لم تختلف المرأة العربيّة عن غيرها من نساء العالم في سعيها إلى تطوير مجتمعها، فهناك الكثير من السّيدات العربيّات اللّواتي اغتنمن الفرص ليتركن بصماتهنّ في التّاريخ. نقدّم إليكم في هذا التّقرير عشر سيّدات عربيّات – أو من أصولٍ عربيّة – دخلن التّاريخ لما قدّمنه في مجالات متنوّعة من النّضال إلى الجمال، مرورًا بالعلم والرّياضة والفنّ.
1- نوال المتوكّل: العدّاءة، البطلة، والوزيرة!
تنحدر نوال المتوكّل من عائلة مغربيّة شديدة الاهتمام بالرّياضة، ممّا شجّعها للالتحاق بالنادي البلدي البيضاوي بمدينة الدار البيضاء وهي في سن الخامسة عشر. وكان أوّل تمثيل للعدّاءة المغربيّة لبلدها في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسّط حيث حصلت نوال على الميداليّة الذّهبيّة معلنةً بدء مسيرتها النّاجحة. ولِعام 1984 تأثير كبير على حياة نوال المهنيّة، فقد حازت خلاله على الميداليّة الذّهبيّة في سباق 400 متر حواجز في دورة الألعاب الأولمبيّة لتصبح أوّل بطلة أولمبيّة عربيّة في العالم.
وشكلّت بطولتها تفوّقها المستقبليّ، فشغلت نوال العديد من المناصب المهمّة في مجال الرّياضة ومن أبرزها منصب النّائب الأوّل لرئيس اللّجنة الأولمبيّة حيث تمّ انتخابها في 2012. بالإضافة إلى ذلك، عُيّنت نوال وزيرة للرّياضة المغربيّة في عام 2007 لتكون أوّل امرأة تشغل هذا المنصب في العالم العربي.
2- سميرة موسى عالمة الذَّرة المصريّة
سميرة موسى هي عالمة ذرّة مصريّة، درست العلوم في جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأوّل حينها) وكانت الأولى على دفعتها فعُيّنت معيدة في الكليّة. سافرت في بعثة إلى بريطانيا حيث درست الإشعاع النّووي وأنهت رسالة الدّكتوراة الّتي كانت تعدّها عن الأشعّة السّينيّة وتأثيرها على المعادن المختلفة في أقلّ من سنة ونصف. كانت تدعو دائمًا لأهميّة امتلاك السّلاح النّووي وتؤمن أنّ ملكيّته تسهم في تحقيق السّلام، فحرصت على إرسال بعثات لدراسة علوم الذّرة كما أنّها نظّمت مؤتمر “الذّرة من أجل السّلام” في جامعة القاهرة الّذي شارك فيه الكثير من علماء العالم.

العالمة سميرة موسى
قتلت موسى في عام 1952 بعدما استجابت الدّعوة للسّفر إلى الولايات المتّحدة حيث أتيحت لها الفرصة لإجراء أبحاث في معامل جامعة سان لويس. ويرى مراقبون أنّ الدلائل تشير إلى أنّ الموساد هو الّذي خطّط لاغتيالها بسب محاولتها لنقل العلم النّووي إلى العالم العربي حيث أنّها كانت تنوي إنشاء معملها الخاصّ في مصر. فقبيل عودتها إلى مصر بأيّام عندما كانت في طريقها لزيارة معامل نوويّة في ضواحي ولاية كاليفورنيا الأمريكيّة بعد تلقّيها دعوة لزيارة المعامل، ظهرت سيّارة نقل فجأة لتصطدم بسيّارتها وتلقي بها في وادٍ عميق، ومن ثمّ اختفت سيّارة النّقل بسائقها لتثبت التّحريّات لاحقًا أنّ سائقها كان يحمل اسمًا مستعارًا، ولكن لم يتمّ اتّهام أي جهة باغتيالها وقيّدت القضيّة ضدّ مجهول.
3- غادة المطيري: المكتشفة السّعوديّة الّتي قد تضع حدًّا للجراحة
غادة المطيري هي بروفيسورة سعوديّة مقيمة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. كان قد لمع اسمها منذ عدّة سنوات عندما نالت أرفع جائزة للبحث العلمي في أمريكا، فتمّ اختيار بحثها من بين 10,000 بحث علمي للفوز بجائزة الإبداع العلمي من أكبر منظّمة لدعم البحث العلمي في أمريكا والّتي تبلغ قيمتها 3 ملايين دولار.
