بعد أن استطاع الفوز بمنصب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بسهولة وبطريق ممهد مفروش بالورود؛ وعد الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، الإيرانيين، بأنه سيعمل على تشكيل حكومة ثورية شعبية غير حزبية، تستطيع التأسيس لعهد جديد أطلق عليه اسم «إيران الجديدة».
مع الكثير من الشعارات والوعود الشعبوية التي أطلقها إبراهيم رئيسي قبل وبعد تشكيل الحكومة الثالثة عشرة في إيران، التي تذكرنا بشكل كبير بوعود الحكومة الأولى للرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد (2004- 2009)، والتي تبنت شعارات مؤيدة للمظلومين والفقراء؛ يحدث تنافس يصل إلى حد الصراع بين التيارات الأصولية المختلفة.
تلك التيارات التي ساندت ودعمت إبراهيم رئيسي منذ ترشحه للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، ثم الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي وقعت في يونيو (حزيران) 2021، فالكل يتقاتل على نيل منصب في هذه الحكومة الوليدة، والتي جرى وصفها بأنها «حكومة الحزب أو الفصيل الواحد».
في هذا التقرير، نلقي نظرة على أهم المناصب التي تتصارع عليها التيارات الأصولية المختلفة، ومن الذي يؤجج هذا الصراع، بجانب حلم «الحكومة الإسلامية»، للزعيم الأعلى الإيراني، والذي من الممكن أن يكون إبراهيم رئيسي ضحية هذا الحلم، الذي يتنافس الكثيرون على تحقيقه.
نائب الرئيس ونائب الرئيس للشؤون الاقتصادية! من هنا بدأ الصراع
بعد أن حصل مجلس وزراء إبراهيم رئيسي على الثقة من نواب البرلمان، (وقد تناولنا أبرز الوزراء فى الحكومة الجديدة في تقرير سابق)، بدأت تظهر بوادر الاقتتال الداخلي بين التيارات الأصولية، للحصول على الوظائف والمناصب العليا في الوزارات المهمة، مثل وزارة النفط، والشؤون الاقتصادية، ومنظمة التخطيط والميزانية، ورئاسة البنك المركزي الإيراني.
كانت أغلب وعود الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، للشعب الإيراني، وعودًا اقتصادية في المقام الأول، نظرًا إلى السنوات العجاف التي قضاها الإيرانيون في الفترة الأخيرة، بعد انهيار الاتفاق النووي وعودة العقوبات الأمريكية.
محمد مخبر – مصدر الصورة: شهرار نيوز
لذلك، فضل إبراهيم رئيسي، أن يكون نائبه الأول، وهو محمد مخبر، رجل اقتصادي من الدرجة الأولى، يعمل منذ سنوات عديدة في مقر تنفيذ أوامر الإمام، وهي واحدة من أكبر وأهم المؤسسات الاقتصادية التي يديرها الزعيم الأعلى الإيراني، مباشرة.
كلف إبراهيم رئيسي، نائبه الأول محمد مخبر، بتشكيل الفريق الاقتصادي لإدارته، ومن هنا بدأ الصراع داخل الحكومة الجديدة، يقول مصدر مقرب من إدارة إبراهيم رئيسي، لـ«ساسة بوست»، مفضلًا عدم الكشف عن هويته: «بعد فوز السيد رئيسي بالانتخابات، عقد العديد من الاجتماعات مع التيارات الأصولية التي دعمته، لمناقشة توزيع المناصب والوزارات داخل إدارته الجديدة، لكن بعد تعيينه لمحمد مخبر، اختلفت الأمور كثيرًا».
جدير بالذكر هنا، أن إبراهيم رئيسي، قال مرارًا وتكرارًا أثناء جولاته الانتخابية، إنه مرشح مستقل، وليس مرشحًا لأي حزب أو تيار، لكن في الوقت نفسه، كانت أغلب – إن لم تكن جميع – التيارات الأصولية الإيرانية، تدعم إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، وتتحدث عن أنه المرشح المفضل لهم.
بالعودة إلى التغييرات التي أشار إليها المصدر السابق في توزيع المناصب، كان إبراهيم رئيسي، قد قرر أن يستعين بالسيد فرهاد رهبر، ليترأس الفريق الاقتصادي لإدارة رئيسي: «لكن محمد مخبر تدخل لينسف كل هذه الخطط» بحسب المصدر المقرب من حكومة إبراهيم رئيسي.
