حصار غزة هو حصار خانق قامت إسرائيل بفرضه على قطاع غزة إثر نجاح حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية في 2006 قبل دخول حماس غزة بعام، ثم عززت إسرائيل الحصار في 2007 بعد سيطرة حماس على غزة في حزيران 2007.
إذا كنت تريد أن تعرف أكثر، هذه 6 نقاط تشرح لك:
2006 البداية
في الخامس والعشرين من يناير 2006 توجه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)، لصناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي الفلسطيني “البرلمان” في ثاني انتخابات تشريعية منذ إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1993، وشاركت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في هذه الانتخابات لأول مرة، ثم فازت حماس بأغلبية لم يتوقعها الجميع حتى حركة حماس ذاتها.
حصدت حماس أغلبية المقاعد بنسبة تقارب الـ60 % مقابل حصول جميع الحركات الأخرى على 40%، وذلك رغم أن المؤشرات تشير إلى أن الحركة لن تحصل في أفضل أحوالها على 30%. لكن غير المتوقع هو الذي حدث، وشكلت حماس الحكومة وحدث ما يعرف عالميًّا بالحصار.
قوائم الممنوعات
يشتمل الحصار على منع أو تقنين دخول المحروقات والكهرباء والكثير من السلع، من بينها الخل والبسكويت والدواجن واللحوم ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر بين القطاع وإسرائيل. ويرى بعض الدعاة والمفكرين، مثل الشيخ عبد الباري الثبيتي إمام المسجد النبوي في المدينة المنورة، والذي قال في خطبة جمعة، إن مصر تشارك في الحصار بشكل غير رسمي، حيث أغلقت معبر رفح المنفذ الوحيد للقطاع إلى العالم الخارجي من جانب مصر.
وعلى أثر هذا الحصار قام الآلاف من الفلسطينيين في 23 يناير، 2008 باقتحام الحدود على الجانب المصري والدخول للتزود بالمواد الغذائية من مصر بعد نفاذها من القطاع.
وفي بعض الأحيان تسمح دولة الاحتلال بإدخال نسبة قليلة جدًّا من السلع (أدخلت مثلًا الكاتشب والمايونيز والمربى!!).
ولكن الحاجة الفعلية هي للمواد التي تسهم في إعادة الإعمار وهي مواد البناء والمواد المستخدمة في تنمية وإقامة مرافق البنية التحتية، وكذلك المواد التي من شأنها تحريك عجلة النشاط الاقتصادي صناعيًّا وزراعيًّا وغيره.. وهذه كلها ممنوعة.
الحسم العسكري:
في 2007، تمكنت حركة حماس من السيطرة بالكامل على قطاع غزة، وذلك بعد محاولات انقلاب القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، على حركة حماس.
وحدثت اشتباكات ضارية بين الطرفين، ختمت بسيطرة حماس على القطاع بالكامل واشتد الحصار بشكل كبير، فأغلق الاحتلال كافة معابره التي تؤدي لغزة فيما أغلقت مصر معبر رفح المنفذ الوحيد من غزة إلى العالم الخارجي، وأضحت غزة محاصرة تمامًا من البر والبحر والجو، ثم تردت الأوضاع أكثر حين أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أن قطاع غزة كيان معاد، وبلغ الحصار للقطاع ذروته حين تمكنت المقاومة الفلسطينية من أسر جندي صهيوني.
ماذا فعل الناس؟
أدى الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع إلى انعدام الحياة في غزة وأثرت بشكل كامل عليها فقد منع الطعام والدواء والوقود وغيره!!
ويبقى السؤال.. كيف تغلب أهالي القطاع على كل هذه الصعوبات؟
انقطاع الكهرباء
يعاني قطاع غزة من أزمة حادة في نقص الكهرباء وصلت لأكثر من 20 ساعة في اليوم الواحد، وارتقى خلالها العشرات من الأطفال جراء حرائق نشبت في البيوت إثر استخدام الشمع، ما اضطر الغزّيين للبحث عن وسائل أكثر أمنًا في ظل ارتفاع أسعار الوقود، فوصلوا بعد محاولات مضنية، إلى طريقة (الليدات) وهي عبارة عن مصابيح متناهية في الصغر تعمل بأقل قدر ممكن من البطاريات التي يتم شحنها مسبقًا، و”الليد” فكرته مستوحاة من فلاش كاميرا الهاتف المحمول وهو عبارة عن شريط يضم أكثر من صف من الفلاشات، كالتي توجد في الكشاف الكهربائي المتداول في الأسواق، يتم تشغيله بواسطة بطارية صغيرة تشحن بين الفينة والأخرى.
