منذ عدة أشهر والتيار الإصلاحي في إيران يحاول جمع شتاته والتوصل إلى مرشح توافقيّ، يستطيع الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور، وفي نفس الوقت يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، في ظل تراجع شعبية التيار بأكمله في إيران.
وقبل أيام أعلن مجلس صيانة الدستور عن قائمة المُرشحين المعتمدين، والتي خلت بالكامل من جميع مرشحي التيار الإصلاحي باستثناء مرشح واحد فقط، ولكنه غير مقرب من الدوائر الإصلاحية البارزة، أو حتى من المُعتدلين، لتكون قائمة المرشحين ممهدةً لانتخابات يصحُّ أن يقال عنها إنها غير تنافسية.
تيارٌ بلا مرشحين
أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في الآونة الأخيرة بشكل قاطع عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة؛ ما أربك حسابات التيار الإصلاحي الذي عوّل كثيرًا على كبار الدبلوماسيين الإيرانيين لخوض الانتخابات الرئاسية على قائمة الإصلاحيين.
ويقول غلام رضا ظريفيان، الناشط السياسي الإصلاحي، في حديث لـ«ساسة بوست»: «قبل فترة وجيزة من بدء التسجيل للانتخابات الرئاسية، وضعَ الإصلاحيّون قائمةً تضم الكثير من الأسماء كمرشحين عن التيار الإصلاحي، وكان على رأس هذه القائمة جواد ظريف، الذي حصل على نسبة تصويت كبيرة داخل الأوساط الإصلاحية».
وعن ظريف يقول: «حاول الإصلاحيون إقناع جواد ظريف بالترشح أكثر من مرة، ولكنه كان مترددا في القبول، ولكن مع انتشار التسريبات الأخيرة، أعلن بشكل قاطع امتناعه عن الترشح، ما اضطر الإصلاحيين لتغيير حساباتهم بخصوص الانتخابات الرئاسية».
وتجدر هنا الإشارة إلىتسريبات نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية لمقطع صوتي لوزير الخارجية جواد ظريف، التسجيل جزءٌ من مقابلة أجراها مع برنامج حكوميّ داخلي، لتوثيق التاريخ الشفوي للحكومة الإيرانية، ومع خروج المقطع المطوّل من ثلاث ساعات أثار ردود فعل سلبية ضدّ ظريف، خاصة لتحدثه عن دور الجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لقوة القدس التابعة للحرس الثوري، وتدخله المستمر في السياسية الخارجية والدبلوماسية الإيرانية، بالإضافة إلى ملفات أخرى. قمنا بكتابة تقرير موسّع يلخّص محتوى هذا التسريب، يمكنك الاطلاع عليه (هنا).
وبالعودة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، يرى الناشط الإصلاحي ظريفيان أنّه من الخطأ الاعتماد على ترشح جواد ظريف للانتخابات، ويقول: «كنت معارضًا لفكرة الاعتماد على ترشيح جواد ظريف، خاصة وأنه أعلن رفضه للترشح منذ وقت طويل، كان لابد عن التوصل إلى مرشح توافقي آخر يُريدُ خوض الانتخابات، ويستطيع الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور».
الآن وبعد التغيير الذي حدث في حسابات التيار الإصلاحي، وترشيح عدد من الساسة الإصلاحيين ورفض مجلس صيانة الدستور لهم، يناقش التيار الإصلاحي مستقبله السياسي بعد الانتخابات، وفي هذا التقرير نحاول الوقوف على أهم النقاط التي يناقشها التيار الإصلاحي في إيران اليوم، ونتلمس بدايات تحوّلات جذرية تحصل داخل التيار.
