كرة القدم ليست مجرد منافسة رياضية يسعى فيها المتبارون إلى الفوز بالجوائز وحصد الألقاب، بل تحمل بين طياتها الكثير والكثير من المشاعر والمعاني الإنسانية، وفيما يلي بعض من اللقطات «الإنسانية» التي وثقتها كاميرات مونديال روسيا 2018 بعيدًا عن الأهداف الرائعة والفرص الضائعة وحماسة المشجعين.
1-أوسكار تاباريز.. الإرادة أقوى من الإعاقة
توصف كرة القدم من قبل الكثيرين بأنها «رياضة الأقوياء»؛ إذ قد تؤدي إصابة الشخص إصابة مقعدة إلى إبعاده عن الملاعب، لكن مدرب منتخب الأوروجواي، أوسكار تاباريز، قرر أن يضرب لنا جميعًا مثلًا يحتذى به في تحدي الإعاقة.
تولى تاباريز تدريب منتخب الأوروجواي منذ عام 2006، حيث أخذ على عاتقه استعادة الأمجاد الأوروجوية في كأس العالم، فنجح في الوصول إلى المربع الذهبي خلال مونديال 2010، وكان يأمل في الوصول إلى ما هو أبعد خلال مونديال روسيا 2018.
وقبل كأس العالم 2018، أصيب تاباريز بمرض عصبي نادر يجعل الشلل يزحف ببطء في أرجاء جسده، لكن ذلك لم يدفعه إلى اعتزال التدريب، بل صمم على مواصلة التحدي ومحاولة تنفيذ مشروعه مع منتخب بلاده، فاستمر في مهمته، ويظهر تاباريز خلال المباريات والتدريبات متكئًا على عكازين، أو يتجول وسط لاعبيه في الساحة الخضراء وهو يقود دراجة كهربية.
وقد نجح تاباريز هذه المرة في الوصول بفريقه إلى ربع نهائي كأس العالم، قبل أن تتحطم طموحاته على صخرة الفرنسيين الذين نجحوا في اقتناص الفوز بهدفين مقابل لا شيء.

تاباريز يوجه لاعبيه
2- مارك ميليغان.. من يواسيك أفضل من بناتك الصغيرات؟
لم تأت رياح المونديال هذا العام بما تشتهيه سفن لاعب المنتخب الاسترالي ونادي أهلي جدة السعودي مارك ميليغان؛ فقد خرج المنتخب الأسترالي من الدور الأول بعدما تحصل على نقطة وحيدة من التعادل مع المنتخب الدنماركي، فيما تلقى هزيمتين من المنتخبين الفرنسي والبيروفي.
ويظهر في الصور مارك ميليغان، وهو يفترش أرضية الملعب حزينًا بعد خروج بلاده من المونديال إثر الهزيمة أمام منتخب بيرو، فيما نزلت بناته الصغيرات إلى أرضية الملعب لمواساته، ليرسمن لوحة جميلة من المشاعر الإنسانية الفياضة التي أثارت الكثير من التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
3- في كرواتيا.. الأطفال سعداء مثل الكبار وأكثر
بصعوبة بالغة نجح المنتخب الكرواتي في تحقيق فوز أسطوري على المنتخب الإنجليزي خلال دور نصف النهائي، بإحرازه هدف الفوز خلال الشوط الثاني الإضافي، بعدما انتهي الوقت الأصلي بتعادل الفريقين بهدف لكل منهما؛ ليصل للمرة الأولى في تاريخه إلى نهائي كأس العالم ملاقيًا نظيره الفرنسي.
لم تكد صافرة الحكم تنطلق معلنة نهاية المباراة وتأهل الكروات، حتى اندفع مجموعة من الأطفال الكرواتيين مرتدين زي منتخب بلادهم، وأخذوا في الركض والمرح داخل أرضية الملعب.
كما عمد بعضهم إلى التقاط الكرة وإحراز بعض الأهداف «الوهمية» في الشباك، وقد أثار هذا السلوك سعادة المشجعين وحماس بعض اللاعبين الكروات الذين أخذوا يبادلون الأطفال اللعب والمرح.
