أصبحت سوريا هذه الأيام مسرحًا عالميًا للصراع العسكري والسياسي بين القوى العالمية والإقليمية، حتى تحولت سوريا لأرض مستباحة من قبل دول العالم، في الوقت الذي يرحل عنها جزء كبير من أهلها.
وفي أعقاب التدخل العسكري الروسي الأخير في سوريا، دعونا نستعرض تدريجيًا كيف كانت بداية التدخلات العسكرية والسياسية في سوريا.

(1) روسيا

روسيا هي حليف عسكري وسياسي لسوريا منذ عام 1956 إبان زمن الاتحاد السوفييتي الأسبق. هذا الدعم التاريخي تواصل على مدار أكثر من نصف قرن من الزمان ليصبح تدخلًا مباشرًا خلال الحرب الأهلية السورية التي قامت في أعقاب اندلاع الثورة السورية عام 2011.

منذ اندلاع الثورة وروسيا تقوم بدعم نظام بشار الأسد عبر إرسال الأسلحة والخبراء العسكريين والفنيين، لتدريب قوات جيش النظام السوري على استخدام السلاح الروسي وإصلاح المعدات العسكرية السورية.

صحيفة الإيكونوميست أشارت في تقرير لها إلى أن روسيا تساعد في الحفاظ على النظام السوري عبر نقل مئات الأطنان من الأوراق النقدية عبر الطائرات. وفي ديسمبر2012م أشارت تقارير إلى قيام مستشارين عسكريين روس بحماية بعض الدفاعات المضادة للطائرات التي أرسلتها روسيا إلى سوريا.

وفييناير 2014م قامت روسيا بإمداد نظام بشار الأسد بسيارات ومدرعات وأجهزة مراقبة وأنظمة رادارات وأنظمة حرب إلكترونية جديدة، بالإضافة إلى قطع غيار لطائرات الهيليكوبتر وقنابل وصواريخ.

وأخيرا في شهر سبتمبر 2015م قامت روسيا بتدخل عسكري مباشر في سوريا عبر القيام بضربات جوية لمواقع المعارضة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية داعش. وعلى الرغم من أن روسيا أعلنت أن الضربات سيتم توجيهها ضد داعش إلا إن الضربات تم توجيهها للقوى المعادية للنظام السوري، وخصوصًا جبهة النصرة وأحرار الشام.

هذا الأمر تزامن مع إعلان الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا بأن التدخل الروسي في سوريا هو حرب مقدسة ضد الإرهاب.

الولايات المتحدة الأمريكية

قامت الولايات المتحدة بإمداد المعارضة السورية بأدوات غير قتالية مثل الأطعمة وعربات النقل، كما قامت الاستخبارات الأمريكية بتسليح وتدريب عناصر من المعارضة السورية التي تصفها الولايات المتحدة بالمعتدلة.

في يونيو عام 2012 م أشارت تقارير إلى قيام الاستخبارات الأمريكية بعمليات خفية على الحدود السورية التركية هدفها الرئيسي معرفة أي مجموعات المعارضة التي يمكن للولايات المتحدة إمدادها بالسلاح .كما ساعدت الاستخبارات الأمريكية أيضًا عناصر المعارضة على فتح طرق للدعم والإمداد كما قامت بتدريبهم على وسائل الاتصالات.

لاحقًا قامت الاستخبارات بإمداد المعارضة ببنادق وصواريخ مضادة للدبابات حتى بلغت قيمة إمدادات الولايات المتحدة للمعارضة بحوالي 15 مليون دولار أمريكي. وفي شهر يوليو من نفس العام قامت الولايات المتحدة بالترخيص لمنظمة غير حكومية تسمى “مجموعة الدعم السورية” من أجل جمع الأموال للجيش السوري الحر.

