كان مارك أبراهامز (أحد مؤسسين مجلة AIR لسجلات الأبحاث غير المحتملة) وأحد محرريها هو صاحب هذه الفكرة المجنونة: “الأيج نوبل”، ومنذ تأسيس تلك الجائزة ويرأس أبراهامز حفل تقديمها كل عام. قدمت جائزة الأيج نوبل (Ig Nobel Prize) لأول مرة عام 1991م، ولكي يحصل أحدهم على تلك الجائزة كان لا بد أن يحقق بحثه أو فكرته شرطًا واحدًا بسيطًا: أن يقوم بإنجاز شيء يجعل الناس يضحكون أولًا، ثم يجعلهم يفكرون. في السنوات الأولى من تقديم الجائزة كان تقديمها تحت شعار “للإنجازات التي لا يمكن ولا يجب أن يُعاد تقديمها ثانية”، وتتضمن الجائزة أقسام من نوبل الأصلية: الفيزياء والكيمياء وعلم النفس والأدب والسلام، بالإضافة إلى عدد من الأقسام الأخرى، ومنها الصحة العامة والهندسة والأحياء والبحث المتخصص.
تمنح جائزة “الأيج نوبل” لـ10 فقط من المترشحين لها، والذين غالبًا ما يقومون بترشيح أنفسهم، أو يُعرض عليهم نيل الجائزة ويوافقون، وبرغم أن الجائزة لا تتضمن أي مبلغ مالي، إلّا أن القائمين عليها قرروا في إحدى الحفلات منح كل فائز 100 تريليون دولار زيمبابوي (الدولار الأمريكي يعادل ما يزيد عن 361 ألف دولار زيمبابوي).
ويقام الحفل السنوي لتوزيع الأيج نوبل في منتصف سبتمبر من كل عام، في قاعة محاضرات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ولكن نُقل الاحتفال قبل سنوات ليكون في مسرح ساندرز بجامعة هارفارد؛ حيث يشارك مجتمع الحاسوب فيها في تمويل الحفل، ويقوم بتقديم الجوائز مجموعة من العلماء الذي نالوا جائزة نوبل الأصلية، ويتألف الحفل من مجموعة من الفقرات المضحكة والساخرة، وقد تعود جمهور الحفل إلقاء الطائرات الورقية على الفائزين الواقفين على المسرح، وينتهي الحفل دائمًا بجملة “إذا لم تفز بالجائزة – وخاصة لو فزت بها- حظ أوفر العام القادم”. ويسجل الحفل ليذاع في الراديو العام الوطني في يوم الجمعة التالي لعيد الشكر الأمريكي من خلال البرنامج الإذاعي “علوم الجمعة”، كما يمكن مشاهدة الحفل مباشرة عبر الإنترنت.
ودفاعًا عن تلك الجائزة وفي مقال نُشر سبتمبر 2009 في صحيفة “The National” الإماراتية بعنوان “جانب من نوبل في الأيج نوبل”، كانت مواجهة بعض من الانتقادات التي وجهت لتلك الجائزة، حيث من خلال تلك الأبحاث التي قد تكون عديمة الفائدة ومثيرة للضحك يمكن تفجير أفكار بحثية جديدة أو حل مشكلات بحثية موجودة بالفعل، وهو ما حدث عام 2006 عندما كشف أحد الأبحاث الحاصلة على الأيج نوبل في الأحياء أن أحد أنواع البعوض الناقل للملاريا “أنوفيليس جامبي” ينجذب بشكل متساوٍ لرائحة جبنة اليمبرجر ورائحة قدم الإنسان، وبرغم السخرية من هذا البحث إلا أنه بالفعل تم استخدام هذا النوع من الجبن لنصب أفخاخ في أماكن إستراتيجية في بعض المناطق في إفريقيا لاصطياد هذا النوع من البعوض ومحاربة وباء الملاريا.
وفي عام 2010، حصل السير أندريه جيم على جائزة الأيج نوبل ليصبح أول شخص حاصل على كل من نوبل الأصلية في الفيزياء والأيج نوبل، وكان جيم قد حصل على نوبل الأصلية في الفيزياء بالمناصفة جراء أبحاثه على الجرافين، وحصل على الأيج نوبل الفردية عام 2000 لاستخدام الخصائص المغناطيسية لتدرج الماء لجعل ضفدعة صغيرة تحلق في الهواء بواسطة عدد من المغناطيسات.
الفائزون بالأيج نوبل لعام 2015
أقيم حفل توزيع جوائز الأيج نوبل لهذا العام في الـ17 من سبتمبر الجاري، وبهذا الحفل فقد مر 25 عامًا على تأسيس الجائزة، وقد وزعت الجوائز على الفائزين على خشبة مسرح ساندرز في جامعة هارفارد، وأذيع الحفل مباشرة عبر الإنترنت.
وكان الفائزون بالأيج في كل من:
1- الكيمياء
حصل عليها كالوم أورموند، وكولين راستون (أستراليا)، وفريقهم وذلك عن ابتكارهم جهاز كيميائي يمكنه إعادة تفكيك جزيئات البيضة المسلوقة وجعلها تعود لحالتها قبل النضج، وحضر الحفل من هذا الفريق لتسلم الجائزة كالوم أورموند، وتيفولي أوسلن، وكولن راستون، وجريجوري ويس.
