يُحيط بنا الكثير من الأدوات التي نستخدمها بشكل يومي، وتُيسر لنا سُبُل الحياة الحديثة، دون أن نملك فكرة عن تاريخ ظهورها، وتطورها، ومن ابتكرها، وكيف وصلت إلى أيدينا اليوم. لذلك؛ سنستكشف خلال السطور التالية الطريقة التي بدأت بها بعض مظاهر الحياة الحديثة، ومتى كان تاريخ ظهورها، ومن يرجع إليه الفضل في اكتشافها.

1- من بابل إلى روما.. نشأة الطرق المرصوفة  في التاريخ

عندما بدأ الإنسان يعرف السفر والترحال، كان يتنقل خلال طرق وعرة غير ممهدة؛ لذا كان السفر يُمثل عملًا شاقًا للغاية في الأزمنة البعيدة، خاصةً في الظروف المناخية السيئة. ولا شك أن الطرق الممهدة أدت إلى سهولة الانتقال والسفر؛ وبالتالي رواج حركة التجارة، وزيادة حركة التجارة بين شعوب العالم.

لم يبدأ الإنسان في تمهيد ورصف الطرق، إلا عندما بدأ استخدام عربات النقل الخشبية. وتُعد مدينة بابل القديمة بالعراق أول الأماكن، التي أنشأ بها طرقًا ممهدة، وذلك في عام 4000 قبل الميلاد. أما عن أكبر الطرق الممهدة الفسيحة؛ فقد كانت في مدينة روما، حيث تفوق الرومان بدرجة كبيرة في إنشاء ورصف الطرق، التي لا تزال آثارها موجودة حتى الآن.

2- الأمريكيون أول من استخدم إشارات المرور

يُعد الأمريكيون أول من ابتكر إشارات المرور الضوئية ذات المدة الزمنية المحددة، إذ سجّل ويليام غيغليلي من ولاية سان فرانسيسكو براءة اختراع أول إشارة مرور آلية، استخدمت الأضواء الأحمر والأخضر في عام 1917. وكان تصميم الآلة، يتيح خيار تشغيلها تلقائيًا أو يدويًا.

لاحقًا في عام 1920، طوّر ويليام بوتس، الذي كان يعمل ضابط شرطة في مدينة ديترويت، العديد من أنظمة إشارات المرور الآلية، بما في ذلك أول إشارة ثلاثية الألوان، والتي أضافت ضوء تحذير أصفر.

ثم في عام 1923، ابتكر جاريت مورغان الذي كان أول أمريكي من أصل أفريقي يمتلك سيارة في مدينة كليفلاند، إشارة مرور كهربائية تعمل بشكل أوتوماتيكي، ويُتيح تصميمها إنتاجها بشكل غير مكلف؛ وبالتالي زيادة عدد الإشارات التي يمكن تركيبها. وقد جرى تركيب أول إشارة ضوئية كهربائية في أوروبا في عام 1924، في ساحة «بوتسدام بلاتز» في برلين.

3- البابليون أول من استخدم الساعات

يُذكر أن البابليين هم أول من ابتكروا وسيلة لتقدير الوقت، وكانت تلك الساعة البدائية عبارة عن عمود خشبي مُثبت في الأرض. وكان تقدير الوقت يعتمد على تغيير وضع خيالات ظل ذلك العمود، على الأرض في ضوء الشمس.

على سبيل المثال، كان الخيال يبدو ممتدًا خلال شروق الشمس، ثم يختزل طوله تدريجيًا حتى حد معين، ثم يزيد الطول مرة أخرى قرب الغروب. وكانت تلك الفكرة التي تعتمد على تغيير وضع الخيال في ضوء الشمس، هي نفسها فكرة الساعة الشمسية أو المزولة التي ابتكرها المصريون القدماء، وصنعوا منها أنواعًا مختلفة.

وبالإضافة لابتكار المزولة، فقد ابتكر المصريون القدماء كذلك ساعة الماء، التي كانت عبارة عن وعاء مملوء بالماء، وينفذ منه الماء عبر ثقب بالقاع. وكان يجري تقدير الوقت، بحساب مستوى الماء المتبقي داخل الحوض.

وعلى الرغم من ظهور العديد من صناع الساعات والمبدعين قبله، فقد اعتبر المجتمع العلمي الحديث صانع الساعات الألماني بيتر هنلاين، الأب المؤسس لصناعة الساعة الحديثة، الذي يرجع إليه الفضل في تطور صناعة الساعات إلى الشكل الذي نعرفه اليوم. وقد صنع هنلاين ساعته الأولى في عام 1510، وبحلول عام 1541، بات معروفًا بمهنته، وأصبح يجري تكليفه ليس فقط بصناعة الساعات الصغيرة، ولكن أيضًا بصناعة ساعات القِلاع والأبراج الكبيرة.

4- أول استخدام للمفاتيح في مملكة آشور

تُعد المفاتيح أحد أكثر الآلات المعدنية شيوعًا في العالم، وأحد مظاهر الحياة الحديثة، التي تُمكننا من العيش في أمان نسبي، وحماية الممتلكات الثمينة خلف الأقفال.