بعد أكثر من عقدين.. محاولة الاجابة عن سؤال «ما هو برنامج الإصلاح؟»
فازَ الإصلاحيون منذ 1997 في كثير من الانتخابات الإيرانية، الرئاسية أو البرلمانية، باستثناء انتخابات عامي 2005 و2009 المُختلَف على نتائجها، بنسب مشاركة عالية، ومنذ الفوز المفاجئ والكبير للرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية عامَ 1997، سعى الإصلاحيون إلى تنفيذ إصلاحات سياسية واجتماعية، وفي حصاد هذين العقدين خرجَ الشارع الإيراني مرددًا شعارات مناهضة لهم في المظاهرات الأخيرة التي عمت أرجاء إيران، أولًا في يناير (كانون الثاني) 2018، ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
ولذا حاول بعض الإصلاحيين الآن وقبل الانتخابات الرئاسية الإجابة على سؤال ملح: ما هي أهداف الإصلاح؟ وما الذي يريده الإصلاحيون؟
وفي نقاشه لهذا السؤال يقول أحمد زيد أبادي، المحلل السياسي المقرب من المعسكر الإصلاحي، لـ«ساسة بوست»: «في عهد خاتمي، كانت أهداف ومعاني الإصلاح واضحة، ولكن أعتقد أنه في سنوات ما بعد خاتمي فقدَ الإصلاح بوصلته، وأصبح الناس لا يثقون في أهدافه، خاصة أن هذه الأهداف لم تترجم إلى حقيقة على أرض الواقع».
ويرى زيد أبادي أن محاولات الإصلاحيين تحطمت في معظم الأحيان بسبب الصراع بينهم وبين الأصوليين المسيطرين على مؤسسات الدولة المفصلية، ويقول: «في عهد خاتمي، كانت هناك معارضة شديدة من التيار الأصولي لجميع مقترحات الإصلاح، ولكن حتى لا نخدع أنفسنا، في كثير من الأحيان سيطر الإصلاحيون على البرلمان والرئاسة، ولم يستطيعوا تحقيق أي إنجازات مهمة تذكر».
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (وسط)، ويمين الصورة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي (1997-2005)، وعلى يسار الصورة أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس إيران السابق (1989-1997)
ويرى احد شباب التيار الإصلاحي، تحدث لـ«ساسة بوست» شريطة عدم الكشف عن هويته، أن السبب في هذا التراجع للتيار يرجعُ إلى ما وصفهُ بـ«الطمع في السلطة»، ويقول «الطمع في السلطة، والرغبة في التمسك بالمناصب، جعل الإصلاحيين يدورون في فلك المؤسسة العليا الحاكمة، وبعد حوالي 22 عامًا، يريدون الآن مناقشة أهداف ومعاني الإصلاح، هذه محاولات يائسة لجذب الجماهير إليهم من جديد».
إصلاحيّون ولكن.. التقارب مع الأصوليين
في وسط النقاشات الدائرة بين الإصلاحيين مؤخرًا، كان من اللافت للنظر طرحُ فكرة الاستسلام لخسارة الانتخابات الرئاسية القادمة، والتأكيد على أنه لابد عن السعي للبقاء في السلطة بمحاولة الحصول على مناصب في الحكومة القادمة، حتى وإن كانت أصولية متشددة.
أشار إلى هذا الاقتراح السياسي الإصلاحي محمد عطرينافر، المقرب من علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني المعتدل (1989-1997)، ويرى عطرينافر أن مع انخفاض التوقعات في فوز الإصلاحيين بالانتخابات الرئاسية، فإن الحل الواقعي يكون بالسعي للحصول على حقائب وزارية في الحكومة الجديدة.
وعلى ما يبدو أن هناك من يتفق مع عطريانفر داخل التيار الإصلاحي، فمثلًا يقول الناشط الإصلاحي حسن هاني زاده، في حديث مع «ساسة بوست»: «إذا كنا نتحدث عن ضرورة تواجد المعسكر الإصلاحي في الهيكل السياسي الإيراني لتحقيق أهدافه، فكيف يمكن أن يحدث ذلك دون التواجد في السلطة؟ وفي نفس الوقت لا يمكن أن نترك الحياة السياسية لسيطرة فصيل واحد، لابد عن التحلي ببعض البراجماتية لتحقيق الأهداف».
وفي المقابل هناك من يرى هذه البراجماتية التي تحدَّث عنها السيد هاني زاده شيئًا من الانتهازية السياسية، ويقول الناشط الإصلاحي الشاب لـ«ساسة بوست»: «بدلًا عن محاولة نقد الذات، ومحاولة إصلاح المعسكر من الداخل، وإعادة كسب ثقة الجماهير، يحاول كبار الإصلاحيين اللجوء إلى هذه الحيل الانتهازية. أصابهم مرض التواجد في السلطة».