في البداية، تجب الإشارة إلى أن السيد فرهاد رهبر، والذي كان يتولى رئاسة منظمة التخطيط والميزانية، في عهد الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، والذي شغل نحو 55 منصبًا في حكومات ما بعد الثورة الإيرانية في عام 1979؛ كان أحد المسؤولين الاقتصاديين في منظمة استان رضوي المسئولة عن ضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد، في عهد رئاسة إبراهيم رئيسي للمؤسسة في عام 2016.
فرهارد رهبر أيضًا أحد السياسيين الأصوليين الذين يتمتعون بدعم كبير من التيارات الأصولية المتشددة، وفي هذا الصدد يقول المصدر المقرب من حكومة إبراهيم رئيسي في حديثه لـ«ساسة بوست»: «هناك منافسة كبيرة بين رهبر ومخبر، ويمكن القول بأن الاثنين لا يمكنهما العمل سويًّا، فمخبر محسوب على الأصوليين المعتدلين، بينما السيد رهبر، تربطه علاقات وثيقة بالأصوليين الأكثر تشددًا، وبأجهزة المخابرات».
كما شغل السيد فرهاد رهبر منصب النائب الاقتصادي لوزارة المخابرات في عهد محمد خاتمي (1997- 2004)، لذلك ينظر إلى منهجه الاقتصادي من ناحية أمنية فقط، مع الافتقار إلى نظرية اقتصادية متماسكة.
يقول الخبير الاقتصادي الإيراني، حميد حسيني لـ«ساسة بوست»: «إذا قمنا بالمقارنة بين رهبر ومخبر، سيفوز الأخير بالطبع، إستراتيجية السيد رهبر الاقتصادية، لا يمكنها إنقاذ البلاد من هذا الانهيار الاقتصادي، كما لا يمكن قيادة فريق اقتصادي ناجح وسط هذا الصراع بين الرجلين».
في نهاية المطاف نجح محمد مخبر، النائب الأول للرئيس إبراهيم رئيسي، في سحب أغلب الصلاحيات من فرهاد رهبر، ووضعه على الهامش، لكن في الوقت نفسه، عيَّن إبراهيم رئيسي السيد رهبر نائبًا له في الشؤون الاقتصادية. يقول السياسي الأصولي مجيد علي رضا لـ«ساسة بوست»: «اقصاء السيد رهبر من منصبه على رأس الفريق الاقتصادي، أثار ردود فعل ساخطة من قبل التيارات الأصولية المتشددة تجاه رئيسي، حتى إن السيد رهبر نفسه كان مستاءً للغاية، مسألة الصراع بين رهبر ومخبر، كانت النواة الاولى لتأجيج التنافس بين مختلف التيارات الأصولية داخل الحكومة الجديدة».
لم يقتصر الصراع داخل الفريق الاقتصادي بين فرهاد رهبر ومحمد مخبر فقط، بل امتد ليشمل باقي الوزارات ذات الصلة، على سبيل المثال لا الحصر، سحب إبراهيم رئيسي تحت ضغط من بعض التيارات الأصولية، الاسم الذي كان متفقًا عليه من قبل وزيرًا لوزارة العمل والرفاه، وهي إحدى الوزارات المهمة المتعلقة بالوزارات الاقتصادية أيضًا، لصالح حجة الله عبد الملكي، الذي لاقى معارضة شديدة داخل البرلمان لمنحه الثقة، بسبب قلة خبرته المهنية في هذا المجال.
يقول المصدر المقرب من حكومة إبراهيم رئيسي، لـ«ساسة بوست»: «حجة الله عبد الملكي، شاب قليل الخبرة، هو أصغر عضو في الفريق الاقتصادي للحكومة، جرى تعيينه بضغط كبير للغاية من قبل أحد الشخصيات الأصولية ذات النفوذ في الجمهورية الإسلامية».
يعلق الخبير الاقتصادي الإيراني، حميد حسيني على تعيين حجة الله عبد الملكي وزيرًا لوزارة العمل والرفاه، فيقول لـ«ساسة بوست»: «الوزارة التي يترأسها حجة الله ليست صغيرة، بل إنها من أهم الوزارات، 30% من اقتصاد البلد في أيدي الشركات التابعة لهذه الوزارة، وعبد الملكي الذي عمل طوال حياته في منظمات إغاثة الإمام الخميني، لا يمتلك أي خبرة لتولي منصب مهم مثل هذا، إذا كان رئيسي يريد لهذه الحكومة النجاح فلا بد من الابتعاد عن الحزبية، والضغوط السياسية لتعيين أشخاص غير أكفاء».
