أمازون لاحقًا مشروعًا آخر لنفس الوظيفة بعد فشل هذا المشروع.
آبل (Apple)
في فبراير 2017 أعلنت شركة «Apple» في نتائجها ربع السنوية أنها حققت أعلى معدل ربح لها على الإطلاق بلغ 78 مليار دولار. كالعادة يعتبر جهاز الـ«iPhone» هو الفارس الأهم من بين منتجات Apple. مؤسسو الشركة هم الثلاثة ستيف جوبس وستيف وازنياك ورونالد واين قاموا بأول أعمالهم في كاراج المنزل الخاص بوالد وازنياك، لتبدأ كالعادة قصة من أشهر قصص النجاح في الوقت الحالي من مرآب منزل. وكالعادة أيضًا سجلت الشركة فشلًا كبيرًا في بعض المشروعات وهذه بعضها:
آبل ليسا (Apple Lisa)
من أوائل المنتجات التي قدمتها شركة آبل كان آبل ليسا. اعتبرت هذه النسخة من حواسيب آبل إحدى أكبر التجارب الفاشلة في تاريخ الشركة. بنظرة سريعة على سبب فشل هذا الجهاز، فإن سعره في عام 1983 كان 10000 دولار، وهو الرقم الذي يساوي في وقتنا الحالي 22000 دولار. هذا الرقم الضخم كان السبب فيه هو التكلفة العالية التي تكبدتها آبل في إنشاء هذا الحاسب. لقد دفعت آبل 50 مليون دولار في مكونات الجهاز، و100 مليون دولار أخرى في تطويره، في النهاية تم بيع 10000 نسخة منه فقط.
آبل 3 (The Apple III)
ستيف وازنياك كان هو المصمم الدائم لكل أجهزة الحواسيب الخاصة بشركة آبل قبل هذا الإصدار. لا يوجد شاهد على أن غياب وازنياك عن تصميم هذا الحاسب هو السبب الرئيس في فشله، لكن الشواهد المتاحة هي البطء الشديد، وارتفاع درجة حرارة الجهاز سريعًا وبدرجات كبيرة. كما كانت الثغرات مشكلة كبيرة في برمجة هذه النسخة من حواسيب آبل. كل هذه المشاكل التقنية ساهمت بشكل كبير في الفشل المروع لحاسب «The Apple III».
هاتف ماكينتوش النقال (Macintosh Portable)
هذه هي النسخة الأولى من الحواسيب النقالة في العالم. الغريب أن هذا الحاسب كان يزن حوالي 16 رطلًا (حوالي 7 كيلوجرامات) بذلك وبمقاييس الوقت الحالي فإن هذه التسمية تعتبر مزحة لطيفة. من حيث الإمكانات الفنية كانت شاشة الحاسب لا تحتوي على ألوان، فقط الأبيض والأسود، مع ذاكرة 1 ميجا بايت، وبطاريات بوزن ثقيل للغاية. كل تلك العيوب إضافة إلى السعر الذي يساوي بوقتنا الحالي حوالي 12750 دولارًا جعلت من هذا الحاسب قطعة أثرية منسية في تاريخ آبل.
فأرة قرص الهوكي (The «Hockey Puck» Mouse)
في عام 1998 أصدرت آبل هذه النسخة من «فأرة التحكم» التي تميزت بشكلها الغريب الدائري صغير الحجم. هذا التصميم الغريب جعل التحكم به صعبًا على المستخدمين، وبالتالي فشل في أول اختبار له. استمر هذا المنتج في الأسواق عامين فقط ليتم إيقاف إنتاجه عام 2000.