وفي العام الماضي تحدَّث السياسي الإصلاحي المخضرم، إبراهيم أصغرزاده، عن أن الإصلاحيين يحبون البقاء في السلطة، قائلًا «الإصلاحيون الذين تذوقوا السلطة يصبحون احيانًا محافظين، وهذه المحافظة هي وباء الإصلاح».
مؤيّدو توجه دخول الحكومة مع الأصوليين في حال خسارة الانتخابات، يناقشون فكرة إيجاد نوع من التقارب مع الأصوليين لضمان الحصول على بعض الوزارات والمناصب العليا في الحكومة المقبلة.
وتحدث سياسي إصلاحي وبرلماني سابق عن هذا المقترح لـ«ساسة بوست»، شريطة عدم ذكر اسمه، فقال: «العديد من كبار القادة الإصلاحيين لا يؤمنون بفكرة أن على المعسكر بأكمله الابتعاد عن السياسة لفترة لإعادة ترتيب أوراقه، وحل الأزمات الداخلية الحالية، وبدلًا عن ذلك يحاولون إيجاد أي دوافع لاستمرار سعيهم وراء السلطة».
ويقول السياسي الإصلاحي: «إنّ الغرض من الإصلاح هو إحداث فرق في الحياة السياسية، وتحقيق العديد من المطالب التي يريدها الناس المؤمنون بالإصلاح، وهذا يتحقق بالتواجد في السلطة، ولكن التواجد من أجل التواجد فقط، فهذا انتحار سياسي».
ويبرهن السياسي الإصلاحي على وجهة نظره بأن الأصوليين لن يسمحوا للإصلاحيين بالتواجد في السلطة على الأقل في الإدارة المقبلة، قائلًا: إن «هناك رغبة كبيرة من قبل الأصوليين للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة، واقتراح الإصلاحيين بتقاسم السلطة مثير للسخرية حقًا».
التحالف مع المعتدلين
لجأ الإصلاحيون في الانتخابات البرلمانية لعام 2016 إلى التحالف مع المعتدلين، وقبلها عامَ 2013 وقفوا بكامل قوتهم خلف المرشح الرئاسي حينها، حسن روحاني، الذي يميل إلى الاعتدال أكثر من الإصلاح.
ولكن بمرور الوقت وبعد ثماني سنوات من دعم حكومة روحاني المعتدلة يبدو أن التيار بدأ يرى أن هذا التحالف كان خطأ كبيرًا، وكلفهم الكثير من رصيدهم الاجتماعي والسياسي، خاصةً مع فشل حكومة روحاني في تحقيق المطالب الاقتصادية للشعب الإيراني، وحتى الإنجاز الأكبر والأهم لحكومته، وهو الاتفاق النووي الإيراني، ما زال معلقًا حتى اللحظة.
وفي الفترة الماضية مع الآمال المنخفضة في أن يوافق مجلس صيانة الدستور على ترشّح أي شخصية إصلاحية، ومع شعور بعض قيادات التيار بأن شعبيته في تراجع، نُوقشت فكرة التحالف مع المرشح المعتدل علي لاريجاني، وكانت المفاجأة برفض مجلس صيانة الدستور حتى لترشيح لاريجاني.
وفي حديث سابق مع «ساسة بوست»، ذكرَ أحمد زيد أبادي، المحلل السياسي المقرب من الإصلاحيين، أن بعض الإصلاحيين ارتأوا دعم إسحاق جهانجيري بدلًا عن لاريجاني، تفاديًا للوقوع في خطأ دعم حسن روحاني، ولكن حتى هذا السيناريو لم يعد ممكنًا بعد رفض مجلس صيانة الدستور لجهانجيري.