وكانت غادة قد قدّمت في بحثها سبُلًا قد تُغني مستقبلًا عن العمليّات الجراحيّة باكتشافها “الفوتون” وهو معدن يتيح للضّوء أن يدخل الجسد ويصل إلى الخلايا من دون الاضطرار إلى فتح الجسم والإضرار به. وبحسب المطيري فإنّ تقنية “الفوتون” تصلح كبديل للعمليّات الجراحيّة في علاج العديد من الأمراض ومنها بعض الأورام السّرطانيّة، وكذلك يمكن استخدام هذه التّقنية في علاج عضلة القلب واكتشاف ما قد يحدث من خلل في تلك العضلة قبل الوصول لحدوث الجلطات. تترأس غادة المطيري اليوم مركز أبحاث في جامعة “كاليفورنيا، سان دييغو” يُعنى باستخدام تكنولوجيا النانو في العلاج الطّبي.

غادة المطيري
4- زها حديد: إحدى أكثر الشّخصيّات تأثيرًا في العالم
أدرجت مجلّة التايم الأميركيّة المعماريّة العراقيّة-البريطانيّة زها حديد كإحدى أكثر الشّخصيّات تأثيرًا في العالم. ولها اسمٌ كبير في مجال التّصميم المعماري فهي أوّل إمرأة تحوز جائزة بريتزكر للعمارة التي تعتبر جائزة نوبل للهندسة المعماريّة حيث حازت عليها في عام 2004، كما أنّ زها عيّنت سفيرة اليونسكو من أجل السّلام في 2010.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حازت زها حديد على وسام تقدير من الملكة البريطانيّة بعد تصميمها مركز الرّياضات المائيّة لدورة الألعاب الأولمبيّة في لندن عام 2012. كما أنّ زها كانت قد صمّمت المتحف القومي للقرن الواحد والعشرين في إيطاليا بالإضافة إلى الملعب المخصّص للألعاب الأولمبيّة في طوكيو واستاد الوكرة المكيّف المُعدّ لكأس العالم 2022 في قطر وغيرها الكثير من التّصميمات المعماريّة الشّهيرة.
5- سناء محيدلي: أوّل انتحاريّة في العالم
تمنّت اللّبنانيّة سناء محيدلي نجاح العمليّة الانتحاريّة الّتي كانت تنوي القيام بها في وصيّتها الّتي سجّلتها في متجر الفيديوهات الّذي كانت تعمل به قبل أن تنضم للحزب السّوري القومي الاجتماعي و تصبح أوّل امرأة معروفة تنفّذ عمليّة انتحاريّة في التّاريخ. في التّاسع من أبريل عام 1985 نفّذت محيدلي ابنة الثّامنة عشرة عمليّة انتحاريّة في جنوب لبنان (المحتلّ آنذاك) استهدفت قافلة تابعة للجيش الإسرائيلي. وأدّت العمليّة إلى مقتل اثنين من الجيش الإسرائيلي وجرح اثنين آخرين. وتُلقّب سناء محيدلي حتّى يومنا هذا في لبنان بـ”عروس الجنوب”.
6- جورجينا رزق: ملكة جمال الكون
فازت اللّبنانيّة جورجينا رزق بلقب «ملكة جمال الكون» في المسابقة الّتي أقيمت عام 1971 في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. ورزق هي المرأة العربيّة الوحيدة – حتّى الآن – الّتي حازت على هذا اللّقب منذ إنشاء المسابقة في عام 1952. لم تقتصر شهرة رزق على جمالها فقط، بل ازدادت شهرتها بعد زواجها من الفلسطينيّ علي حسن سلامة قائد عمليّات منظّمة “أيلول الأسود” الّذي اغتاله الموساد في عام 1979، ومن ثمّ زواجها من الفنّان اللّبناني وليد توفيق.

ملكة جمال الكون اللّبنانيّة جورجينا رزق
7- هيلين توماس: “السيّدة الأولى للصحافة الأمريكيّة”
هيلين توماس، الأمريكيّة ذات الأصل اللّبناني والعميدة السّابقة لصحفيي البيت الأبيض هي من أهم صحفيّي القرن الماضي فقد كانت توماس أوّل سيّدة عضو في نادي الصّحافة القومي في الولايات المتّحدة وأوّل سيّدة عضو ورئيس لجمعيّة مراسلي البيت الأبيض وأوّل سيدة عضو في “نادي غريديرون” وهو أقدم وأهم نادي للصحفيين في العاصمة الامريكية. غطّت توماس أخبار البيت الأبيض وحوالي عشرة من رؤسائه لقرابة الخمسين عام، وكان قد أسماها الرّئيس السّابق بيل كلينتون “السّيدة الأولى للصحافة الأمريكيّة” بعد أن لَفته وجودها الدّائم في الصّفّ الأوّل في مؤتمرات البيت الأبيض إضافةً إلى إلى أسئلتها المميّزة واللّاذعة.
