استطاع الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الاستمرار في قيادة الجمهورية الإسلامية في إيران، لأكثر من 30 عامًا، الأمر الذي ربما لم يكن ليحدث إلا بمساعدة عدد كبير من رجال الدين والسياسيين والعسكريين الداعمين له ولحكمه.
ولخلق دائرة مقربة وداعمة، كان عليه العمل على إزاحة الحرس القديم التابع لمؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني، تدريجيًّا من المشهد، وأن يستبدل بهم حرسًا جديدًا من رجال الدين، والمديرين التنفيذيين، والعسكريين، ممن ولاؤهم الأول والأخير له فقط.
فمع انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، صعد مجموعة من رجال الدين المقربين من آية الله روح الله الخميني، إلى السلطة، كانوا جميعهم من رفقاء الخميني في نضاله ضد محمد رضا شاه قبل سقوط الملكية البهلوية في إيران، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر؛ عبدالكريم موسوي اردبيلي، هاشمي رفسنجاني، إبراهيم اميني، ومحمدرضا توسلي، وغيرهم الكثير.
مات أغلب رجال الدين المقربين من آية الله الخميني، والمؤسسين للجيل الأول للثورة الإسلامية، ومن بقى منهم على قيد الحياة، فقد أبعدته الشيخوخة عن الحياة السياسية.
الجيل الثاني من الثورة يتسلم القيادة
عندما توفي آية الله روح الله الخميني في يونيو (حزيران) عام 1989، كان لا بد من تسليم القيادة للجيل الثاني من الثورة، والذي يتكون من طلاب الخميني. كانت الجمهورية الإسلامية الوليدة، في حالة ارتباك وكانت البلاد لتوها خارجة من حرب دامت ثماني سنوات مع العراق خلال عهد صدام حسين، فتوقع البعض أن تكون عملية اختيار خليفة للخميني أمرًا صعبًا، ويزيد من توتر البلاد.
- كان الخميني يعتبر السلاح النووي محظورًا بموجب الأخلاق والفقة الإسلامي
لكن في وجود أشخاص مثل آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وآخرين من الدائرة المقربة من الخميني، تمت عملية انتقال السلطة إلى آية الله علي خامنئي بسلاسة غير متوقعة، على الرغم من كل ما شاب العملية من تساؤلات، مثل التغاضي عن الدرجة العلمية الدينية لخامنئي، أو إعلان أن توليه المنصب سيكون مؤقتًا، وهو ما لم يحدث، لكن نستطيع القول بأنها مرت بسرعة كبيرة.
بوصول آية الله علي خامنئي إلى السلطة، وبرحيل العديد من المقربين من آية الله الخميني، تمكن الأول من إنشاء دائرة جديدة مقربه وداعمة له، استطاع من خلالها تثبيت سلطته المطلقة طوال هذه السنوات الطويلة.
لكن في الأشهر القليلة الماضية، فقدت الجمهورية الإسلامية، وفقد آية الله علي خامنئي تحديدًا، رجلين كانا من أهم وسائل الزعيم الأعلى الإيراني لتوطيد سلطته، إذ يعد كل من آية الله محمد يزدي، وآية الله محمد تقي مصباح يزدي، أهم رجلان ساهما في الدعاية إلى سلطة الولي الفقيه.
نستعرض في السطور القادمة، دور كل من محمد يزدي، ومحمد تقي مصباح يزدي، في مساعدة آية الله علي خامنئي في تثبيت أقدامه بالسلطة لمدة تزيد عن 30 عامًا، وتأثير موتهما في النظام، الذي فقد برحيلهما جزءًا كبيرًا لن يتكرر من رأس ماله السياسي.
آية الله محمد يزدي: المدافع الشرس عن سلطة خامنئي
توفي آية الله محمد يزدي في نهاية عام 2020، عن عمر يناهز 84 عامًا. شغل يزدي مناصب عديدة في الحكومة الإيرانية، فهو عضو مجلس قيادة الخبراء، المكلف باختيار خليفة الزعيم الأعلى للبلاد، والإشراف على عمل الزعيم الحالي، ورئيس جمعية معلمي الحوزة الدينية في قم، كما شغل منصب رئيس السلطة القضائية لمدة 10 سنوات.