الرئيس الإيران حسن روحاني (يمين)، وبجانبه علي لاريجاني (يسار) السياسي المُعتدل الذي رفض مجلس صيانة الدستور طلبه للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في منتصف 2021
ويرى السياسي الإصلاحي محمد علي نمازي أن التيار تعلم الدرس جيدًا من دعمه لحسن روحاني، ويقول: «دعم حكومة روحاني، كان له تأثير سلبي على معسكر الإصلاح، ولذا لا تحظى فكرة دعم الإصلاحيين لعلي لاريجاني بدعمٍ كبير في الوقت الحالي، فالتركيز الآن على مرشح إصلاحي 100٪».
الإصلاحيون: لا مرشح لدينا لتقديمه إلى الشعب
الآن وبعد أن استُبعد جميع المرشحين الإصلاحيين من الانتخابات الرئاسية باستثناء مرشح واحد، وهو محسن مهر علي زاده، الذي يرى أغلب الإصلاحيين أنه لا يتمتع بشعبية على الإطلاق، ليكون الرهان عليه باعتباره المنافس الإصلاحي الوحيد في الانتخابات.
محسن مهر علي زاده، الإصلاحي الوحيد المتبقي على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2021 بعد قرار مجلس صيانة الدستور بمنع البقية من الترشح
وأصدرت جبهة الإصلاح بيانًا احتجاجيًا على عمليات التطهير الواسعة التي تستهدف المرشحين الإصلاحيين من جميع الانتخابات العامة في إيران، وجاء في البيان «في خطوة مصممة بالفعل، استبعد مجلس صيانة الدستور مرشحي جميع التيارات السياسية المختلفة في البلاد، باستثناء تيار واحد محدد»، في إشارةٍ إلى التيار الأصولي. وفي هذه الانتخابات طلبَ قادة الإصلاحيين من جميع المرشحين المحتملين الذين يُرجح أن يجتازوا حاجز مجلس صيانة الدستور أن يقوموا بتسجيل أسمائهم للمنافسة في الانتخابات الرئاسية.
ولكن أظهر مجلس صيانة الدستور هذه المرة أنه غير مستعد لمنح حتى ولو حصة صغيرة جدًا للإصلاحيين، وأغلق الطريق أمامهم حتى في التحالف مع المعتدلين باستبعاد علي لاريجاني، فأصبح أمام الإصلاحيين خياران كلاهما مُر، إما التحالف مع عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي والمرشح المستقل، أو محاولة دعم المرشح الإصلاحي الوحيد علي مهر زاده، وحتى الآن يبدو أن الإصلاحيين لا يريدون التحالف مع أيّ منهما، ولذلك صرحت جبهة الإصلاح أنّها لا مرشح لها في هذه الانتخابات.
الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات
قبل أيام أمّل الإصلاحيون في أن يستجيب الزعيم الاعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، للضغوط من كافة التيارات السياسية، الأصولية والإصلاحية، لينظرَ في دعوة الرئيس الحالي، حسن روحاني، الذي طالبه بالمساعدة والتدخل لإعادة عدد من المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية متجاوزًا قرار مجلس صيانة الدستور.
وتجدر الاشارة إلى أن إعادة المرشد خامنئي بعض المرشحين إلى الانتخابات، سواء برلمانية أو رئاسية، غيرُ منصوصٍ عليه في الدستور، ولكنه عُرفٌ غير مكتوب وله سابقة، مثلما حصل في الانتخابات الرئاسية لعام 2005، بإصدار مرسوم حكومي أعاد مرشحين من التيار الإصلاحي إلى السباق.
ولكن باغت آية الله خامنئي الجميع في اجتماعه الافتراضي عبر الفيديو مع أعضاء البرلمان الذي يسيطر عليه الأصوليون، وقدّم شكره إلى مجلس صيانة الدستور، وشكر المرشحين الذين قبلوا استبعادهم بروح طيبة، وقد يعني هذا أنه لن يتدخل، وأن القائمة النهائية للمرشحين ستظلّ كما هي.
وعلى الفور، بعد دعم خامنئي لمجلس صيانة الدستور وصلَ رد فعل الإصلاحيين والمعتدلين إلى ذروة جديدة، فحثُّ السياسي الإصلاحي البارز، وأحد المرشحين المستبعدين للانتخابات الرئاسية، مصطفى تاج زادة، الشعبَ الإيراني على مقاطعة صناديق الاقتراع، واصفًا ما يحدث بـ«الانقلاب التاريخي»، وظهرت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، تدعو المرشح الإصلاحي، الناجي الوحيد، والمرشحين المستقلين الآخرين المتبقين في السباق، للانسحاب احتجاجًا على سياسات «التطهير» التي انتهجها مجلس صيانة الدستور ضدّهم.
