«الطريقة التي كذبوا بها.. هذه الأيام يجب أن تنتهي»، هذا ما قاله في فيلم «The Post» بن برادلي، محرر صحيفة «واشنطن بوست»، عن كذب الإدارة الأمريكية بشأن الانتهاكات السياسية والعسكرية في حرب فيتنام، مخاطبًا بذلك كاثرين جراهام، ناشرة الصحيفة، محاولًا إقناعها بنشر الوثائق المسربة من وزارة الدفاع الأمريكية لفضح كذب الحكومة، ما يعني تحديًا ومخاطرة كبيرة للسيدة كاثرين.

وفي لحظةٍ تمكَّن شعور المسؤولية منها، وافقت على النشر معلِمة بذلك برادلي الساعي المتشوق لفضح الإدارة الأمريكية بما في الوثائق. نشر الوثائق شجع الصحيفة على نشر وثائق أخرى، عرفت فيما بعد بفضيحة ووترجيت، التي أدت إلى تقديم الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون استقالته من منصبه، وهذه كانت الحادثة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة.

من لم يسمع بيسري فودة؟ عرّاب الاستقصاء العربي والتحقيقات المتلفزة، لكن كم من فودة طمسته أبواق الإعلام! وكم من يسري لم تقترب منه المؤسسات الإعلامية الكبيرة؟ في هذا التقرير سنتعرف على الصحافة الاستقصائية من خلال أبرز الاستقصائيين في العالم العربي.

1- مصعب الشوابكة.. الاستقصائي الأردني الذي هز عرش الفاسدين

الرجل الأكثر استخدامًا للقانون، الأقل انتشارًا في العالم العربي.. رجل الحصول على المعلومات كما سمّته الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية «GIJN»؛ لاستخدامه الكبير لقانون حق الحصول على المعلومات، القانون الذي ربما لم تسمع به من قبل؛ والسبب يعود لكونه غير موجود سوى في ست دول عربية فقط، الأردن، اليمن، تونس، السودان، المغرب ولبنان، أقدمها تشريعا في الأردن عام 2007، وأحدثها في لبنان مطلعَ 2017.

يمنح هذا القانون الحق للمواطنين والمقيمين في الدولة من الوصول للمعلومات والوثائق والإحصاءات الحكومية وكل ما يتعلق بذلك. ويعد الشوابكة أكثر الصحافيين الأردنيين استخدامًا لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات؛ إذ قدم أكثر من 150 طلب حصول على معلومات في السنوات الأربع الفائتة، ويدير فريق وحدة الصحافة الاستقصائية في «راديو البلد عمان نت»، ويعمل محررًا في شبكة «أريج – إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية»، . أنجز الشوابكة 12 تحقيقًا استقصائيًا في قرابة خمس سنوات، كان أشهرها التحقيق المشترك «نواب البزنس..عطاءات بالملايين في جيوب نواب سابقين».

مصعب الشوابكة، الصورة من حسابه على «فيسبوك»

حصد التحقيق جائزة «أريج» للصحافة الاستقصائية كاشفًا عن تعاقدات بين نواب أردنيين وبين الحكومة الأردنية بصفقات تصل قيمتها إلى ملايين الدنانير؛ مما يكشف مخالفات دستورية للمادة 75/2 من الدستور الأردني، التي تمنع النائب من التعاقد مع الحكومة أثناء مدة عضويته. كشف التحقيق مساهمة 92 نائبًا من المجلس السابع عشر في شركات رأسمالها مليار ونصف دينار أردني، ومن أبرز الأمثلة على انتهاك هذه المادة ثلاثة أسماء برلمانية أردنية شهيرة: عبد الهادي المجالي، يوسف القرنة وعاطف الطراونة.

المجالي – عبر شركته «الأوساط للمقاولات» التي يسيطر عليها هو ونجله الوزير السابق سهل – بلغت عطاءاتها من الحكومة ربع مليار دينار – وهي حصة الأسد من بين الأسماء التي يبحث فيها التحقيق – على الأقل 231 مليون دينار منها خلال مدة المجلس السابع عشر لوحده، كما رصد التحقيق.

