البكاء هو طريقة طفلك لإخبارك أنه بحاجة إلى شيء ما، لكن ماذا لو جربت كل شيء وما يزال يبكي باستمرار ودون توقف؟ في هذه الحالة تحاول الأمهات بذل قصارى جهدهن لجعل أطفالهن يتوقفن عن البكاء، ولكن كيفية إسكات الطفل الذي يبكي دون توقف هو أمر غير واضح.

تحاول الأمهات سدّ الثغرات المُتوقعة قدر الإمكان، والتي تدفع أطفالهن للبكاء، مثل إشباع الطفل بتغذية جيدة، إحكام لف القماط عليه، تدفئته إذا كان الجو باردًا، وتخفيف ملابسه إذا كان حارًّا، وتغيير الحفاض، ومحاولة هدهدته تحسبًا لأن يكون راغبًا في النوم ولا يستطيع، ولكنكِ قد تفعلين كل هذا ويستمر طفلك في البكاء دون توقف، فماذا عليكِ أن تفعلي في هذه الحالة إذن؟

هناك عدّة أشياء يمكن أن تساعدكِ على تفسير استمرار طفلك في البكاء، وهناك عدّة نصائح أيضًا لمعرفة ما يمكنك القيام به من أجل مساعدة طفلك، نستعرضها في السطور التالية.

مترجم: الألم ليس جسديًا فقط.. كيف تتغلبين على الجرح العاطفي للولادة القيصرية؟

الأسباب الشائعة لبكاء الأطفال

يبكي الأطفال الرضع لأسباب عديدة، والبكاء هو الطريقة الرئيسية التي يستطيع الأطفال التواصل من خلالها والتعبير عن احتياجاتهم، فهي الطريقة التي تجذب انتباهك، في البداية قد يكون من الصعب تفسير صيحات طفلك المختلفة، ولكن مع قضاء المزيد من الوقت مع الطفل ستصبحين أفضل في التعرف إلى احتياجات طفلك المحددة وتلبيتها.

وتتراوح الأسباب الشائعة لبكاء الأطفال بين النعاس أو التعب، وحفاضات رطبة أو متسخة، والشعور بالجوع، وكذلك المغص والغازات، أو حساسية الغذاء، والتألم أو المرض، والشعور بالقلق والخوف، ما يجعله يرغب في الاحتضان، وأن يكون الطقس حارًا أو باردًا للغاية.

وفي كل الحالات السابقة، يجب عليكِ ألا تلجأي أبدًا إلى هز الطفل، إذ يتسم الأطفال الرضّع بعضلات رقبة ضعيفة، وعادةً ما يكافحون من أجل دعم رؤوسهم، وقد يؤدي هز طفلك إلى الإحباط الشديد أو الغضب من كونك لا تستطيعين إيقاف بكاء طفلِك إلى عواقب وخيمة، فوفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال؛ يمكن أن يتسبب هز الطفل في إحداث ضرر بالغ بالأوعية الدموية في رأس الطفل، وقد يؤدي إلى تلف الدماغ، أو التأخر العقلي، أو حدوث نوبات صرع، أو الإصابة بالعمى، ويمكن أيضًا أن يصل الأمر إلى حد التعرض للوفاة.

كيف تحافظين على هدوئِك عند بكاء طفلك؟

هناك بعض النصائح التي قد تساعدِك في الحفاظ على هدوئِك رغم البكاء المستمر لرضيعِك والذي لا تستطيعين إيقافه، ومنها:

  • قرّبي طفلك منك، وغني له أو تكلمي معه بهدوء، وكرري كلمة أو عبارة هادئة مثل: «أنت بخير».
  • ذكري نفسك أنه لا بأس من أن تشعري بالإحباط بسبب بكاء الطفل، ولكن الدخول في نوبة غضب لن تجدي نفعًا.
  • ذكري نفسك بأنك لا تخذلين طفلك إذا لم تستطيعي إيقاف نوبة البكاء، فالأطفال في بعض الأحيان يبكون لمجرد أنهم يريدون البكاء.

