أعلنت شركة جوجل يوم الإثنين الماضي عن إطلاقها للإصدار المفتوح المصدر من محرك الذكاء الاصطناعي “تينسور فلو – “TensorFlow، الجيل الثاني من نظام التعَلم الآلي، والذي سيُستخدم في أمور ومهمات عدة. حيث تقوم جوجل بإضافة هذا النظام في تطبيقاتها وخدماتها المتعددة مثل الترجمة أو البحث عن الصور. وقد صُمم هذا الجيل من النظام خصيصًا لتصحيح عيوب الإصدار السابق “DistBelief” مع وجود العديد من المميزات الإضافية الأخرى.
البعض منا، وخاصة غير المهتمين بالعلوم التقنية والتكنولوجيا لا يُدرك ماهية الذكاء الاصطناعي وأهميته، أو قد تكون هذه هي المرة الأولى لقراءته عن نظام تعلم الآلة، أو لا يعرف ماذا يُقصد بأنظمة أو برمجيات مفتوحة المصدر. لذلك في هذا التقرير سوف نتناول بعض الخطوط الهامة في التعريف بالتعلم الآلي، والأنظمة مفتوحة المصدر، ثم نتطرق إلى الإصدار الجديد من نظام تعلم الآلة “تينسور فلو”، وأهميته، وفيمَ سيُستخدم؟ ولماذا قامت جوجل بتطويره ولم تكتفِ بالإصدار السابق “DistBelief”؟ ولماذا جعلته مفتوح المصدر للجميع؟
التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي
يُعتبر تعَلم الآلة أحد فروع علوم الحاسب، والذي تَطور من نظرية التعَلم الحسابية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يستكشف بناء وتطوير الخوارزميات التي تُمكن الآلة من التعلم وفرض التنبؤات على البيانات المختلفة عن طريق تطوير الخوارزميات الحاسوبية التي تعتمد على 4 قواعد للبرمجة هي: التكرار، التفرع، والاختيار، والتتابع. حيث تعمل هذه الخوارزميات من خلال بناء نموذج من المدخلات لجعل التنبؤات مبنية على البيانات والقرارات، بدلًا من اتباع أوامر مُبرمجة بدقة ثابتة.
لذلك فإن تعلم الآلة يُعرف بأنه العلم الذي يسمح للآلة أو الحاسب بالاستجابة للأوامر المختلفة بشكل ذاتي عن طريق التعَلم بدون أن يكون مبرمجًا مسبقًا للقيام بهذا. أما الذكاء الاصطناعي فهو قدرة البرامج الحاسوبية على محاكاة القدرات الذهنية للبشر وأنماط عملها دون البرمجة سلفًا، كالقدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل.
تطبيقات هامة واستخدامات متنوعة
يُعتبر تعَلم الآلة جزءًا محوريًّا في أبحاث الذكاء الاصطناعي من البداية، بل يُعتبر أحد فروعه. أما أهمية الذكاء الاصطناعي فتتفاوت بين المحافظة على الخبرات البشرية المتراكمة عن طريق نقلها للآلات الذكية، وإتاحة استخدام اللغات الإنسانية مع الآلات عوضًا عن لغات البرمجة التي كانت مقتصرة في السابق على المختصين.
وللذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تطبيقات لا حصر لها تزداد يومًا بعد يوم. حيث تم استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات التي تبدأ بلعب الأطفال، وألعاب الفيديو، ومحركات البحث. مرورًا بمعالجة اللغات الطبيعية، والتحكم الآلي، وتمييز الأصوات والصور. بالإضافة إلى التشخيص الطبي للأمراض، ووصف الأدوية والتعليم التفاعلي.
بالإضافة إلى أنها ستساهم في مجالات صُنع القرار، لتميزها بالاستقلالية والدقة والموضوعية والبعد عن الخطأ والانحياز والتطرف. وصولًا إلى تخفيف المخاطر والضغوطات عن البشر، عن طريق التحكم الكامل في الظروف الصعبة وأثناء الكوارث الطبيعية.
وأيضًا تتنوع تطبيقات تعلم الآلة من بين المعلوماتية الحيوية وتصنيف تسلسل الحمض النووي كأحد أهم علوم عصرنا الحالي، والمعلوماتية الكيميائية والتشخيص الطبي، والهندسة المالية والحوسبة الوجدانية، والمراقبة الصحية الهيكلية وتحليل المشاعر والآراء، والبورصة وتحليل سوق الأسهم المالية، وهندسة البرمجيات والروبوتات الحركية، والإعلانات وكشف الاحتيال عبر الإنترنت وكشف تزوير بطاقات الائتمان، والتعرف على الكلام وخط اليد، واسترجاع المعلومات.
