هل حدث أن استيقظت ذات صباح – ودون أن تعرف تفسيرا لذلك – لم تجد لديك أية رغبة في فعل أي شيء، مع شعور فظيع بأنك لا تستطيع مواجهة يوم جديد آخر، هذا الشعور شائع إلى حد ما، وينتابنا جميعا بين الحين والحين، ويفسر ذلك مرورنا بالكثير من لحظات التوتر والخوف وعدم اليقين، بحيث أصبحنا مثقلين بما يمكن تسميته «مخلَّفات عاطفية».
حين نفشل في التخلص من مشاعر الغضب والإحباط والتوتر وغيرها. تتراكم هذه المخلفات العاطفية داخلنا وتكبر، وشيئا فشيئا تحتل مساحة ضخمة؛ لنجد أنفسنا ذات يوم وقد ازدحم العقل بها، ولم تعد لدينا القدرة على مواجهة تحديات جديدة. لا تشغل هذه المخلفات مساحة مادية كما يحدث في مخلفات منازلنا، لذلك فإننا إن لم نهتم بالتخلص من مشاعرنا السلبية يوميًا، سينتهي بنا الحال وقد غمرتنا حالة من عدم الرضا، ودون طاقة لإنجاز أي شيء.
تكون محاولة نسيان المشاعر السلبية أحيانًا طريقًا لتأكيدها في عقلك، لذلك ينصح الخبراء بأن تتبع هذه الطرق لتتخلص من المشاعر السلبية:
- اكسر حلقة اجترار الماضي: الإسراف في اجترار الماضي يسبب ألمًا عميقًا بتكرار لحظات الحزن مرات عديدة، وقد يتسبب في الاكتئاب،والكثير من المشكلات الصحية؛ لذلك ينصح المتخصصون بمحاولة كسر حلقة الاجترار فجأة؛ حتى لا ندمن الدوران فيها، يمكن عمل ذلك بأن نشغل العقل بحل كلمات متقاطعة أو متابعة فيلم، وتدريجيًا ستقل رغبة العقل في إعادة الماضي.
- تحدث عما يزعجك: التفكير السلبي يكون بسبب الكثير من المشاعر السلبية التي لم نعبّر عنها، لذلك لا تحتفظ بها كلها داخلك، التعبير عنها أحيانًا بحيث تصبح أمامك، في كلمات تكتبها أو تحكيها لأحد أصدقائك، يفيدك في حلها أو حتى تقدير حجمها جيدًا، بحيث لا تسيطر على كل حياتك.
- حين يدخل عقلك في سباق التفكير، يكون من الصعب الاحتفاظ بالهدوء، أو السيطرة على الأفكار؛ لذلك، جرب محاولة أن تفرغ عقلك لدقيقة واحدة من أية أفكار، بعد هذه الدقيقة سيمكنك أن تملأ عقلك بأفكار إيجابية.
- إذا كنت محاطًا بأشخاص سلبيين، فسيكون أغلب تفكيرك بطريقة سلبية، والعكس صحيح، لذلك فمن الأفضل، إذا كان هذا هو الحال، أن تأخذ خطوة للخلف بعيدًا عن هذه التأثيرات السلبية، وأن تقضي وقتًا في مكان هادئ تسمح فيه للأفكار الإيجابية بأن تشغل مساحة أكبر في عقلك.
- غيّر لغة الجسد: لاحظ لغة جسدك، هل تبدو دائمًا بلغة جسد مغلق، أو تميل في أغلب الأوقات إلى العبوس، إذا كان الأمر كذلك فأنت أكثر عرضة للشعور بعدم تقدير الذات، ومن ثم فقدان الثقة بالنفس، وهو ما يقودك إلى التفكير السلبي، واجترار الماضي الحزين.
إذا حرصت على تغيير لغة الجسد بحيث تميل للابتسام، وتعبر لغة جسدك عن شخص منفتح، فسيجنبك ذلك التفكير السلبي.
وحتى لا تتراكم «المخلفات العاطفية» في عقلك ينصح المتخصصون بما يلي:
1. كيّف توقعاتك
التوقعات هي المصدر الكبير لشعورنا بعدم الرضا، ونحن غالبًا لا نعلم ذلك، عادة ننتظر الكثير من أنفسنا ومن الآخرين، وحين لا تتحقق توقعاتنا نشعر بالأسى، ويتطور شعورنا هذا للإحباط، وهو ما يراكم الكثير من «المخلفات العاطفية». لهذا، ولكي نحتفظ بنقاء أرواحنا فعلينا إعادة النظر في توقعاتنا بناء على المعطيات الفعلية أمامنا، وأن نغيرها إذا احتاج الأمر. بمقارنة توقعاتك يمكنك إعادة ترتيب أهدافك، وهنا يمكنك تحقيق هدفك الكبير، دون الكثير من الضغوط.
ينصح الخبراء أيضًا بألا تكون توقعاتنا طويلة الأجل؛ حتى لا يكبر شعورنا بالإحباط إن لم تتحقق، وأن نحدد أهدافا، وتوقعات على المدى القصير فيكسبنا تحققها ثقة بالنفس وشعورًا بالتوازن.