كما لجأ الغزيون لوسيلة أكثر إبداعًا تتمثل في توصيل جهاز “الإنفيرتر” (يو بي أس) ببطارية سيارة، ويتم توصيلها بأسلاك لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث يؤخذ التيار المستمر من البطارية، ليتم تحويله إلى تيار متردد يكفي لإنارة المنزل وينعم الغزّيون بساعات من النور يبددون فيها ظلام الحصار.
نقص الوقود
منعت قوات الاحتلال خلال الأعوام السابقة ولأشهر طويلة إدخال الوقود لغزة ما أدى لتعطل الكثير من مناحي الحياة بدءًا بالسيارات والمركبات العامة وصولًا إلى سيارات الإسعاف، فلجأوا إلى استحداث وسيلة وهي دمج زيت الطعام مع زيت السيارات المنتهية صلاحيته وإضافة بعض المواد التي تمكن مصلحو السيارات من ابتكارها إلى أن تعمل كوقود بديل ومؤقت، وفعلًا نجحوا إلى حد ما.
وشهد الحصار في أوقات معينة حصارًا خانقًا في ملف الوقود، إذ لم يتوفر وقود لنقل حتى الجرحى وجثامين الشهداء في خطوط التماس فلجأ الغزّيون إلى نقل الجرحى خلال ساعات الاشتباكات مع العدو الصهيوني على عربات الكارو دون أن يرفعوا الراية البيضاء.
نقص الأسمنت
يواصل الاحتلال منع الأسمنت عن غزة الأمر الذي سبب أزمة مالية خانقة نظرًا لارتباط مهنة البناء بمعظم المهن التي تعمل في غزة (مثل البلاط والدهان وغيرها) وحاول الغزيون في الأعوام الماضية ابتكار طريقة جديدة للتغلب على هذه الظاهرة فابتدعوا البناء عن طريق الطين، وفعلًا تم بناء عدد من البيوت من الطين الحراري والذي يتم معالجته بطرق خاصة، كما قاموا بإعادة تكسير الحجارة وتحويلها إلى “حصمة” من أجل إعادة استخدامها مرة أخرى كما استخلصوا الحديد من البيوت التي يقم الاحتلال بتدميرها من أجل استخدامها في البناء مرة أخرى.
تصنيع السلاح
قام أهل غزة بصناعة عدد من الأسلحة المبتكرة محليًّا، وذلك للتغلب على الحصار ومنع الاحتلال أية وسيلة للمقاومة، وصنعوا صواريخ محلية الصنع أطلقوا عليها قسام وجعبري وناصر، وأقصى، كما صنعت المقاومة، في العدوان الأخير على غزة طائرات بدون طيار، الأمر الذي عدته الأوساط العسكرية قفزة في صناعة المقاومة للأسلحة، ونفذت هجمات ضد الأراضي المحتلة فيما أطلقت عليها المقاومة أبابيل، كما قامت المقاومة بابتداع سياسة الأنفاق والتي نفذ خلالها المقاومون عددًا من الهجمات ضد العدو.
راجع تقرير صناعة السلاح في غزة.
مصر والحصار
يربط غزة بالعالم الخارجي عن طريق مصر معبر رفح، ذلك المعبر الذي يستخدم لنقل الأفراد، والمغلق باستمرار، حتى لحظة كتابة هذه السطور “يستثنى العام الذي فاز فيها الرئيس المعزول محمد مرسي حيث عمل المعبر بشكل جيد” ولطالما طالب الفلسطينيون بتوفير مساحة حرة للتبادل التجاري، ولكن هذه المطالبات لم تر النور برغم اتفاقية بين السلطة الفلسطينية والقاهرة على ذلك.