4- كوليندا جرابار كيتاروفيتش.. مشجعة بدرجة رئيس جمهورية
أحد أكثر من لفت الأنظار خلال هذا المونديال، كانت رئيسة جمهورية كرواتيا كوليندا جرابار كيتاروفيتش، التي حرصت على حضور أغلب مباريات منتخب بلادها، متحررة من كثير من البروتوكولات التقاليد الدبلوماسية، وظهرت وهي ترتدي قميص المنتخب الوطني، ولم تمنع نفسها من الرقص أو إظهار البهجة مع كل خطوة يخطوها المنتخب الكرواتي نحو اللقب.
وحرصت رئيسة كرواتيا على التواجد في غرفة تبديل الملابس الخاصة بالمنتخب الكرواتي، حيث عانقت اللاعبين بحرارة لتهنئتهم والشد من أزرهم، والتقطت معهم الصور.
وبرغم غيابها عن مباراة قبل النهائي أمام إنجلترا، بسبب حضورها قمة زعماء «الناتو»، إلا أنها حرصت على إبقاء الأجواء الرياضية حماسية خلال القمة، حيث أظهرت صور نشرتها كيتاروفيتش رئيسة كرواتيا وهي تهدي بعض زعماء الناتو قميصًا للمنتخب الكرواتي يحمل أسماءهم.
5- كاسبر وبيتر شمايكل.. «هذا الشبل من ذاك الأسد»
يعتبر الكثيرون الحارس الدنماركي السابق بيتر شمايكل واحدًا من أساطير كرة القدم، بل يذهب البعض حتى إلى اعتباره أفضل حارس في تاريخ كرة القدم؛ فبمساعدة صداته الفريدة حقق مع منتخب بلاده بطولة أمم أوروبا 1992، كما فاز مع ناديه مانشستر يونايتد ببطولة الدوري الإنجليزي خمس مرات، وفاز ببطولة دوري أبطال أوروبا مرة واحدة.
شمايكل الأب يتفاعل مع أداء نجله – المصدر
كان بيتر شمايكل حاضرًا خلال مباراة منتخب بلاده مع كرواتيا خلال دور 16، حيث تولى نجله كاسبر – حارس ليستر سيتي – الإنجليزي حراسة عرين الدنماركيين، وفي اللحظة التي نجح فيها كاسبر من صد ضربة جزاء سددها قائد المنتخب الكرواتي لوكا مودريتش، التقطت عدسات الكاميرا صورة شمايكل الأب وهو يصرخ في حماسة فرحًا بابنه.
وبرغم خروج المنتخب الدنماركي أمام الكروات بركلات الترجيح، إلا أن كاسبر شمايكل نجح في التصدي لضربتين؛ ليلفت الأنظار إليه كخليفة لوالده، وليثبت مجددًا صحة المثل الشعبي «ابن الوز عوام».
كاسبر شمايكل يتصدى لضربة جزاء مودريتش
6- دانييل سوباسيتش.. «عهد الأصدقاء»
لا يمل دانييل دانييل سوباسيتش، حارس مرمى المنتخب الكرواتي، من إظهار الوفاء لصديقه؛ إذ يظهر دائمًَا بعد انتهاء المباريات وهو يرتدي قميصَا يحمل صورة صديقه هيرفوي كوزيتش، وهو لاعب كرة توفي عام 2008 خلال مباراة بين فريقي زادر وليتوفي خلال صراع على الكرة مع أحد اللاعبين.
ولا يزال سوباسيتش وفيًا صديقه رغم كل تلك السنين، ويرتدي القميص الذي يحمل صورته سواء خلال مبارياته مع منتخب بلاده أو مع فريق موناكو الفرنسي.
7- منتخب «كوكب اليابان».. «اترك المكان أفضل مما كان»
الإبهار هذه المرة يأتي من طرف مشجعي المنتخب الياباني، الذين أظهرتهم الصور أكثر من مرة بعد انتهاء المباريات وهم يقومون بتنظيف أماكنهم في المدرجات قبل المغادرة؛ الأمر الذي أثار إعجاب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين اعتبروا تلك الصور دليلًا على الرقي والتحضر الذي يتسم به المواطنون في «كوكب اليابان».
كما حظيت صور تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي لغرفة ملابس المنتخب الياباني بإعجاب الكثيرين الذين أشادوا بالنظام والنظافة التي تمتعت بها الغرفة؛ ما يعكس الكثير عن أخلاق اليابانيين.
