منذ عام 1949 وحتى اليوم تعاقب على إسرائيل عدد من الشخصيات المؤثرة التي تقلدت منصب” رئيس الدولة”، حيث ساهموا بشكل كبير في رسم السياسات الإسرائيلية داخليًّا وخارجيًّا، والتأثير في كافة المجالات.
ويشغل الرئيس في إسرائيل أعلى المناصب في الدولة، وهو شخصية غير حزبية؛ يمثل كافة قطاعات الشعب، ويستمد صلاحياته من القانون، ويعتبر منصبه فوق النقاشات السياسية، ويتم انتخابه من قبل الكنيست لمدة سبع سنوات.
وقبل يومين أشيع خبر وفاة الرئيس الإسرائيلي السابق “إسحاق نافون”، وهو خامس رئيس لـ“الدولة الإسرائيلية”، ليلحق بركب مَن سبقه، ومِن أبرزهم:
الأول: حاييم وايزمان (1949-1952)
وهو أشهر شخصية صهيونية بعد “تيودور هرتزل”، كونه ساهم في استصدار وعد بلفور نوفمبر1917، وبعدها بثلاثة أعوام عمل رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية حتى عام 1946 ثم انتخب أول رئيس في1949.
ومع توليه منصب المنظمة الصهيونية قدمت الحكومة البريطانية في ذلك العام نفسه القيادة الصهيونية في شراكة مع اقتراح المملكة المتحدة، والتي تضمنت شرط الاعتراف بحق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل وحق اليهود في الهجرة إلى هناك.
الثاني: إسحاق بن زفي (1952-1963)
وهو مؤرخ وزعيم عمالي صهيوني، وصاحب أطول فترة رئاسة يقضيها، حيث كان ناشطًا في الدفاع عن الذات اليهودية في الوحدات المنظمة في أوكرانيا للدفاع عن مذابح اليهود خلال عام 1950.
وحينما أعلنت إسرائيل نفسها دولة، كان “بن زفي“ من بين الموقعين على إعلان “الاستقلال“ في مايو 1948، وظل وقتها باحثًا معروفًا في التاريخ اليهودي والإثنولوجيا، وفي تاريخ أرض إسرائيل، وقد سمي معهد بن زفي الذي يدرس تاريخ إسرائيل والجماعات اليهودية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط باسمه.
الثالث: زلمان شازار (1963-1973)
كان أحد زعماء حركة العمال الصهيونية ومفكرًا ومؤرخًا، إذ درس التاريخ والفلسفة الألمانية، إلى أن أصبح نشيطًا في حياة الجالية اليهودية في ألمانيا بعد انغماسه بحب العمل الصحفي، وعمله محررًا في صحيفة “دافار“ التابعة للهستدروت آنذاك.
ونظرًا لكونه خطيبًا موهوبًا وكاتبًا له مؤلفات كثيرة من الكراسات في مجال التأريخ إلى فن الجدل وحتى الشعر، تميزت الرئاسة خلال فترته بمناخ فكري مثقف.
ويشار إلى أنه تخليدًا لذكره أقيم مركز “زلمان شازار“ في القدس وهو دار نشر لمؤلفات حول التاريخ اليهودي، والعمل على دعم الأبحاث ونشرها في الشتات، وتطوير التعرف على التاريخ اليهودي عبر إرث ونشاطات شخصيته.
الرابع: إفرايم كاتسير (1973-1987)
وهو عالم فيزياء وسياسي إسرائيلي، وأحد العلماء المؤسسين لمعهد “فايتسمان“ للعلوم في 1949 وكان مرتبطًا بالمعهد طيلة حياته المهنية، قبل توليه رئاسة الدولة وبعد ذلك.
وكونه تقلد منصبَ كبير علماء جيش الدفاع سابقًا أجرى جولات تفقدية عديدة لوحدات عسكرية ومنشآت بحث عسكرية ومجمعات صناعية ومؤسسات تعليم، إذ كان همه مواجهة خطر اختلاط يهود الشتات بالمسيحيين بواسطة الدفع إلى إقامة أقسام للدراسات اليهودية في كليات وجامعات في الخارج.
الخامس: إسحاق نافون (1978-1983)
في عام 1948م ترأس إسحق نافون الدائرة العربية في منظمة “الهاجاناة”، وبعد الحرب مباشرة عين ملحقًا ثانيًا في سفارات إسرائيل في الأرغواي والأرجنتين، فضلا عن عمله مديرًا لمكتب رئيس الحكومة “دافيد بن غوريون“ بعد أن شغل قبلها منصب السكرتير السياسي لوزير الخارجية “موشية شاريت”.
ويشار إلى أنه في جميع الوظائف التي شغلها اهتم في الأمور الاجتماعية وفي الوضع الديموغرافي، ووضْع العائلات الفقيرة كثيرة الأولاد، إلى جانب مشاكل اليهود في الخارج، والمواضيع الأمنية والسياسية.