ولد آية الله محمد يزدي عام 1931 في مدينة أصفهان، وكان واحدًا من تلاميذ آية الله روح الله الخميني، انخرط في العمل السياسي، قبل الثورة الإسلامية، وكان مناهضًا لحكم الشاه، مما أدى إلى نفيه خارج إيران عدة مرات.
دور محمد يزدي في توطيد سلطة علي خامنئي
يعد آية الله محمد يزدي بجانب آية الله أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور، من أقرب المقربين إلى الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، وتعود العلاقة الوثيقة بين يزدي وخامنئي إلى قبل تولى الأخير منصبه.
آية الله محمد يزدي – مصدر الصورة: وكالة أنباء تسنيم
عندما توفي آية الله روح الله الخميني في يونيو (حزيران) 1989، كان مهمة مجلس الخبراء لاختيار قائد جديد، ليست مهمة سهلة. فمن ضمن أسماء قليلة، اقترح آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إسناد المنصب إلى علي خامنئي، لكن درجة خامنئي العملية والدينية كانت عقبة أمام مجلس الخبراء لاختياره، فما كان من آية الله محمد يزدي إلا أن سارع لإثبات وتأييد «اجتهاد» السيد خامنئي، ليتمكن الأخير من حصوله على منصبه الحالي.
معنى كلمة «الاجتهاد» هنا وفقًا للمذهب الشيعي، هو «القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من المصادر الفقهية»، ومن يحصل على درجة الاجتهاد، يطلق عليه لقب «آية الله».
ومن شروط تولي قيادة الجمهورية الإسلامية، أن يكون القائد حاصل على درجة الاجتهاد، وهذا ما لم يتوافر في علي خامنئي في ذلك الوقت.
يقول عباس علي أميري، الباحث في الدراسات الإسلامية، لـ«ساسة بوست»: «في عام 1989، كتب آية الله محمد يزدي رسالة إلى مجلس الخبراء، يخبرهم بها أن السيد خامنئي حاصل على درجة الاجتهاد، من المستوى الرفيع، ولديه العديد من الفتاوى حول قضايا جديدة في العالم الإسلامي».
وبحسب السيد أميري، فانه حتى لو كان السيد خامنئي حاصلًا على درجة «الاجتهاد»، فهذا لا يعني بالضرورة أنه مرجع ومصدر لتقليد الآخرين. و«التقليد والمرجعية» هنا، بمعنى أن ليس كل من حصل على درجة الاجتهاد، وله فتاوى شرعية، يتبعه الناس؛ فالتقليد له شروط مثل الإيمان، والعدالة، والاجتهاد المطلق وهو درجة أعلى من الاجتهاد العام.
لكن آية الله محمد يزدي، أصرّ على حصول السيد خامنئي على درجة الاجتهاد، ودعمه في ذلك عدد من رجال الدين الآخرين المؤيدين لخامنئي، أمثال عبدالله جوادي الآملي، محمد مؤمن القمي، الذين أصدرا رسائل تؤكد اجتهاد السيد خامنئي لدفعه لقيادة الجمهورية الإسلامية.
ولم يكتف آية الله محمد يزدي بهذا الأمر فحسب، بل أخذ على عاتقه إعلان سلطة علي خامنئي، ففي خلال مقابلة له في أكتوبر (تشرين الأول) 1989، قال: «كنت أول من أعلن سلطة على خامنئي في وسائل الإعلام، لقد أعلنت الأمر في خطبة صلاة الجمعة في طهران».
يقول السيد أميري، لـ«ساسة بوست»، «كان فعل محمد يزدي غريبًا، كأنه كان في عجلة من أمره لإيصال السيد خامنئي إلى السلطة. حتى أن مؤيدي سلطة السيد خامنئي، انتقدوا ما قام به محمد يزدي وإعلانه سلطة خامنئي في المسجد!».