يذكر الشوابكة – مع زميله محمد غباري – أن 24 وزارة حجبت أسماء الفائزين بعطاءاتها؛ على الرغم من تقديمهم طلبًا رسميًا وفقًا لقانون حق الحصول على المعلومات، كما امتنع ستة نواب عن الإجابة على أسئلة الصحافيين، بالرغم من ورود أسمائهم وأسماء أقاربهم من الدرجة الأولى في تعاقدات مع ثلاث دوائر حكومية أثناء عضويتهم في مجلس النواب. ويذكر التحقيق رفض الناطق الإعلامي باسم الحكومة محمد المومني الإجابة عن موقف الحكومة ودورها من تعاقد نواب وأشقائهم مع وزارات الدولة؛ مما قد يشير إلى تواطؤ الحكومة في ذلك، وليس تقصيرًا منها في ملاحقة الفساد فقط.

لا يقتصر عمل الشوابكة على التحقيقات المحليّة، بل يمتدّ إلى أبعد من ذلك، شارك الشوابكة مع فريقه الاستقصائي في راديو البلد في تحقيقات وثائق بنما، أكبر تسريبات حدثت في التاريخ؛ إذ وصل عدد الوثائق المسربة إلى 11.5 مليون وثيقة من شركة مونساك فونسيكا للخدمات القانونية في بنما. تكشف الوثائق تورط مئات الشخصيات العالمية من رؤساء دول حاليين وسابقين إلى شخصيات سياسية واقتصادية ورياضية عديدة في أعمال غير قانونية، مثل التهرب الضريبي وغسيل الأموال، وجدير بالذكر المصير الذي واجهته دافني كاروانا غاليزيا، الصحافيّة المالطية التي قادت تحقيقات بنما؛ إذ تعرَّضت للاغتيال في العاصمة المالطية فاليتا، وربط ابنها ماثيو غاليزيا بين اغتيالها وكشفها لتورط العديد من المسؤولين في بلدها، وهذا ما لم يفصل به القضاء المالطي بعد.

وعودة للشوابكة، ففي جوابه عن الصعوبات التي واجهته في بحثه عن المعلومات التي تتعلق بشخصيات أردنية نشر عنها تحقيقين في وثائق بنما، قال: إن جميع الشخصيات الأردنية التي ذكرت في التحقيقات هي شخصيات عامة، من رجال سياسة، واقتصاد، أغلبها « بنى أسوارًا من السرية» حول نشاطاته وأعماله الاقتصادية والتجارية، سواء كانت داخل الأردن أو خارجه، وهذا كان جزءًا من العقبات في طريقنا.

وذكر الشوابكة استخدام وزارة العدل لحجة تُقوّض قانون حقّ الحصول على المعلومات، إذ لم تتعاون وزارة العدل مُتذرعةً «بسرية المعلومات»، عند محاولتهم التأكد فيما إذا أفصح ثمانية وزراء أردنيين عن شركات التهرّب الضريبي «أوف شور»، والحسابات المصرفية السرية الخاصة بهم لدائرة إشهار الذمة المالية.

وهذا يحيلنا إلى ما يعتبره البعض عدم جدية من قبل الحكومة الأردنية في تفعيلها لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات، فضلًا عن هشاشة القانون نفسه كما يصفه ناشطون صحافيون ومحامون؛ إذ ترفض الحكومة العديد من الطلبات بحجة «عدم وجود مصلحة مشروعة أو سبب مشروع» بحسب المادة (7) من القانون: «مع مراعاة أحكام التشريعات النافذة، لكل أردني الحق في الحصول على المعلومات التي يطلبها وفقًا لأحكام هذا القانون إذا كانت له مصلحة مشروعة أو سبب مشروع». أما حجة سرية المعلومة استنادًا لتصنيفها ضمن «الوثائق المحدودة» بحسب قانون «حماية أسرار ووثائق الدولة» الذي تتعارض بنوده مع قانون حق الحصول على المعلومات، فهي الحجة الثانية التي تستعملها الوزارات والمؤسسات الرسمية في حجبها المعلومات عن طالبيها.