يرجع ظهور أول نظام للقفل والمفتاح في التاريخ إلى عهد الآشوريين، منذ حوالي 6 آلاف سنة مضت. وقد دلّ على ذلك، اكتشاف بعض الأقفال والمفاتيح في آثار قصر مملكة آشور، الذي يقع على نهر دجلة في العراق حاليًا.

وكانت تلك الأقفال الحالية مُصصمة من الخشب، وبها فتحة لدخول المفتاح الذي كان عبارة عن عمود خشبي، يُدار داخلها ويُزيح بعض القطع الخشبية بالداخل فيُفتح القفل. وقد استخدم المصريون القدماء نفس هذه النوعية من الأقفال، كذلك ابتكر الصينيون القدماء نوعيات أخرى مُشابهة من الأقفال.

أما عن الأقفال والمفاتيح المعدنية؛ فقد كان الرومان أول من ابتكرها واستخدمها؛ إذ استطاعوا باستخدام الحديد والبرونز صناعة أقفال أقوى وأصغر بكثير، ذات مفاتيح خفيفة وسهلة الحمل.

5- أول طابع بريد يظهر في إنجلترا

لقد ظلت شعوب كثيرة مثل الإغريق، والرومان، والصينيين، والعرب، تستخدم الحمام الزاجل في القيام بالمراسلات. وكانوا يرسلون في بعض الأحيان زوجًا من الحمام، يحمل كل منهما الرسالة ذاتها؛ لضمان وصول الرسالة في حالة فشل أحدهما في الوصول إلى الهدف. أما الآن، فقد صارت هناك العديد من مكاتب البريد التي تقوم بتلك المهمة، على الرغم من تقلص شعبيتها مع التغيرات الثورية التي أحدثها اكتشاف الإنترنت، وبزوغ عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

أول طابع بريد في العالم. المصدر

صدر أول طابع بريد في إنجلترا، في مايو (آيار) عام 1840، وقد بدأ حينها تشغيل نظام البريد المتعارف عليه حاليًا. وكانت قيمة ذلك الطابع تُعادل بنسًا واحدًا، ولم يكن نظام الحوافّ المُسننة للطوابع قد ابتكر بعد؛ لذا كان الطابع يصدر في صورة صفحة طويلة، تحتوي على 240 طابعًا.

وكان أول عمل يقوم به رجال البريد في الصباح، القيام بفصل الطوابع عن بعضها البعض، الأمر الذي كان يستغرق وقتًا طويلًا. كذلك، كانت نوعية الطابع رديئة نوعًا ما؛ إذ لم يكن يلتصق بسهولة على الظرف. وقد استمر إصدار ذلك الطابع لمدة 11 شهرًا، ثم تلى ذلك إصدار طوابع أخرى جديدة.

6- «سيد واتسون تعال إليّ».. أول مكالمة تليفونية في التاريخ

في عام 1874، قال المخترع الأمريكي ألكسندر جراهام بل: «لو أمكنني جعل تيار الكهرباء يختلف في القوة، مثلما يختلف الهواء في الكثافة خلال تولّد الصوت؛ سأكون قادرًا على نقل الحديث تلغرافيًا». وبعد ذلك بعامين، نجح في نقل الصوت وفقًا لهذه الفكرة، من خلال ابتكاره لجهاز التليفون.

وفي العاشر من مارس (آذار) عام 1876، أجرى بل أول مكالمة تليفونية في التاريخ من مكتبه، وكان الطرف الثاني الذي يسمعه هو مساعده توماس واتسون ، الذي كان متواجدًا في حجرة مجاورة. وكان نص المكالمة يقول: «سيد واتسون.. تعال إليّ فإني أريدك حالًا».وكان يصدر عن ذلك الهاتف البدائي الذي ابتكره بل تيارات ضعيفة؛ وبالتالي كان الحديث خلاله غير مسموع بوضوح؛ لذلك لم يكن مناسبًا تمامًا للاستخدام العام.

 

ألكسندر جراهام بل يجري مكالمة من التليفون. المصدر

وفي عام 1877، نجح العالم الأمريكي توماس أديسون في ابتكار جزء بديل في تليفون بل؛ جعله أفضل قدرة على توصيل الأصوات. ومنذ ذلك الحين، شاع استخدام التليفونات في الولايات المتحدة، ثم في إنجلترا وباقي أوروبا.

7- أول بنك في العالم في مدينة برشلونة

يُعد (Taula de la Ciutat) أول بنك رسمي يُفتتح في العالم، حيث جرى افتتاحه في مدينة برشلونة في عام 1401، وقد كان البنك حينها موردًا لخزانة الحكومة الكاتالونية.

من ناحية أخرى، يُعد البنك الإيطالي (Banca Monte dei Paschi di Siena) أقدم بنك في العالم لا يزال يعمل مَصرِفًا حتى الآن، منذ عام 1472. وكان الهدف الرئيسي من إنشاء هذا البنك هو تقديم القروض الخيرية للفقراء، وما زال يقدم خدماته حتى هذه الأيام، ولديه فروع مختلفة في معظم أنحاء إيطاليا.

المصادر

تحميل المزيد