البكاء الأرجواني.. لستِ وحدك من يعاني منه

البكاء الأرجواني، مصطلح جديد أطلقه الخبراء مؤخرًا لمساعدة الآباء على فهم استمرار الطفل في البكاء دون سبب، ويعود سبب هذه التسمية إلى الحالة التي يمر بها الآباء والأمهات خلال هذه المرحلة من عمر طفلهم، والمقصود بها هو الحالة التي يصل فيها الطفل لذروة البكاء، فتبدأ هذه المرحلة من عمر أسبوعين، وقد تزداد بمعدل أسبوعي، حتى يصل عمره إلى أكثر من شهرين، ثم يقل البكاء بين الثلاثة والخمسة أشهر، وهذه المرحلة هي جزء طبيعي من نمو كل رضيع.

ويكون البكاء في هذه الحالة غير متوقع، فمن الممكن أن يبدأ ويتوقف دون أن تعرفي سبب بدئه أو سبب توقفه، ويبدو الطفل في هذه الحالة وكأنه يُقاوم الهدوء، وتكون تعبيرات وجهه وكأنه يتألم، لكن من غير المرجح أن يكون متألمًا فعلًا. ويمر الطفل أثناء فترة البكاء الأرجواني بفترات طويلة من البكاء يمكن أن تستمر لعدة ساعات في اليوم، ويميل أيضًا للبكاء أكثر خلال الليل.

ويحاول الخبراء بهذا المفهوم الجديد أن يوضحوا للآباء الجدد أن هذه الفترة طبيعية جدًا، وأن الأمر بأكمله لا يتجاوز كونه مرحلة ستمر، وأن جميع الأطفال يمرون بهذه الفترة؛ بعضهم يبكي خلالها كثيرًا جدًّا، والبعض الآخر أقل، لكنهم جميعًا يمرون بها وينتهي الأمر عندما يتجه الطفل إلى عمر ستة أشهر.

طرق قد تُمكنك من التغلب على بكاء طفلك المتواصل

قد تكون هذه المرحلة من أصعب المراحل التي قد تمر عليكِ مع طفلكِ، لذلك يجب معرفة كيفية إدارة هذه الفترة، ويوجد عدّة طرق لذلك، منها:

  • مُشاركة الحِمل

عليكِ ألا تخوضي هذه الفترة بمفردكِ، وأن تتقاسمي المسؤولية مع شريك حياتك أو أفراد عائلتك، وأن تتناوبوا في رعاية الطفل الصغير. عند عمل هذا يجب أن تتحلوا بروح الفريق المُحب المتكامل؛ لأن الطفل سوف يشعر بالتوتر، وقد يؤدي هذا إلى إزعاجه أكثر.

يمكنكِ أن تأخذي قدرًا من الراحة ولو لمدة ساعة، وتتركي مسؤولية الطفل للأب، أو لأحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء المقربين، سيجدد هذا نشاطكِ وسيُعيدك لطفلكِ بحيوية أكثر وطاقة أكبر.

  • اذهبي إلى الخارج

قد تظنين أن البقاء في المنزل ومشاهدة التليفزيون بين وصلات بكاء طفلكِ هو النشاط الوحيد الذي يمكنك القيام به، ولكن ما قد لا تعرفينه أن الذهاب خارج المنزل قد يساعد على تهدئة طفلكِ الباكي، فقد يساعد اهتزاز الطفل في وسائل التنقل أو دفعه في عربة الأطفال على تهدئته، ويمكنكِ في هذه الحالة أيضًا أن تقضي وقتًا في التمشية أو التسوق، وتفعلين شيئًا تحبينه ويجدد طاقتك.

  • استخدمي الضوضاء البيضاء

تحاول بعض الأمهات تهدئة أطفالهن عن طريق سماع المقطوعات الموسيقية الهادئة، لكن الخبراء يعتقدون أيضًا أن هناك أصوات أخرى تساعد على تهدئة الطفل، وتشمل هذه الأصوات الضوضاء البيضاء، مثل صوت المكنسة الكهربائية.

وهناك مجموعة من التطبيقات التي تُقدم هذه الضوضاء، يُمكنكِ أن تقومي بتحميلها على هاتفكِ المحمول أو جهازك اللوحي، وتشغيلها لطفلك كي تتمكني من تهدئته ومساعدته على النوم. ومن خلال هذه التطبيقات ستستطيعين تشغيل أصوات مألوفة للطفل، مثل صوت تدفق الدم في جسدك، أو نبضات القلب، مما يجعل طفلك يطمئن ويشعر وكأنه عاد إلى رحمك مرة أخرى.