في شهر مارس 2013م أشارت تقارير إلى قيام الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتدريب عناصر غير إسلامية من المعارضة السورية في الأردن. وفي أبريل من نفس العام وعد الرئيس الأمريكي بزيادة الدعم غير القتالي للمعارضة السورية لحوالي 250 مليون دولار أمريكي.

وفي يونيو 2013م أصدر الرئيس الأمريكي قرارًا بتقديم دعم قتالي مباشر للمعارضة السورية متمثلة في المجلس العسكري الأعلى للمعارضة، وهو ما بدأ بالفعل على أرض الواقع منذ شهر سبتمبر التالي حيث تم رصد دخول أسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات.

نتيجة لتوسع عمليات تنظيم الدولة الإسلامية داعش في سوريا، وقيامه بإعدام رهائن أمريكيين، بدأت الولايات المتحدة تحشد دولًا مختلفة للمشاركة في القيام بضربات جوية ضد التنظيم عبر تحالف دولي تقوده هي وذلك في أواخر عام 2013م.

بريطانيا

عام 2012م قدمت بريطانيا مساعدات غير عسكرية إلى المعارضة السورية تشمل أجهزة وأنظمة اتصالات ومستلزمات طبية. وأشارت التقارير إلى قيام بريطانيا بتقديم دعم استخباراتي للمعارضة عبر قواعدها في جزيرة قبرص.

فرنسا

بعد أن كانت قد بدأت بإرسال إمدادات غير عسكرية للمعارضة السورية، قال الرئيس الفرنسي فرانسواه هولاند بأن فرنسا ستبدأ في إرسال معدات قتالية للجيش السوري الحر المعارض.

السعودية

في ربيع عام 2012م أعلنت المملكة العربية ودولة قطر عن قيامهما بدعم المعارضة السورية بالسلاح والموال. وفي شهر مايو 2013م أشار تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز أن السعودية أصبحت أكبر مورد للسلاح للمعارضة السورية.

من بين أبرز الأسلحة التي قامت السعودية بإرسالها للمعارضة السورية كانت الرشاشات الخاصة بالجنود والأسلحة المضادة للدبابات القادمة من كرواتيا عبر الأردن، وقد علق الرئيس السوري بشار الأسد على هذا الدعم قائلًا بأن السعودية هي الداعم الأكبر للإرهاب، على حد تعبيره.

إيران

هي حليف إسترتيجي شبيه بروسيا بالنسبة للنظام السوري. قدمت إيران خلال الحرب الأهلية السورية دعما كبيرا ومميزا لبشار الأسد يشمل دعما فنيا وقوات مقاتلة ودعما ماليا وصل لحوالي 9 مليار دولار أمريكي.

في شهر يونيو 2011 تحولت مدينة الزبداني السورية إلى مركز دعم إستراتيجي قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات تنظيم حزب الله اللبناني. وخلال شهر أكتوبر عام 2015 أشار تقرير لوكالة رويترز إلى وصول المئات من المقاتلين الإيرانيين إلى سوريا من أجل التجهيز لهجوم إيراني روسي سوري واسع على أماكن تمركز المعارضة السورية.

حزب الله

على مر التاريخ الحديث كان حزب الله اللبناني داعمًا رئيسيًا لحزب البعث السوري الذي يقوده عائلة الأسد.

في شهر أغسطس عام 2012 فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على حزب الله لدوره في الحرب السورية ودعمه لنظام الأسد رغم ادعاءات زعيم الحزب حسن نصر الله السابقة بأن من ذهب لسوريا من أفراد الحزب ذهب بشكل فردي وليس بشكل جماعي منظم، وهو الأمر الذي نفته المعارضة السورية التي أكدت وصول 3000 عنصر إلى سوريا. وكان لحزب الله الفضل الكبير في بقاء مناطق عديد تحت سيطرة النظام السوري مثل منطقة القصير الإستراتيجية والعديد من القرى الشيعية.

أول قادة حزب الله الذين قتلوا في لبنان كان علي حسين ناصف في سبتمبر 2012م على أيدي الجيش السوري الحر.

