بعد يوم طويل من العمل وأداء الواجبات المختلفة، تستعد الآن للذهاب إلى السرير لتنال قسطك المعتاد من النوم والراحة، لكن فجأة يبدأ رأسك في الشعور بالانهيار، ويعود لك ألم أسنانك الذي كنت قد نسيته خلال النهار، أو ربما تشعر بألم تلك الكدمة التي وقعت نتيجة سقوط على ظهرك منذ يومين.

دائمًا ما نشعر أن إحساسنا بالألم يتضاعف بشكل واضح في الليل، ويتسبب في عدم النوم بشكل متصل وهانئ، نشعر كما لو أن الليل قد كشف كل أوجاعنا المغطاة. في الواقع هذا ليس مجرد إحساس أو مصادفة بل حقيقة، بالفعل يزداد الإحساس بالآلام المختلفة في كل جسدنا خلال ساعات الليل. دعونا نلقي نظرة فاحصة على السبب الذي يجعل الألم يأتي بشكل أكبر بعدما تغرب الشمس.

الإيقاع اليومي للألم والهرمونات

نعتقد في بعض الأحيان أن الألم يمكن التحكم فيه عن طريق مفتاح «تشغيل / إيقاف». فإذا جلست على الكمبيوتر لفترة طويلة ستصاب بصداع، وإذا ما تناولت حبة إيبوبروفين سيختفي الألم. لكن الواقع أكثر تعقيدًا من هذا، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة. مع الأشياء العرضية مثل الصداع أو آلام الظهر، غالبًا ما يتحدث الناس عن الألم المتقلب، فهو يأتي ثم يختفي بمرور الوقت وكأنه مجرد ضغطة زر في تصورهم.

لا يتم التحكم في الألم فقط من خلال عوامل خارجية مثل الإصابات أو الإجهاد. تظهر المزيد من الأبحاث أن للحساسية تجاه الألم إيقاعًا على مدار 24 ساعة أو يوميًا. الجسم كله له إيقاع يومي، متعلق بدورة النهار والليل، إلى جانب عوامل أخرى. لكن الخلايا الفردية، بما في ذلك الخلايا العصبية، يمكن أن يكون لها إيقاعها اليومي الذي قد يتزامن مع إيقاع الجسم أو لا.

خلال هذه الدورة اليومية، تتقلب مستويات الهرمونات ما بين الزيادة والنقصان، ومنها هرمون الكورتيزول الذي تفرزه الغدد الكظرية، والذي يساعد في عمليات التمثيل الغذائي وتنظيم مستويات السكر في الدم وضغط الدم، والأهم أنه يساعد الجسم على إدارة الإجهاد والتعب.

عندما تُضخ المزيد من جرعات الكورتيزول في الدم خلال الفترة النهارية، فإن هذا يؤدي إلى تثبيط جهاز المناعة لديك، وهو ما يجعل خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن مكافحة العدوى، تكون أقل نشاطًا خلال اليوم. لكن في الليل يصبح الكورتيزول في أقل مستوياته في الدم، وبالتالي تبدأ خلايا الدم البيضاء باكتشاف العدوى في جسمك بصورة أسهل، وهو ما يسبب الإصابة بأعراض مثل الحمى والتعرق، ولذلك يبدأ بعض الناس في الشعور بالألم أثناء الليل بشكل أكبر.

ورغم هذا، فليست كل أنواع الألم لها هذه الدور، إذ يزداد ألم الصباح مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض التهابية، بما في ذلك الصداع النصفي والتهاب المفاصل الروماتويدي. لكن الأشخاص الذين يعانون من آلام الأعصاب، بينها تلك المرتبطة بالأسنان، من المرجح أن يكون لديهم ألم أسوأ في المساء أو في الليل. الألم في هذه الحالات يميل إلى أن يكون أسوأ في أوقات معينة من اليوم.

تشتيت الانتباه أقل

في المساء، لا توجد اجتماعات أو مكالمات هاتفية أو أحداث ما بعد المدرسة أو تلك المهام المعتادة من الذهاب للبقالة وتصليح السيارة وغيرها. كل هذا يختفي عندما نذهب إلى النوم، لتصبح أنت فقط مع السرير وأفكارك. في هذا الوقت، تصبح أكثر وعيًا بما حولك. وتلاحظ أن جسدك يتألم أكثر مما يجعلك تركز على الألم.