2- ميادة داود.. من فضح القاعدة إلى كشف المستور عن البرلمان العراقي

من  بلد الحرب والانقسام وانعدام الحريات إلى جائزة «اليونيسف» عن أفضل تحقيق استقصائي في مجال حقوق الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنحة منظمة الأمم المتحدة لعام 2013 تثمينًا لدورها في نشر ثقافة الاستقصاء، الاستقصائية العراقية ميادة داود التي تعمل لدى شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية «نيريج» وأريج.

من أبرز تحقيقاتها «تجنيد الأطفال من قبل تنظيم القاعدة» الحائز على جائزة ثاني أفضل تحقيق استقصائي في العالم العربي في مسابقة «سيمور هيرش» عام 2010، و«تحقيق مجزرة الاسحاقي» الحائز على الجائزة الكبرى عن أفضل تحقيق استقصائي في العالم العربي لعام 2012 في مسابقة أريج الدولية، تبحث ميادة في هذا التحقيق عن إعدام جنود أمريكيين لـ11 عراقيًا، بينهم خمسة أطفال، وأربع نساء، وثلاثة رجال، أثناء ملاحقة القوات الأمريكية في 2006 لمسلَحيْن، عراقي وكويتيّ الجنسية بحسب زعم القوات الأمريكية، والذي تثبت ميادة في تحقيقها عدم مصداقيته، مطالبة السلطات العراقية والأمريكية بإعادة فتح تحقيق لما أسمته «جريمة إعدام تعسفي».

أما تحقيق «امتيازات سنوية بمليار دولار.. تورط برلمانيين في أوسع ظاهرة فساد شرق أوسطية»، فهو حاصل على جائزة شبكة أريج عن أفضل تحقيق لعام 2013، يكشف هذا التحقيق من خلال الوثائق والأرقام التي يحلّلها رجال مال مختصون، واعترافات برلمانيين ودفاعاتهم، أن كلفة وجود سلطة تشريعية ورقابية في العراق والبالغة نحو ملياري دولار لكل دورة برلمانية منذ أربع سنوات، كانت السبب الرئيس في عجز البرلمان عن الحد من الفساد في البلاد، أو مساءلة حكومة تدير قرابة 400 مليار دولار، هي مجموع موازنات الدولة العراقية كل أربع سنوات تقريبًا.

الامتيازات الكبيرة التي يحظى بها أعضاء البرلمان والمقدرة بـ 1.6 مليون دولار للنائب الواحد في الدورة، من ضمنها الرواتب والمخصصات وأجور الحمايات الشخصية، شلّت قدرتهم على محاسبة المتورطين بملفات فساد كبرى أنهكت موارد البلاد، وتسببت بانخفاض مستوى الخدمات، وغياب الأمن، وفقدان الثقة بالاقتصاد، وعدم القدرة على توفير الطاقة الكهربائية لما يقارب 12 ساعة في اليوم.

وفي سعي ميادة للحصول على المعلومات لهذا التحقيق خاطبت رئاسة البرلمان للسماح لها بالاطلاع على سجل الإيفادات والمنح المالية وكلفة علاج البرلمانيين؛ طلب منها في البداية تقديم طلب للحصول على إذن بدخول مبنى البرلمان، لاحقاً أبلغوها باعتذارهم لنسيان وضع اسمها عند بوابة الدخول.

في المرة الأخيرة، تُركت ميادة ثلاث ساعات خارج مبنى البرلمان، قبل أن يطلب منها الانصراف لتعذر استقبالها حتى من قبل الدائرة الإعلامية. أما فاضل نبي، وكيل وزارة المالية، فأبلغها «أن الوزارة ليست طرفًا في تحديد الرواتب والمخصصات؛ لأن كل جهة لها نظامها الخاص، وهي التي تعرف موازناتها ونفقاتها، ومهمة الوزارة هي التمويل فقط». الوكيل طلب من الكاتبة فيما بعد أن تسأل البرلمان نفسه عن نفقاته؛ لأن الإجابة «ليست من اختصاصه».

3- رياض قبيسي.. اللبناني الذي لا يخشى فتح «مغارة علي بابا»

«تحت طائلة المسؤولية»، «افتح يا سمسم»، «رالي الجمارك»، أربع حلقات استقصائية «لوثائق بنما اللبنانية». كلها أسماء تحقيقات متلفزة قام بها رياض قبيسي أحد أبرز الصحافيين اللبنانيين بحثا في قضايا الفساد وفضحها. حاز قبيسي على العديد من الجوائز العربية، منها: جائزة أريج 2015 للأفلام الطويلة عن تحقيقه «العدّاد في زمن الحنطور» إحدى حلقات «تحت طائلة المسؤولية».

