البحث عن حياة على الكواكب الأخرى مثل المريخ، أمر يشغل البشر منذ فترة طويلة، ورحلة البحث عن حضارات تستوطن الفضاء لا تنتهي، وبالرغم من أن رحلات البحث التي تكلفت مليارات الدورلات حتى الآن لم تعثر على دليل قاطع بوجود حياة خارج كوكب الأرض؛ إلا أنها عادت بمعلومات وصور أثارت الكثير من التساؤلات، لم يجب العلم عن جميعها حتى الآن، وما زالت تحت الدراسة.

لكن بعض المهتمين بالحياة خارج كوكب الأرض قد يصلون أحيانًا إلى تفاسيرهم الخاصة، وهؤلاء يُطلق عليهم «ufologist» ومن أشهرهم سكوت وارنج، والذي كان له العديد من النظريات حول وجود حياة على كوكب المريخ. فما هي حقيقة الأشياء الغريبة التي تظهر في صور كوكب المريخ؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه في هذا التقرير.

بين الطعام والمواد الإباحية.. 6 من أغرب الأشياء التي أرسلها الإنسان إلى الفضاء

هل يوجد فئران على كوكب المريخ؟

في 20 أغسطس (آب) الجاري، نشر سكوت تصريحات جديدة له، تعلن عن اكتشافه تابوتًا حجريًا يشابه توابيت مصر القديمة، منحوتًا داخل واحدة من الصخور الضخمة الموجودة على كوكب المريخ. وهذا بعد فحصه الدقيق للصور التي التقطتها وكالة «ناسا» مؤخرًا لسطح الكوكب. 

تلك التصريحات أثارت الجدل واعترض عليها الكثير من المتخصصين، لكن هذا التصريح لم يكن سابقة في تاريخ سكوت، فهو ومن معه من المؤمنين بوجود حضارات عاشت خارج كوكب الأرض؛ يروجون لتلك النظريات منذ سنوات، ويستعينون في إثبات نظرياتهم بالصور التي يملكها البشر لكوكب المريخ.

من خلال الاستعانة ببرامج تعديل الصور، وتغيير الألوان؛ يظهر المهتمين بالحياة خارج كوكب الأرض على قنوات «يوتيوب»، محاولين إثبات وجهات نظرهم من خلال الفحص الدقيق لكل حجر موجود في الصور التي التقطتها «ناسا» لسطح كوكب المريخ. جثة فأر ميت، ومعدات تكنولوجية مهدمة ملقاة على الأرض، وتماثيل حجرية رومانية ومصرية، وعظمة فخذ بشرية، وسمكة محنطة، وتمثال لامرأة جالسة في الصحراء، والعديد من الأشياء الأخرى التي أظهرتها الصور المأخوذة لسطح كوكب المريخ، وربما يعد أشهرها وأول ما آثار الجدل كان «الوجه». 

وجه المريخ ومنطقة سيدونيا الغامضة

الغموض الذي يسيطر على موجودات كوكب المريخ، يعود نصيب الأسد منه لمنطقة سيدونيا والتي تقع في النصف الشمالي من الكوكب، بسبب الأشكال المميزة البارزة على سطحها، وأشهر تلك الأشكال والذي أثار الجدل لفترة طويلة هو «وجه المريخ» الذي يجذب فضول العلماء نحوه حتى الآن، وتعود تسمية هذا المكان بسيدونيا إلى مدينة كيدونيا التاريخية في جزيرة كريت اليونانية.

وجه بشري على كوكب المريخ

التشكيلات الصخرية المسماة بوجه المريخ

يظن العلماء أن تلك المنطقة -سيدونيا- كانت فيما مضى منطقة سهول ساحلية على كوكب المريخ، وأن نصف الكوكب الشمالي للمريخ كان منطقة غارقة في المياه منذ مليارات السنين، وربما يكون -بحسب تفسيرات العلماء- هذا السبب وراء الكثير من التشكيلات الصخرية المميزة في تلك المنطقة.