وعليه، حفر الفلسطينيون ما عرف بالأنفاق وهي أخاديد تحت الأرض على الحدود بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية، وراجت البضاعة في غزة وتنفس الفلسطينيون الصعداء ثم جاء حراك الثالث من يوليو 2013 فأغلقت الأنفاق وعاد الحصار على أشده، ولا تزال السلطات المصرية تواصل، منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي تشديد إجراءاتها الأمنية والعقابية التي تهدف للقضاء بشكل كامل على ظاهرة الأنفاق في حدودها مع قطاع غزة.
وآخر هذه الإجراءات إصدار الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، قرارًا يقضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، والمعاقبة بالسجن المؤبد لكل مَن يحفر أو يستعمل نفقًا على حدود البلاد، “بقصد الاتصال بجهة أو دولة أجنبية أو أحد رعاياها أو المقيمين بها، أو إدخال أو إخراج أشخاص أو بضائع أو سلع أو معدات أو آلات أو أي شيء آخر”.
ما يعني أن حفر الأنفاق أضحى جريمة يعاقب عليها القانون المصري الحديث ويقدر عدد الأنفاق التي اضطر الفلسطينيون لحفرها منذ عام 2008 بأكثر من 1200 نفق، ولم يعد يعمل منها سوى عدد قليل جدًّا بعد الحملة الأمنية التي شنها الجيش المصري على الأنفاق.
وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح لفترة تقدر بحوالي 70% من الوقت منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، فيما بقي المعبر في عام 2014، مغلقًا لحوالي 66% من الوقت.
حملات دولية لكسر الحصار
حاول العديد من النشطاء، رفع الحصار عن غزة فدشنت بعض المحاولات، التي كُتب لجميعها نجاح محدود، فالحصار ما زال يخنق غزة يومًا بعد آخر. ومن هذه المحاولات:
أسطول الحرية 1: هو مجموعة من ست سفن، تضم سفينتين تتبع مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية واحدة من هاتين السفينتين “مافي مرمرة”، ومولت السفينة الأخرى بتمويل كويتي وجزائري، وثلاث سفن أخرى تابعة للحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة حملت على متنها مواد إغاثة ومساعدات إنسانية، بالإضافة إلى نحو 750 ناشطًا حقوقيًّا وسياسيًّا، وتم الهجوم على سفن أسطول الحرية في المياه الدولية من قبل القوات الإسرائيلية، حيث قتلت 9 وأصيب أكثر من 26 من المتضامنين، في أحداث وصفتها مصادر عديدة “بالـمجزرة” و”الجريمة” و”إرهاب الدولة”.
أسطول الحرية 2: بعد أربعة أعوام من هجوم قوات “الكوماندوز” الإسرائيلية على سفينة مرمرة التي كانت في طريقها إلى القطاع ضمن قافلة أسطول الحرية الأول، مما أسفر عن مقتل عشرة أتراك كانوا على متنها، دشن الناشطون أسطول الحرية الثاني لكنه لم يتحرك، إذ تلقى تهديدات إسرائيلية بالقرصنة والهجوم ولجأ القائمون عليه إلى إدخال المساعدات عن طريق إسرائيل.
أسطول الحرية 3: وهو الذي يتم الإعداد له ومن المتوقع أن يشارك فيه الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، ومن المتوقع أن يصل للقطاع عبر ساحل البحر الأبيض المتوسط نهاية يونيو الجاري 2015.
الحصار الآن
ومنذ عام 2007 وحتى الآن أدى إلى:
إلحاق خسائر بناتج النمو المحلي الإجمالي بنسبة تزيد عن 50%.
نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، في حين ارتفعت البطالة في صفوف الشباب إلى ما يزيد عن 60% بحلول نهاية عام 2014.
قُدر ارتفاع النمو السكاني في القطاع بنسبة 230 % خلال نفس الفترة. وبالتالي، أصبح الدخل الفعلي للفرد في غزة الآن أقل بنسبة 31 % مما كان عليه في عام 1994.
اختفت صادرات غزة وتقلص قطاع الصناعة بنسبة تصل إلى 60 %، وأصبح الاقتصاد غير قادر على الصمود دون الارتباط بالعالم الخارجي.
لا يزال هناك حوالي 10,000 نازح يعيشون حاليًا في مدارس تابعة للأونروا.
تسببت القيود الإسرائيلية بتوقف حوالي 90% من المشاريع في القطاع، فيما تسبب الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة في التدمير الكلي أو الجزئي لـ 936 منشأة.