  • امنحيه حمامًا دافئًا

الاستحمام طريقة رائعة للحصول على الاسترخاء، لذلك يمكن استخدامه لتهدئة طفلِك، ويمكنك أيضًا أن تحصلي على حمام دافئ بصحبة طفلِك، فتملئين البانيو وتُهدئين الأنوار إذا كان ذلك ممكنًا، وتجلسين خلف طفلك بحيث يكون ظهره على بطنِك، وتقومي بتدليك بطن الطفل وأصابعه برفق لمحاولة الاسترخاء، كذلك فهناك بعض التمارين التي تساعد على تهدئة الطفل والتي يمكنِك تعلمها وتجريبها معه.

  • حاولي تمييز اختلاف صرخات طفلِك

في البداية ستبدو جميع صرخات الطفل واحدة، ولكن تدريجيًّا سوف تستطيعين تمييز صرخات الجوع عن صرخات التعب، ويمكنك الوصول إلى هذا من خلال ملاحظة نبرة الصوت ومستوى الضوضاء، وكثافة البكاء، بالإضافة إلى لغة جسد الطفل وتعبيرات الوجه، فكل هذه علامات تنقل شيئًا محددًا عن الحالة العاطفية والجسدية لطفلك.

  • أحكمي القماط عليه

قد يبدو القماط بالنسبة لكِ بمثابة قيد يُضايقك، ولا تحبين الشعور بالتفافه المُحكم حول رضيعك، لكن طفلك لا يتفق معك في هذا الشعور، الأمر بالنسبة للصغير مُختلف، فهو يُشعره بأمان العودة إلى الرحم ويهدئ من روعه.

  • حافظي على هدوئك النفسي

عليك معرفة أن طفلك لديه مشاعر، فالأطفال كائنات عاطفية ويستطيعون تجربة مشاعر السعادة، والحزن، والفرح، والغضب من اللحظة الأولى في حياتهم، فإذا كنتِ لأي سبب من الأسباب، تواجهين مشكلة في الاستجابة الهادئة المُحبة لطفلِك، فسوف يلتقط الطفل هذه الإشارات. والتفكير في طفلك بوصفه فردًا ذا شخصية فريدة قد يُمكنك من تفسير صرخاته والاستجابة لها بشكل أسهل وأفضل، ويمكنك استخدام بعض التقنيات التي قد تساعد على تهدئتِك، مثل تمارين التنفس أو التأمل.

  • غني لطفلك أو اقرئي له

يمكنك غناء أغنية أو حتى البدء في قراءة هادئة وحانية لطفلِك من أجل تشتيت انتباهه، وإبقائه منشغلًا بالنظر إليكِ وسماعك.

ماذا لو كان الطفل مُصابًا بالمغص أو مريضًا؟

تخاف الكثيرات من الأمهات أن يكون وراء بكاء الطفل ألم ما، كأن يكون الطفل مُصابًا بالمغص مثلًا، في هذه الحالة هناك أعراض تُميز بكاء المغص، مثل احمرار الوجه وإغماض العينين، وشد القبضة، وسحب الصغير لركبتيه إلى بطنه، وتقويس الظهر.

ظهور الأعراض السابقة يدل على أن بكاء طفلك بفعل المغص، وهي حالة شائعة، تحدث لطفل واحد من بين كل خمسة أطفال، بدءًا من الأسابيع القليلة الأولى من حياة الصغير، لكن الخبر السار أن هذا الأمر عادةً ما يتوقف عند وصول الطفل إلى عمر من أربعة إلى ستة أشهر.

لكن إذا كان طفلك يبكي باستمرار ولا يمكنك التحكم فيه أو تشتيت انتباهه، أو إذا كانت صرخات بكائه لا تبدو مثل صراخه الطبيعي، فقد تكون هذه علامة على كونه مريضًا، وإذا كان الصراخ مصحوبًا بأعراض أخرى، مثل ارتفاع درجة الحرارة، عليكِ في هذه الحالة مراجعة الطبيب في الحال.

المنفعة متبادلة.. ما لا يقال للأم عادةً عن الرضاعة الطبيعية

المصادر

تحميل المزيد