الهضبة التي صورتها المركبة فايكنج في العام 1976، بدت للناظرين وجهًا بشريًا منحوتًا بالصخر؛ وظن العلماء أن الأمر مجرد تشكيلات ظهرت بسبب تداخلات الضوء والظلال، لكن بعد عدة سنوات في عام 1982 عندما استطاعت «ناسا» الحصول على صور أوضح لهذا التشكيل الصخري؛ أكدت وجود تلك الصخرة على تلك الشاكلة دون خدع.

ومن هنا بدأت التكهنات حول مصدر هذا الوجه، وكان من السهل على الداعمين لفكرة وجود حياة خارج كوكب الأرض أن يرجعوا هذا الوجه إلى حضارة قديمة عاشت على كوكب المريخ، خاصة بعد أن لاحظ البعض وجود جبال قريبة من هذا الوجه تشبه الأهرامات.

 

ولكن بعد مراجعة الصور القادمة من المريخ أعلنت «ناسا» أن تحليل الصور أثبت أن هذا الوجه مجرد تل مريخي لا يميزه شيء، وعند النظر بزاوية محددة مع إضاءة بعينها؛ يمكن للإنسان أن تُخدع عينه ويرى أشياء تشبه الوجه، وهذا أمر وضحه علماء النفس عن ميل الإنسان إلى إرجاع ما يراه إلى أشياء يعرفها بالفعل في ظاهرة تسمى الـ«باريدوليا».

بينما اختار علماء الفضاء أن يطلقوا مصطلح «Mars Anomalies» على ما يراه البشر على سطح المريخ وفسروه على كونه دلائل على وجود حضارة سابقة هناك؛ وهذا المصطلح يعبر عن «الشذوذ» أو التشوه في الصور التي نراها ونظن أنها تحتوي على أشياء ليس لها وجود هناك.

«باريدوليا».. وجوه بشرية في كل مكان

يوضح كانج لي طبيب الأعصاب بجامعة تورنتو أن «باريدوليا» ظاهرة عصبية طبيعية تحدث لكل البشر، وعادة ما تحدث عندما يعجز المخ عن رؤية الأشياء الخفية أو غير الملحوظة أو الغامضة مثل التي نراها على سطح كوكب المريخ، فيلجأ المخ إلى حيلة تشعره بالارتياح. وهي تحويل تلك الأشكال الغامضة إلى أشكال أخرى يشعر تجاهها بالألفة، وعادة ما يكون هذا الشكل هو وجوه بشرية، واستطاع الكثير من المصورين التقاط صور توضح تلك الحالة العصبية وقت حدوثها لهم.

الشكل الصخري على كوكب عطارد وشبهه البعض بـ«ميكي ماوس»

ولأن وجود فئران على المريخ يعد أمرًا يستحيل تفسيره من الجانب العلمي لظروف الكوكب المناخية، لذلك يُرجع علماء الفضاء ما يراه البشر في الصور المأخوذة على كوكب المريخ إلى الظاهرة العصبية «باريدوليا»، داعمين رأيهم بالأشكال الأخرى التي رآها البشر في الفضاء والتي يصعب تواجدها بالفعل هناك، مثل صورة الشخصية الكارتونية «ميكي ماوس» على سطح كوكب عطارد، مؤكدين أنه حتى لو كان هناك حياة على سطح الكواكب الأخرى سواء الآن أو فيما مضى؛ فلن يكون «ميكي ماوس» جزءًا منها.

ولكن أيضًا الأشخاص الذي يشاهدون تلك الصور على سطح كوكب المريخ، ويفسرونها على كونها فئرانًا أو توابيت حجرية من حضارة مصر القديمة؛ ليسوا مجانين، ولكن عقولهم التي تريد تصديق وجود حياة خارج كوكب الأرض مثل سكوت وارنج؛ فتسرع إلى تفسير تلك التشكيلات الصخرية وألعاب الإضاءة وخداع البصر على كونها أشياء أخرى لها دلالات ومغزى أعمق من الذي تتحمله.

 وللإجابة عن سؤال التقرير هل توجد فئران أو آثار مدمرة على سطح كوكب المريخ؟، علماء «ناسا» يقولون لك: «لا، هذا ليس حقيقيًا»، ولم يتم إثباته بعد، ولكن أيضًا لا ينفىي إمكانية حدوثه في المستقبل أو القدرة على إثباته.

المصادر

تحميل المزيد