وكواليس الصراع على وزارة الخارجية
لم يقتصر الاقتتال الداخلي على المناصب داخل الحكومة الثالثة عشرة، على الوزارات الاقتصادية أو الفريق الاقتصادي فقط، بل امتد إلى وزارة الخارجية والفريق الدبلوماسي، كونها ثاني أهم المؤسسات الحكومية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بإدارة المفاوضات النووية في فيينا، ومحاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
بعد أن عين إبراهيم رئيسي، حسين أمير عبد اللهيان، وزيرًا للخارجية الإيرانية، بدأ الصراع على من سيتولى منصب نائب وزير الخارجية، النائب هو الذي من المفترض أن يقود المفاوضات النووية المتوقفة مؤقتًا في فيينا.
في عهد وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته، محمد جواد ظريف، كان نائبه عباس عراقتشي هو من يقود المفاوضات النووية في فيينا، والتي كانت تهدف إلى إحياء الصفقة النووية الإيرانية لعام 2015.
يقول الناشط السياسي الأصولي مجيد علي رضا لـ«ساسة بوست»: «كان من المقرر، أو يمكن القول إن السيد رئيسي كان يفضل أن يستمر عباس عراقتشي في منصبه، ليستكمل المفاوضات في فيينا، لكن مع الضغوط المتزايدة من قبل سعيد جليلي وأنصاره، تخلى عن الفكرة».
أمير حسين عبد اللهيان
سعيد جليلي، هو أحد أهم السياسيين الأصوليين في إيران، وشغل منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، ثم قاد المفاوضات النووية مع الغرب في الفترة ما بين عامي 2007 الى 2013، وكان من ضمن المرشحين الرئاسيين المنافسين لإبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، لكنه انسحب قبل استكمال السباق الرئاسي لصالح رئيسي.
مسؤول حكومي إيراني بارز، قال في حديثه لـ«ساسة بوست»، شريطة عدم الإفصاح عن هويته: «ضغط سعيد جليلي وأنصاره المتشددون على السيد رئيسي، لتعيين باقري كني نائبًا لوزير الخارجية»، وبحسب المسؤول الحكومي، فإن سعيد جليلي وأنصاره كانوا قد طلبوا في البداية من الرئيس الإيراني الجديد، تعيين باقري وزيرًا للخارجية.
«بعد فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات، وقبل انتهاء ولاية حسن روحاني، كان باقري كني هو مسئول الاتصال بين فريق رئيسي ووزارة الخارجية، لذلك طلب جليلي وبعض الشخصيات الأصولية البارزة تعيينه وزيرًا للخارجية، ووافق رئيسي بشكل مبدئي»، حسبما قال المسئول الحكومي الإيراني لـ«ساسة بوست».
لكن، على ما يبدو أن الأمور قد تغيرت، لصالح الحرس الثوري الإيراني في وزارة الخارجية، وتعيين إبراهيم رئيسي، الدبلوماسي الإيراني أمير عبد اللهيان الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع قادة الحرس الثوري على رأس الجهاز الدبلوماسي الإيراني.
ثم لم يلبث أن عاد الضغط من الشخصيات الأصولية ذات النفوذ، لتعيين رجلهم، باقري كني، في منصب نائب وزير الخارجية. باقري كني كان نائب سعيد جليلي خلال رئاسة الأخير للمفاوضات النووية ما بين عامي 2007 إلى 2013، والتي وصلت إلى طريق مسدود، وانتهت باتخاذ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الكثير من القرارات ضد إيران، أي إنه لعب دورًا مشابهًا للدور الذي لعبه عباس عراقتشي في مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، والتي بدأت في أبريل (نيسان) الماضي، وتوقفت منذ تولي إبراهيم رئيسي الحكم في 18 يونيو 2021.