2- الفيزياء
حصل عليها باتريشيا يانج، وديفيد هو (الولايات المتحدة وتايوان)، وجوناثان فام، وجيروم تشو (الولايات المتحدة)، وذلك لاختبارهم المبدأ البيولوجي الذي يقول إن كل الثدييات تقريبًا تفرغ مثانتها في 23 ثانية (زائد أو ناقص 13 ثانية). وحضروا جميعهم الحفل لتسلم الجائزة.
3- الآداب
حصل عليها مارك داينجمين (هولندا – الولايات المتحدة)، وفرانسيسكو توريرا (هولندا وبلجيكا والولايات المتحدة)، ونيك جي. أنفيلد (أستراليا وهولندا)، لاكتشافهم أن كلمة “هاه؟” موجودة في كل اللغات البشرية وتستخدم للاستفهام عن شيء لم يتم استيعابه. وقد بعث الفائزون بالجائزة – والذين لم يستطع أحدهم حضور الحفل- بمقطع فيديو يؤكدون فيه أنهم سيتسلمون الجائزة في حفل خاص في أمستردام بهولندا في الـ3 من أكتوبر، حيث يقام حفل “الأيج نوبل الأوروبية”.
4- علم الإدارة
وحصل عليها جينارو بيرنايل (إيطاليا وسنغافورة والولايات المتحدة)، وفينيت فاجوات (الولايات المتحدة)، والبروفيسور راغفندرا راي، وذلك لاكتشافهم أن الكثير من رواد الأعمال تطورت لديهم في الطفولة حالة الولع بالمخاطرة، وعندما دخلوا في تجارب الكوارث الطبيعية (الزلازل – الثورات البركانية – تسونامي – احتراق الغابات) لم تشكل بالنسبة لهم أية اضطرابات وخيمة في شخصياتهم.
5- علم الاقتصاد
أخذتها شرطة العاصمة بانكوك (تايلاند) لعرضها على ضباط الشرطة دفع مبالغ مالية إضافية لهم إذا ما رفضوا أخذ الرشاوى، ولم يحضر أحد عنهم لتسلم الجائزة!
6- الطب
مُنحت الجائزة بالمناصفة إلى مجموعتين: الأولى: حكيم كيماتا (اليابان والصين)، والثانية: جاروسلافا دردياكوف (سلوفاكيا والولايات المتحدة وبريطانيا)، وذلك عن تجاربهم لدراسة الفوائد والنتائج الطبية الحيوية للقبلات الحارة (أو ما يماثلها من أنشطة حميمة). وحضر الحفل لتسلم الجائزة كل من جاروسلافا دردياكوف وبيتير سيليك، أما حكيم كيماتا فكان محاضرًا في أحد محاضرات الأيج غير الرسمية قبل يوم إعلان الجائزة، وبحسب تقاليد الجائزة فإنه يكون ممنوعًا من حضور حفل توزيع الجائزة، ولكن كيماتا بعث بفيديو تم عرضه خلال الحفل.
7- الرياضيات
حصلت إليزابيث أوبرزاتشر وكارل جرامر على الجائزة، وذلك لمحاولتهما استخدام تقنيات حسابية لتحديد ما إذا بالفعل تمكن (وكيف تمكن) مولاي إسماعيل (إمبراطور المغرب) من أن يكون أبًا لـ888 طفلًا خلال الأعوام من 1697م إلى 1727م.
8- الأحياء
برون جروسي، وعمر لاراش، وموريشيو كانالز، ورودريجو إيه لملاحظتهم أنه عند تثبيت عصا ذات وزن في خلفية الدجاجة فإنها تمشي بنفس الطريقة التي يُعتقد أن الديناصورات كانت تمشي بها. وحضر الحفل مجموعة من المشتركين في كتابة البحث.
9- الطب التشخيصي
حصل عليها ضياء الله كريم، وأنتوني هارندن، ونايجل دوسوزا، وذلك لتحديدهم أن التهاب الزائدة الدودية الحاد يمكن تشخيصه بدقة تبعًا لكمية الألم الناتج عن وجود المريض في سيارة تتخطى بسرعة عدة مطبات أسفلتية.
10- الفسيولوجي وعلم الحشرات
حصل عليها فردان بالمناصفة: جاستن سكيمدت (الولايات المتحدة وكندا) عن إنشائه ما أسماه “مؤشر سكيمدت لألم اللدغة”، وهو مؤشر يُقدر بالتقريب الألم الذي يشعر به الناس عند لدغهم من قبل عدد من الحشرات. كما حصل عليها ماكيل إل. سميث (الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا) وذلك لقيامه بجعل نحل العسل يلدغه في 25 موضعًا مختلفًا من جسمه ليعلم أي المواضع الأقل ألمًا عند اللدغ (الجمجمة – مقدمة إصبع القدم الأوسط – العضد)، وأي المواضع الأكثر ألمًا عند اللدغ (فتحة الأنف – فوق الشفاة – القضيب).