محمد يزدي ودعمه غير المشروط لخامنئي
بعد وصول آية الله علي خامنئي إلى قيادة الجمهورية الإسلامية، صعد آية الله محمد يزدي إلى أعلى المناصب الحكومية بسرعة كبيرة، بحكم قربه من السيد خامنئي، فتولى منصب رئاسة السلطة القضائية من عام 1990 إلى عام 2000.
وفي خلال 10 سنوات كان فيها رئيسًا للقضاء، عمل يزدي على التخلص من معارضي حكم آية الله علي خامنئي، كما أن أفكاره حول إدارة هذه المؤسسة الهامة كانت محل انتقاد دائم من بعض الرجال القانون.
يقول أستاذ القانون المقيم بطهران، لـ«ساسة بوست»، مفضلًا عدم ذكر اسمه لأسباب شخصية، «كان السيد يزدي من أنصار نظرية «الشرعية من الله، والقبول من الناس»، هذه النظرية تعني أن حكومة الجمهورية الإسلامية نابعة من عند الله، والزعيم الأعلى وهو السيد خامنئي يعتبر نائب الإمام الغائب».
صورة تجمع القائد الأعلى للثورة الإيرانية بآية الله محمد يزدي – مصدر الصورة: الموقع الرسمي لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية
والإمام الغائب عند المسلمين الشيعة، هو الإمام الثاني عشر والأخير في المذهب الشيعي، وهو أبو القاسم محمد بن الحسن، واسم شهرته الإمام المهدي، وبحسب الروايات الشيعية، فإن للإمام المهدي غيبتان: صغرى وكبرى، وفي كلا الغيبتين هناك وكلاء ينوبون عنه من علماء الدين.
بالعودة إلى نظرية «الشرعية من الله والقبول من الناس»، يرى السيد محمد يزدي أن دور المؤسسات الحكومية والأحزاب، هو توفير السبل لتطبيق الشريعة الإسلامية، وبالطبع مؤسسة القضاء واحدة من تلك المؤسسات التى تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية، ولذلك زاد آية الله محمد يزدي من نفوذ رجال الدين في مؤسسة القضاء الإيرانية.
يقول أستاذ القانون المقيم بطهران لـ«ساسة بوست»: «في عهد يزدي تدهور القضاء الإيراني بشكل مرعب، كان يؤمن أن رجال الدين هم الأفضل لقيادة المؤسسة على حساب الأكاديميين، كما أنه عمل على إضعاف المنظومة القضائية وتهميش دور المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف».
وبجانب دوره في مؤسسة القضاء، فقد نصب آية الله محمد يزدي نفسه مدافعًا شرسًا عن الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، واستهدف جميع معارضيه داخل الجمهورية الإسلامية بانتقادات لاذعة كانت مثار جدل بين الكثير من الأوساط السياسية والدينية.
كانت تصريحات محمد يزدي تتصدر من حين لآخر عناوين الصحف الإيرانية، بسبب انتقاده وخلافاته مع العديد من الشخصيات الدينية والسياسية.
على سبيل المثال لا الحصر، في أثناء رئاسته لـ«جمعية معلمي قم»، كتب رسالة مفتوحة لآية الله شبيري زنجاني، الذي يعتبر واحد من رجال الدين في قيم المؤيدين للإصلاح. كانت الرسالة توبيخية، وتحمل ضمنيًّا بعض التهديدات، بسبب صورة تجمع آية الله شبيري زنجاني مع الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي.
وقد كتب يزدي في هذه الرسالة «مكانتك واحترامك يأتي تحت ظل احترام النظام الإسلامي، والقيادة وموقع المرجعية، لذا من الضروري مراعاة هذا الاحترام، وموقع المرجعية، واتخاذ تدابير لعدم تكرار هذه الأمور».
انتقد الكثير من رجال الدين في حوزة قم، رسالة محمد يزدي إلى آية الله شبيري زنجاني، واعتبروها تدخل في حياة الأخير، وإهانة شديدة له.