This is the Japanese dressing room after losing dramatically to ?? in the 94th minute.⠀100% cleaned. Left with a “thank you” note in Russian.⠀Win with class, lose with class. We all ❤️ Japan! ??#Respect
Geplaatst door Jurgen Klopp op Dinsdag 3 juli 2018
8- «الكابتن ماجد.. عاد من جديد»
العديد من محبي مسلسل الرسوم المتحركة الياباني الشهير «كابتن ماجد» كانوا على موعد مع لقطة طريفة أظهرتها مدرجات المنتخب الياباني في المباراة التي جمعتهم بالمنتخب البلجيكي خلال دور 16، حيث رفع المشجعون اليابانيون لافتة ضخمة تحمل صورة لكابتن ماجد (كابتن تسوباسا باليابانية)، وهو يرفع كأس العالم محتفلًا.
وقد حقق المنتخب الياباني مفاجأة غير متوقعة بنجاحه في التأهل للدور الثاني، بعد الفوز على كولومبيا والتعادل مع السنغال، كما أدى أداءً مشرفًا أمام المنتخب البلجيكي الذي لم ينجح في اقتناص الفوز إلا في اللحظات الأخيرة من المباراة.
وجدير بالذكر أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تُرفع فيها صور الكابتن ماجد في المدرجات، بل سبق للمشجعين رفعها في مباريات سابقة؛ لتصبح تلك الشخصية الكرتونية فيما يبدو «تيمة» مميزة للمنتخب الياباني تعبر عن طموحاته الكروية ورغبته في اقتناص الفوز بالبطولات، تمامًا مثل كابتن ماجد.
لافتات تحمل صور الكابتن ماجد في مباراة ودية جمعت بين اليابان وباراجواي.
9- شاكا وشاكيري Vs صربيا.. حانت لحظة الانتقام
بالنسبة للاعبي المنتخب السويسري غرانيت شاكا وشيردان شاكيري فلم تكن المباراة التي جمعت المنتخب السويسري بمنتخب صربيا مجرد حدث رياضي، بل كانت مناسبة لاقتناص ثأر شخصي تعود جذوره إلى سنوات طويلة مضت.
اللاعب السويسري شاكا يحتفل ضد الصرب باستخدام شعار النسر المزدوج
ينحدر اللاعبان من من عائلتين تنتميان إلى كوسوفو التي تعرض فيها المسلمون لمذابح على أيدي الصرب؛ ما أدى إلى هروبهما لسويسرا، حيث سجن والد شاكا لثلاثة أعوام بسبب دعمه لاستقلال كوسوفو، أما شاكيري فقد هربت عائلته إلى سويسرا مع اللاجئين من حرب البوسنة
وقد سجل شاكيري هدف التعادل أمام صربيا، أما شاكا فأضاف هدف الفوز، وهو ما ساهم في إقصاء الصرب من الجولة الأولى للمونديال، واحتفل كلا اللاعبين بشعار النسر المزدوج الذي يعد شعارًا وطنيًا في ألبانيا؛ وهو ما جر عليهما انتقادات الصحافة الصربية فيما احتفى بهما الرئيس الألباني.
شاكيري يحتفل شعار النسر المزدوج
وقبل انطلاق البطولة، نشر شاكيري صورة للحذاء الذي سيرتديه في النهائيات، أحدهما كان عليه علم سويسرا والآخر علم كوسوفو.
10- إيسكو وبيكيه ينقذان طائرًا من الهلاك تحت أقدام اللاعبين
تمكن لاعبا المنتخب الأسباني جيرارد بيكيه وفرانشيسكو إيسكو من الفوز بإعجاب الجماهير ومنظمات حقوق الحيوان بعدما قاما بإنقاذ طائر صغير من الهلاك، قبل لحظات من بدء مباراة منتخب بلدهما مع المنتخب الإيراني خلال الدور الأول.
وكان العصفور في أرضية الملعب حيث حاول بيكيه الإمساك به قبل أن يفلت من يديه ويسقط مجددًا على أرض الملعب، لكن إيسكو تمكن من إمساكه، ثم أطلق سراحه إلى خارج الملعب؛ لينقذه بذلك من الموت تحت أقدام اللاعبين، ليتلقيا بعد ذلك تكريمًا من منظمة «بيتا» للرفق بالحيوان.
علامات
أوسكار تاباريز, إيسكو, اليابان, بيكيه, روسيا 2018, رياضة, سوباسيتش, سويسرا, شاكا, شاكيري, صربيا, صور, طائر, كأس العالم, كابتن ماجد, كرواتيا, كوليندا جرابار كيراتوفيتش, مارك ميليغان