وأمام الضغط الهائل على المرشح الإصلاحي محسن مهر زاده، والمرشح المستقل عبد الناصر همتي لينسحبا، تنتشرُ الآن شائعاتٌ تقول إنّهما وقعّا خطابًا يُلزمهما بالبقاء في الانتخابات، حتى لا تفقد المنافسة الانتخابية قيمتها بالكامل.
هل يصبح الإصلاحيون زينة الانتخابات الإيرانية؟
يجادل البعض من داخل معسكر الإصلاحي ذاته بضرورة التنحي عن السياسية لبعض الوقت، لإعادة هيكلة التيار وتجديد رصيدهم الاجتماعي، ولكن هناك من يرى أن مثل هذا المقترح سيشكل خطرًا كبيرًا على وجود التيار الإصلاحي بأكمله.
يقول زيد أبادي لـ«ساسة بوست»: «هذا المسار خطير للغاية؛ لأنه سيوفر أرضية خصبة للقضاء التام على الفصيل الإصلاحي».
وفي المقابل، هناك من يرى أن الانسحاب من الحياة السياسية أمر لابد عنه، وإلا ستتآكل شعبية المعسكر الإصلاحي، ولن تفيد المحاولات لإعادة بناء جسر الثقة مع الجماهير الراغبة في الإصلاح، ويقول الناشط الإصلاحي الشاب لـ«ساسة بوست»: «محاولات ترشيح مرشح إصلاحي، أو دعم مرشح معتدل، كلها ستنتهي بالفشل، والتجربة خير دليل» ويضيفُ أن «الانسحاب من الانتخابات والحياة السياسية بشكل عام، هو أداة من أدوات الاعتراض على المناخ السياسي الحالي، وفرصة جيدة لإعادة هيكلة المعسكر الإصلاحي، وإلا سيتحول التواجد الإصلاحي في الحياة السياسية إلى مجرد زينة في كل انتخابات، وجودٌ لا فائدة منه».
وفي انتخابات عامي 2013 و2017، كانت مسألة القضية النووية الإيرانية موضوعًا انتخابيًا مهمًا ومؤثرًا، وبعد انتخاب روحاني بدعم من الإصلاحيين، والتوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ركّز الإصلاحيون على مكسب الاتفاق النووي، الذي يعتبر أهم إنجاز لحكومة روحاني.
وبعد كل ما حلّ بالاتفاق النووي، من انسحاب الولايات المتحدة منه أثناء رئاسة دونالد ترامب، ومحاولات إحيائه الجارية الآن في محادثات فيينا مع إدارة الرئيس جو بايدن، يرى بعض الإصلاحيين أن التمسك بحلم الاتفاق النووي يمكن أن يكون بمثابة طوق النجاة للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويقول الناشط السياسي الإصلاحي ظريفيان لـ«ساسة بوست»: «يتمنى الكثير من الإصلاحيين أن تنجح محاولات إحياء الاتفاق النووي في فيينا قبل الانتخابات الرئاسية، لاستعادة الزخم الجماهيري ورفع نسب التصويت في الانتخابات القادمة»، ولكنه رأى أن هذا السيناريو مستبعد، وأصبح فشله محتومًا الآن بعد رفض مجلس صيانة الدستور للمترشحين الإصلاحيين.
ويرى ظريفيان أنّه بالرغم من كثرة الأخبار التي تفيد باقتراب واشنطن وطهران من إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات، فإن الأمر لن يتم قبل أو حتى في أثناء الانتخابات الرئاسية في تقديره، ويقول: إن «الأمر أشبه بمعجزة، حتى وإن حدثت، فتأثيرها الإيجابي على الإصلاحيين سيكون بعد مرور وقت طويل، عندما تُرفع العقوبات، وتحسن الأوضاع الاقتصادية للإيرانيين».