توفي محمد يزدي، وفقد الزعيم الأعلى الإيراني شخصًا لعب دورًا حاسمًا في سلطته وتفسير آرائه ومهاجمة معارضيه، فقد كان آية الله محمد يزدي ذا مكانة هامة ومميزة داخل الدائرة المقربة من آية الله علي خامنئي، من الصعب تعويضها مرة ثانية.
آية الله محمد تقي مصباح يزدي: أكبر المنظرين لولاية الفقيه
توفي آية الله محمد تقي مصباح يزدي في بداية العام الجاري، عن عمر يناهز 85 عامًا، وبوفاته خسر الزعيم الأعلى الإيراني، والتيار الأصولي فردًا آخر من أهم داعميه.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وفي عام 1980 كانت المناقشات الثورية وصلت إلى ذروتها، بين المجموعات السياسية المختلفة، ومن هنا ظهر محمد تقي مصباح يزدي، باعتباره واحدًا من أشهر المنظرين للحكومة الإسلامية، وأشرس المنتقدين للجماعات اليسارية في الجمهورية الحديثة.
ولد محمد مصباح تقي يزدي في عام 1935، في مدينة يزد، وتلقى تعليمه الديني على يد آية الله روح الله الخميني، ومحمد حسين طباطبائي، وتضاربت الأقاويل عن حياة تقي مصباح يزدي السياسية قبل الثورة، فهناك من يقول إنه لم يشارك في الثورة ضد الشاه، والبعض الآخر يقول إنه كان فعالًا في هذه الفترة.
آية الله محمد تقي مصباح يزدي – مصدر الصورة: موقع قناة العالم
على عكس آية الله محمد يزدي، لم يتولّ محمد تقي مصباح يزدي أي منصب سياسي أو تنفيذي في عهد آية الله روح الله الخميني، لكن بدأت شهرته تزداد مع تولي آية الله علي خامنئي قيادة البلاد.
معارضة خاتمي والعلوم الإنسانية.. من هنا كانت البداية
بعد أن وصل الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي إلى منصب رئيس الجمهورية في عام 1997، ظهر آية الله محمد تقي مصباح يزدي، من خلال انتقاده للمشاريع الإصلاحية لحكومة خاتمي، ومهاجمة العلوم الإنسانية.
ومن هنا، بدأ التقرب من آية الله علي خامنئي، ووجد فيه الأخير الشخص المناسب لقيادة أهم المؤسسات التعليمية والدينية والتي ستخلق فيما بعد الجيل الثوري الشاب الثاني.
استطاع محمد تقي مصباح يزدي كسب ثقة الزعيم الأعلى الإيراني، لدرجه أن آية الله علي خامنئي جعله المسئول الأول والأهم لتنفيذ مشروعه الأيديولوجي وبناء جيل شاب جديد يكون بمثابة المرحلة الثانية من الثورة الإسلامية.
أشرف محمد تقي مصباح يزدي على مشروع «الولاية»، بالاشتراك مع منظمة الباسيج (قوات شبه عسكرية من المدنيين)، في الجامعات في مختلف المدن الإيرانية، لنشر الفكر الإسلامي، وترسيخ نظرية ولاية الفقيه في السياسية الإيرانية.
يقول حسن فضائلي، الباحث السياسي المقيم بطهران، لـ«ساسة بوست»: «أشرف مصباح يزدي على مشروع الولاية لمدة 20 عامًا، معظم طلابه في هذا المشروع هم الآن مسئولين بارزين في الحكومة الإيرانية».
خلق جيل من المؤثرين في السياسة الإيرانية
حصل محمد تقي مصباح يزدي، على كافة أنواع الدعم من آية الله علي خامنئي، وفي عام 1995 أنشأ «معهد الإمام الخميني التربوي والبحثي»، وبدأ نشاطه في نشر التعاليم الإسلامية، وتدريس أهمية نظرية ولاية الفقيه، وتخريج جيل ثوري، يتناسب مع رغبة الزعيم الأعلى الإيراني.
كما أسس محمد تقي مصباح يزدي أيضًا العديد من المراكز، لتحقيق الهدف نفسه، ومنها جمعية الخريجين، ومكتب البحوث الثقافية الذى كان ناشرا لأعماله ومؤلفاته حول الحكومة الإسلامية، ونظم الحكم الإسلامي، وولاية الفقيه.
آية الله محمد تقي مصباح يزدي مع آية الله علي خامنئي – مصدر الصورة: الموقع الرسمي لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية
كانت جمعية الخريجين، هي المؤسسة التي انطلق منها مصباح يزدي لعالم السياسية، فقد حصل مصباح يزدي على ترخيص لمزاولة النشاط السياسي للجمعية عام 2005، وبدأت الجمعية التى كانت منتشرة في جميع أنحاء إيران، نشاطها السياسي بدعم محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية لعام 2005.
يقول الباحث السياسي، حسن فضائلي لـ«ساسة بوست»: «قبل عام 2005، كان السيد مصباح يزدي، مهتمًّا بإعداد جيل جديد من القادة الثوريين، وبعد 2005 وبدعمه أحمدي نجاد، أصبح عنصرًا فاعلًا في اللعبة السياسية».
كان مصباح يزدي يعتبر الأب الروحي للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، خاصة في ولايته الأولى، قبل أن ينقلب على الزعيم الأعلى، آية الله علي خامنئي، وبالتالي انقلب مصباح يزدي عليه بالتبعية.
حقق محمد تقي مصباح يزدي النجاح الكبير في السياسية من خلال دعمه لمحمود أحمدي نجاد، فأسس جبهة «بايداري انقلاب إسلامي»، وهي جماعة سياسية مكونة من بعض السياسين الأصوليين وطلبة مصباح يزدي، وتأسست هذه الجبهة بناء على أفكار وتعاليم مصباح يزدي، وكانت واحدة من أكثر الجماعات السياسية الأصولية نفوذًا في الدولة.
كان هدف أعضاء هذه الجبهة الرئيسي، هو السيطرة على كافة المؤسسات الحكومية في الجمهورية الإسلامية، وقد كان. فعلى سبيل المثال لديهم الآن 30 نائبًا في البرلمان الحادي عشر.
مصباح يزدي المحب المخلص لخامنئي
إذا كنت تريد البحث عن أكثر شخص مخلص ومحب للزعيم الأعلى الإيراني، فلن نجد من هو أكثر إخلاصًا وحبًّا له من مصباح يزدي، الرجل الذي انحنى أمام آية الله خامنئي وقام بتقبيل يديه، وقد أعلن أكثر من مرة عن فخره بطاعة قائد الجمهورية الإسلامية.
يقول السيد فضائلي لـ«ساسة بوست»: «بالطبع هناك مسئولون ينافقون المسئولين الأعلى منهم في المناصب، لكن السيد مصباح يزدي، كان محبا للسيد خامنئي بصدق، كان مقتنعًا به تمام الاقتناع، ولا يرى قائدًا مناسبًا لإيران أفضل منه».
وبحسب السيد فضائلي، كان هذا الحب والتقدير متبادل بين الرجلين، يقول فضائلي «السيد خامنئي كان يقدر مصباح يزدي، وكان يراه عالمًا نادرًا وفريدًا، وفي أغلب المناسب أثنى على نشاطه ودوره التعليمي، لذلك لا يمكن إنكار أن رحيله أثر في دائرة دعم السيد خامنئي».
السؤال الأهم الآن؛ بعد كل هذا الدعم الذي تلقاه آية الله علي خامنئي، في أثناء نقل السلطة إليه بعد وفاة الخميني، ومساعدة المقربين من خامنئي لتسهيل هذه العملية كما سردنا سابقًا، هل سيكون من السهل على الزعيم المقبل، وخليفة خامنئي توطيد سلطته كما فعل آية الله خامنئي، خاصة وأن الأوضاع الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية قد تغيرت في السنوات الأخيرة؟ أم أن الزعيم الحالي قد مهد الطريق بالفعل إلى خليفته ولن يحتاج إلى من يمهد له الطريق؟