يقول المسؤول الحكومي الإيراني في حديثه لـ«ساسة بوست»: «شعر سعيد جليلي وأنصاره بالتهميش بعد تعيين أمير عبد اللهيان وزيرًا للخارجية، فظلوا أسابيع يضغطون على السيد رئيسي، لتعيين باقري كني نائبًا لوزير الخارجية، وفي نهاية المطاف نجحوا في مساعيهم».
ولد باقري كني، عام 1969، وهو أصغر من سلفه عباس عراقتشي بخمس سنوات، درس الاقتصاد وتخرج في كلية الإمام الصادق، التي يرأسها عمه محمد رضا مهدوي كني، ويعد من أكثر الشخصيات السياسية نفوذًا في إيران، كما تربطه علاقة نسب مع الزعيم الأعلى الإيراني، وأخوه متزوج من ابنة عم آية الله علي خامنئي.
عرف عن باقري كني انتقاده الدائم للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، لذلك فإن نهجه في التفاوض مع الغرب والولايات المتحدة سيكون مختلفًا تمامًا عن نهج جواد ظريف وعباس عراقتشي، يقول السياسي الأصولي مجيد على رضا لـ«ساسة بوست»: «تعيين باقري كني في منصب نائب وزير الخارجية، وقيادته المستقبلية لمفاوضات فيينا، جاء إرضاء للأطياف الأصولية المختلفة التي تناهض الاتفاق النووي، أي نعم أن السيد خامنئي موافق على استكمال المفاوضات، لكن هذه التيارات ترى ضرورة التفاوض من منطلق قوة وتقديم القليل من التنازلات مقابل الحصول على الكثير من الامتيازات، لذلك يرون أن رجالهم المفضلين هم الأنسب في هذه المناصب».
«جبهة بايداري»
في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، توجد العديد من التيارات السياسية الأصولية، والتي تعرف أيضًا باسم «اليمين الإسلامي» عادة ما يكون أنصار هذه التيارات من المؤيدين تمامًا لآراء وتوجهات الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، ويدعمون حماية المبادئ الأيديولوجية الثورية للجمهورية الإسلامية.
يطول الحديث عن التيارات الأصولية المختلفة، ومبادئ وأيديولوجية كلٍّ منها، لكن ما يهمنا في هذا الصراع الداخلي على السلطة في حكومة إبراهيم رئيسي، هي «جبهة بايداري»، أو «جبهة الصمود/ التحمل» بالعربية، فهي من تقف في كواليس الصراع الحالي على المناصب في حكومة إبراهيم رئيسي.
جبهة بايداري، هي جماعة سياسية أصولية توصف بأنها الحزب الأكثر يمينية في إيران، كما أنها تتمتع بنفوذ كبير في السياسة الداخلية الإيرانية، تأسست هذه الجماعة في عام 2011، بوصفها قائمة انتخابية للانتخابات البرلمانية في العام نفسه. ويعد رجل الدين المتشدد الراحل، محمد تقي مصباح يزدي الزعيم الروحي لهذه الجماعة.
تعتمد أيديولوجية جبهة بايداري على العديد من المبادئ أبرزها: دعم مبدأ ولاية الفقيه، العمل على مواجهة أي معارضة سياسية للنظام الحالي (خاصة بعد أحداث احتجاجات عام 2009)، العمل على تحقيق مبادئ الثورة الإسلامية وتشكيل حكومة إسلامية.
وقفت جبهة بايداري بجانب الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، خلال ولايته الأولى، لكنها ابتعدت عنه تمامًا بعد أن بدأ معارضته للزعيم الأعلى الإيراني في ولايته الثانية، ووصف الزعيم الروحي للجبهة، آية الله محمد تقي يزدي أحمدي نجاد وأنصاره بالمنحرفين.
يقول مجيد علي رضا الناشط السياسي الأصولي والذي ينتمي لحزب «مؤتلفة إسلامي» (أحد التيارات الأصولية)، لـ«ساسة بوست»: «جبهة بايدراي، أعلنت منذ انتخابات عام 2017، أن إبراهيم رئيسي هو المرشح المفضل لها، رئيسي له علاقات جيدة بالعديد من أعضاء هذه الجبهة، بالإضافة إلى تمتع الجبهة بنفوذ واسع النطاق داخل حكومة رئيسي، أكثر من أي جماعة سياسية أخرى».