وعمل على تطوير التعليم في الوسط العربي والدرزي وسد الفوارق مع الوسط العبري. في فترة وزارته للمعارف ازدادت نسبه تعلم اللغة العربية في المدارس اليهودية بـِ%3، إلى أن أعلن خبر وفاته السبت الماضي.
السادس: حاييم هيرتزوج (1983-1993)
وهو من الذين شاركوا في حرب فلسطين كضابط في الجيش الإسرائيلي، حيث شغل منصب رئيس جهاز “آمان“ أي جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ومندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة.
ويعد حاييم المسؤول الأكبر عن تنفيذ هدم حي المغاربة الملاصق لحائط البراق، في الجانب الغربي من المسجد الأقصى، وهو ما يضاف إلى سجلّ تجاوزاته في حق الفلسطينيين وتراثهم الثقافي خلال فترة طويلة أمضاها حاكمًا عسكريًّا للضفة الغربية.
السابع: عيزر فايتسمان (1993-2000)
اندمج في نشاطات الحركة الصهيونية منذ بدأها تقريبا، ومع تطور علاقته بالسياسيين البريطانيين، والجهد الحربي لبريطانيا في الحرب العالمية الأولى كان صاحب تأثير مركزي في الحركة الدبلوماسية، والتي مهدت لوعد بلفور.
وهو من دعا إلى سياسة مسالمة تجاه العرب، ضمن برنامج المشاركة في السياسة بين اليهود والعرب في أرض إسرائيل،
بدون الاهتمام للنسبة العددية بينهم، ولكن المعارضة العربية ألغت العمل على ذلك.
الثامن: موشيه كتساف (2000-2007)
عندما كان رئيسًا لإسرائيل دافع عن مصالح “الدولة العبرية“ في الخارج خلال جولاته الخارجية وشملت المصالح الإسرائيلية في النمسا وكرواتيا اللتين كانتا آنذاك تحت سيطرة أحزاب فاشية، لذلك لم يكن معروفا على نطاق واسع بصفته نائبا برلمانيا عن حزب الليكود اليميني أو وزيرًا سابقًا في حكومة“بنيامين نتنياهو“ الأولى قبل أن يُنتخب رئيسًا لإسرائيل.
واستقال كتساف من منصبه عام 2007 بعد اتهامه رسميا بالاغتصاب والتحرش الجنسي وأدين بعد ثلاث سنوات بالتهم التي وجهت إليه، ولم يسبق أن أدين رئيس إسرائيلي من قبل بهذه التهم.
وتميزت حينها ولايته الرئاسية بعلاقات دموية ومضطربة مع جيرانه العرب إذ اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعد شهرين من بدئها.
التاسع: شمعون بيرس (2007-2014)
عرف عنه أنه مهندس البرنامج النووي الإسرائيلي، لكنه اكتسب شهرته الدولية بعد اتفاقية أوسلو التي وقعتها إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية عقب سلسلة من المفاوضات السرية شهدتها العاصمة النرويجية أوسلو عام 1993.
واشتهر كذلك بقدرته على التفاوض والنفَس الطويل في تحقيق المصالح الإسرائيلية العليا بالطرق الدبلوماسية أحيانا وبالعسكرية أحيانًا أخرى، إذ اختير رئيسًا لفرع الشباب في حركة العمل الشبابية عام 1943، وانضم إلى عصابات
“الهاغاناه” عام 1943.
والجدير ذكره أنه أعاد الأضواء بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول 2000 لكونه القائد الإسرائيلي الذي لا زال بوسعه أن يلتقي بعرفات ويتباحث معه بعد أن انهارت الثقة بين شارون وياسر عرفات.
العاشر: رؤوفين ريفلين (2014- حتى الآن)
وهو محامٍ وسياسي إسرائيلي، ورئيس سابق للكنيست الإسرائيلي وينتمي لحزب الليكود، حيث ينظر إلى الضفة الغربية أنها تندرج ضمن “أرض إسرائيل“ وأن الاستيطان فيها “حق للشعب اليهودي”.
ويعارض بقوة قيام دولة فلسطينية، ويؤيد الاستيطان بشدة، خاصة وأنه ينتمي إلى الجناح الأكثر تشددًا في حزب الليكود، فهو لم يخفِ مطلقًا معارضته لإقامة دولة فلسطينية، لكنه يفضل قبول الفلسطينيين مواطنين إسرائيليين عوضًا عن تقسيم إسرائيل والضفة الغربية ضمن مشروع حل الدولتين.
فضلا عن معارضته الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة عام 2005م ولم يدعم صفقات الأسرى، ولم يهاجم علنا فلسطينيّي 1948 خلافا لغيره من دعاة الاستيطان، بل يسعى إلى التقارب مع العرب الإسرائيليين، كما هو معروف داخل الأوساط الإسرائيلية.