2. احتفظ باتجاه إيجابي
يدرك معظم الناس أهمية مواجهة المشكلات بنظرة إيجابية، لكن الأكيد أن لا أحد يفعل ذلك غالبًا. وإليك خطة جيدة : احمل معك دفتر تسجل فيه الإيجابيات التي تمر بك كل يوم، سجل على الأقل 3 أشياء إيجابية يوميًا، بهذه العادة ستنمو لديك القدرة على رؤية الجوانب الإيجابية وتقدير أهميتها، وهذا سيملؤك بالطاقة والقوة والقدرة على مواجهة الأيام السيئة.
تكون الحياة أحيانًا انعكاسًا لشعورنا الداخلي، حين نستيقظ يومًا بمزاج رائق، نلاحظ أننا قادرون على مواجهة المشكلات الصغيرة، ويحدث العكس أيضًا حين تواجهنا المشكلات نفسها في يوم آخر.
3. كن مبادرًا
لا يكفي أن تنظر لداخلك وتكتفي بالتفكير في مخلفاتك العاطفية؛ لأن هذا سيئ جدًا، الفعل هنا أمر حتمي. تذكر دائما أن التأمل دون فعل مؤذ جدًا؛ لأنه يصل بنا إلى الدوران في حلقة مفرغة تقودنا للشعور بالأسى على حالنا. لذلك، بدلًا من متابعة زيادة أكوام المخلفات العاطفية لديك، ابدأ في تنقية روحك شيئًا فشيئًا.
يمكنك مثلًا حضور دورة تدريبية في التحكم في الغضب؛ إذا كانت هذه هى مشكلتك الأساسية، أو أن تتعلم «تكنيك» الاسترخاء؛ إذا كان القلق هو مشكلتك الأساسية، تذكر أنه لن يكون بوسعك التخلص من كل المخلفات العاطفية بجرة قلم؛ لأنها تكونت لديك خلال شهور وسنوات، لكنك إذا بدأت خطوة بخطوة في التخلص منها، فستحقق تدريجيًا النقاء لعقلك.
4. تقبّل الماضي ودعه يمر
جزء كبير من مخلفاتنا العاطفية التي تتراكم داخلنا يكون مصدرها أخطاء الماضي التي لم نتقبلها بعد، والتي تؤثر على حاضرنا. حين لا نتجاوز صفحة الماضي يظل له تأثير ضار؛ لهذا فهو شيء أساسي أن ننظر أمامنا، ونتحرر من أخطائنا، ومن لوم النفس والشعور بالإحباط. تمامًا كما نفعل في منازلنا، يجب أن ننظف عقولنا. حلل أكثر المواقف التي يزعجك تذكرها، واسأل نفسك عن الشيء الجيد الذي يحققه لك استرجاعها الدائم، وإن لم تجد، استعد لوداع هذا الشعور غير اللطيف، تقبل ولا تنسَ! في الخوف والإحباط والفقد والفشل، يكون الالم أمر حتمي، لكن المعاناة أمر اختياري، التفكير المستمر في ضرورة نسيان ذكرياتنا المؤلمة، وإنكارها، يجعلنا أكثر وعيًا بها، لذلك علينا أن نتقبلها، ونعترف بها؛ لنتمكن من تجاوزها.
5. اخرج من منطقة الراحة
منطقة الراحة هي «المكان» الذي نشعر فيه بالراحة والأمان؛ لأننا نتحكم في كل ما يحدث فيه، ودون شك فلكي تختلف حياتك عليك أن تفعل الأشياء بطريقة مختلفة، لا يكفي أن تتخلص من مخلفاتك العاطفية، دون أن تغير عاداتك القديمة، حتى لا تعود لتمتلئ بالاستياء. الخروج من منطقة الراحة يساعدك في رؤية الحياة من منظور آخر، وتملؤك بالمشاعر الطيبة، وتمنحك الطاقة التي تحتاجها لتقبل على تنفيذ مشروعات جديدة.
الخروج من منطقة الراحة يعني أن نكتشف آفاقًا جديدة، ونسمح للحياة أن تدهشنا، ونتخلص من الخوف من التحرك للامام، ونكتشف عوالم مختلفة ونبحث عن فرص أخرى تمنحنا معارف جديدة، ونتجاوز الحدود التي نحيط بها أنفسنا وندخل فيما يسمى « منطقة التعلم».
6. تقدير الذات هو الطريق للسعادة
علينا الانتباه إلى ألا يكون تصوراتنا عن ذواتنا مجموع إطراء الآخرين علينا، وانتقادهم لنا، يجب أن يكون لدينا تصور عن الذات نابع من داخلنا، لكي يمكننا احترام ذواتنا. لتكون أفضل، عليك أن تتقبل ذاتك، وتثق بما تفعله وتعتني بها، وتتعلم أن تضع حدودًا، وأنك المسؤول الوحيد عما يحدث لك، وأن تخصص لحظات من يومك تختلي فيها بنفسك.
علامات
reports_unit, الإنسان, الإيجابية, التغيير, الجسد, الروح, المشاعر السلبية, تنمية الذات, علم النفس, علم النفس الإيجابي, علم نفس