يعلق حميد رضا ترقي، السياسي الأصولي على مسألة نفوذ جبهة بايداري في حكومة إبراهيم رئيسي: لـ«ساسة بوست»، قائلًا «كنت أتمنى أن يبتعد السيد رئيسي عن الحزبية في حكومته، وأن يشكل حكومة تعددية، أعلم أنه تعرض للكثير من الضغوط، لكن الحكومة بشكلها الحالي لن تساعد الرئيس على تحقيق وعوده».
يضيف السيد حميد رضا ترقي قائلًا: «نصح السيد خامنئي بتشكيل حكومة ثورية جهادية، ولا أعتقد أن الأساس الأيديولوجي للتيارات الأصولية المختلفة يتماشى مع رؤية القائد الأعلى، ناهيك عن سيطرة جماعة واحدة فقط على الحكومة، لذلك أرى أن حكومة رئيسي معرضة للخطر في أي وقت».
إيران وحلم الحكومة الإسلامية
بعد أن فاز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في 18 يونيو 2021، قال أمير علي حاجي زاده، قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني: «إن الحكومة الإسلامية ستتشكل الآن للمرة الأولى، وإن مشكلات الشعب ستحل قريبًا».
الحكومة الإسلامية، واحدة من أحلام الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، كان قد أشار إليها في عام 2004 عندما تولى محمود أحمدي نجاد منصب رئيس الجمهورية، ثم عاد وأشار إليها مرة أخرى في عام 2018.
فى عام 2000، أعلن آية الله علي خامنئي، أنه لا بد من تشكيل حكومة إسلامية، لتصبح إيران مجتمعًا إسلاميًّا خالصًا، والبدء في بناء الحضارة الإسلامية الحديثة، أعاد خامنئي حديثه عن الحكومة الإسلامية، في اجتماعه الأول بحكومة أحمدي نجاد في يوليو (تموز) 2004، حينها قال أحمدي نجاد «إن تشكيل الحكومة الإسلامية مهم للغاية، لدرجة أن الآلاف من أحمدي نجاد سيضحون من أجلها».
يقول الصحافي الإيراني الإصلاحي ميثم فريد لـ«ساسة بوست»: «حطم أحمدي نجاد حلم السيد خامنئي في تشكيل حكومة إسلامية، بإعلان العصيان على أوامر آية الله، لكن آية الله خامنئي عاد للحديث عن الحكومة الإسلامية مرة ثانية وأمر بإصدار الوثيقة الخاصة بها».
في عام 2011 أمر آية الله خامنئي بتشكيل المجلس الأعلى للعمل على وثيقة «التقدم الإسلامي الإيراني»، التي أصدرها خامنئي، وفقًا للزعيم الأعلى الإيراني، فمن المفترض أن ترسم هذه الوثيقة نموذجًا تصبح بموجبه إيران واحدة من أكثر خمس دول تقدمًا في العالم، في إنتاج العلوم والتكنولوجيا، وواحدة من أكبر 10 اقتصاديات في العالم، ومن أفضل أربع اقتصاديات في آسيا، بحلول عام 2065، وأن تكون هذه الوثيقة مفتاح إيران لتحقيق الحضارة الإسلامية الحديثة.
لم يتحقق الحلم أيضًا خلال ثماني سنوات من حكم الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، يقول السيد ميثم فريد لـ«ساسة بوست»: «يعقد السيد خامنئي الآمال على إبراهيم رئيسي لتشكيل الحكومة الإسلامية وبناء الحضارة الإسلامية الحديثة، من خلال تنفيذ ما جاء في وثيقة التقدم الإسلامي الإيراني، كما يشاركه الحلم التيارات الأصولية التي تضغط على رئيسي في هذا الأمر».
يجد الأصوليون الإيرانيون أن الفرصة قد سنحت الآن بانتخاب إبراهيم رئيسي، لتشكيل الحكومة الإسلامية، وتحقيق حلم آية الله علي خامنئي في بناء حضارة إسلامية إيرانية حديثة، لذلك من المتوقع أن يتم الضغط على إبراهيم رئيسي في سبيل تحقيق هذا الحلم، الذي حطمه ذات مرة محمود أحمدي نجاد، يقول الصحافي الإصلاحي الإيراني، ميثم فريد لـ«ساسة بوست»: «لا أعلم كيف من الممكن أن ينفذ هذا الأمر، لكن الظاهر أن حكومة إبراهيم رئيسي ستكون ضحية تحقيق الحكومة الإسلامية».