البرمجيات مفتوحة المصدر
البرمجيات مفتوحة المصدر كانت تسمى بالبرمجيات الحرة منذ عام 1983 حتى عام 1998، والبرمجيات المفتوحة المصدر عبارة عن برمجيات توفر الكود المصدري الخاص بها تحت رخصة برمجية تتيح للمستخدمين الوصول إلى كود البرنامج الأصلي، ودراسته، والتعديل عليه وتطويره ومن ثم نشره، ومن أشهر البرمجيات مفتوحة المصدر: سبارك، تورش، ولينكس، وتينسور فلو. ومن أمثلة مشاريع المحتوى الرقمي المؤمنة بالمصدر المفتوح هي موسوعة ويكيبيديا، وترجمة جوجل. حيث يستطيع الجميع بلا استثناء تحريرها وتطويرها.
انظر أيضًا: هل يعتبر أندرويد مجال تجارب لمايكروسوفت لكونه نظامًا مفتوح المصدر؟
التعَلم العميق وما قبل الـTensorFlow
يُعرف التعلم العميق بأنه تدريب للآلات والحواسيب، فهو نموذج حسابي يُمَكن الحواسيب من فهم المكونات البدائية للغات المختلفة، وطريقة تكوين وترتيب الحروف والمصطلحات، والمرادفات والمتشابهات. لذلك فعند مَد الحواسيب بالبيانات والمعلومات الكافية لفهم تلك العلاقات يُمكنها أداء المهمات المختلفة اعتمادًا على الاستنتاج المنطقي. ومع كثرة تلك المعلومات التي تحصل عليها الآلة، تتمكن الآلة بعد ذلك من التعَلم واكتساب الخبرات.
لذلك فيمتلك التعلم العميق تأثيرًا كبيرًا على علوم الحاسب، مما يتيح آفاقًا استكشافية جديدة للبحث وتطوير منتجات مفيدة يستخدمها ملايين البشر يوميًا، وذلك ما دَفع جوجل لوضع بنيتها الأساسية للتعلم العميق “DisBelief”، والتي سمحت لعلماء جوجل ببناء الشبكات العصبية، والتدريب على آلاف العينات في مراكز البيانات. وذلك للقدرة على تحسين التعرف على الكلام والصور في تطبيقات جوجل بنسبة 25%، وبناء البحث الفعال عن الصور في جوجل صور، واستخلاص المفاهيم المختلفة غير المسماة من يوتيوب. ولكن على الرغم من نجاح DistBelief إلا إنه كانت هناك بعض القيود في استهداف الشبكات العصبية مما جعل مشاركة الكود المصدري الأساسي أمرًا مستحيلًا.
جوجل والإعلان عن «تينسور فلو-TensorFlow»
نظرًا لبعض عيوب إصدار تعلم الآلة السابق لتينسور فلو وصعوبة إتاحة الكود البرمجي للجميع جاء الإعلان عن نظام تينسور فلو، والذي يُعتبر مكتبة للبرمجيات مفتوحة المصدر للتعَلم الآلي، حيث تستخدم في العديد من المنتجات التجارية لشركة جوجل. فيتميز بالمرونة، وسهولة الاستخدام والتطبيق، والسرعة، بالإضافة إلى أهم ما يميزه وهو كونه مفتوح المصدر للجميع. وقد تم تطويره بواسطة فريق المشروع البحثي “التعلم العميق” من جوجل. حيث تم إطلاقه في 9 نوفمبر من هذا العام، وذلك بموجب الترخيص المفتوح المصدر لتعَلم الآلة أباتشي “Apache 2.0 “.
أهمية ومميزات نظام TensorFlow
يتميز TensorFlow بقدرته العظيمة على البحث والرد الذكي، واستخدامه في خدمات جوجل المختلفة، ولكنه على استعداد للاستخدام في منتجات حقيقية، وذلك لأن النظام بُني على أساس الاستعداد الكامل لخدمة الإنتاج، لسرعته، والقدرة على حمله واستخدامه. فقد بُني على مصدر مفتوح يتيح وصول أي شخص للكود المصدري وتعديله. حيث يقوم النظام بتمرير البيانات المعقدة من خلال الشبكة العصبية أو الدماغ الاصطناعي، والتي تعتبر جزءًا أساسيًّا من التعليم العميق.
لكن لماذا بني هذا النظام على مصدر مفتوح للجميع؟
وفقًا لشركة جوجل، فإنها جعلت النظام مفتوح المصدر، وأتاحت الكود المصدري الأساسي لأي شخص يمكنه التعديل عليه، أملًا في تبادل الأفكار في مجتمع التعلم الآلي بين الباحثين والأكاديميين، والمهندسين والهواة، وذلك عن طريق الاطلاع على الكود المصدري للنظام بدلًا من الاعتماد على الأوراق البحثية وحدها، مما ينعكس ذلك على تسريع الأبحاث الخاصة بتعلم الآلة.
اقرأ أيضًا: كيف تحصل على ورقة بحثيّة غير مجانية مجانًا؟
اقتصاديات الذكاء الاصطناعي.. مصطلح اقتصادي ربما تسمعه لأول مرة!