العراق

منذ عام 2011 تقوم الحكومة العراقية بإرسال دعم مالي لحكومة الأسد. كما قامت العراق بفتح مجالها الجوي لصالح الطائرات الإيرانية التي تنقل الدعم اللازم للحكومة السورية.

في نوفمبر 2012 نشر موقع ميدل إيست فويسس تقريرًا يشير إلى توقيع اتفاقية بين العراق والنظام السوري من أجل إمداد النظام بالمشتقات البترولية. وتشير تقارير حديثة إلى دخول العراق طرفا في قيادة عمليت مشتركة مع كل من إيران وروسيا والنظام السوري لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية

تركيا

على الرغم من العلاقات الجيدة بين الحكومة التركية وبين نظام الأسد على مدى العقد الأخير، إلا إن موقفها تغير كليًا نتيجة قيام نظام بشار الأسد باستهداف التظاهرات والمدنيين بمختلف أنواع الأسلحة، حتى وصل الأمر إلى مطالبة الحكومة التركية برحيل بشار الأسد عن سدة الحكم في سوريا.

مع بدايات الثورة السورية وحدوث انشقاقات في الجيش السوري، قامت تركيا بتدريب بعض من المنشقين على أراضيها ليولد الجيش السوري الحر تحت رعاية الاستخبارات العسكرية التركية ف يوليو 2011 كما بدأت تركيا تقدم الدعم والسلاح للجيش السوري الحر بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية وقطر.

في يونيو 2012م تدهورت الأوضاع كثيرًا بين تركيا والنظام السوري في أعقاب إسقاط سوريا لمقاتلة تركية، وحدوث بعض الاشتباكات الحدودية في أكتوبر من نفس العام. ومع بدء عمليات النزوح الواسعة من قبل السوريين، فتحت تركيا حدودها لهم حيث أعلنت أنه من واجبها استقبال هؤلاء وعدم تركهم لقنابل النظام السوري.

في فبراير 2015م قام الجيش التركي بعملية عسكرية محدودة ومركزة داخل الأراضي السوري هدفت لنقل قبر سليمان شاه إلى داخل الأراضي التركية وإنهاء عمل الحامية التركية. وتطالب تركيا بشكل مستمر بتوفير منطقة آمنة شمال سوريا من أجل حماية اللاجئين والحفاظ على الأمن التركي كما تقول، وهو الأمر الذي دعمته التقارير التي تقول بنية تركيا القيام بتدخل عسكري مباشر في سوريا من أجل توفير هذه المنطقة.

قطر

أشارت التقارير إلى قيام قطر بإرسال سفن تحمل أسلحة للمعارضة السنية في سوريا كوسيلة لتوفير حلفاء لها في منطقة الشرق الأوسط. وقد أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز في تقرير لها أن قطر قامت بتزويد المعارضة السورية بمبلغ 3 مليار دولار أمريكي خلال العامين الأولين من الحرب الأهلية السورية.

وقد قدر معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم أن قطر أرسلت معظم الأسلحة إلى سوريا عبر أكثر من 70 رحلة شحن جوية عبر تركيا وذلك في الفترة بين أبريل 2012
– مارس .2013

الأردن

انضمت القوات الجوية الأردنية إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة المضاد لتنظيم الدولة الإسلامية.

خلال عام 2015 ظهرت بعض التقارير التي تشير إلى احتمال قيام الأردن بغزو جزء من الأراضي السورية لتوفير منطقة آمنة طبقًا لما ذكرته وسائل إعلام أجنبية.

كردستان العراق

حصل أكراد سوريا على دعم مباشر من قبل حكومة كردستان العراق تمثل في دعم عسكري ولوجيستي كان أبرزه التدخل المباشر لقوات البشمركة في القتال الدائر بين أكراد سوريا ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة عين العرب كوباني.

 

عرض التعليقات
تحميل المزيد