استطاع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أن يثير انتباه الجميع بقوة تنظيمه، وعتاده العسكري، وتمدده المستمر في سوريا والعراق، وقدرته على السيطرة على بعض المناطق بسهولة تامة.
كان السؤال الأهم وسط كل التساؤلات حول داعش هو: من أين يأتي التنظيم بالتمويل؟ فتنظيم الدولة الإسلامية يعتبر من أغنى التنظيمات الجهادية على مستوى العالم، ويبلغ حجم اقتصاده ربما ما يقارب حجم اقتصاد بعض الدول الصغيرة، واستطاع مراقبون أن يقدّروا ثروة داعش اليوم، والتي في يد قاداتها بما يقارب الـ 2.1 بليون دولار.
كيف نما تنظيم بحجم داعش في سنوات قليلة؟
هذا السؤال تحديدًا كان له دور كبير في القول باختراق التنظيم مخابراتيًّا، وإن المصادر الأساسية لتمويله هي المصادر الخارجية، لكن بعض المتابعين حاولوا مراقبة وتحليل المشهد عن كثب للإجابة عن سؤال مصادر التمويل.
1- للدولة الإسلامية مصادرها الخاصة:
أهم ما يميز تنظيم داعش عن غيره من التنظيمات والكتائب الجهادية، هو أنه استطاع أن يصنع لنفسه موارده المالية الخاصة، عن طريق عدّة طرق، منها: البترول، بعض المناطق التي سيطر عليها التنظيم هي مناطق غنية بالبترول، أيضًا ما يجنيه التنظيم من فرض للضرائب على المناطق التي تم السيطرة عليها، وبيع الكهرباء، وصفقات الرهائن، وكذلك عمليات السطو والاستيلاء، مثل ما حدث مع البنك المركزي في الموصل في العراق بعد السيطرة عليها، وغيرها من الأعمال التي استطاع التنظيم من خلالها أن ينشئ ثروته الخاصة.
2- تمويل المملكة العربية السعودية وقطر ودول الخليج:
لا يمكن الجزم أن التنظيم يتلقّى أموالآ من الدول المذكورة، إلا أن الولايات المتحدّة قد وجهت اتهامًا لهذه الدول بدعمها للإرهاب في سوريا والعراق، وغالبية المصادر البحثية والإعلامية الأمريكية تشير صراحًة أن المصدر الرئيس للتمويل هو قطر والمملكة ودول الخليج.
يُذكر ها هُنا أن الولايات المتحدّة في أغلب الأحوال لا تفرّق بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وبين غيره من التنظيمات والكتائب الإسلامية المقاتلة، وتضعهم في خانة “الإرهاب”.
أشار تقرير لمعهد واشنطن أن دولة مثل الكويت تعد المصدر الرئيس لتمويل الجماعات الإرهابية في سوريا، وفقًا لوكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب وتمويل الاستخبارات، وأن قطر بالرغم من العلاقات المشتركة مع الولايات المتحدّة فسياساتها تتعارض أحيانًا مع الموقف الأمريكي من مكافحة الإرهاب، أما المملكة فمن الممكن للولايات المتحدة أن تقوّض ما تراه دعمًا للإرهاب عن طريق المراقبة المالية، والتعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما أشار إليه التقرير بأنه قد نجح بالفعل هناك.
فقد قامت الرياض بمراقبة القطاع المالي الرسمي للبلاد لمنع التبرعات المشبوهة، وهو ما جعل البعض يؤكد في حملات جمع الأموال على أن تحوّل المساهمات من السعودية إلى الكويت، ثم إلى سوريا.
الولايات المتحدّة تعلم أنها لا تملك أدلة حول دعم هذه الحكومات لتنظيم داعش، لكنها تعتقد أن هناك أفرادًا مستقلين يقومون بتمويل التنظيم على المستوى الشخصي، وأن على هذه الدول أن تبذل المجهود الكافي لمنع هؤلاء من دعم “الإرهاب”.
3- نمو الصفقات والتجارة الخاصة:
يعمل التنظيم على توسع تجارته الخاصة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ببيع البترول، والسلاح، وغيرها من الموارد.
وفقًا لبعض المصادر فإن مجموع إيرادات التنظيم من إيرادات بيع وتهريب ما يقارب من 9000 برميل بترول يوميًّا، أي حوالى 8.1 مليون دولار.
وتقدّر قيمة إيرادات داعش من التجارة المحلية حوالى 5 مليون استرليني.
بالإضافة إلى عمليات السطو والاستيلاء وصفقات خطف الرهائن، فقد طلب تنظيم الدولة فدية للصحفي الأمريكي جيمس فولي تقدّر بـ 80 مليون جنيه استرليني.
كلما تمدد التنظيم، وكلما اتسعت رقعة المناطق التي تقع تحت سيطرته في سوريا والعراق، كلما زادت موارده المالية والعسكرية من “غنائم الحرب” ومن موارد البلاد نفسها وسيطرته عليها، ومن الأعمال التي يقوم بها بعد السيطرة على هذه المناطق سواء كانت أعمال تجارية، أو استيلاء وفرض ضرائب.
فقد أشارت بعض المصادر أن التنظيم استطاع أن يسيطر على ما يقارب 249 مليون دولار بعد دخوله الموصل، فضلاً عن الأسلحة والعتاد للجيش العراق الذي انسحب حينها، إلا أن الحكومة العراقية قد أنكرت ذلك.