وكانت توماس قد عُرفت بانتقادها لإسرائيل ممّا اضطرّها للاستقالة عن منصبها بعد أن سجّل لها حديث خارج البيت الأبيض تطالب فيه الإسرائيليين بـ”الخروج من فلسطين والعودة إلى ديارهم”. وتوفّيت هيلين في يوليو 2013 بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض عن عمرٍ يناهز 92 عامًا.
8- فاطمة الفهريّة: مؤسّسة أول جامعة في التّاريخ!
من التاريخ؛
تعدّ جامعة القرويّين في مدينة فاس بالمغرب أقدم جامعة قائمة في العالم، وكانت قد تدرّجت من كونها مسجدًا حتّى أصبحت مقرًّا مهمًّا للعلم درس فيه العديد من العلماء وأبرزهم ابن خلدون ومحمّد إدريس. وكانت فاطمة الفهريّة -الملقّبة بأمّ البنين – هي الّتي وضعت حجر الأساس لجامعة القرويّين عندما قرّرت بناء مسجد القرويّين من مالها الخاصّ في العام 859 م لتساهم في إنشاء إحدى أهمّ المؤسّسات التّعليميّة في التّاريخ.
9- جميلة بوحيرد: الشّهيدة الحيّة

المناضلة الجزائريّة جميلة بوحيرد
جميلة بوحيرد هي مناضلة جزائريّة ناضلت وحاربت الاستعمار الفرنسي في الجزائر حتّى أصبحت المطلوبة رقم واحد لدى الفرنسيين ولُقّبت بـ”الشّهيدة الحيّة”. انضمّت بوحيرد وهي في العشرين من العمر إلى “جبهة التّحرير الوطني” الجزائريّة عند اندلاع الثّورة الجزائريّة ضد الاستعمار في عام 1954 وكانت أوّل المتطوّعات لزرع القنابل في أماكن تجمّع الفرنسيين في الجزائر.
في عام 1957 ألقي القبض عليها بعد إصابتها برصاصةٍ في الكتف وفي عام 1958 تقرّرت محاكمتها صوريّا وحكم عليها بالإعدام ونُقلت بعدها إلى سجن باربادوس أحد أشهر مؤسّسات التّعذيب في العصر الحديث. وحينما تلقّت لجنة حقوق الإنسان الملايين من رسائل الاستنكار حول العالم تأجّل تنفيذ الحكم ومن ثمّ خُفّف إلى السّجن مدى الحياة. وبعد إعلان استقلال الجزائر في عام 1962 أُطلق سراحها وتولّت بوحيرد من بعدها رئاسة اتّحاد المرأة الجزائري.
10- توكّل كرمان: «أكثر نساء التاريخ ثوريّة»
اعتبرت مجلّة التّايم الأمريكيّة النّاشطة والكاتبة الصّحفيّة اليمنيّة توكّل كرمان “أكثر نساء التّاريخ ثوريّةً”، كما تمّ اختيارها كإحدى سبع نساء أحدثن تغيرًا في العالم من قبل منظّمة “مراسلون بلا حدود”. وتوكّل هي أول سيّدة عربيّة تفوز بجائزة نوبل للسلام حيث تقاسمت كرمان في عام 2011 الجائزة مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي. وكرمان هي رئيسة منظّمة صحفيّات بلا قيود وهي إحدى أهمّ الشّخصيّات المدافعة عن حقوق الإنسان وحريّة الصّحافة في العالم العربي.
عُرفت توكّل بقيادة الاعتصامات والتّظاهرات في اليمن للمطالبة بحريّة الصّحافة، ففي غضون عامي 2009 و 2010 قادت توكّل أكثر من 80 اعتصامًا نادى أغلبها بحريّة الصّحافة. وكرمان هي من أبرز الوجوه اليمنيّة الّتي لطالما ندّدت بالفساد، فقد ساهت في إعداد تقارير عديدة حول الفساد في اليمن، كما أنّها أعدّت الكثير من أوراق العمل في ندوات ومؤتمرات عالميّة حول العديد من الموضوعات كحريّة التّعبير وحقوق المرأة ومكافحة الفساد. تمّ اعتقالها بعد اندلاع موجة الاحتجاجات في اليمن في يناير 2011 بتهمة إقامة تجمّعات ومسيرات غير مرخّصة ولكن تمّ الإفراج عنها بعد يوم واحد من اعتقالها لما تسبّب من ازدياد في موجة الاحتجاجات في العاصمة اليمنيّة صنعاء.