يكون الحوار مع المراهق هكذا أحيانا .. معقد جدًا،إذا فكرت في الضغط عليه في هذا الوقت، ستظل إجاباته مقتضبة، ويظل رغم محاولات الاقتراب منه كتابًا مغلقًا، وإذا ما شعرت بالغضب فستسوء الأمور أكثر، وتستحيل مواصلة أي حوار، فالشيء الذي لن يقوله غالبًا: إنه غير راغب في الحوار الآن، وأنه يفضل تأجيله لوقت آخر،
هذا المراهق الذي تبدو علاقتك معه صعبة هو طفلك نفسه، بسماته نفسها غير أنه يمر بلحظات معقدة في حياته في انتقاله من الطفولة إلى الشباب، تجعله متقلب المزاج يميل للتمرد والصراع، وسط قلق متزايد من الوالدين حول مستقبله وتأثير أصدقائه عليه، لكن هذا ليس سببًا في التخلي عنه، فهو في حاجة إلى الدعم والتفهم والتوجيه والنصح بكثير من الصبر، وإذا ما نجحت في تقديم ذلك له فقد كسبت علاقة جيدة معه؛ ستنمي شخصيته، وتجعله أكثر ثقة بنفسه، وأقدر على تحمل المسئولية.
قبل كل شيء يؤكد، المتخصصون على أن لا يأخذ الوالدان تهور المراهق ورغبته في الجدال والصراع على محمل شخصي؛ فهي ليست موجهة لهما فقط، وهذا هو سلوكه بشكل عام، حتى وإن بدا مؤذيًا.
الآباء والامهات الذين قرأوا عن فترة المراهقة، واستعدوا لها سيمكنهم عبور هذه المرحلة بسهولة أكبر من أولئك الذين لم يستعدوا لها، والأفضل بالطبع أن يبدأ التواصل مبكرًا، وأن تكون العادة أن يحكي الطفل عن تفاصيل يومه بعد عودته، لكن بدء حوار معه في مرحلة المراهقة يظل ممكنًا، بمراعاة بعض الأمور التي ينصح بها المتخصصون ومنها:
1- اختر الوقت المناسب: حين يبدو غير راغب فيي الحوار، فالأفضل هو احترام صمته وتجنب إشعاره بالغضب منه، والعودة في وقت لاحق للحوار، فنجاح العلاقة يكمن في اختيار اللحظات المناسبة لفتح الحوار، فعندها سنحصل على إجابات مختلفة.
ومن جانب آخر عليك أن تكون مستعدًا للوقت الذي سيكون هو راغبًا في فتح حوار، وألا تشعره بأنك غير مهتم بما يقول، لتتجنب العبارة الأخرى التي يشتهر المراهقون بقولها لآبائهم «أنت لا تسمعني ولا تهتم لأمري»، حاول أن تسمعه، حتى لو كنت مشغولًا بشيء، يمكنك دعوته لمشاركتك فيه لحين الانتهاء والتفرغ للحديث، يمكنك أن تقول «دعنا نكمل إعداد العشاء بينما تحكي لي ما حدث»،أو أن تطلب وقتًا لحين التفرغ له «أعطني 5 دقائق وسأجلس معك لنتحدث».
من جانب آخر يجب أن تشعره من طريقة طرح الأسئلة أنك مهتم به، ولست رقيبًا عليه؛ فمن الصعب جدًا أن يستجيب المراهق للحوار ، إذا ما تسلل إليه شعور بأنَّه في استجواب.
3- اقترب منه : تمضية الوقت معه في القيام بأنشطة مختلفة كالرياضة أو الطبخ او الحديث عن الأزياء أو مشاهدة التلفاز يعزز العلاقة بينكما، ويخلق مزيدًا من الثقة، وتزيد معه فرص الحوار . يتطلع المراهقون لمعرفة الكثير عن حياة آبائهم، عالمهم الماضي والحاضر، لا يعني هذا أن الآباء مجبرون على البوح بكل تفاصيل حياتهم، لكن الحديث عن طفولتك وأحلامك الماضية، وبعض أمور حياتك حاليًا سيشبع فضولهم، وسيزيد التقارب بينكم.
وحين يحكي لك عن شواغله، عبر له عن امتنانك؛ لكونه شاركك فيها، خاصة في الموضوعات شديدة الخصوصية، ودعه يعرف مدى تفهمك لصعوبة ذلك، وشكرك لأنه اختارك ليحكي لك. ومن الضروري جدًا أن يثق في أن ما يدور من حوار سيبقى بينكما، ولن يصبح محور الحديث القادم مع الأصدقاء.
وأيضا في طريقة حله للمشكلات احترم أنها حلول مراهق، وليست حلول الشخص ناضج، وعلينا أن نحترم ذلك وندعه كلما أمكن يتعلم من أخطائه ولا نفرض عليه حلولًا أخرى.
وبشكل عام لا ينصح الخبراء بأن ينهمك الآباء في متابعة كتب التربية، ويؤكدون على ضرورة الموازنة بينها وبين ما يحدث في الواقع، والاعتماد على حدسهم في التعامل مع المراهق، المهم في هذه الفترة هو أن يشعر المراهق دائمًا بوجود جو من الثقة والراحة في بيته، وأن المجال مفتوح أمامه؛ ليحكي في أي وقت، ويطرح ما يريد في وجود من يهتم لأمره، ويستمع له، ويرشده لحقائق الحياة.