رياض قبيسي، الصورة من حسابه على فيسبوك.

فاز قبيسي بالمرتبة الأولى عن الجزء الثاني من تحقيق «افتح يا سمسم»، الذي يفتح فيه قبيسي جزء من مغارة علي بابا، أو الفساد في لبنان. ويدخل «العالم السفلي للمرفأ» كما أسماه؛ ليكشف فيه تواطؤ أربعة موظفين في ميناء بيروت مع تجار متنفذين لتزوير بيانات جمركية والتهرب من الضرائب والرسوم، ما يفقد خزينة الدولة اللبنانية الكثير ويضر بالصناعات الوطنية.

وقد استخدم قبيسي في وصوله لتلك المعلومات طرقا رسمية وأخرى خاصة به جعلته معرضا للمحاكمة في كثير من الأحيان؛ إذ صدر قرار من قاضية الأمور المستعجلة والقاضي بمنع نشر التحقيق، وعُرض عليهم إغراءات مالية بهدف ثنيهم عن عرض أدلتهم، لكن هذا لم يشغل بال قبيسي وزملائه؛  ما كان يشغلهم هو التفسير غير المقنع إطلاقًا الذي قدمته دائرة الجمارك عن الأدلة المتلاعب بها كما يرى قبيسي؛ إذ فسّرت دائرة الجمارك التهريب بتركيب نظام نقل البضائع بالحاويات الكبيرة، مُعتبرًة أن الأسلوب الجديد «زاد مخاطر التهريب، وهذا موجود في كل الدول».

4- سامح اللبودي.. 6 أشهر في تتبع لمسارات الموت

«التحدي الأكبر الآن أمام الصحافي هو ألا يتلوث برأس المال ولا يتورط بالعمل لصالح سلطة»، كان هذا ما قاله سامح اللبودي عندما سئل في حوار معه عن التحديات التي يواجهها الصحافي الاستقصائي في العالم العربي. ككثير من الصحافيين الاستقصائيين العرب أكد سامح اللبودي غياب حرية نقل وتداول المعلومات في العالم العربي، بالإضافة إلى افتقار المعلومة للصدق في نقلها وعرضها؛ إذ  تحكم السلطة ورأس المال العمل الصحافي في كثير من الدول.

اللبودي صحافي وأكاديمي مصري عمل في العديد من القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء، وقام بإنجاز العديد من التحقيقات الاستقصائية، أبرزها فيلم «ختم النسر» الحائز على جائزة أريج الأولى عن فئة الأفلام القصيرة.

«باب الشرق.. تتبع مسارات الموت للاجئين السوريين في صحراء افريقيا» هو عنوان  تحقيق اللبودي الحائز على جائزة الاتحاد الأوروبي الخاصة بـ«الهجرة في منطقة الشرق الأوسط» عام 2017؛ وثق فيه مأساة المهاجرين السوريين في طريقهم من مدينة ازمير التركية إلى صحراء السودان بهدف الوصول إلى الجبهة الجنوبية لأوروبا هربًا من الحرب بعد أن أغلقت تركيا حدودها في وجه المهاجرين السوريين بعد اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2015، كما تتبع «مسارات الموت» التي يسلكها السوريون للوصول إلى أوروبا.

وفي حديث اللبودي عن الصعوبات التي واجهها أثناء تتبعه لهذا التحقيق ذكر صعوبة أن يتواصل أي صحفي مع مهرّب باعتباره سوري يرغب في السفر، ولكن من السهل أن يخوض التجربة بنفسه، لكن من الصعب أن يتتبع مع مهاجرين لستة أشهر هجرتهم من سوريا إلى أوروبا.