يصبح الدماغ مهتمًا بالألم بدلاً من مجرد التوقف والنوم. قد تجد حتى أن ملاءات السرير هي الجاني عندما يتعلق الأمر بتغذية الألم. كأن هذه الملاءات تزيد من إحساسك بالألم. إذا كنت تعاني من آلام الرقبة، وآلام الظهر، أحيانًا ما يكون مجرد الذهاب إلى الفراش أمرًا مزعجًا للغاية، ويمكن أن تكون أوضاعك بالنوم محفزة للألم.

عربي

منذ سنتين
«إف 15»= 549 مليون كمامة.. ماذا لو أنفق العرب على الصحة بدلًا عن السلاح؟

للتغلب على هذا الأمر، تخيل شيئًا تحبه. يمكن أن يكون طعامك المفضل أو عطلة الأحلام. بدلًا من التركيز على الألم الذي تشعر به أو التركيز لإغلاق عينيك، تخيل ببساطة صورة أكثر إيجابية. إذ إن التشتيت بحد ذاته هو طريقة لتقليل الألم.

درجات حرارة أكثر برودة

من منا لا يحب نسمات هواء الليل الباردة؟ هي رائعة عندما تكون بلا أوجاع، لكنها أيضًا سيئة في بعض الأحيان كونها تزيد من إحساسك بالألم. عندما تنخفض درجة الحرارة، غالبًا ما يتغير إدراكك للألم، بل وقد تسبب البرودة ألمًا. يمكن لأعصابك الطرفية التي ترسل إشارات إلى دماغك سواء كانت تشعر بالبرودة أو السخونة أن ترسل أيضًا إشارات ألم. عندما تتلف أعصابك، قد يترجم دماغك التغيير الحادث في درجة الحرارة الأكثر برودة إلى الشعور بالوخز أو الألم الحاد أو الحارق. تميل درجات الحرارة الباردة إلى جعل قلبك ينبض ببطء، مما يتسبب في تدفق الدم بشكل أبطأ، وهو ما يساعد على الشعور بالآلام أكثر.

 

كيف تتغلب على هذا الأمر؟ ببساطة حاول تدفئة نفسك جيدًا خلال النوم. يمكنك إضافة بطانيات إضافية إلى سريرك عند الحاجة بشرط أن تجعل الحرارة المحيطة بك جيدة ولا تبالغ في الدفء. من المحتمل أن أحد الأشياء الأكثر شيوعًا هو أنه عندما تنهض وتتحرك، تتأقلم أكثر مع الألم.

الليالي المجهدة

يمكن أن يسبب الإجهاد العاطفي والجسدي ألمًا إضافيًا على الجسم. سواء كان ذلك تمرينًا صارمًا أو إجهادًا من يوم عمل طويل يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الجسم. قد تجد أنه عندما تكون مستعدًا للنوم ، لا يزال الجسم يتعافى من ضغوط اليوم. يمكن أن يؤثر الإجهاد على ظهرك ومعدتك. إذا كنت تشعر بألم، امنح جسمك قسطًا من الراحة.

 

يمكنك التفكير في تبديل روتينك البدني من يوم إلى آخر. وللمساعدة في تخفيف التوتر العاطفي، فكر في المشي لمدة 10 دقائق. من المهم الاستماع إلى جسدك وتحديد الوقت لمواصلة التحرك مقابل منح جسدك الراحة اللازمة.

لا تفكر في الألم

القول أسهل من الفعل فيما يتعلق بالمطالبة بعدم التفكير في الألم. لكن الهدف هنا هو المحاولة. لديك القدرة على إعادة التفكير في كيفية إدراكك للألم. سيستغرق الأمر بعض الوقت والجهد، لكن الأمر يستحق ذلك. الليلة، قبل أن تنام، أطفئ التلفاز والمصابيح وجميع الأجهزة الإلكترونية. خذ نفسًا عميقًا وتصور شيئًا رائعًا. حاول إغلاق دماغك وتهدئة الجسم لراحة ليلية هادئة.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد