«وأنا صغير تملك الأمر مني، وملأني بالكره والغضب، ولكن مع تقدمي في العمر، وإدراكي لحقيقة الحياة والنظر إليها بروح مرحة؛ رأيت أن المشكلة ليست في تقزمي، ولكن في نظرة الآخرين للأمر»، هكذا تحدث الممثل الأمريكي بيتر دينكلديج، صاحب الدور الشهير في مسلسل «صراع العروش» عن حياته قزمًا، وعن حجمه الصغير الذي لم يمنعه من الركض وراء أحلامه وتحقيقها.
بيتر وغيره من «الأقزام» في العالم وعلى مر التاريخ لم يكونوا مجرد شخصيات مثيرة للسخرية بسبب حجمهم كما تحاول دائمًا السينما تقديم صورة القزم، وفي هذا التقرير نأخذكم في رحلة مع أكثر من قزم استطاع أن يترك بصمة مؤثرة أو إنجاز مهم للبشرية، ثم نذهب لنرى الفرق بين تلك الصورة الحقيقية وبين الصورة الأخرى التي حاولت السينما دومًا ترسيخها عن الأقزام.
ويستعمل هذا التقرير لفظ «قزم»، رغم كل ما تكون له من دلالة سلبية عبر قرون للدرجة التي وصل فيها الأمر إلى اعتبار اللفظ سبة؛ للتذكير بأن كون المرء قزمًا لا يعد سبة، ولا نقيصة في حقه، هو فقط إنسان يختلف في مظهره عن أغلب البشر.
1- بيتر دينكلديج.. قائد ثورة الأقزام!
في أحد الأيام المشمسة صيف العام 2004 بمدينة سان سيباستيان الإسبانية، كان العاملون بإحدى الفنادق الفاخرة يقفون أمام باب عملهم، ويتظاهرون ضد أجورهم القليلة، وبين هؤلاء المتظاهرين، وقف قزم يدخن سيجارته، وينظر للجميع في لامبالاة؛ ليهتف وحده في لحظة صمت الحشود، ودون مقدمات «المجد للأقزام»، هذا الهتاف الذي تردد مرة واحدة، ولم ينتبه له أحد سوى صحافي يقف بعيدًا؛ كان قادمًا من فم الممثل الأمريكي بيتر دينكلديج.
كان بيتر في إسبانيا لحضور عرض الفيلم الأمريكي «The Station Agent»، والذي قام ببطولته، ولكنه قرر الانضمام لهذه المظاهرة للتعبير عن نفسه حتى وإن لم يكن الأمر مهمًا لباقي المتظاهرين.
«إن التنمر وباء عالمي، ولا أحد ينجو منه»، حين يكون صاحب تلك الجملة قزمًا؛ قد تخمن قدر التنمر الذي تعرض له، وحينما صرح بيتر دينكلديج بهذا التصريح، أكد أن نشأته وسط أسرة تدعمه، ومعلمين يساندونه، قد منحه بعض العون، ولكن لم يستطع أحدهم حمايته من تنمر زملائه في المدرسة.
بيتر في لقطة من الفيلم
ولكن بطولته لهذا الفيلم – كما صرح – كانت العون له في تخطي القالب الذي وضعه فيه الآخرون، فدائمًا ما يرى الناس القزم في السينما على كونه إما الغبي المُضحك، أو البريء الساذج، أما في فيلم «The Station Agent» كان الدور الذي يلعبه بيتر هو الأول من نوعه كما صرح للجارديان في ذاك الوقت، مؤكدًا أن تلك هي المرة الأولى التي يظهر في قزم في عمل درامي بدور رومانسي إنساني، وهذا كان هدف بيتر من البداية، وهو ألا يكون «مجرد قزم فكاهي» وفقًا لوصفه.
ربما يكون هذا المشهد هو أشهر مشاهد بيتر على الإطلاق وأكثرها تأثيرًا، وقد قام به أثناء تأديته لدور تيريون لانستر في مسلسل صراع العروش، كان المشهد هو لحظة محاكمته على جرائم لم يرتكبها، حين صرخ قائلًا: إن جريمته الوحيدة وسط أسرته أنه كان قزمًا، وعلى الرغم من تأديته لهذا المشهد ببراعة؛ إلا أن بيتر على أرض الواقع لم يختر أن يكون ضحية، وأن يشعر بالمظلومية الدائمة بسبب اختلافه، أو أن يستسلم لتنمر الآخرين عليه، وكافح ليحقق حلمه.
منذ شهرين فقط؛ وقف بيتر يتسلم جائزة أفضل ممثل مساعد في الدراما، والتي نافسه عليها مجموعة من أهم الممثلين، مثل نيكولاي كوستر، والذي أدى دور جيمي لانستر في مسلسل «Game of Thrones»، ولكن الجائزة كانت من نصيب الأخ الأصغر المضطهد في أحداث المسلسل بسبب تقزمه، فما فعله بيتر هو استخدامه للسلاح الذي يوجهه له الآخرون، ليكون في يده، وحارب به من أجل نجاحه.
ضع الوصمة التي يعايرونك بها وسامًا على صدرك ولا تخجل منها *تيريون لانستر في مسلسل صراع العروش
حين قرر بيتر أن يكون ممثلًا؛ كان عمره 29 عامًا، ويعمل في إحدى شركات الحاسب الآلي، تلك المهنة التي سُجن فيها – وفقًا لوصفه – لما يزيد عن ستة أعوام قضاها في انتظار الفرصة الحاسمة التي تأتي إليه وتغير حياته، ولكن ما أدركه أن تلك الفرصة لا تأتي لمن ينتظر دون أن يأخذ خطوة في تجاه حلمه، ولذلك استقال بيتر من عمله وأخذ عهدًا على نفسه أن يكون منذ هذه اللحظة ممثلًا محترفًا.
كان صعبًا للغاية على بيتر، أن يبدأ عمله الجديد في هذا السن؛ ففي أحد خطاباته التي ألقاها بعد أن حقق ما يكفي من النجاح والشهرة، نصح جماهيره ألا ينتظروا حتى هذا السن للسعي وراء حلمهم، والأهم ألا يهتموا بكل من يخبرونهم بعدم قدرتهم على تحقيق تلك الأحلام كما حدث معه في كل خطوة يخطوها في هذا الطريق.
شاهد بيتر لحظة تسلمه الجائزة من هُنا.
لم يكن تيريون هو الابن المفضل في أحداث المسلسل، ولكن على أرض الواقع الأمر يختلف، فقد حظي بيتر بشعبية كبيرة في أنحاء بريطانيا والعالم، حتى أن الكثير من الآباء الجدد منح أبناءهم الذكور اسم تيريون؛ للشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بيتر الآن في بريطانيا. وهكذا استطاع بيتر أن يلعب دورًا حاسمًا في محاربة العنصرية ضد الأقزام.
2- تشارلز شتاينمتس.. صديق أينشتاين الذي أشعل ثورة في الهندسة الكهربائية
مع بدايات القرن العشرين كان يمكنك أن تراه يقود دراجته في شوارع ولاية نيويورك، وهو يرتدي بذلة وقبعة، ثم يتكئ في زورق داخل نهر موهيكان وهو يكتب في أوراقه بعض الملاحظات التي لا يعجبها بعضه ويلقى بها في النهر، وحين يراه بعض الأطفال يفزعون من شكله، وتلك كانت أكثر اللحظات إيلامًا في حياة تشارلز شتاينمتس، فهو لم يختر شكله الذي ورثه عن أبيه وجده، ولكن ما استطاع أن يفعله هو حماية أبنائه من تمرير هذا الشكل إليهم في ظل مجتمع عنصري لا يرحم، ولذلك اختار عدم الزواج والإنجاب.
كان جسده ضئيلًا، وطوله لا يتعدى الأربعة أقدام، وجسده الأحدب أثناء مشيته الملتوية منح رأسه ويديه شكلًا متناقضًا في الحجم مع بقية جسده؛ ليبدو جسده صغيرًا للغاية، ولكن قامته العلمية كانت «عملاقة»، ومساهماته في مجال الرياضيات والهندسة الكهربائية جعلته محبوبًا ومبجلًا بين العلماء في ذلك الوقت.
تشارلز مع أينشتاين ومجموعة من العلماء
على الرغم من أن هذا التقزم وقف أمام مسيرته أحيانًا، خاصة حينما منعته السلطات الأمريكية من دخوله إلى الولايات المتحدة بسبب اضطهادهم للأقزام في ذاك الوقت، إلا أنه على الجانب الآخر وجد من يدعمه ويدعم تميز عقليته، وفُتحت له أبواب التاريخ ليكون واحدًا من أهم علماء الهندسة الكهربائية.
مع بداية عمله في الولايات المتحدة الأمريكية ترك أثرًا سريعًا وسمعة طيبة بين المهتمين بمجال الكهرباء، ووقتها كانت شركة فورد تواجه مشكلات تقنية في واحد من أهم المولدات الكهربائية التي تعتمد عليها مصانع فورد، ولذلك استعانوا بتشارلز، الذي سهر طوال الليل بجوار المولد حتى اكتشف سبب المشكلة الرئيس وعالجه في الحال.
في العام 1895 عمل تشارلز مهندس استشاري لشركة جنرال اليكتريك، واستمرت مساهماته في تطوير الشركة لمدة تزيد عن 28 عامًا، حصل خلالهم على ما يقرب من 195 براءة اختراع منها اختراع القطب الكهربائي لمصباح القوس المغناطيسي.
كان تشارلز من أوائل المهتمين بمحاولات التحكم في تلوث البيئة، ولذلك أجرى بحوث متعددة عن التحويل للطاقة الشمسية، والشبكات الكهربائية، والسيارات التي تعمل بالكهرباء، ولكن مساهمته الأهم على الإطلاق هي تطويره للتيار المتناوب الذي جعل من الممكن توسيع صناعة الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة.
لم يكن تشارلز مجرد صديق مقرب من العالمين ألبرت أينشتاين ونيكولا تيسلا وقت ازدهار أعمالهما، بل كان أيضًا لديه القدرة على إبهارهما بمعرفته وعبقريته في الهندسة الكهربائية والرياضيات، وترك تشارلز بروتيوس بصمة لم تزل مستمرة حتى الآن في الهندسة الكهربائية.
أطلق عليه اسم «ساحر سكينيكتادي» وتلك هي الولاية الأمريكية التي ولد فيها العالم الألماني الأصل؛ وهذا لأن إسهاماته في هذا المجال وصفت بكونها «ثورية» و«لا تقدر بثمن» بجانب كونها حسمت تخبط وخلافات كانت بين العلماء في مجال الهندسة الكهربائية في ذاك الوقت، والقانون الذي وضعه ليحسم الخلاف بين هؤلاء العلماء؛ أطلق عليه الاسم الأخير لتشارلز وأصبح اسم القانون حتى وقتنا الحالي هو «قانون شتاينمتس».
3- تامارا.. المرأة التي منحت ذكريات حنونة لا تنسى لجيل بأكمله
فيلم السينما الكلاسيكي « E.T. the Extra-Terrestrial» عُرض للمرة الأولى في عام 1982، وفي ذاك الوقت لم تكن تقنيات الخدع السينمائية على نفس القدر من التطور الذي تتميز به الآن، ولذلك حينما أراد المخرج تجسيد شخصية الكائن الفضائي القصير «إي تي»؛ حاول أن يُظهر الأمر واقعي قدر الإمكان، ولهذا لجأ للممثلة الأمريكية القزمة تامارا دي تريوكس.
قد ترى مشهدًا سينمائيًا يستغل الحجم الصغير للأقزام لأغراض السخرية والتندر، ولكن حجم تامارا الصغير هو ما منح جيلًا كاملًا من الأطفال في أنحاء العالم ذكرى لهذا الكائن الفضائي الودود، فقد كانت تامارا هي من أدّت دور «إي تي» الشهير، وارتدت تلك البدلة في جميع اللقطات التي احتاجت حركة في الفيلم.
تامارا في لقطة من فيلم Ghoulies
بدأت تامارا مسيرتها الفنية في سن صغيرة على مسارح سان فرانسيسكو ضمن فرقة غنائية تحمل اسم «ميدفيلز»، وأثناء مشاركتها في إحدى العروض مع الفرقة؛ شاهدها المخرج ستيفن سبيلبيرج وقرر الاستعانة بها لأداء دور «إي تي » من خلف القناع، ومن بعدها بدأت مسيرتها السينمائية فشاركت في فيلم «Ghoulies» والذي ظهرت خلاله بوجهها للمرة الأولى.
بجانب مشاركتها في فيلم «E.T. the Extra-Terrestrial»، خلّد الكاتب الأمريكي ارمستيد موبن شخصية تامارا؛ حينما استوحى من حياتها وشخصيتها وحجم جسدها أيضًا؛ شخصيته «كادين روث» بطلة رواية «Maybe the Moon»، والتي ألقت الضوء على القضايا الاجتماعية والجنسية التي قد تواجه أنثى قزمة طموحة تعمل في مجال صناعة السينما في هوليوود، ووفقًا لموسوعة أدب الولايات المتحدة المعاصرة؛ فإن تلك الرواية المستوحاة من حياة تامارا عبارة عن تجسيد واقعي لحياة الأقزام في هوليوود، والحقائق المخبئة خلف المظاهر العامة في هذا العالم.
4- فرنسوا دي كوفيليس.. من «قزم المحكمة» إلى معماري عبقري
بالعصور الوسطى في أوروبا كان هناك مهنة باسم «قزم المحكمة» وكان التعريف الوظيفي لتلك المهنة هي أن يبدو صاحبها صغيرًا في الحجم، وكان كل قزم مملوكًا من ملك، أثناء حضوره أحد المحاكمات القضائية؛ يجلس بجواره حتى يظهر الملك ضخمًا مقارنة بالقزم، وانتشرت تلك المهنة في بريطانيا، وفرنسا، والسويد، والصين، وبولندا خلال فترة العصور الوسطى، وكان امتلاك عبدًا قزمًا بين الملوك دليلًا على المقام الرفيع والمكانة العالية، وكان بعض الملوك يستغلون حجم هذا القزم في أغراض أخرى غير عمله بالمحكمة، مثل الترفيه عنهم من خلال تقديم فنون المسرح والرقص والغناء.
تقلد فرنسوا دي كوفيليس تلك الوظيفة في الحادية عشر من عمره، ولكن كان له مصيرًا مختلفًا عن باقي أقزام المحكمة، ولما انضم فرنسوا إلى إحدى محاكم ميونخ؛ لم يبد أن له مستقبل مختلف عن باقي أقزام المحكمة، ولكن أحد مسؤولي المحكمة توسم فيه التميز؛ فأرسله إلى باريس لدراسة الهندسة المعمارية.
وكان فن «الروكوكو» فنًا ناشئًا في ذاك الوقت، ولذلك كان لفرنسوا الفضل لنشر هذا النوع من الفن في ميونخ؛ حيث بدأ بتصميم المنازل على هذا الطراز الفني، حتى أدخل هذا الفن للمرة الأولى في تصميم المحاكم، ليكون له الريادة في وضع لمسة جديدة على الطابع الخاص في المحاكم الأوروبية في العصور الوسطى.
بهو المرايا من تصميم فرنسوا
صِغر حجم فرنسوا، لم يمنعه من تصميم العديد من المباني والأطرزة الضخمة، والخالدة حتى الآن، والتي تعتبر من أهم معالم فن «الروكوكو» في العالم، ومن أشهر تلك التصاميم هو «Hall of mirrors» بأحد المنازل في ميونخ، والذي تعود ملكيته للإمبراطور الروماني تشارلز السابع.
5- فرين تروير وأيام الضحك والاكتئاب.. هل تتذكر «ميني مي»؟
حينما كان صغيرًا، لم يرى الاختلاف الجسدي بينه وبين باقي أفراد اسرته، فقد كان القزم الوحيد بينهم، ولذلك كانت ردة فعله غاضبة وقتما نعته أحد زملائه في المدرسة بالقزم، وربما كان غضبه بسبب ذكر الأمر في وجهه بتلك الفجاجة، أو لأنه لا يريد أن يعترف بالأمر من الأساس، ففي إحدى لقاءاته الصحافية أكد أنه لم يقبل على التفكير في أمر تقزمه حتى وصل لسن السابعة عشر.
على الرغم من تعرض فرين تروير للعديد من المضايقات المستمرة والعنصرية بسبب حجمه الضئيل، وكونه قزمًا، إلا أنه كافح من أجل الوصول إلى مكانة ناجحة في عالم الكوميديا بهوليوود، ووضع فرين تروير قبل وفاته بصمة يتذكره بها الكثير من متابعي السينما الأمريكية في أنحاء العالم، وعلى الأرجح لو كنت متابعًا لهوليود، فستتذكر اسم «ميني مي»، وهي الشخصية التي اشتهر بها فرين في السينما.
ولكن هذا النجاح لم يمنح فرين السعادة التي تمناها في حياته الشخصية؛ فقد كان يشعر بالوحدة ويتوق للدخول في علاقة عاطفية، وكان له هذا أكثر من مرة، ولكن لم ينته الأمر نهاية سعيدة، وكان هذا يعود لمزاج فرين المتقلب، كما أكدت الممثلة رانيه شريدر، والتي كانت حبيبة سابقة لفرين، موضحة أن فرين كانت له شخصيتان، واحدة مرحة ومقبلة على الحياة ولا تتوقف عن السخرية.
ولكن الشخصية الأخرى حين تظهر يتحول إلى شخص يائس وحزين ويحتسي الكحول بكثرة حتى ينسى كم هو مكتئب. وتجربة فرين مع الزواج لم تكن ناجحة أيضًا، فلم يستمر زواجه بعارضة الأزياء جينيفيف جالن سوى شهورًا قليلة؛ حينما تركته من أجل راقص متعر شاب.
فرين مع زوجته السابقة جينيفيف جالن
إما بسبب العالم الصاخب لهوليوود، أو ما تعرض له من تمييز بسبب حجمه؛ كان فرين مدمنًا للكحول، وهذا ما تسبب في موته العام الماضي، وقد أكد الطب الشرعي بعد وفاته أن وفاته تعتبر انتحارًا أو جرعة زائدة من الكحول، وقبل وفاته كتب فرين على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» عن إدمانه للكحول: «إن الصراع مع الإدمان ليس سهلًا، ولكنني أخوضه يومًا بعد يوم قدر استطاعتي».
الأقزام.. كيف تؤثر صورتهم في السينما عليهم
«تخيل نفسك قزمًا في الثالثة عشر من عمره، وتشاهد في التلفاز للمرة الأولى شخصية ميني مي، بكل ما تحمله من غباء، وإقبال مبتذل على الجنس، وسخرية من حجمه، ليذكرك بالقزم حينما كان يقدم فقرة بالسيرك بالعصور القديمة، وليس قزمًا على شاشات السينما في القرن العشرين» هكذا كتب أحد الأقزام مشاركًا رأيه في مقال بوسائل الإعلام الأجنبية، موضحًا الضرر الذي يسببه التقديم الهزلي للقزم على شاشات السينما، ومدى تأثيره السلبي على حياة الأقزام على أرض الواقع، مصرحًا أن الأقزام ليسوا مادة للضحك، وهو الأمر الذي يجب أن يدركه صناع السينما.
يوافق على هذا الرأي عالم الاجتماع توم شكسبير حينما صرح في أحد مقالاته أن الممثل القزم ليس له دور في السينما سوى إضحاك الجمهور على جسده الضئيل وحركاته المضحكة، ووجد توم – عالم الاجتماع القزم – أن ما قدمه الممثل الأمريكي بيتر دينكلديج من أدوار تتحرر من هذا الإطار يعتبر بارقة أمل أمام الممثلين الأقزام في أن يلغوا تاريخًا كاملًا يقلل من مكانة القزم الإنسانية على شاشات السينما، مضيفًا: «فأنا أستاذ في علم الاجتماع، وألقي العديد من المحاضرات في جامعات مرموقة، وأتوقع أن يأخذني الطلاب على محمل الجد لا السخرية».