ومن بين الصعوبات أيضًا العمل على تحقيق داخل أربع دول في ثلاث قارات مختلفة، حيث تم تنفيذ التحقيق في اليونان وتركيا والسودان ومصر، ومواجهة قصص بالغة الأسى كقصة غنى ربيع، أم سورية لطفلتين، قضت نحبها بضربة شمس وبحرارة صحراء مصر بعد رحلة مدتها 30 ساعة من حمص إلى بيروت فالخرطوم ومنها لبورسودان إلى أقرب نقطة تسلل لحدود مصر؛ ليرى اللبودي ومن معه مشهد الطفلتين وهما تزيلان الرمال عن جثة أمهما الهامدة!

ضعف الصحافة الاستقصائية العربية.. إهمال صحافيين أم عرقلة حكومية

على عكس الدول العربية التي ينتشر فيها قانون حق الحصول على المعلومات في ست دول فقط، فإن القانون موجودٌ في أكثر من 100 دولة حول العالم. وفي حين لا زالت حرية الصحافة والتعبير تعاني مشكلات حقيقية في العالم العربي فإنه من الصعب الجزم بقدرة الصحافة العربية على استغلال هذا الحق في مكافحة الفساد وفضح الفاسدين كما يجب، وهذا دور الصحافة الاستقصائية التي تبحث في عمق المعلومة ولا تكتفي فقط بالتحليل والتركيب عن بُعد، وإنما تسعى للتقصي والبحث في ما وراء المعلومة، والحصول على أدلة تثبت ما تراه لتكشف للقارئ المُخبَّأ في أدراج السلطة، وخفايا الجريمة والفساد.

قد يُتهم الصحافيون بعدم استغلال هذا الحق لمحاسبة السلطات، يبدو هذا صحيحًا في ظل إحصائية لعام 2010 تظهر أن 5٪ فقط من الصحافيين في الأردن قد استخدموا هذا الحق منذ صدوره عام 2007؛ لكن التأكيد الدائم للصحافيين على صعوبة العمل الصحفي والاستقصائي خاصة في العالم العربي، وهشاشة القوانين وصياغتها غير الدقيقة، وعدم جدية الحكومات العربية في تفعيلها، يجعل من هذه الخطوات محاولات لتلميع صورة الأنظمة أمام المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان من وجهة نظر الاستقصائي العربي، لا خطوات جادة لتمكين الديمقراطية.  كما تؤكد مؤشرات حرية الصحافة المنخفضة في الدول العربية، بحسب إحصائيات «مراسلون بلا حدود» عام 2017، صحة الفرضية الثانية في سبب ضعف الصحافة الاستقصائية في العالم العربي.

انفوجراف شبكة مراسلون بلا حدود لمؤشرات حرية الصحافة في العالم لعام 2017.

شبكتا أريج ونيريج، اللتان أتينا على ذكرهما في هذا التقرير، كانتا من أبرز تطورات المشهد الاستقصائي في الصحافة العربية في السنوات الأخيرة. تأسست أريج في أواخر 2005 ومنذ إنشائها وهي تقود مركب الاستقصاء العربي؛ سواء بالتحقيقات التي تقوم بها وتشرف عليها، أو بتدريبها لمئات الطلاب والصحافيين عبر برامجها المتنوعة واستحداثها لعدة جوائز في الصحافة الاستقصائية يُعلنُ عنها في مؤتمراتها السنوية التي تضم مئات الاستقصائيين حول العالم.

نيريج هي الأخرى على طريق الريادة من العراق إلى العالم العربي؛ إذ كان لصحافييها نصيب الأسد في الكثير من الجوائز العالمية والعربية، تأسست نيريج عام 2011، وأنجزت العديد من التحقيقات المميزة، لكن ما شكّل أكبر عائق وصعوبة في عملها هو مكان العمل نفسه: العراق؛ إذ صُنِّفَ العراق دولة غير حرة بحسب «فريدوم هاوس» عام 2017، وسجل نقاط منخفضة على مؤشر الحرية بحسب ذات المؤسسة.

لكن هذه الحركة المتصاعدة في الصحافة الاستقصائية، بتزايد أعداد الصحافيين المستقلين المهتمين والعاملين في هذا المجال، وازدياد الشبكات الاستقصائية في السنوات الأخيرة، تمنح أملًا ونورًا لكل صحافي عربي يسعى لصحافة أكثر تأثيرًا في بلاد أكثر ديمقراطية.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد